نصت الفقرة (2) من المادة (2) من قانون ضريبة الدخل العراقي المرقم 113 لسنة 1982 المعدل على إخضاع ( القطع ) لضريبة الدخل ولم تفصح الفقرة ماذا يقصد بالقطع إذ أنها وردت بشكل مطلق ولكن يمكن القول أن القطع ( الخصم ) هو عقد بمقتضاه يدفع المصرف قيمة الورقة التجارية قبل ميعاد الاستحقاق مقابل تظهيرها للبنك تظهيراً ناقلاً للملكية وخصم أجر البنك من قيمتها الأسمية متضمناً فائدة المبلغ المدفوع عن المدة من تاريخ الخصم حتى تاريخ الاستحقاق(1) . أما الخصم في قانون التجارة العراقي فهو اتفاق يتعهد المصرف بمقتضاه بأن يدفع مقدماً قيمة الورقة التجارية أو أي صك آخر قابل للتداول الى المستفيد في الصك مقابل نقل ملكيته الى المصرف مع التزام المستفيد برد القيمة الى المصرف إذا لم يدفعها المدين الأصلي(2) . يتضح من خلال التعريف أن الخصم هو عملية مصرفية مصدرها العقد . وفي عملية الخصم فائدة لكلا الطرفين مالك الورقة والمصرف فبالنسبة الى مالك الورقة تتيح له الحصول على المال اللازم عاجلاً قبل ميعاد استحقاقها ، وبالنسبة الى المصرف فأن الخصم عملية اقتصادية مربحة لأن المصرف لايدفع قيمة الورقة كاملة وإنما يقتطع جزءاً من هذه القيمة فيستفيد من ذلك ، كما أن الخصم يعتبر وسيلة بيد المصرف تتيح له توظيف أمواله في استثمارات قصيرة الأجل ، فضلاً عن ذلك فإن باستطاعة المصرف إعادة خصم الصك لدى مصرف آخر كالبنك المركزي مثلاً(3) . وعموماً فإن الفرق بين القيمة الأصلية للورقة التجارية والمبلغ الذي يدفعه المصرف الى مالك الورقة يتألف من جزأين هما :
الجز ء الأول :- يتمثل بالفائدة التي يأخذها المصرف عن المبلغ الذي يدفعه الى مالك الورقة التجارية وتحتسب الفائدة عن المبلغ المذكور من تاريخ عملية الخصم الى تاريخ استحقاق الورقة وبمعدل فائدة معين .
الجزء الثاني :- يتمثل بالعمولة التي يحصل عليها المصرف مقابل الخدمة التي يقدمها الى صاحب الورقة التجارية ومما تجدر الإشارة اليه أن عملية الخصم تؤدي الى نقل ملكية الورقة التجارية من صاحبها الأصلي أو المستفيد الى المصرف مع التزام صاحب الورقة التجارية برد القيمة الى المصرف إذا لم يدفعها المدين الأصلي ، وعليه فإن المبالغ التي يحصل عليها المصرف من عملية القطع أو الخصم تخضع لضريبة الدخل باعتبارها دخلاً عن رأس مال منقول(4) .
ويذهب البعض من الكتاب(5). الى أنه ليس هناك مسوغ لذكر عبارة القطع (الخصم) ضمن الفقرة (2) من المادة الثانية لكونها من الاعمال المصرفية فضلاً عن أن عملية الخصم تخضع لضريبة الدخل استناداً الى الفقرة (1) من المادة الثانية نفسها باعتبارها عملاً تجارياً لكون القطع يعد من الاعمال التجارية(6) . ونحن نؤيد هذا الرأي أيضاً لتجنب التكرار الذي يضعف النص القانوني . ويعد في حكم الخصم مكافآة السداد والأنصبة التي تجريها الشركة لكونها مشتقة منها بالرغم من أنها ليست ذات طابع دوري(7) .
أما عن موقف التشريعات الضريبية من الخصم فهي كما يأتي :-
أولاً :- موقف التشريع الضريبي الأردني :-
لقد أخضع المشرع الضريبي الأردني الخصم أو كما يسميها الخصميات لضريبة الدخل فنص عليها صراحة في المادة 3/ أ/3 من قانون ضريبة الدخل الأردني رقم (57) لسنة 1985 المعدل على أنه يخضع لضريبة الدخل (الفوائد والعمولات والخصميات …) ويدخل الخصم ضمن الأعمال التجارية والصناعية في حساب الأرباح والخسائر وتكون جزءاً من الأرباح الصافية وتشمل (الخصميات) كل أنواع الخصميات مهما كان شكلها .
