مقال قانوني يشرح الربا في القوانين العربية

الربا في القوانين العربية

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

لقد تعرضت القوانين العربية للربا فذكرت بعض المواد المتعلقة به ولابأس بالتعرض لها:

1 ­ القانون المدني العراقي:

ان الربا في القانون يسمى بـ(التعويض القانوني) أو الفوائد. فالقانون نفسه يقدر مبلغا معينا كتعويض للدائن عند اخلال المدين بتنفيذ التزامه واصابة الدائن بضرر. وهنا صورة واحدة للتعويض القانوني ليس غير. وهي اذا كان محل الالتزام مبلغا من النقود وقت نشوء الالتزام، فان الاخلال في هذه الصورة يكون من المدين.حوادث العمل: يذهب كثير من الفقهاء الى أن نظرية التعويض القانوني تنطبق على حوادث العمل، فالتعويض الواجب للعامل أذا أصيب بضرر في عمله
{460}
يعتبر تعويضا قانونيا داخلا تحت نظرية الفوائد. الا أن بعض الفقهاء1 يذهب الى عدم انطباق نظرية الفوائد على حوادث العمل.

والحجة التي يقدمها لذلك هو أن تعويض العامل نتيجة اصابته بضرر ناشيء عن العمل وليس مصدره اخلال المدين وهو (رب العمل) بتنفيذ التزامه، اذ أن نظرية الفوائد تكون في صورة الاخلال من المدين ويعوض الدائن عن تأخر المدين في تنفيذ التزامه ولكن القانون ألزم رب العمل بالتعويض ليس من جهة اخلاله بتنفيذ التزامه وانما من جهة القاعدة المعروفة (الغرم بالغنم) فمادام رب العمل يغنم من عمل العامل فهو الذي يتحمل غرمه، بالاضافة الى أن التعويض عن حوادث العمل لايشملها النص القانوني، فالمادة (171) من القانون المدني العراقي تنص على أنه «اذا كان محل الالتزام مبلغا من النقود وكان معلوم المقدار وقت نشوء الالتزام وتأخير المدين في الوفاء به كان ملزما أن يدفع للدائن على سبيل التعويض فوائد قانونية»2 فان حوادث العمل ليست مبلغا من النقود معلوم المقدار وقت نشوء الالتزام.شروط استحقاق الفوائد القانونية:

هناك شروط عامة تجعل المدين مسؤولا عن الدين هي:
1 ­ الخطأ من المدين.
2 ­ الضرر الذي يصيب الدائن.
3 ­ علاقة سببية بين الخطأ والضرر.
4 ­ عدم وجود شرط على استبعاد المسؤولية التعاقدية.
______________________________
(1) احكام الالتزام/ د. عبد المجيد الحكيم ص48.
(2) نفس المصدر السابق.

{461}
5 ­ الاعذار.
وبالرغم من عدم تحقق بعض هذه الشروط، فان القانون يحكم بوجودها لاستحقاق التعويض القانوني، فقد يتأثر المدين من دون وجود خطأ من قبله. وقد لايصيب الضرر الدائن نتيجة خطأ المدين. واذا ادعى الدائن الضرر قد أصابه فعليه أن يثبته لانه هو المدعي الا أننا نجد القانون قد حور من هذه الشروط لاستحقاق التعويض القانوني. فبالنسبة للخطأ فقد اعتبر القانون مجرد التأخير من قبل المدين خطأ يوجب مسؤوليته، واعتبر المشرع وجود الضرر واعتبره ناتجا عن خطأ المدين واستبدل الاعذار بالمطالبة القضائية.

والشروط اللازمة لاستحقاق الفوائد القانونية هي:

1 ­ محل الالتزام مبلغ من النقود معلوم المقدار وقت نشوء الالتزام، فنصت المادة (171) «اذا كان محل الالتزام مبلغا من النقود…» وأمثلة المحل اذا كان مبلغا من النقود التزام المقترض برد القرض، أو التزام المشتري بدفع ثمن المبيع، أو التزام المستأجر بدفع الاجرة وغيرها، فاذا لم يكن محل الالتزام مبلغا من النقود أول الامر وأصبح فيما بعد مبلغا من النقود فلايكون خاضعا للفوائد القانونية.

ونصت المادة(171) «… وكان معلوم المقدار وقت نشوء الالتزام» فلابد أن يكون المبلغ محددا عند نشوء الالتزام، فاذا أتلف مال الغير وحكم عليه بالتعويض فالمبلغ من المال الناشيء من التعويض غير خاضع للفوائد القانونية، لانه وقت نشوء الالتزام غير محدد.

2 ­ تأخر المدين في الوفاء: ان مجرد تأخر المدين في تنفيذ الالتزام من النقود يكفي للحكم بالسعر الذي يحدده القانون من الفوائد ونصت المادة السابقة «….وتأخر المدين في الوفاء به..».
{462}
3 ­ المطالبة القضائية: ونصت المادة السابقة «…. وتسري هذه الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية بها…» وبما أن الفوائد من الربا المحرم شرعا فلم يكتف القانون بالاعذار وانما اشترط المطالبة القضائية، وأن يطلب الفوائد زيادة على أصل الدين، فاذا لم يذكر الفوائد مع الدين، وقدم طلبا اضافيا بالفوائد فعلى المحكمة أن ترد طلبه بل لابد له في هذه الحالة أن يرفع دعوى مستقلة للمطالبة بالفوائد، على أن الفوائد لاتسري الا من تاريخ الدعوى الثانية.

الا أن هناك استثناءا من هذه القاعدة فيجوز مخالفتها لانها ليست من النظام العام فنصت المادة السابقة «…. ان لم يحدد الاتفاق أو العرف التجاري تأريخا آخر لسريانها.
وهذا كله مالم ينص القانون على غيره» فقد يتفق الطرفان على أن الفوائد تسري من تأريخ حلول الدين أو من تأريخ ثبوته في الذمة، وقد يقتضي العرف التجاري احتساب الفوائد بتأريخ آخر كما في الحساب الجاري فانها تسري من وقت الخصم او الاضافة، وقد نص القانون نفسه على نصوص مبعثرة في القانون تقضي باحتساب الفوائد من اول الوقت، منها:

1 ­ نصت المادة (927) بمايلي «ليس للوكيل أن يستعمل مال الموكل لصالح نفسه وعليه فوائد المبالغ التي أستخدمها لصالحه من وقت استخدامها».
2 ­ نصت الفقرة الاولى من المادة (572) بما يلي:«لاحق للبائع في الفوائد القانونية عن الثمن المستحق الاداء الا اذا أعذر المشتري أو سلمه الشيء المبيع وكان هذا قابلا أن ينتج ثمرات أو ايرادات أخرى وذلك مالم يوجد اتفاق او عرف يقضي بغيره».

3 ­ نصت الفقرة الاولى من المادة(642) مدني «اذا أخذ الشريك مبلغا من مال الشركة أو احتجزه لزمته فوائد هذا المبلغ من يوم أخذه أو احتجازه
{463}

دون حاجة الى انذار وذلك من غير اخلال بما قد يستحق للشركة من تعويض تكميلي عند الاقتضاء»1.الفوائد المحددة في القانون:
حدد القانون سعر الفائدة، ولكنه أجاز النزول والصعود عليها، فالتحديد حينئذ يكون للموارد غير المحددة. وسعر الفائدة 4 في المائة في المسائل المدنية و5 في المائة في المسائل التجارية واجاز التجاوز مالم يتجاوز7 في المائه.الشروط: والمشرع حذر من الشروط التي يفرضها الدائن على المدين اذا كانت الشروط تزيد من مقدار الفائدة فيجب تخفيضها الى 7 في المائة فنصت الفقرة الثانية من المادة (172) بمايلي «وكل عمولة أو منفعة أيا كان نوعها اشترطها الدائن اذا زادت هي والفائدة المتفق عليها على الحد الاقصى المتقدم ذكره تعتبر فائدة مستترة وتكون قابلة للتخفيض اذا ثبت أنها ­ العمولة والمنفعة ­ لاتقابلها خدمة حقيقية يكون الدائن قد أداها ولامنفعة مشروعة» بالاضافة الى أنه اذا تسبب بسبب الدائن خطأ اطالة أمد النزاع فان المشرع أجاز تخفيضها أو عدم القضاء بها أصلا. وأجاز المشرع زيادة الفوائد اذا كان الضرر المصيب للدائن يجاوز الفوائد وقد تسبب فيه المدين بغشه او بخطأه الجسيم وعلى الدائن اثبات ذلك2.الفوائد المركبة او متجمد الفوائد:
وهي الفوائد التي تزيد على رأس المال، وهي: «أن تلحق الفوائد التي ستحقت ولم تدفع براس المال لتصبح جزءا منضما اليه، تنتج، كما ينتج راس المال الاصلي، فوائد قانونية أو اتفاقية»2 فقد منع القانون أخذ فوائد مركبة
______________________________
(1) نفس المصدرالسابق ص53، 54.
(2) نفس المصدر ص55.
{464}
أو أخذ فوائد على متجمد الفوائد في غير المسائل التجارية. كما منع القانون استيفاء فوائد تزيد على رأس المال في غير المسائل التجارية أيضا.خصائص التعويض القانوني:

يمكن تلخيصها في ثلاث:
1 ­ ان القانون هو الذي قدر التعويض.
2 ­ ان القانون إفترض وقوع الضرر على الدائن، ولايقبل اثبات العكس.
3 ­ ان القانون جعل سريان الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية.

1 ­ القانون تولى بنفسه تقدير التعويض: ان صعوبة تقدير مقدار الضرر هو الذي جعل المشرع يقدر التعويض، اذ أن هناك عوامل تقدر الضرر ومقدار النفع، منها كمية النقد، والاحوال السياسية، والاستقرار المالي للدولة وغيرها وتحديد هذه العوامل من الصعوبة بمكان بالنسبة للحاكم، لذا تكفل القانون تقدير التعويض ووضع حد أعلى للفائدة. ولكن الملاحظ هنا أن هذه العوامل المتقدمة ليست دائما تولد نفعا للدائن حتى يعوض هذا النفع، اذ ربما يكون رجوع الاموال الى الدائن غير مصاحب الاستغلال في توليد النفع، فلاتعويض حينئذ للضرر اذ لاضرر.

2 ­ القانون افترض الضرر: وهنا افترض القانون وجود الضرر، فان الفقرة الاولى من المادة (173)3 مدني «لايشترط لاستحقاق الفوائد التأخيرية، قانونية كانت او اتفاقية أن يثبت الدائن أن ضررا قد لحق به من هذا التأخير». ومن هذا النص نرى أن الدائن لايشترط أن يثبت الضرر، وهذا لايعني أن لايوجد الضرر أصلا كما ذكرنا في تقدير التعويض.
ولكن نقول: ان هذا خروج على القاعدة العامة التي تشترط أن يثبت الدائن الضرر نتيجة تأخر المدين في تنفيذ التزامه، وتسمح للمدين أن يثبت العكس
{465}

نتيجة تأخره أو عدم تنفيذه. فاذا لم يوجد ضرر أصلا في الواقع أو في الثبوت لايجب التعويض القانوني، فان القانون افترض الضرر ولم يشترط اثباته.

3 ­ ضرورة المطالبة القضائية: ان القاعدة العامة تقتضي استحقاق التعويض بمجرد اعذار المدين، ولكن القانون هنا اعتبر ضرورة المطالبة القضائية، وكأنه أراد أن يقلل من صور الربا المحرم شرعا.

ومن خلال الربا في القانون نلاحظ ان القانون يساعد على اثبات التعويض القانوني (الفوائد) مرة كما في افتراض الضرر ولايشترط على الدائن اثباته ولايجوز اثبات العكس، مرة أخرى نراه وكأنه يريد أن يقلل من الفوائد كما في تحديد مقدار الفوائد أو ضرورة المطالبة القضائية، ولايفيد الطلب الاضافي في المطالبة بالفوائد بل لابد من أن ينشىء طلبا جديدا بالفوائد ولاتسري الفوائد الا من تأريخ المطالبة بها. وهاتان صورتان متعاكستان للنظرة الى الفوائد قد جمعا في القانون العراقي. ومادام المشرع يحس بقبح الربا ويريد أن يقلل منه يجعل الشروط المقدمة لعرقلة ارتفاع سعر الربا مثلا أو سيره في صورة أخرى، فلماذا لايحرمه اذن؟.

وجواب هذا السؤال هو: أن المشرع قد يكون مكرها على اباحته في القانون نتيجة سياسة الدولة المشرع لها القانون باعتبارها خاضعة لسيطرة أجنبية «رأسمالية» كما في العراق الذي استعمر من قبل بريطانيا ووضع القانون المدني العراقي في هذه الفترة.2 ­ الربا في القوانين العربية الاخرى: مصر، لبنان، سوريا، ليبيا.
اولا ­ مصر:
أ ­ حرم القانون المصري تقاضي الفوائد على متجمد الفوائد1 فنص
______________________________
(1) وقد كان القانون المدني السابق يجيز تقاضي الفوائد على متجمد الفوائد بشرطين، راجع السنهوري مصادر الحق في الفقه الاسلامي 3/245.
{466}
في صدر المادة (232) على أنه «لايجوز تقاضي فوائد على متجمد الفوائد» وحرم القانون المدني الربا المحرم تحريم المقاصد فنهى عنه في عبارة حاسمة.
ب ­ وضع القانون المصري حدا أقصى لسعر الفائدة هو7 في المائة ولايجوز الاتفاق بين الدائن والمدين على أكثر من السعر القانوني، واذا اتفق الطرفان على فوائد أكثر من السعر القانوني وجب ان تخفض الى 7 في المائة ويتعين رد الزائد على السعر القانوني1.
ج ­ «فاذا لم يكن هناك اتفاق على فوائد أعتبر القرض بغير أجر» المادة (242) مدني، والفائدة في المسائل المدنية4 في المائة وفي المسائل التجارية 5 في المائة2.
د ­ لاتسري فوائد التأخير عن الوفاء الا اذا طالب بها الدائن مطالبة قضائية، ويلزم أن تكون المطالبة برأس المال مع الفوائد لا المطالبة برأس المال وحده.
هـ ­ لايجوز أن تكون مجموع الفوائد التي يتقاضاها الدائن أكثر من رأس المال (م232 مدني) وهو الربا المضاعف أي أضعافا مضاعفة.
ثانيا ­ لبنان، سوريا، ليبيا:
أ ­ حرمت التقنينات العربية، السوري في صدر المادة(233) والليبي في صدر المادة (235) تقاضي الفوائد على متجمد الفوائد، ولكن تقنين الموجبات والعقود اللبناني يجيز تقاضي الفوائد على متجمد الفوائد بشروط3.
ب ­ التقنين السوري وضع حدا اعلى للفائدة هو 9 في المائة والليبي 10
______________________________
(1) والقانون السابق سعر الفائدة 8 في المائة.
(2) نفس المصدر السابق ص245 ومابعدها للتوسع.
(3) راجع السنهوري مصادر الحق3/247.
{467}
في المائة أما تقنين الموجبات والعقود اللبناني لم يضع حدا أقصى للسعر الاتفاقي ولكن اشترط أن يعين كتابة سعر الفائدة المتفق عليها، واذا لم يعين سعر الفائدة فتجب فائدة السعر القانوني 9 في المائة.
ج ­ اتفق القانون السوري والليبي أنه اذا لم يكن هناك اتفاق على تقاضي فوائد فلاتتقاضى، وكذلك اتفقا على السعر القانوني للفوائد التأخيرية وهو 4 في المائة في المسائل المدنية و5 في المائة في المسائل التجارية، أما القانون اللبناني9 في المائة.
د ­ لاتسري فوائد التأخير الا من وقت المطالبة القضائية بها في القانون السوري والليبي، أما اللبناني فتسري من وقت الانذار ولاضرورة للمطالبة القضائية.
هـ ­ اتفق القانون السوري والليبي وقانون المرابحة العثماني في لبنان على عدم جواز تقاضي فوائد اكثر من رأس المال.
والاختلاف في هذه القوانين مع أن الواضع لها هو السنهوري يؤيد ماقلناه من أن سياسة الدولة اذا تسلط عليها أصحاب البنوك ينتج سيطرتهم على تشريعات الدولة ­ وبما أن سياسة الدولة كانت سياسة تابعة للمصالح الاستعمارية، وأصحاب البنوك هم المسيطرون على سياسة الدولة المستعمرة ­ لذا نرى التشريعات كلها بصالح النظام الراسمالي مع أن المشرع يحس بقبح هذا الامر.

منقوول

شارك المقالة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.