بحث حول خيانة الأمانة
تعريف خيانة الأمانة:
هي انتهاك شخص حق ملكية شخص أخر عن طريق خيانة الثقة التي أودعت فيه(1)
خيانة الأمانة:
هي استيلاء شخص على منقول يحوزه بناء على عقد مما حدده القانون، عن طريق خيانة الثقة التي أودعت فيه بمقتضي هذا العقد، وذلك بتحويل صفته من جائز لحساب مالكه إلى مدع لملكيته.(2)
محل جريمة خيانة الأمانة:
عبر المشرع المصري عن موضوع خيانة الأمانة بأنه (مبالغ أو أمتعه أو بضائع أو نقود أو تذاكر أو كتابات أخرى مشتملة على تمسك أو مخالصة أو غير ذلك).
إذاً فجميعها تشير إلى أن محل خيانة الأمانة أشياء لها صفة المال المادي المنقول ويقول المشرع بأن الغرض من ارتكابها هو( إضراراً بمالكها أو أصحابها أو واضعي اليد عليها) الأمر الذي مفاده أن المشرع يشترط أن يكون المال مملوكاً لغير المتهم.
بالإضافة إلى ذلك هناك شرط مفترض ويتمثل:
_ في استلام الجاني للمال بموجب أحد عقود الأمانة وأوردها المشرع على سبيل الحصر وهي:
1) الوديعة 2)الإيجار 3)العارية 4) الرهن 5) الوكالة 6) المقاولات والخدمات المجانية والأخيرة مستخلصة من سياق النص.
أركان جريمة خيانة الأمانة:
وهما ركنان :
1) الركن المادي
2) الركن المعنوي “القصد الجنائي”
1) حدد القانون المصري الركن المادي لجريمة خيانة الأمانة في قوله (كل من اختلس أو استعمل أو بدد مبالغ أو أمتعه أو بضائع….أو غير ذلك إصراراً بمالكيها أو أصحابها أو واضعي اليد عليها) ومن ظاهر النص تبين أن الركن المادي يتكون من عنصرين:
الأول: خيانة الأمانة في صور التبديد أو الاختلاس أو الاستعمال.
الثاني: هو الضرر.
فالركن المادي لخيانة الأمانة:
هو تصرف الأمين في أمر بالتزامه برد الشيء إلى مالكه عند انتهاء التعاقد قد تغيرت نظرته لهذا الشيء فأصبح يعتبره ملكاً له أي أصبح ينظر إليه نظرة المالك لا نظرة الحائز المؤقت كما كان قبل، وتبعاً لذلك له يعني بالتزامه بالرد.(1)
والركن المادي يتكون من الاختلاس أو التبديد أو الاستعمال.
1_ بالاختلاس:
ويراد به أن الجاني يأتي فعلاً يضيف به الشيء إلى ملكه ولكن الشيء لا يخرج به عن حيازته، كمن أؤتمن على قماش فحاكه بدله له.
يتعد مختلساً لأنه غير حيازته من ناقصة إلى كاملة عكس الاختلاس في السرقة.
2_ التبديد:
يراد به أن الجاني فضلاً عن إضافة الشيء إلى ملكه يُخرج هذا الشيء من حيازته بأن يستهلكه كنقود يصرفها أو أطعمه يأكلها أو يتصرف فيه بالبيع أو الهبة أو المقايضة أو الرهن.(2)
وهو صورة من الاختلاس ينظر إليه نظرة المالك ويزيد عليه أن يخرج الشيء من حيازة الأمين نهائياً وبذلك يستحيل عليه القيام برد الأمانة إلى صاحبها.
* الاستعمال:
فيقصد به سوء الاستعمال المتعمد، فيصبح بمثابة أتلاف، وهذا يعد خيانة أمانة.
مثال: استعمال المدير لأموال الشركة في تصرفات خاسرة وكان ذلك عن سوء قصد.
الركن المعنوي:
تتطلب جريمة خيانة الأمانة بوصفها جريمة عمدية توافر القصد الجنائي العام فضلاً عن قصد جنائي خاص قوامه نية تملك الشيء موضوع الجريمة.
القصد الجنائي العام:
_ يتعين أن يعلم المتهم أنه يحوز الشيء حيازة ناقصة فيعلم أنه ملتزم برد، الشيء عيناً أورد مثله أو استعماله في أمر معين في مصلحة المجني عليه.
_ أن يعلم بماهية فعله وأثره المحتمل على ملكيه المجني عليه وحيازته، فيعلم بما ينطوي عليه من تغير لنوع الحيازة.
_ ويجب أن يتوقع الضرر الحال أو المحتمل الذي يترتب على فعله.
_ ويشترط لتوافر القصد العام أن تتجه إرادة المتهم إلى ارتكاب الفعل وتحقيق النتيجة (أي الضرر)(1)
القصد الجنائي الخاص:
يتحصل القصد الجنائي الخاص في جريمة خيانة الأمانة في نية تملك المال المنقول المملوك للغير المسلم للجاني على سبيل الأمانة، وتتوافر نية التملك إذا أنصرف قصد الجاني إلى إضافة المال الذي تسلمه إلى ملكه أي اختلاسه لنفسه أضراراً بصاحبه.
واتجه قضاء النقص المصري إلى تطلب القصد الخاص بقوله( إن مجرد تصرف المتهم في الشيء المسلم إليه أو خلطه بماله لا يكفى لتحقق القصد الجنائي في جريمة خيانة الأمانة ما لم يتوافر في حقه فوق ذلك ثبوت نية تملكه إياه وحرمان صاحبه منه) فإذا انتفت نية التملك لدى الجاني فلا يتوافر القصد الجنائي.
إثبات القصد:
يثبت القصد الجنائي من أي طريق وبأي دليل طبقاً للقاعدة العامة للإثبات في المواد الجنائية فالأدلة منها إقناعي، ولقاضي الموضوع القول الفصل في ذلك. (2)
وسائل الإثبات في جريمة خيانة الأمانة
الأدلة في تبنى المسائل الجنائية على الإقناع الذي يتولد لدى القاضي فلا يجوز ان يبني حكمه على دليل لم يطرح في الجلسة.
والبحث يثور حول معرفة ما إذا كان وجه الائتمان يخضع للقاعدة العامة في الإثبات في المواد الجنائية اى حرية القاضي في تكوين عقيدته في الأمر الذي يطرح عليه، أو انه يخضع لقواعد الإثبات في قانون الإثبات.
إثبات عقد الأمانة
تقع جريمة خيانة الامانة باجتماع واقعتين:
الواقعة الأولى
واقعة الائتمان والثانية واقعة الاختلاس او التبديد او الاستعمال.
الواقعة الثانية الركن المادي للجريمة وهي تخضع في إثباتها للمبادئ التي تحكم الإثبات في المواد الجنائية والتي يهيمن عليها المبدأ الأصلي لحرية اقتناع القاضي الجنائي.
أما الواقعة الأولى وهي واقعة الائتمان اى تسليم المال بناء على عقد من عقود الأمانة فهي واقعة مدنية مشروعة وقائمة بذاتها ومستقلة وسابقة بالترتيب الزمني وتخضع في إثباتها لما يخضع له إثبات العقود المدنية من أحكام.
إثبات أركان جريمة خيانة الأمانة
يحوز إثباتها بجميع طرق الإثبات بما في ذلك البينة والقرائن فيجوز إثبات ارتكاب فعل الاختلاس او التبديد أو الاستعمال وكذا إثبات حصول الضرر والقصد الجنائي بجميع طرق الإثبات بل أن واقعة تسليم الشيء يجوز اثباتها ” بجميع الطرق ” فيحكم القاضي في الدعوى حسب العقيدة التي تكونت لديه بناء على حريته “
وجاء في حكم محكمة النقض المصري (( أن العبرة في الإثبات في المواد الجنائية هي : باقتناع المحكمة واطمئنانها إلى الدليل المقدم إليها فالقانون لم يقيد القاضي بأدلة معينة بل خوله بصفة مطلقة أن يكون عقيدته من اى دليل أو قرينة تقدم إليه ))
( إثبات العقد ذاته )
القاعدة أن إثبات عقد الأمانة يخضع لقواعد الإثبات التي قررها القانون المدني وعله ذلك أن وجود العقد في ذاته مسألة مدنية فالجريمة ليست في وجود العقد حتى يخضع إثباته للقواعد الجنائية وإنما الجريمة في الإخلال به في صورة الاعتداء على ملكية المال الذي سلم بناءً عليه:
1) الكتابة والبينة:
إذا كانت قيمة العقد أكثر من عشرين حينها، فلا يجوز إثباته بالبينة أو بقرائن الأحوال، بل الأصل انه لابد من دليل كتابي وذلك فيما عدا بعض الأحوال المستثناة.
2ـ مبدأ ثبوت الكتابة يشترط في هذا المبدأ شروط ثلاثة.
أ ـ أن تكون هناك ورقة مكتوبة
ب ـ أن تكون صادرة من المحكمة.
ج ـ أن يكون من شأن هذه الورقة أن تجعل دعوى قيام العقد قريبة للاحتمال.
ومما يعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة الخطابات المرسلة من المتهم والإيصالات الموقع عليها منه وأقواله التي يدلي بها في التحقيقات(3)
الإثبات بالبينة والقرائن
القانون يجيز الإثبات بالبينة والقرائن اذا وجد مانع من الحصول على كتابة لم يبين المشرع هذه الموانع بل ترك ذلك لتقدير القاضي ومنحة في ذلك سلطة واسعة وهذه الموانع هي:
1) الموانع المادية / مثل عقد أمانة نتيجة أكراه أو مشوباً بالتدليس والغش.
2) الموانع الأدبية: وهي التي تمنع من الحصول على كتابة بحكم علاقة القرابة الزوجية وواجب الاحترام والفصل في ذلك لقاضي الموضوع.
3) الموانع بحكم العرف والعادة / وهي ترجع كذلك إلى عوامل أدبية.
الإقرار القضائي
ولكي يؤخذ بهذا القرار على المتهم في قيام عقد الأمانة يشترط فيها ما يلي: ـ
1) ـ أن يكون صادر من المتهم وتوافر الأهلية وقت الإقرار
2) أن يكون الإقرار صادراً من المتهم في مجلس القضاء (( وقت الجلسة ))
الضرر في جريمة خيانة الأمانة
نصت المادة (341) مصري على انه يجب أن يقع اختلاس الأشياء موضوع الأمانة أو استعمالها أو تبديدها (( أضراراً بمالكيها أو أصحابها أو واضعي اليد عليها )) فالضرر بنص القانون ركن لازم لقيام الجريمة.
فيكفي أن يكون الضرر محتملاً، ولا يمنع رد الأشياء المختلسة من قيام الجريمة لأن الضرر كان محتملاً.
ـ وقد يكون الضرر مادياً بل تقع الجريمة ولو كان الضرر أدبياً.
1) من المقرر انه لا يشترط لقيام جريمة خيانة الأمانة وقوع الضرر فعلاً للمجني عليه، بل يكفي أن يكون الضرر محتمل الوقوع / أحكام نقض مصري.
2) بحث حصول الضرر من عدمه مسالة موضوعية يفصل فيها نهائياً قاضي الموضوع ولا يدخل حكمة تحت رقابة محكمة النقض/ أحكام نقض مصري.
3) لا يشترط في جريمة خيانة الأمانة أن يلحق المجني عليه ضرر بالفعل بل يكفي أن يكون الضرر محتمل الوقوع، فإذا وقع فعل الاختلاس ثم حصل المجني عليه على ماله عن طريق المتهم أو غيره فان العقاب يكون واجباً(1)
عقوبة خيانة الأمانة
ورد في قانون الجرائم والعقوبات في المادة (318) ما نصه: ـ
(( يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات من ضم إلى ملكه مالاً منقولاً مملوكاً للغير سلم إليه باى وجه)).
ونص القانون المصري في المادة (341) من قانون العقوبات على ان (( كل من اختلس او استعمل او بدد مبالغ أو متعه………. يحكم عليه بالحبس ويجوز ان يزاد عليه غرامة لا تتجاوز مائة جنيه مصري)).
ـ ولا يعاقب على الشروع في خيانة الأمانة اذا لم ينص المشرع على العقاب عليه ولا عقاب على الشروع في الجنح إلا بنص، فلا يمكن التمييز بين الشروع والجريمة التامة في خيانة الأمانة. (2)
(1) “خيانة الأمانة والتبديد _ عبد الحميد المنشاوي صـ9ـ”
(2) “جريمة خيانة الأمانة عدلي خليل صـ9ـ”
(1) “شرح قانون العقوبات عبد الحميد الشواربي صـ233ـ”
(2) “جرائم خيانة الأمانة والتبديد عبد الحميد المنشاوري صـ85ـ”
(1) “جريمة خيانة الأمانة عدلي خليل صـ133ـ”
(2) “شرح قانون العقوبات عبد الحميد الشواري صـ252ـ”
(3) عبد الحميد الشواربي شرح قانون العقوبات صـ216ـ
(1) مجموعة القواعد القانونية 442ج /ص247 الشواربي شرح قانون العقوبات .
(2) صـ108ـ عبد الحميد الشواربي جرائم خيانة الأمانة والتبديد
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً