د.سعيد الصقري يكتب: فرض الضرائب والعدالة الاجتماعية
الدكتور سعيد بن محمد الصقري- رئيس الجمعية الاقتصادية العمانية
يهدف هذا المقال إلى الإسهام في النقاش الذي يدور حول موضوع الضرائب في دول الخليج وأهميتها. وبما أن دول الخليج أعلنت في أكتوبر 2016م بأنه لا يمكن الاعتماد على الإيرادات النفطية لتنفيذ السياسات المالية والاقتصادية والاجتماعية دون تنويع مصادر الدخل العام عن طريق فرض الضرائب، وبأنها – أي الضرائب – ستصبح مصدر تمويل أساسيا لمشاريع البنية التحتية والخدمات الأساسية. علاوة على ذلك، فإن ضريبة القيمة المضافة التي سيبدأ العمل بها في بداية عام 2018م ستكون ضمن مجموعة من السياسات الاقتصادية التي ستعمل بها دول الخليج ضمن حزمة أخرى من الضرائب والرسوم[1].
ومن المسلّم به أن الضرائب وسيلة لجمع المال من قبل الحكومات في كل دول العالم، ويمكن اعتبارها الثمن الذي يدفع مقابل العيش في مجتمع منظم. والضرائب عكسالدعم والمساعدات المالية والتسهيلات التي تقدمها الحكومات، وتفرض على الدخل وعلى أرباح رأس المال وعلى المبيعات.
والضرائب إما أن تكون مباشرة مثل الضريبة على الدخل أو على أرباح الأعمال التجارية، أو غير مباشرة مثل الضرائب التي تفرض على السلع قبل وصولها إلى المستهلك الذي يدفع في نهاية المطاف الضرائب كجزء من سعر السوق للسلعة، ويمكن اعتبار ضريبة القيمة المضافة ضريبة غير مباشرة لأنها تدفع على القيمة المضافة للمنتج في كل مرحلة من مراحل الإنتاج والتوزيع والمبيعات.
لماذا يتم فرض الضريبة؟
اختلفت تبريرات وتفسيرات فرض الضرائب على مر التاريخ. فاستخدمت الضرائب في دعم الطبقات الحاكمة وفي تمويل الجيوش وبناء الدفاعات. علاوة على ذلك، عُدِّت الضرائب في بعض الأحيان حقا مقدسا يعلو على الحق الوطني[2]. ومما لا شك فيه، فإن الحكومات تفرض الضرائب لمواجهة نفقاتها ولتوزيع تلك الضرائب لتحقيق المنفعة العامة. علاوة على ذلك، تستخدم الضرائب لتعزيز بعض السياسات الاقتصادية والاجتماعية مثل التصدير أو التشجيع على التعليم. وأحيانا تفرض الحكومات ضريبة رفاهية مثل ضريبة المبيعات التي تفرض على المواد الغالية التي تُعدّ من الكماليات.
كيف يتم تحقيق العدالة الاجتماعية في النظام الضريبي؟
هنالك العديد من النظريات والمبادئ التي وضعت لكيفية فرض العدالة أو الإنصاف في النظام الضريبي مثل نظرية الفائدة. ووفقا لهذه النظرية، يجب على الدولة أن تفرض الضرائب على الأفراد على أساس المصلحة الممنوحة لهم وكلما زادت وجب على الفرد أن يدفع أكثر.
ويرى آخرون بأنه يجب فرض الضرائب مقابل تكلفة الخدمة التي تقدم مثل خدمات البريد وخدمات إمدادات الكهرباء والماء. ومع ذلك، أكثر النفقات التي تدفعها الدولة لا يمكن أن تكون ثابتة لكل فرد لأنه لا يمكن تحديدها بدقة مثل معرفة تكلفة خدمات الشرطة والقوات المسلحة والقضاء وغيرها، لمختلف الأفراد.
وفريق ثالث يرى بأنه يجب فرض الضرائب على أساس القدرة على الدفع. ويُعدّ الكثيرون بأن أساس القدرة على الدفع هي الأكثر إنصافا وعدالة وقبولا في فرض الضرائب. فوفقا للقدرة يجب أن تدفع الضرائب للحكومة. وتفرض الضرائب على أساس القدرة بدرجات تصاعدية على أصحاب الدخول العالية وهذا يؤدي إلى وينتج عنه مجتمع أكثر إنصافا[3].
وبغض النظر عن المبدأ والأساس الذي سيقوم على أساسه مبدأ العدالة الاجتماعية في تطبيق الضرائب، هناك مساحة واسعة يمكن من خلالها تخفيف العبء الضريبي على أصحاب الدخل المحدود مثل البدء في فرض ضريبة الرفاهية على المواد الغالية التي تُعدّ من الكماليات أو فرض الضرائب على أساس القدرة بدرجات تصاعدية وهذا، مثل ما تمت الإشارة اليه أعلاه، من شأنه أن يؤدي إلى نتائج أكثر إنصافا على المجتمع.
[1] انظر المقال : عجز ميزان المدفوعات والبدائل، أثير 9 نوفمبر 2016
[2] المصدر: http://www.taxworld.org/History/TaxHistory.htm
[3] المرجع وللمزيد حول الموضوع انظر KAPLOW, L. (2008). The Theory of Taxation and Public Economics. Princeton University Press. Retrieved from http://www.jstor.org/stable/j.ctt7srnp
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً