دراسة هامة حول النظام الجبائي لمهنة المحاماة

النظــام الجبـائي للمــهن الحـــرة: جبـاية المحـامي

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

بقلم الأستاذ فتحي بوراوي

محاضرة ختم تمرين ألقاها الأستاذ فتحي

المـــقدمــة

إن النظام الجبائي أو بالأحرى جباية المحامي تندرج ضمن الإطار العام المتعلق بجباية المهن الحرة والتالي فإنه يتجه قبل التطرق إلى خصوصيات هذا النظام إيجاد تعريف قانوني للأنشطة التي تمارس فيها مهنة المحاماة ونعنى بذلك المهن الحرة.

فقد عرف المشرع التونسي من خلال أحكام الفصل 21 من مجلة الضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين والضريبة على الشركات بأنه: ” تعتبر متأتية من تعاطي مهنة غير تجارية الأرباح التي يحققها أصحاب المهن الحرة وأصحاب الوظائف والأعمال الذي ليست لهم صفة تاجر وكذلك الأرباح الناتجة عن أشغال أو إستغلالات غير تجارية غايتها الربح “

وبالرجوع إلى أحكام هذا الفصل يتضح أن المهن الحرة تمثل صنف من أصناف الأنشطة غير التجارية بإعتبار أن هذه الأخيرة تشمل زيادة إلى المهن الحرة، أصحاب الوظائف والأعمال الذين ليست لهم صفة تجار وكذلك الأرباح الناتجة عن أشغال أو إستغلالات غير تجارية غايتها الربح.

وسنسعى من خلال دراسة هذا الفصل إلى تحديد مختلف هذه الأنشطة غير التجارية حتى يتسنى لنا الوقوف على خصوصيات النظام القانوني المنطبق على كل واحد منها إن وجد.

فالمهن الحرة يمكن تعريفها بأنها تتعلق بتلك المهن التي يلعب فيها النشاط الذهني أو الفكري دورا أساسيا والتي تستوجب الممارسة الشخصية بكل حرية وإستقلالية لنشاط علمي أو فني، فالحرية تتجسم بالنسبة لهذه الأنشطة في كيفية مباشرتها وتعاطيها من قبل أصحابها الذين لا يخضعون في إطار الاضطلاع بها إلى سلم إداري أو إشراف لجهة معينة.

أما الإستقلالية فهي تتمثل في غياب الإرتباط مع سلطة أو نفوذ أو مصلحة محددة خارج إطار المهمة التي قبلها المحامي.

فبالإعتماد على هذا التعريف فإن عبارة “المهن الحرة” تشتمل أو تغطي :

المهن الطبية وشبه الطبية: أطباء، جراحين، ممرضين، مستغلي مخابر التحاليل الطبية إلخ…..

المهن القانونية: المحامين، مراقبي حسابات، مستشارين قانونيين وجبائيين، وسيط ديواني إلخ…

المهن التقنية: مهندسين، محاسبين وخبراء محاسبين إلخ …..

المهن الفنية والأدبية: تشمل على الفنانين بمختلف إختصاصاتهم، كتاب، ملحنين، متعهدي حفلات إلخ….

أما في خصوص أصحاب الوظائف والأعمال:

فإنه يندرج ضمن هذا الصنف كل شخص ليس له صفة تاجر مثل عدول الإشهاد وعدول التنفيذ. وفي الأخير وفي ما يتعلق بالأرباح الناتجة عن أشغال أو إستغلالات غير تجارية غايتها الربح فإنه يندرج في هذا الصنف المداخيل المتأتية من الأشغال أو الإستغلالات التي يكون غايتها الربح والتي لا يمكن أن تندرج في اي صنف آخر من المداخيل وتشتمل على الأرباح التالية:

– مداخيل حقوق التأليف المتأتية من المؤلفات الأدبية والفنية.

– العمولات المتحصل عليها من شركات التأمين.

– المرابيح المتأتية من إستغلال أصحاب مدارس تعليم السيارات الذين يؤمنون بأنفسهم دروس التعليم وبشرط أن تكون على ملكيتهم سيارة تعليم واحدة وذلك حتى في صورة تشغيلهم لمدرب تعليم واحد أو أكثر.

– المرابيح المتأتية من إستغلال مؤسسات التعليم الخاص، رياض أطفال أو حضانة.

– المداخيل التي يحققها الممثلين التجاريين الذي ليست لهم صفة تاجر أو أجير والذي يتحملون أعباء الإستغلال بصفة مستقلة.

– المرابيح التي يقع تحقيقها من قبل المنجمين.

– المرابيح التي يقع تحقيقها من قبل المرشدين السياحيين بشرط أن يستغلوا نشاطهم بصفة مستقلة.

– التأجيرات التي يتحصل عليها المترجمين.

ونتبين من هذا الفصل بأن أرباح المهن غير التجارية وإن كانت تختلف في التعريف فإنها على العكس من ذلك تتحد في النظام الجبائي الواجب تطبيقه. وسوف نتناول بالدرس في إطار هذه المحاضرة خصوصيات النظام الجبائي التونسي المنطبق على مهنة المحاماة سواء تمت ممارستها في الإطار الفردي التقليدي أو إطار شركة مهنية بموجب القانون عدد 65 لسنة 1998 المؤرخ في 20 جويلية 1998 والمتعلق بالشركات المهنية للمحامين . كما أننا سوف نعسى إلى إبراز خصوصيات النظام الجبائي لكل إطار قانوني من أطر ممارسة المهنة والذي من شأنه أن يحدد أو يؤثر على إختيار المحامي الممارس لمهنة المحاماة بهذا الشكل أو ذاك. لكن قبل التطرق إلى مختلف جوانب هاته الدراسة فإن السؤال الذي يستوجب طرحه هو هل أن قانون المهنة والقانون الجبائي التونسي خصوصا يحدد بصفة واضحة النظام الجبائي من حيث تحديد المداخيل وتحديد الربح الخاضع للضريبة أم لا؟ وهل أن التقديرات التي تلجؤ إليها الإدارة في بعض الحالات معتمدة في ذلك على القرائن القانونية والفعلية تعكس بصفة جلية الوضعية الجبائية الحقيقية لممارسي هذه المهنة ؟ إن الإجابة عن هذه التساؤلات وغيرها من الإشكاليات الأخرى تؤول بنا إلى بيان النظام الجبائي المنطبق على المحامي الذي ينشط بصفة فردية (جزء أول) لنتطرق في ما بعد إلى دراسة النظام الجبائي المنطبق على الشركات المهنية للمحامين (جزء ثاني).

الجـــــــــزء الأول

النظام الجبائي للمحامي الممـارس للمهنة بصفة فـردية

قسم أول: تحديد الواجبات الجبائية المحمولة على المحامي

قبل التطرق إلى عرض النظام الجبائي المنطبق على المحامي فإننا سوف نتعرض إلى تحديد الواجبات الجبائية المحمولة على المحامي في إطار ممارسة نشاطه المهني.

ويتجه التذكير في هذا السياق بأن أغلب هذه الواجبات محمولة على المحامي سواء كان يمارس المهنة في إطار فردي أو في إطار شركة مهنية بإستثناء بعض الخصوصيات التي سوف يقع توضيحها في إبانها.

فقرة أولى: واجب إيداع التصريح بالوجود:

إن من أول الواجبات الجبائية التي يقوم بها المحامي هو إيداع تصريح بالوجود وهو يتمثل في إكتتاب تصريح يتم إيداعه لدى مكتب مراقبة الأداءات الراجع له بالنظر مكتب المحامي تحدد فيه إدارة الجباية تاريخ بداية النشاط المهني لهذا الأخير، ويتم فيه تحديد مختلف الأداءات والمعاليم المستوجبة.

إذ نص الفصل 56 من مجلة الضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين والضريبة على الشركات بأنه: “يتعين على كل شخص يتعاطى نشاطا صناعيا أو تجاريا أو مهنة غير تجارية وكذلك على كل شخص معنوي مشار إليه بالفصل 45 من هذه المجلة قبل أن يبدأ نشاطه أن يودع بمكتب مراقبة الضرائب الراجع له بالنظر تصريحا في وجوده حسب نموذج معد من قبل الإدارة…………….. ويرفق هذا التصريح :…… – بنسخة من شهادة المصادقة أو الترخيص الإداري عندما يكون النشاط أو المحل الذي يباشر فيه خاضعا لرخصة مسبقة”

بالنسبة للمحامي الذي يودع تصريحه بالوجود فأنه مطالب بمد إدارة الجباية بنسخة من قرار الترسيم، صحبة نسخة من عقد تسويغ مكتبه، أو شهادة ملكيته إذا كان المكتب على ملكه، أو شهادة محررة من محام آخر يسمح فيها للأول بممارسة المهنة بمكتبه.

إلا أن الإشكال طرح حول ما إذا كان واجب إيداع التصريح بالوجود محمولا على المحامي المتمرن أم لا، وقد طرح هذا السؤال في إطار طلب توضيح على الإدارة العامة للمراقبة الجبائية، والتي أكدت ضمنه بأن واجب إيداع التصريح بالوجود أو بدء النشاط محمول في حقيقة الأمر على المحامي منذ دخوله إلى المهنة وترسيمه بالقسم الثالث من الجزء الأول من جدول المحامين، أي منذ تاريخ ترسيمه كمحامي متمرن.

ويجد واجب إيداع التصريح بالوجود المحمول على المحامي المتمرن تبريره في أن هذا الأخير ليس له ما يعفيه من هذا الواجب، ضرورة وأنه بإمكانه الترافع والنيابة بإسمه الخاص، إضافة إلى القضايا التي بإمكانه النيابة فيها بإسم المحامي المشرف على التمرين، وهو بهذا العنوان يحقق مداخيلا تجعله منطقا وقانونا خاضعا لنفس النظام الجبائي المنطبق على بقية أصناف المحامين المباشرين، وذلك بالرغم من أنه لا يمارس المهنة في مكتب خاص به إذ أنه وفي منظور القانون الجبائي فإن العبرة بطبيعة النشاط الممارس من جهة، وبالإستقلالية القانونية من جهة أخرى، وهي تتوفر عندما ينوب المحامي المتمرن في قضايا لحسابه الخاص.

فقرة ثانية: واجب إيداع التصاريح الشهرية:

يخضع المحامي عند مباشرته لنشاطه لواجب التصريح بمداخيله إلا أن هذا الأخير ولأن كان واجب التصريح به سنويا فهناك جملة من الأداءات والمعاليم مستوجبة شهريا ويتعلق الأمر بـ:

1- الأداء على التكوين المهني:

الفصل 35 من القانون عدد 101/2002 المؤرخ في 17 ديسمبر 2002 المتعلق بقانون المالية لسنة 2003 وسع في ميدان تطبيق الأداء على التكوين المهني حيث أصبح هذا الأداء يشمل الأشخاص المعنويين والأشخاص الطبيعيين الذي يمارسون مهنة غير تجارية.

لذلك فإنه بداية من شهر جانفي أصبح المحامي يخضع إلى الأداء على التكوين المهني.

أما قاعدة هذا الأداء فهي المبلغ الجملي للمداخيل بما في ذلك المنافع العينية، تطبق عليها نسبة 2% .

2- المعلوم على النهوض بالمسكن لفائدة الأجراء:

هذا المعلوم تم إحداثه بمقتضى القانون عـ77-54ـدد المؤرخ في 3 أوت 1977 و يهدف إلى إعانة الأجراء عن طريق تمويل صندوق النهوض بالمسكن لفائدة الأجراء وقد حددت نسبته بـ 1% من مبلغ الأجور الخام بما في ذلك من منافع عينية.

3- المعلوم على المؤسسات ذات الصبغة الصناعية أو التجارية أو المهنية:

يستوجب هذا المعلوم على المحامين وذلك بمقتضى الفصل 35 من مجلة الجباية المحلية الصادرة بمقتضى القانون عـ11ـدد سنة 1997 المؤرخ في 3 فيفري 1997 الذي نص على ما يلي: ” يستوجب المعلوم ذات الصبغة الصناعية أو التجارية أو المهنية على: الأشخاص الطبيعيين الخاضعين للضريبة على الدخل بعنوان الأرباح الصناعية والتجارية وأرباح المهن غير التجارية،…”(1)

كما جاء بالفصل 37 فقرة 2 من مجلة الجباية المحلية: ” يحتسب المعلوم على المؤسسات ذات الصبغة الصناعية أو التجارية أو المهنية على أساس رقم المعاملات المحلي الخام”.

وحسب الفصل 38 من نفس المجلة حددت نسبة هذا المعلوم بـ 0،2 % ولا يمكن أن يقل عن حد أدنى حدد بنفس الفصل.

كما نص الفصل 39 على أن هذا المعلوم يدفع إعتمادا على تصريح حسب نموذج توفره الإدارة يتضمن خاصة عنوان المقر الإجتماعي للمؤسسة والمعرف الجبائي و رقم المعاملات المحلي الخام ويودع التصريح لدى قباضة المالية خلال الخمسة عشر يوما الأولى من الشهر الموالي للشهر الذي أنجز خلاله الدخل.

4- الأداء على القيمة المضافة:

يخضع المحامي للأداء على القيمة المضافة بمقتضى الفصلين 1و2 من مجلة الأداء على القيمة المضافة.

إذ نص الفصل 1-1 من مجلة الأداء على القيمة المضافة : “تخضع العمليات المنجزة بالبلاد التونسية… للأداء على القيمة المضافة مهما كانت أهدافها ونتائجها ما دامت… أو تتعلق بإحدى المهن الحرة…”.

ونص الفصل 2 من نفس المجلة: “يعتبر خاضعين للأداء على القيمة المضافة ويوظف عليهم هذا الأداء: “الأشخاص الطبيعيون أو المعنويون الذين : ينجزون العمليات المشار إليها بالفقرة 1 وبالفقرات الفرعية من 2 إلى 8 من الفقرة الثانية من الفصل الأول أعلاه “

كما نص الفصل 7 من مجلة الأداء على القيمة المضافة: “تخضع للأداء على القيمة المضافة: … بنسبة 12% (2)العمليات المتعلقة بالمنتوجات والأنشطة والخدمات المذكورة بالجدول “ب مكرر” المدرج بالملحق(3) وبالرجوع إلى هذا الجدول نجد أنه ذكر المحامين من بين الأنشطة والخدمات الخاضعة للأداء على القيمة المضافة بنسبة 12%”.

هذا وتجدر الإشارة إلى أن الخصم من المورد وإن كان طابعه شهري فإنه سوف يقع دراسته بصفة مستقلة نظرا لخصوصية هذا المعلوم.

أما في خصوص التصريح بهاته الأداءات الشهرية فإنه يقع القيام بها من خلال تصريح يودع خلال الخمسة عشر يوما من الشهر الموالي للشهر المستوجب بعنوانه ذلك الأداء بالنسبة للمحامين المباشرين بصفتهم كأشخاص طبيعيين وخلال الثمانية والعشرين يوما من الشهر الموالي للشهر المستوجب بعنوان تلك الأداءات بالنسبة للشركات المهنية.

فقرة ثالثة: واجب إيداع تصاريح الأقساط الإحتياطية:

نص الفصل 51 من مجلة الضريبة على الدخل: “I… يطالب الأشخاص الخاضعون للضريبة على الدخل المتعاطون لنشاط تجاري أو لمهنة غير تجارية بدفع ثلاثة تسبقات تسمى “أقساطا إحتياطية” وذلك بعنوان الضريبة المستوجبة على مداخيلهم أو أرباحهم الجملية.II تستخلص الأقساط الإحتياطية التي تدفع إبتداءا من السنة الثانية للنشاط حسب دفوعات يساوي كل واحد منها 30% من الضريبة المستوجبة بعنوان مداخيل أو أرباح السنة السابقة”. وتعتبر الأقساط الإحتياطية تسبقة على الضريبة على الدخل أو الضريبة على الشركات، تدفع إبتداء من السنة الثانية من النشاط، ويبلغ القسط الواحد من الأقساط الثلاثة المستوجبة قانونا مقدار ثلاثين بالمائة من مبلغ الضريبة على الدخل أو الضريبة على الشركات المستوجبة بعنوان السنة السابقة.

وتودع التصاريح المتعلقة بالأقساط الإحتياطية في آجال مختلفة، أجل الأول منها يحل في الخامس والعشرين من الشهر السادس، والثانية منها في الخامس والعشرين من الشهر التاسع، والثالثة منها في الخامس والعشرين من شهر الثاني عشر التي تلي تاريخ ختم السنة المالية وتجدر الإشارة إلى أنه بمناسبة إيداع التصريح السنوي بالدخل أو بالأرباح بعنوان السنة الثانية من النشاط وما يليها، يطرح، وفي إطار التسوية، مقدار الأقساط المدفوعة من مبلغ الضريبة المستوجب الدفع.

ويتضح أن تقنية الأقساط الإحتياطية مثلها مثل الخصم من المورد هي طرق لإستخلاص الأداء بصفة مسبقة يخضع لها شخص المحامي سواء مارس المهنة بصفة فردية أو في إطار شركة مهنية للمحامين.

فقرة رابعة: واجب القيام بالخصم من المورد:

الخصم من المورد ليس أداء في حد ذاته بل هو طريقة لدفع الأداء كرسها المشرع لتحسين إستخلاص الأداء. ويخضع المحامي بإعتباره شخصا طبيعيا خاضعا للضريبة على الدخل أو في إطار ذات معنوية خاضعة إلى الضريبة على الشركات إلى واجب الخصم من المورد وذلك بعنوان بعض أصناف المبالغ التي يقوم بدفعها والمنصوص عليها بالفصلين 52 و53 من مجلة الضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين والضريبة على الشركات.

ويتمثل الخصم من المورد في هذا الإطار في خصم مالي يقوم به الشخص الطبيعي الخاضع إلى الضريبة على الدخل حسب النظام الحقيقي، أو الذات المعنوية الخاضعة إلى الضريبة على الشركات، على بعض أصناف المداخيل والمقادير المالية التي يقوم بدفعها إلى أشخاص طبيعيين أو معنويين آخرين خاضعين إلى إحدى هاتين الضريبتين.

أ‌- الخصم من المورد بعنوان المرتبات والأجور:

يخضع المحامي إلى واجب القيام بالخصم من المورد على الأجور والمرتبات التي يقوم بدفعها إلى أجرائه من كتبة وسكرتيرات وغيرهم.

ويجب التفريق في هذا الإطار بين حالتين إثنين: حالة المحامي الذي يستعمل نظام تأجير بالإعلامية – وهي حالة نادرة في الواقع بالنظر إلى قلة عدد الأجراء بالنسبة للمحامي الواحد وهو ما لا يبرر من ناحية الجدوى اللجوء إلى إستعمال نظام تصرف في الأجور بالإعلامية- وبين حالة المحامي الذي لا يستعمل الإعلامية، في الحالة الأولى يساوي الخصم من المورد الواجب القيام به بالنسبة لكل خلاص أجر، الضريبة السنوية المحتسبة حسب أحكام مجلة الضريبة على الدخل مع إعتبار وأن الأجير المعني بالأمر لا يتقاضى من دخل آخر سوى مرتبة مقسومة على عدد خلاصات الأجر.

وأما في الحالة الثانية فإن الخصم من المورد الواجب القيام به بعنوان الأجر يساوي مبلغا محددا بصفة مباشرة حسب جدول معد من طرف الإدارة.

ب‌- الخصم من المورد بعنوان الأكرية:

جاء بالفصل 52 – I (جديدة) من مجلة الضريبة على الدخل ما يلي: ” تكون الضريبة على الدخل والضريبة على الشركات محل خصم من المورد حسب النسب التالية: أ- 15% بعنوان الأتعاب والعمولات وأجور الوساطة والأكرية… المدفوعة من قبل الدولة والجماعات العمومية والأشخاص الطبيعيين الخاضعين للضريبة على الدخل حسب النظام الحقيقي والأشخاص المعنويين الخاضعين للضريبة على الشركات….”

وحيث أن المحامي يكون ملزما بناء على الفصل المذكور بإجراء خصم من المورد بعنوان الضريبة على الدخل أو الضريبة على الشركات (حسب الطبيعة القانونية للمالك وحسب نظامه الجبائي) على معينات الكراء التي يقوم بدفعها إلى مالك المحل الذي تتم فيه مباشرة المهنة، ويتم الخصم في هذا الإطار بنسبة 15% من معين الكراء المتفق عليه أو المضمن بالعقد وبمناسبة كل عملية دفع، إذ أن الحدث المنشأ للخصم من المورد كواجب جبائي يتمثل في عملية الدفع نفسها، وتؤدي عملية الخصم بصفة وجوبية إلى تسليم المسوغ الذي خضع له شهادة في الخصم من المورد محررة وممضاة من طرف المتسوغ أي المحامي، وتخول له (أي المسوغ) هاته الشهادة طرح مقدار الخصم من مقدار الضريبة المستوجبة عند إيداعه لتصريحه السنوي بالدخل.

ويدفع الخصم من المورد الذي تم القيام به إلى قباضة المالية المختصة ترابيا وذلك في أجل خمسة عشر يوما الأولى من الشهر الموالي للشهر الذي تم فيه الخصم بالنسبة للاشخاص الطبيعيين، ولا يطبق واجب الخصم من المورد على الأكرية إلا على المحامي الخاضع للضريبة على الدخل حسب النظام الحقيقي

وحيث رتب الفصل 83 من مجلة الحقوق والإجراءات الجبائية خطية جبائية إدارية تساوي المبلغ الغير المخصوم أو مبلغ الخصوم المنقوصة على كل شخص لم يقم بخصم الأداء من المورد طبقا للتشريع الجبائي الجاري به العمل أو قام به بصفة منقوصة وتضاعف هذه الخطية في صورة العود خلال سنتين.

كما نص المشرع ضمن الفصل 92 من مجلة الحقوق والإجراءات الجبائية على عقوبة جبائية جزائية إذ جاء فيه : ” يعاقب بالسجن لمدة تتراوح بين ستة عشر يوما وثلاث سنوات وبخطية تتراوح بين 1000 دينار و 50000 دينار كل شخص قام بتوظيف الأداء على القيمة المضافة أو المعلوم على الإستهلاك أو الأداءات غير المباشرة الأخرى المستوجبة على رقم المعاملات أو قام بخصم الأداء على المورد ولم يتول دفع المبالغ المستوجبة لفائدة الخزينة في أجل ستة أشهر إبتداءا من اليوم الأول الموالي لإنتهاء الأجل المحدد لدفع وذلك علاوة على دفع أصل الأداء والخطايا المنصوص عليها بالفصول من 81 إلى 86 من هذه المجلة”

ج- الخصم من المورد الذي تخضع إليه أتعاب المحامي:

إن الأتعاب التي يتقاضاها المحامي مقابل الأعمال التي قام بها تكون محل خصم من المورد طبقا لأحكام الفصل 52 فقرة 1 من مجلة الضريبة على تم تنقيحه بمقتضى الفصل 59 من قانون المالية لسنة 2005 التي أصبحت بموجبه نسبة الخصم من المورد 15 % بالنسبة للمحامي الخاضع للنظام الدخل التقديري و5% بالنسبة للمحامي الخاضع للنظام الحقيقي لتحديد الربح الصافي.

وقد جاء في شرح الأسباب الواردة بمشروع قانون المالية لسنة 2005 أن هذا الترفيع في نسبة الخصم من المورد يندرج في إطار مزيد تحسين مردود الأداء.

وفي هذا المجال تتجه الإشارة إلى أن تحديد نسبة الخصم من المورد بـ 15% تعد نسبة مرتفعة ومن شأنها أن تخلق وضعيات غير واقعية ومتسمة بالشطط إذ أنها تؤدي إلى إثقال كاهل بعض المحامين الذين لا تغطي الضريبة المستوجبة من طرفهم مبلغ الخصم من المورد مما يؤدي إلى إفراز فائض أداء قد يكون من الصعب المطالبة بإسترجاعه خاصة إذا أخذنا بعين الإعتبار من الناحية العملية أن مطلب الإسترجاع الذي يقع تقديمه لإدارة الجباية يقترن أو يفترض وجوبا إجراء مراجعة جبائية معمقة.

لنضرب مثالا على ذلك: نفترض أن محاميا مباشرا خاضعا للضريبة على الدخل حسب النظام التقديري حقق في سنة 2007 دخل خام قدره 10.000 دينار متأتية في أغلبها من شركات.

وبما أن المورد التي يتم منه الخصم هو الأتعاب أو المداخيل الخام يعنى بما في ذلك الأداء على القيمة المضافة، فإن مبلغ هذا الخصم بنسبة 15% هو 1.500 دينار في حين أن الضريبة على الدخل المستوجبة بعنوان هذه المداخيل هي كالآتي:

– تحديد الربح الصافي:

10.000د x 70% = 7.000 دينار أي بعد طرح الأعباء المحددة بصفة تقديرية بـ 30%.
– الضريبة على الدخل المستوجبة دون الأخذ بعين الإعتبار للتخفيضات المشتركة: 0 1.500 : 0% = 0 1.500 5.000 : 15% = 525 دينار 5.000 0.000 : 20% = 400 دينار (2000) الجــــــــــــــملة = 925 دينار إ ذن تكون نسبة الخصم من المورد أكثر إن لم نقل تقريبا ضعف الضريبة المستوجبة وبالتالي فإن مراجعة هذه النسب ضرورة تفرضها الوضعية المالية المتدهورة لأغلب المحامين المباشرين للمهنة وبالأخص منهم المحامين المتمرنين.

فقرة خامسة: واجب مسك المحاسبة:

إن الواجبات المحاسبية تجد أساسها القانوني صلب أحكام الفصل 62 – I من مجلة الضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين والضريبة على الشركات الذي نص على ما يلي: “يلزم الأشخاص المعنوين المنصوص عليهم بالفصل 4 وبالفصل 45 من هذه المجلة والأشخاص الطبيعيون الخاضعون للضريبة على الدخل بعنوان الأرباح الصناعية والتجارية أو أرباح المهن غير التجارية وكل شخص طبيعي يختار الخضوع للضريبة على الدخل حسب النظام الحقيقي بمسك محاسبة طبقا للتشريع المحاسبي للمؤسسات.”

وبالتالي فإن واجب مسك المحاسبة طبقا للتشريع المحاسبي الجاري به العمل (القانون عدد 112 لسنة 1996) المتعلق بالنظام المحاسبي للمؤسسات ينطبق أولا على المحامين الأشخاص الطبيعيين، المباشرين للمهنة بصفة فردية والذي تحدد أربحاهم الصافية حسب النظام الحقيقي طبقا لمقتضيات الفقرة الأولى من الفصل 22 من مجلة الضريبة على الدخل، كما تنطبق أيضا على جميع شركات المحامين سواء منها الخاضعة للضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين أو للضريبة على الشركات.

وتتمثل الوثائق الحسابية القانونية طبقا للفصل 11 من القانون عـ112ـدد لسنة 1996 المؤرخ في 30-12-1996 والمتعلق بالنظام المحاسبي للمؤسسات في: الدفتر اليومي، دفتر الحسابات ودفتر الجرد إضافة إلى ميزان الحسابات.

ويخضع مسك البعض من هاته الوثائق الحسابية إلى جملة من الشروط الشكلية، إذ أنه وعملا بالفصل المذكور أعلاه فإن كل من الدفتر اليومي ودفتر الجرد يجب أن يكونا مرقما ومؤشرا عليه من قبل كتابة المحكمة الإبتدائية التي يمارس بدائرتها المحامي أو شركة المحاماة المهنية، أو أي سلطة أخرى مؤهلة لذلك بمقتضى تشاريع خاصة. ويمكن مسك المحاسبة بواسطة الإعلامية، إلا أن ذلك مشروط من الناحية الجبائية بواجب إيداع نسخة من برنامج المحاسبة الإعلامية على أشرطة مغناطيسية أو على إسطوانات إعلامية لدى مركز أو مكتب مراقبة الأداءات الراجع له بالنظر ترابيا المحامي وذلك مقابل وصل تسليم، مع ذكر نوع المعدات الإعلامية المستعملة ومكان تركيزها وكل تغيير يطرأ على المعطيات المتعلقة بها(4).

وقد جاء قانون المالية لتصرف 2005 لمزيد توضيح الواجبات المحاسبية بالنسبة للأشخاص الطبيعيين الخاضعين للضريبة حسب النظام الحقيقي فنقح الفقرة الأولى الفصل 62 من مجلة الضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين والضريبة على الشركات.

إذ كانت الفقرة الأولى من الفصل 62 في صيغتها القديمة كما يلي: ” تلزم الشركات والأشخاص المعنويون الآخرون مهما كان نوعهم وشكلهم القانوني وغرضهم وكذلك كل شخص طبيعي خاضع للضريبة على الدخل بعنوان الأرباح الصناعية والتجارية بمسك محاسبة طبقا للتشريع المحاسبي للمؤسسات”

وأصبحت الفقرة الأولى من الفصل 62 بعد تنقيحه بموجب قانون المالية لتصرف 2005 تنص على ما يلي ” يلزم الأشخاص المعنويون المنصوص عليهم بالفصل 4 و45 من هذه المجلة والأشخاص الطبيعيون الخاضعون للضريبة على الدخل بعنوان الأرباح الصناعية والتجارية أو أرباح المهن غير التجارية وكل شخص طبيعي يختار الخضوع للضريبة على الدخل حسب النظام الحقيقي بمسك محاسبة طبقا للتشريع المحاسبي للمؤسسات”

قد يفهم من الصغة الجديدة للفصل المذكور أن المحامي كصاحب مهنة غيرة تجارية أصبح يخضع لواجب مسك محاسبة سواء إعتمد النظام الحقيقي او التقديري طالما أن الفصل يتحدث عن أصحاب المهن الغير التجارية بصفة عامة ثم يضيف وكل شخص طبيعي يختار الخضوع للنظام الحقيقي لكن هذا التأويل لا يمكن إعتماده ذلك أن الفقرة الثالثة من الفصل 62 الخاصة بإعفاء أصحاب المهن الحرة المعتمدين على نظام الدخل التقديري من واجب مسك محاسبة لم يقع إلغاؤها، كما ان عنوان الفصل 63 من قانون المالية الذي نقح الفصل 62 من مجلة الضريبة على الدخل تحت عنوان “مزيد من توضيح الواجبات المحاسبية بالنسبة إلى الأشخاص الطبيعيين الخاضعين للضريبة حسب النظام الحقيقي”.

وبالتالي فإن الفقرة الأولى من الفصل 62 الواقع تنقيحها لم تأت بالجديد بل جاءت للتأكيد على أن أصحاب المهن الحرة الخاضعين للدخل حسب النظام الحقيقي يخضعون لواجب مسك محاسبة طبقا للتشريع المحاسبي للمؤسسات. أما في خصوص واجب مسك دفتر المقابيض والمصاريف فإن هذا ينطبق وبصفة حصرية على المحامين الأشخاص الطبيعيين الذين يختارون النظام التقديري لضبط الربح طبقا لمقتضيات الفقرة II من الفصل 22 من مجلة الضريبة على الدخل.

ويجب أن يكون هذا الدفتر مرقما ومؤشرا عليه من طرف مكتب مراقبة الأداءات الراجع له بالنظر ترابيا المحامي. وقد رتب المشرع مخالفة جبائية جزائية جراء عدم مسك محاسبة من خلال الفصل 97 من مجلة الحقوق والإجراءات الجبائية الذي نص على ما يلي: ” يعاقب بخطية بين 100 دينار و 10.000 دينار كل شخص لم يقم بمسك المحاسبة أو الدفاتر أو السجلات المنصوص عليها بالتشريع الجبائي أو إمتنع عن تقديمها لأعوان مصالح الجباية أو قام بإتلافها قبل إنتهاء المدة القانونية المحددة لحفظها.

وفي صورة العود خلال خمسة سنوات يعاقب المخالف إذا كان خاضعا للأداء حسب النظام الحقيقي بالسجن لمدة تتراوح بين ستة عشر يوما وثلاث سنوات وبخطية تتراوح من 1000 دينار و50000 دينار.”
فقرة سادسة: واجب إيداع تصريح المؤجر:

يخضع المحامي الخاضع للضريبة على الدخل سواء كان ذلك حسب النظام التقديري أو الحقيقي إلى واجب إيداع تصريح المؤجر حسب أنموذج معد من قبل الإدارة وذلك إلى حد 28 فيفري من كل سنة.

قسم ثاني: طرق تحديد الضريبة على الدخل

يخضع المحامي المباشر لمهنة المحاماة بصفة فردية إلى طريقتين مختلفتين لتحديد الضريبة على الدخل وذلك حسب النظام المنضوي تحته حقيقي أو تقديري.
فقرة أولى: طريقة تحديد الربح الصافي حسب النظام الدخل الحقيقي:

نص الفصل 22 فقرة 1 من مجلة الضريبة على الدخل على ما يلي: “يتكون ربح الأنشطة غير التجارية من الفارق بين المحاصيل الخام المحققة أثناء السنة المدنية والأعباء التي يسلتزمها الإستغلال أثناء نفس السنة”.

وحيث يتضح من خلال أحكام هذا الفصل أن المحامي الذي إختار النظام الحقيقي يتحمل واجب مسك محاسبة طبق للتشريع المحاسبي الجاري به العمل وبالتالي فإن المداخيل تحدد بصفة حقيقية عن طريق محاسبة قانونية أي أن المداخيل هي كل المبالغ التي قدمت في شأنها قائمات الأتعاب حتى وإن لم يقع إستخلاصها وفقا لمبدأ المداخيل الحاصلة “Créances Acquises”

أما في خصوص الأعباء فإن هاته الأخيرة يقع طرحها دون تحديد نسبة او سقف طالما انها توفرت على الشروط الجبائية والمتعلقة خصوصا بـ:

– ضرورة تعلق الأعباء المراد طرحها بالإستغلال أو المهنة أي أنه على العكس من ذلك فإن الأعباء الشخصية لا تتمتع بالطرح.

– أن تكون الأعباء مرسمة محاسبيا.

– أن تتعلق الأعباء بالسنة التي تم صرفها أو دفعها خلالها وذلك وفقا لمبدأ إستقلالية السنوات المحاسبية.

– ان يقع تبرير الأعباء بالوثائق الحسابية أو ما يقوم مقامها (فواتير، عقود، وصل إستلام….)

كما أن هذا النظام، أي الخضوع إلى الضريبة على الدخل حسب النظام الحقيقي ينطبق أيضا على المحامي الممارس للمهنة في إطار شركة مدنية، طبقا لمقتضيات الفصل 13 من القانون عـ65/98ـدد لسنة 1998 المؤرخ في 20 جويلية 1998، إذ جاء بالفصل 4 من مجلة الضريبة على الدخل وأنه:” مع مراعاة أحكام الفصل 45 من هذه المجلة، يخضع شخصيا للضريبة على الدخل الشركاء في شركات المفاوضة والشركات الفعلية وشركات المقارضة البسيطة والشركاء في شركات المحاصة وأعضاء التجمعات المصالح الإقتصادية الذين لهم صفة أشخاص طبيعيين أو شركات أشخاص وكذلك أعضاء الشركات المدنية التي ليست لها فعليا صفة شركات رؤوس الأموال وذلك على أساس مناباتهم في الأرباح الإجتماعية حسب حقوقهم في الشركات أو التجمعات التي لها مكان إستغلال بالبلاد التونسية.

ويخضع شخصيا للضريبة على الدخل المالكون المشتركون في الصناديق المشتركة للديون عليها بالقانون عدد 83 لسنة 2001 المؤرخ في 24 جويلية 2001 المتعلق بإصدار مجلة مؤسسات التوظيف الجماعي الذي لهم صفة أشخاص طبيعيين أو شركات أشخاص وذلك على أساس حصص مساهماتهم في الصناديق المذكورة”. وبصفة عامة تنطبق على المحامي الخاضع للضريبة على الدخل حسب النظام الحقيقي القائم على مسك محاسبة، جميع القواعد الخاصة بتحديد الربح الصافي المنطبقة ضمن صنف مداخيل الأرباح الصناعية والتجارية، والواردة بالفصول 10 إلى 20 من مجلة الضريبة على الدخل.

لكن ما يجب الإشارة إليه في خصوص هذه النقطة هو أنه منذ سنة 2002 بمقتضى الفصل 71 من المالية عدد 123 المؤرخ في 28-12-2001 لم يعد المحامي حرا في تغيير النظام الذي يخضع له حسب مشيئته من سنة إلى أخرى، فإذا قام المحامي في سنة معينة بإيداع تصريحه السنوي على الدخل وفقا للنظام الحقيقي فإن الوضع يكون نهائيا بالنسبة إليه لا رجعه فيه ولا يمكنه العودة أبدا إلى النظام التقديري وقد فسرت الإدارة هذا التدخل التشريعي برغبة المشرع في إضفاء مزيد من الإستقرار على الوضعية الجبائية لأصحاب المهن الحرة(5)

فقرة ثانية: النظام التقديري:

يتمثل النظام التقديري، في طريقة تقديرية لضبط الربح الصافي المحقق من طرف المحامي المباشر بصفة فردية وذلك بإجراء طرح تقديري بعنوان الأعباء، والنظام التقديري لضبط الربح الصافي يختلف إختلافا كليا عن النظام التقديري للضريبة على الدخل، إذ أننا هنا أمام نظام تقديري لضبط الربح الصافي “Forfait d’assiette” يقوم أساسا على طرح تقديري بعنوان الأعباء المهنية التي تحملها المحامي بدون تقديم مؤيدات لذلك، وصولا إلى الربح الصافي الذي سوف يتم إخضاعه إلى الضريبة على الدخل بتطبيق جدول الضريبة “Barème de l’impôt”.

ويقوم النظام التقديري على تمكين المحامي من طرح تقديري بعنوان الأعباء المهنية التي تحملها لتحقيق مداخيله والمقدرة بثلاثين بالمائة (30%)، وهو ما يؤدي إلى إعتبار الربح الصافي الخاضع للضريبة على الدخل مساويا لسبعين بالمائة (70%) من مبلغ المقابيض الخام المحققة بما فيها الأداء على القيمة المضافة.

هذا وتجدر الإشارة أنه من الناحية الواقعية فأن أعباء المحامي تتجاوز نسبة الثلاثين بالمائة بكثير (كراء مكتب، أجور كتبة، لوازم مكتبية، ماء، كهرباء….) إلا أن إختيار النظام التقديري لضبط الربح الصافي يجعله لا يتمتع بالطرح بعنوان الأعباء إلا في حدود هاته النسبة، وهو ما قد يجعل من إختيار النظام الحقيقي القائم على مسك محاسبة قانونية حلا لا مفر منه لطرح الأعباء بأكملها إذا تجاوز حجمها النسبة التقديرية المحددة بـ 30% من المقابيض الخام إذ لم نأخذ بعين الإعتبار التعقيدات والمصاريف المتعلقة بمسك المحاسبية .

ومن الناحية العملية فقد أدى تطبيق إدارة الجباية لهذه الطريقة إلى حالات من الشطط عند مراجعتها للوضعية الجبائية لبعض المحامين المتمتعين بالنظام الجبائي المذكور ومطالبتهم بتقديم مؤيدات أعبائهم، لكي تعمد فيما بعد إلى إعادة تكوين رقم المعاملات وبصفة عكسية إنطلاقا من هذه الأعباء وذلك بإعتبارها ثلاثين بالمائة منها (تقسم الأعباء على ثلاثين وتضرب في مائة لإعادة تكوين رقم المقابيض المحققة).

وحيث أن هذا الموقف وقع إقرار من طرف فقه القضاء الجبائي ذاته.(6)

وحيث أن هذا الإتجاه الإداري والفقه القضائي هو مجانب للواقع ضرورة وأن الطرح التقديري القانوني المحدد بنسبة ثلاثين بالمائة بعنوان الأعباء هو حد تقديري أقصى ولا يعنى بالضرورة وأن الأعباء تمثل أو تساوي في جميع الحالات نسبة ثلاثين بالمائة من المداخيل، بل جزاء لتبسيط الواجبات الجبائية المحمولة على الشخص المتمتع به والمتمثلة في مسك مجرد دفتر للمداخيل والمصاريف عوضا عن محاسبة قانونية.

ولئن كان النظام التقديري يتسم بجانب هام من التبسيط بما ييسر على المحامي طريقة تحديد دخله الصافي، مما يجنبه إمكانية إرتكاب أخطاء أو إغفالات جزئية عن حسن نية، فإن هذا النظام لا يخلو في رأينا من عيوب: إذ أن نسبة الطرح بعنوان الأعباء المقدرة بثلاثين بالمائة، نسبة ضعيفة وهي في الغالب لا تغطي الأعباء المتحملة حقيقة من طرف المحامي، كما أن واجب مسك المحاسبة لا يقدر المحامي بنفسه على القيام به، لما تتسم به العملية من صعوبة تقنية، ولما تتطلبه من دراية دقيقة بقانون المحاسبة العامة، وهو ما يستدعي بصفة آلية اللجوء إلى خدمات محاسب مختص لمسك محاسبة المحامي، وتسجيل جميع العمليات المالية بها، وإعداد القوائم المالية في نهاية السنة.

كما أنه ومن جهة ثانية فإن النظام التقديري يقوم على عملية توظيف تراكمية للأداء، إذ أن قاعدة إحتساب الربح الصافي هي المقابيض الخام المحققة خلال السنة المدنية، أي بما فيها الأداء على القيمة المضافة، وهو ما يتنافى مع الطابع المحايد للأداء على القيمة المضافة، بإعتبارها اضحت من هذا الجانب وكأنها مكونة من مكونات الدخل الصافي، تماما مثلما يؤدي ذلك إلى توظيف الضريبة على الدخل على دخل صاف يحتوي على أداء آخر، وهو ما يتناقض مع المبادئ الجبائية العامة التي إنبنت عليها سياسة الإصلاح الجبائي المنطلقة بصدور مجلة الأداء على القيمة المضافة سنة 1988، والتي كان من بين أهدافها الأساسية تجاوز التوظيف التراكمي (Imposition à cascade) للأداء الذي كان يتميز به النظام الجبائي التونسي من قبل، وهو ما يستوجب في رأينا تدخلا تشريعيا بتحوير قاعدة الطرح التقديري بعنوان الأعباء وجعلها تصبح المقابيض بدون إعتبار الأداء على القيمة المضافة، على الأقل لما في ذلك من تناسق مع باقي مبادئ ومكونات النظام الجبائي التونسي بصفة عامة. وحيث يتضح مما سبق بيانه أن عدم وضوح النظام الجبائي المطبق على المهن الحرة وبالأخص على مهنة المحامي إضافة إلى سوء التأويل للنصوص القانونية أدى بإدارة الجبائية إلى الإعتماد علي جملة من القرائن الفعلية والقانونية كطريقة بديلة لتعديل الوضعية الجبائية للمحامين.

ففي خصوص القرائن الفعلية تعتمد الإدارة عند تعديلها للوضعية الجبائية للمحامين على الإستقصاءات الواردة عليها والمضمنة غالبا بالتصريح بالمؤجر للشركات التي يتعامل معها المحامي إضافة إلى العقود الواقع تحريرها أو القضايا الواقع القيام بها والتي يقع تحديد مبلغ الأتعاب المتعلقة بها حسب درجة التقاضي بالإعتماد على مذكرة إدارية في الغرض……

أما القرائن القانونية فإن الإدارة تلتجأ بالأساس إلى التقييمات التقديرية للدخل والمنصوص عليها بأحكام الفصلين 42 و43 من مجلة الضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين والضريبة على الشركات.

– التقييم بإعتبار عناصر مستوى العيش وتحديد الحد الأدنى للدخل:

حيث نص الفصل 42 من مجلة الضريبة على ما يلي: “لا يمكن أن يكون الدخل الجملي الخاضع للضريبة أقل من المبلغ التقديري المضبوط بإعتبار تطبيق الجدول الموجود بالملحق I من هذه المجلة على بعض عناصر مستوى العيش للمطالبين بالضريبة وذلك عند عدم إثبات العكس وفي حالة وجود فارق واضح بين مستوى عيش المطالب بالضريبة والمداخيل التي يصرح بها.

ويتم إثبات الفارق الواضح بين مستوى عيش المطالب بالضريبة وبين المداخيل التي يصرحب ها عندما يفوق المبلغ التقديري الناتج عن تطبيق أحكام هذه الفقرة الدخل المجلي الصافي المصرح به بنسبة 40% على الأقل وذلك بالنسبة لسنة توظيف الضريبة وللسنة السابق. لتطبيق الأحكام السابقة، تضبط القيمة الإيجارية الحقيقية إما إستنادا إلى عقود إيجار مكتوبة أو إلى تصاريح الإيجار الشفاهية التي ثبت تسجيلها أو بالمقارنة مع محلات أخرى ثبتت قيمة إيجارها أو هي معروفة من الجميع.

II تتضمن العناصر التي تؤخد بعين الإعتبار لضبط أساس الضريبة بالنسبة للمطالب بها العناصر التي تهم الأشخاص المعتبرين في كفالته عندما لا يصرحون بدخل شخصي.

III عندما يكون على ذمة المطالب بالضريبة على الأقل وفي نفس الوقت ثلاث عناصر دالة على مستوى العيش يرفع الدخل التقديري لملكية هذه العناصر بـ 25%

يرفع الدخل بـ 40% عندما يكون عدد العناصر 4 أو أكثر.

VI في حالة توظيف تقديري، تطرح من أساس الضريبة المظبوطة حسب الأحكام المذكورة أعلاه المداخيل المعفاة بصفة صريحة ومداخيل القرين.”

– التقييم حسب النفقات الشخصية الظاهرة والجلية ونمو الثروة:

حيث جاء بالفصل 43 من نفس المجلة على: “يطبق التقييم التقديري حسب النفقات الشخصية الظاهرة أو الجلية أو حسب نمو الثروة على كل مطالب بالضريبة.

وتستعمل هذه الطريقة عندما يفوق مبلغ هذا التقييم، مع إضافة تكاليف المعيشة وبإعتبار مستوى عيش المعني بالأمر، دخله المصرح به الذي يضبط وفق نفس المنوال المتبع فيما يخص التوظيف التقديري حسب عناصر مستوى العيش” وحيث أدى تطبيق إدارة الجباية للتقيمات التقديرية خاصة تلك المتعلقة بنمو الثروة عند تعديلها للوضعية الجبائية لبعض المحامين إلى حالات غير مقبولة.

كما أن كما تكريس الإدارة لتعديل المداخيل والمقابيض بالإعتماد على قرينة نمو الثروة رغم أن هاته الأخيرة جاءت بمجلة الضريبة فيه خرق صريح للقانون لأن التقييم التقديري لا يهم إلا تحديد الدخل الخاضع للضريبة. وبالتالي فإن ما يمكن الخروج به في خصوص هذا الجانب من هاته الدارسة وهو أن جباية المحامي بالمقارنة مع المهن الأخرى في حاجة إلى مزيدا الأحكام وذلك بسن قوانين واضحة لنتجنب مثل هذه التأويلات العقيقة من قبل الإدارة في خصوص تطبيق طريقة تحديد الربح الخاضع للضريبة.

الجزء الثاني النظــــام الجبــــائي للشركـــات المهنيــة للمحـــامين

لئن نظم المشرع في إطار القانون عـ65ـدد لسنة 1998 الصادر في 20 جويلية 1998 والمتعلق بالشركات المهنية للمحامين القواعد التي يمكن على أساسها أن يباشر المحامي مهنته في نطاق شركة مهنية مع تحديد شكلها وكيفية تاسيسها وإشهارها وطرق تسييرها فإنه لم يتعرض بالمرة لأي نظام جبائي خاص، فكان الفصل الوحيد الذي تحدث عن هذا الجانب هو الفصل 26 المضمن صلب الباب السادس من قانون 1998 تحت عنوان “في الإمتيازات” وقد جاء فيه:” تنسحب على الشركات المهنية للمحامين الإمتيازات المنصوص عليها بمجلة تشجيع الإستثمارات لفائدة الخدمات غير المالية”.

وبالتالي فأن سكوت المشرع ينم عن رغبته في أن تبقى هاته الشركات خاضعة للنظام الجبائي العام، خاصة وأنه يشير صلب الفصل 26 بالرجوع لمجلة تشجيع الإستثمارات وبالتالي لغيرها من النصوص المتعلقة بالقانون العام لذا فإنه يكون الرجوع إلى القانون المنظم للجباية وجوبيا لتحديد ملامح النظام الجبائي المنطبق على الشركات المهنية للمحامين وهي أساسا: مجلة الضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين والضريبة على الشركات، مجلة الجباية المحلية، ومجلة تشجيع الإستثمارات.

وبالرجوع إلى هذه التشاريع نلاحظ بأن الشركات المهنية للمحامين خاضعة من جهة أولى إلى نظام الضرائب المباشرة المنصوص عليها صلب مجلة الضريبة على دخل الاشخاص الطبيعيين والضريبة على الشركات (قسم أول) وكذلك الأداءات غير المباشرة: الأداء على القيمة المضافة والمعلوم على المؤسسات ذات الصبغة الصناعية أو التجارية أو المهنية (قسم ثان). لنتطرق في مرحلة ثالثة إلى بيان الإمتيازات الجبائية الممنوحة للشركات المهنية للمحامين إن وجدت (قسم ثالث ).

القـــسم الأول: الأداءات المبـــاشرة

أقر المشرع النظام الجبائي في مادة الأداءات المباشرة بالنسبة للمهن الحرة صلب مجلة الضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين والضريبة على الشركات بموجب القانون عـ89/114ـدد المؤرخ في 30 ديسمبر 1989 الذي قنن نظام الضريبة على دخل الأشخاص الطبعيين مثلما تم بيانه في الجزء الأول من هذه الدراسة وكذلك نظام الضريبة على الشركات.

فإنقسمت بالتالي الضرائب إلى ضرائب تخص دخل الأشخاص الطبيعيين وأخرى تخص الأشخاص المعنويين على معنى أحكام الفصل الأول من مجلة الضريبة.

وطبقا للقانون عدد 65 لسنة 1998 المؤرخ في20 جويلية 1998 المتعلق بالشركات المهنية للمحامين يمكن أن تكون الشركات المهنية للمحامين ذات صبغة تجارية وأخرى ذات صبغة مدنية وهي لا تخضع مبدئيا لنفس النظام الجبائي فكان علينا أن نفرق بين النظام الجبائي للشركات المهنية للمحامين ذات الصبغة المدنية (مبحث أول) والشركات المهنية للمحامين ذات الصبغة التجارية (مبحث ثاني).

المبحث الأول: النظام الجبائي للشركات المهنية للمحامين ذات الصبغة المدنية:

فقرة أولى: بالنسبة إلى الشركة:

تخضع الشركة في هذه الحالة إلى النظام الجبائي لشركات الأشخاص والشركات المشابهة لها، وبناء عليه، يتعين عليها إحترام كل الواجبات الجبائية والمحاسبية المنصوص عليها بالتشريع الجاري به العمل وخاصة منها مسك محاسبة مطابقة للتشريع المحاسبي للمؤسسات ودفع الضرائب والمعاليم المنصوص عليها بالتشريع الجاري به العمل بإستثناء الضريبة على الشركات بعنوان الأرباح التي تحققها غير أنها تبقى مطالبة طبقا لأحكام الفصل 51 مكرر من مجلة الضريبة بدفع تسبقة بنسبة 25% من الأرباح المحققة خلال السنة السابقة كما تقوم الشركة بتوزيع الأرباح المحققة على الشركاء وتسليم كل شريك شهادة في منابة من التسبقة.

مع الإشارة إلى أن المداخيل المحققة من قبل هذا الصنف من الذوات المعنوية تعتبر موزعة بمجرد حلول أجل إيداع التصريح ودفع التسبقة.

فقرة ثانية: بالنسبة إلى الشركاء

طبقا لأحكام الفصل 4 من مجلة الضريبة، يخضع الشركاء شخصيا للضريبة على الدخل أو للضريبة على الشركات على أساس مناباتهم في الأرباح الإجتماعية التي حققتها الشركة حسب حقوقهم في الشركة.

هذا وتطرح التسبقة المدفوعة من قبل الشركة بنسبة 25% من الضريبة المستوجبة على الأعضاء كل في حدود النسبة الراجعة لكل شريك من الأرباح المحققة.

وبالنسبة للشركاء الأشخاص يصنف الربح المتأتي من الشركة ضمن صنف أرباح المهن غير التجارية، ويتم التصريح به بإستعمال المعرف الجبائي الخاص بالمحامي الشريك.

المبحث الثاني: النظام الجبائي للشركات خفية الإسم أو الشركات ذات المسؤولية المحدودة:

تكون للشركة خصوصيات شركات خفية الإسم أو الشركات ذات المسؤولية المحدودة إذا توفرت خاصة إحدى الشروط التالية:

– تقسيم رأس المال إلى حصص قابلة للتداول.

– تحديد مسؤولية الشركاء في مستوى قيمة اسهاماتهم في الشركة إتجاه الغير.

– مواصلة الشركة لنشاطها في صورة وفاة أحد الشركاء.

وفي مثل هذه الحالات يكون النظام الجبائي للشركة وللشركاء وبصرف النظر عن الغرض الإجتماعي للشركة كما يلي:

فقرة أولى: بالنسبة للشركة:

يستوجب على الشركة في هذه الحالة إحترام كل الواجبات المحاسبية والجبائية المنصوص عليها بالتشريع الجبائي الجاري به العمل وتكون مطالبة بدفع الضريبة على الشركات بنسبة 30% من الأرباح المحققة والتي أفرزتها المحاسبة الممسوكة للغرض.

فقرة ثانية: بالنسبة للشركاء:

تصنف الأرباح الراجعة للشركاء من الشركة المذكورة في صنف مداخيل الأوراق المالية كأرباح موزعة وتكون معفاة من الضريبة على الدخل في مستوى الشركاء تطبيقا لأحكام النقطة 10 جديدة من الفصل 38 من مجلة الضريبة. هذا وتبقى كل المبالغ الأخرى التي تضعها الشركة على ذمة الشركاء والتي تكتسي صبغة الأرباح الموزعة كما تم تعريفها بمجلة الضريبة خاضعة للضريبة على الدخل في صنف الأوراق المالية وذلك بصرف النظر عن خضوعها للضريبة على الشركات على مستوى الشركة الدافعة للمبالغ المذكورة.

هذا وتجدر الإشارة إلى أنه طبقا لأحكام الفصل 26 من القانون عـ65ـدد لسنة 1998 المشار إليه أعلاه، تنتفع الشركات المهنية للمحامين بالإمتيازات المنصوص عليها بمجلة تشجيع الإستثمارات لفائدة الخدمات غير المالية وذلك شريطة الإستجابة للشروط المنصوص عليها بالمجلة المذكورة.
القسم الثاني: في مادة الأداءات غير مباشرة

فقرة أولى: في مادة الأداء على القيمة المضافة:

وفقا لأحكام الفصل الأول من مجلة الأداء على القيمة المضافة تخضع العمليات المنجزة بالبلاد التونسية للأداء على القيمة المضافة وذلك مهما كانت:

– أهدافها ونتائجها ما دامت تكتسي صبغة صناعية او صناعة تقليدية أو تتعلق بإحدى المهن الحرة وكذلك العمليات التجارية من غير البيوعات،

– الحالة القانونية للأشخاص الذي يتدخلوا في إنجاز العمليات الخاضعة للأداء على القيمة المضافة أو مهما كانت وضعيتهم إزاء جميع الأداءات الأخرى،

– صيغة أو نوعية تدخلهم والصبغة المادية أو العرضية لهذا التدخل.

وبناء على ما تقدم تخضع الخدمات المسداة من قبل الشركات المهنية للمحامين وفقا لمقتضيات القانون عـ65ـدد لسنة 1998 المؤرخ في 20 جويلية 1998 المتعلق بالشركات المهنية للمحامين للأداء على القيمة المضافة بنسبة 12(7)% وذلك طبقا لأحكام العدد 11 من الجدول “ب مكرر” الملحق بمجلة الأداء على القيمة المضافة. تطبيقا لأحكام الفقرة IV من الفصل 18 من مجلة الأداء على القيمة المضافة تطالب الشركات المهنية للمحامين بالتصريح بالأداء على القيمة المضافة ودفعه لدى القباضة المالية المختصة خلال الثمانية وعشرين يوما الأولى من كل شهر.

وفقا لأحكام الفصل 9 – I من مجلة الأداء على القيمة المضافة تنتفع الشركات المهنية للمحامين بحق طرح مبلغ الأداء على القيمة المضافة الموظف على شراءاتها الخاضعة للأداء المذكور من مبلغ الأداء على القيمة المضافة الموظف على رقم معاملاتها.

وفي صورة تسجيل فائض في الأداء المذكور فإنه يمكنها المطالبة بإسترجاعه بناء على مطلب يودع بمركز مراقبة الأداءات المؤهل وذلك طبقا لأحكام الفصل 15 – I من مجلة الأداء على القيمة المضافة. مع الملاحظة وأنه في حالة تولي المحامون الشركاء في الشركات المهنية للمحامين إنجاز عمليات خاضعة بصفة شخصية خارج إطار الشركات المهنية للمحامين فإنهم يطالبون بالتصريح ودفع الأداء على القيمة المضافة الموظف على هذه العمليات.
فقرة ثانية: في مادة المعلوم على المؤسسات ذات الصبغة الصناعية أو التجارية أو المهنية:

أ‌- بالنسبة للشركة:

طبقا لأحكام الفصل 35 من مجلة الجباية المحلية يستوجب المعلوم على المؤسسات ذات الصبغة الصناعة أو التجارية أو المهنية خاصة من قبل الاشخاص المعنويين الخاضعين للضريبة على الشركات وشركات الأشخاص التي تتعاطى نشاطا يدرج صنف الأرباح الصناعة أو التجارية أو صنف أرباح المهن غير التجارية. ويحتسب المعلوم على أساس 0،2 % من رقم المعاملات المحلي الخام مع حد أقصى يساوي 60000 د وحد أدنى يساوي المعلوم على العقارات المبنية.

وبالنسبة إلى الشركات التي يمتد نشاطها إلى عدة جماعات محلية يتم توزيع المعلوم على المؤسسات ذات الصبغة الصناعية أو التجارية أو المهنية بين الجماعات المحلية المعنية على أساس المساحة المغطاة لكل مركز أو فرع كائن بمنطقة كل جماعة محلية.

على هذا الاساس وبالنسبة للحالة الخاصة فإن الشركة المهنية للمحامين التي تخضع لنظام شركات الأشخاص والشركات المشابهة لها وكذلك الشركات التي لها خصوصيات الشركات خفية الإسم والشركات ذات المسؤولية المحدودة تخضع للمعلوم على المؤسسات ذات الصبغة الصناعية أو التجارية أو المهنية وفق ما سبق. أما في صورة تسجيل خسارة مثبتة بمحاسبة تستجيب للتشريع الجبائي الجاري به العمل فإن المعلوم يحتسب على أساس 25% من الضريبة الدنيا على الدخل أو على الشركات المنصوص عليها بالفصلين 44 و49 من مجلة الضريبة على دخل الاشخاص الطبيعيين والضريبة على الشركات.

ب‌- بالنسبة للشركاء:

طبقا لأحكام الفصل 35 من مجلة الجباية المحلية يستوجب المعلوم على المؤسسات ذات الصبغة الصناعية أو التجارية أو المهنية خاصة على الشركات.

على هذا الأساس وبالنسبة إلى الحالة الخاصة فإن الشركاء في شركة مهنية للمحامين الذي يتعاطون نشاطا خارج إطار الشركة إلى جانب نشاطهم بالشركة المذكورة مطالبون بدفع المعلوم على المؤسسات ذات الصبغة الصناعية أو التجارية أو المهنية على رقم معاملاتهم المتأتي من النشاط المذكور وذلك على أساس 0.2 % من رقم المعاملات المحلي الخام بالنسبة لكل شريك مع حد أقصى يساوي 60000 وحد أدنى يساوي المعلوم على العقارات المبنية المعدة لتعاطي النشاط.

القسم الثالث: الإمتيازات الجبائية الممنوحة للشركات المهنية للمحامين

المحدثة بالقانون عـ65ـدد لسنة 1998 المؤرخ في 20 جويلية 1998

إن التعرض إلى دراسة النظام الجبائي في مادة الإمتيازات الجبائية الشركات المهنية للمحامين يجرنا حتما إلى الوقوف على حقيقة هاته الإمتيازات والحوافز على مستوى قانون الشركات المهنية للمحامين (مبحث أول) ثم التعرض إلى هاته الحوافز والإمتيازات على مستوى مجلة تشجيع الإستمثارات (مبحث ثاني)
مبحث أول: نظام الإمتيازات الجبائية على مستوى قانون الشركات المهنية للمحامين:

فقرة أولى: قانون مهنة المحاماة والإمتيازات الجبائية:

نص الفصل 26 من القانون المتعلق بالشركات المهنية للمحامين على إنسحاب الإمتيازات المنصوص عليها بمجلة تشجيع الإستثمارات لفائدة الخدمات غير المالية إلا أن هذا الفصل لم يحدد هذه الإمتيازات.

غير أنه يتجه الإشارة إلى أن مشروع قانون الشركات المهنية للمحامين تضمن عديد الإمتيازات الممنوحة لهذا الصنف من الشركات وتتمثل:

– منحة إستثمار تساوي 6% من التكاليف الجملية للمشروع بما فيها تكاليف التكوين.

– تمتيع الشركاء المباشرين مهما كان نوع العقد الذي يربطهم بالشركة بنظام التقاعد والحيطة الإجتماعية المنطبق على زملائهم المباشرين للمهنة بصفة منفردة.

– تكفل الدولة بمساهمة الشركات المهنية للمحامين في النظام القانوني للضمان الإجتماعي بعنوان الأجور المدفوعة للأعوان الإداريين الذي وقع إنتدابهم لأول مرة وذلك طوال الخمس سنوات الموالية لتاريخ الإنتداب.

– تمتيع الشركات المهنية للمحامين بمنحة شهرية بثلاثمائة دينار عن كل حامل لشهادة الأستاذية في الحقوق أو ما يعادلها يقع إنتدابه طوال السنوات الثلاث الموالية للإنتداب.

– تمتيع المحامين المكتتبين في رأس المال الأصلي للشركات المهنية للمحامين ذات الشكل التجاري بحق طرح المداخيل المستثمرة من قاعدة الأداء على مداخيلهم وينسحب هذا الطرح في حالة الزيادة في رأس مال الشركة.

– إعفاء الشركات المهنية للمحامين الخاضعة للضريبة على الشركات من دفع الضريبة المذكورة طوال الخمس سنوات اللاحقة لتكوينها.

– إخضاع أنشطة هذه الشركات للأداء على القيمة المضافة بنسبة 6% فقط.

إلا أن هذه الإمتيازات الواردة في مشروع هذا القانون بقيت حبرا على ورق ولم تدخل حيز التنفيذ إلى حد الآن.
المبحث الثاني: الإمتيازات الجبائية في ظل مجلة تشجيع الإستثمارات:

تنقسم هذه الإمتيازات إلى تشجيعات مشتركة وأخرى خاصة.

فقرة أولى : التشجيعات المشتركة: Incitations communes

هذه الإمتيازات تتمثل في:

– إنتفاع الأشخاص الطبيعييون أو المعنويين المكتتبون في رأس المال الأصلي للمؤسسات التي تقوم بالأنشطة المشار إليها بالفصل الأول من مجلة تشجيع الإستثمارات(8) أو في الزيادة في رأس مالها بطرح المداخيل المعاد إستثمارها في حدود 35% من المداخيل أو الأرباح الصافية الخاضعة للضريبة على الدخل أو الضريبة على الشركات، إلا أن الإنتفاع بهذا الطرح يتسوجب توفر عديد الشروط المنصوص عليها بالفصل 7 فقرة 2 من مجلة تشجيع الإستثمارات المتعلقة منها بالخصوص بمسك محاسبة طبقا للقانون المحاسبي للمؤسسات.

– توقيف العمل بالأداء على القيمة المضافة والمعلوم على الإستهلاك بالنسبة للتجهيزات المصنوعة محليا والمعاليم الديوانية على التجهيزات المستوردة والتي لا يكون لها مثيل بتونس بنسبة 10%.

– تكفل الدولة لمدة خمس سنوات بـ 50% من مساهمات المؤجرين في نظام الضمان الإجتماعي وذلك بالنسبة للأجور المدفوعة بعنوان فرق العمل التي تحدث لأول مرة والأعوان من ذوي الجنسيات التونسية المحرزين على شهادة تعليم عالي تدوم على الأقل أربع سنوات..

– تمتيع الشركات المهنية بـمنحة إستثمار ، منحة بعنوان الإستثمارات اللامادية، منحة مساهمة الدولة في مصاريف دراسة مشاريعهم، منحة مساهمة الدولة بعنوان مساعدة فنية ومصاريف إقتناء أراضي مهنية أو محلات لإنجاز مشاريع صناعية أو خدمات وتتكفل الدولة مساهمات المؤجرين في نظام الضمان الإجتماعي وذلك لمدة الخمس سنوات الأولى إبتداءا من الدخول في طور النشاط الفعلي.

– للمستثمرين الذين يقومون ببعث مشاريع في المؤسسات والمهن الصغرى في ميادين الصناعة والصناعات التقليدية والخدمات الإنتفاع بإعتمادات يقع إرجاعها وبمنحة إستثمار.

فقرة ثانية الإمتيازات الخاصة

بالإضافة إلى التشيجعات المشتركة المشار إليها آنفا تنتفع أنشطة المهن الحرة من بينها قطاع المحاماة ببعض الإمتيازات الخاصة ويقع التفريق بين تصدير الخدمات ومؤسسات الخدمات المنتصبة بالمناطق الحرة والإمتيازات التي يقع منحها للباعثين الجدد وكذلك تلك المتعلقة بتشجيع الإستثمارات المساندة الواردة بالفصل 49 من مجلة تشجيع الإستثمارات وكذلك تشجيع مناطق التنمية الجهوية الواردة بالفصل 23 من نفس المجلة.

الخـــــــاتـــــمة

إن أهمية الدور الإقتصادي والإجتماعي التي تلعبه الجباية في قطاع المحاماة مثل غيرها من القطاعات الأخرى تفترض وجود نظام جبائي تدخلي من شانه أن يجعل هذا القطاع مسايرا للتطورات الدولية التي يشهدها قطاع الخدمات عموما ومهنة المحاماة خصوصا، هذا إذا أخذنا بعين الإعتبار المزاحمة التي تشهدها هذه الأخيرة جراء إنتصاب المكاتب الأجنبية ببلادنا.

ففي خصوص الدور الإقتصادي وتماشيا مع تلك المتطلبات فإنه أصبح من الضروري إيجاد نظام جبائي تفاضلي وموحد يأخذ بعين الإعتبار خصوصية الشركات المهنية للمحامين.

فالنظام التفاضلي يفترض سن تشجيعات وإمتيازات جبائية خاصة بهاته المهنة وهو ما يجعل تفعيل الإمتيازات الجبائية الواردة بمشروع القانون المتعلق بالشركات المهنية للمحامين مطلب ضروري لمواكبة نسق التشريعات المقارنة والتي إنخرطت بلادنا فيه وهذا من شانه أن يوفر الضمانات اللازمة لمزاحمة هاته الشركات.

هذا بالإضافة إلى أن هذا النظام التفاضلي غبر توفير إمتيازات خاصة من شأنه أن يفتح آفاق مهنة المحاماة وحماية القطاع من المهن “الدخيلة” المحيطة به كما يساعد على تخصص المحامي في صلب هاته الشركات.

فيما تخص النظام الموحد فهذا يفترض حسب رأينا إيجاد نظام جبائي موحد بين مختلف أصناف الشركات المهنية للمحامين سواء كانت مدنية أو تجارية تأخذ بعين الإعتبار طبيعة الأرباح التي تحققها.

أما الدور الإجتماعي لجباية المحامي فإنه يفترض بدوره إيجاده نظام جبائي ملائم يأخذ بعين الإعتبار خصوصية هذه المهنة وما تواجهه من صعوبات عدة تبدأ منذ مباشرتها.

لذلك فإنه من الضروري تخصيص المحامي المتمرن بنظام جبائي ملائم من شأنه أن يساعده على تجاوز بعض صعوبات هاته المرحلة من ذلك تمتيعه بإعفاء من الضريبة على الدخل طيلة فترة التمرين.
أما في خصوص المطالب الجبائية للمهنة عموما فإنه يتعين:

– التخفيض في نسبة الخصم من المورد حتى لا يقع تعكير الوضعية المالية المتدهورة للمحامي والتي أفضت في بعض الحالات إلى وجود فائض أداء يصعب إسترجاعه.

– التخفيض من نسبة الأداء على القيمة المضافة في حدود 6% بإعتبار أن الخدمات التي يقدمها المحامي يمكن تصنيفها ضمن الخدمات ذات الضرورة القصوى أو ذات البعد الإجتماعي التي تفترض الحط من الأداء على القيمة المضافة الموظف عليها بإعتبار أن الجباية عموما وجباية المحامي بصفة خاصة يجب أن تتجاوز دورها المالي إلى جباية ذات دور إجتماعي.

Share

اترك تعليقاً

Your email address will not be published.