ثانياً :- موقف التشريع الضريبي المصري :-
لدى إطلاعنا على قانون ضريبة الدخل المصري المرقم 187 لسنة 1993 (الضريبة الموحدة) لم ينص صراحةً على الخصم أو القطع ولكن نص عليه بشكل عرضي في الفقرة (1) من المادة(6) اذ نص على إخضاع (العوائد وغيرها مما تنتجه السندات وأذونات الخزانة …) ويستفاد من ذلك أن المشرع المصري أخضع للضريبة كل ماتنتجه السندات وأذونة الخزانة من إيرادات (الفوائد ، مكافأة التسديد ، الأنصبة) ، وكذلك فعل من خلال نص المادة (111) مكرر . اما في ظل القانون المرقم (91) لسنة 2005 فقد نص في المادة (31) على إعفاء العوائد من ضريبة الدخل .
ثالثاً :- موقف التشريع الضريبي السوري :-
لو تفحصنا قانون ضريبة الدخل السوري المرقم (24) لسنة 2003 لوجدنا أنه لم ينص صراحة على الخصم إلا أنه يمكن الاستفادة من الفقرة (أ) من المادة (83) من القانون أنه أخضع للضريبة (… جوائز السحب وجوائز التسديد …) ويدخل من ضمنها مكافآت التسديد والأنصبة كما يمكن الاستفادة من نص الفقرة (أ/2) من المادة (2) التي تنص على إخضاع (المؤسسات المالية بما فيها المصارف وأعمال الصرافة وشركات التأمين ومؤسسات التوفير) ويدخل ضمن الاعمال المصرفية الخصم أيضا. من كل ماتقدم يتضح أن موقف كل من التشريعين العراقي والأردني فيما يتعلق بإخضاع الخصم لضريبة الدخل متشابه الى حدما وذلك من خلال النص صراحة عليها ضمن الدخل المتأتي من رأس المال بخلاف التشريعين المصري والسوري اللذين لم ينصا على إخضاع الخصم لضريبة الدخل صراحة ولكن يمكن الاستفادة من نصوص القانون التي نصت على إخضاع جميع الاعمال المصرفية لضريبة الدخل في الباب الخاص بالأعمال التجارية والصناعية . وأن هذا الاختلاف يرجع الى طبيعة النظام المعتمد من قبل كل دولة فيلاحظ أن التشريعين العراقي والأردني يأخذان بنظام قريب من الضريبة العامة على الدخل ، أما المشرع السوري فيأخذ بنظام الضريبة النوعية على الدخل ، والمشرع المصري يأخذ بنظام الضريبة الموحدة على الدخل .
___________________________
[1]- جهاد سعيد خصاونة ، مصدر سابق ، ص172 .
2- الفقرة (1) من المادة (391) من قانون التجارة العراقي المرقم 30 لسنة 1984 المعدل .
3- د. أكرم ياملكي ود.فائق الشماع ( القانون التجاري ) ، مطبعة جامعة الموصل ، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ، 1980 ، ص409 .
4- د. صالح يوسف عجينة ، مصدر سابق ، ص177 ؛ د. هشام العمري ( الضرائب على الدخل ) ، مصدر سابق ، ص12 .
5- صادق الحسيني (ضريبة الدخل ) ، مصدر سابق ، ص106 .
6- تنص المادة الخامسة من قانون التجارة العراقي النافذ المرقم (30) لسنة 1984 المعدل على ما يأتي(تعتبر الأعمال التالية أعمالاً تجارية إذا كانت بقصد الربح … ثالث عشر – عمليات المصارف ) .
7- مكافأة السداد : هي عبارة عن الفرق بين سعر إصدار السند وقيمته عند السداد ، أما الأنصبة : فهي تلك المبالغ المستحصلة في لجوء الشركات الى الاقتراض من الجمهور بفائدة قليلة ، ولأجل ترغيبهم في الاكتتاب في سنداتها بإجراء قرعة تمنح أصحاب السندات الفائزة فيها أنصبة وجوائز فضلاً عن الفوائد المتفق عليها . انظر :د. صالح عجينة ، مصدر سابق ، ص ص177-179 .
المؤلف : عبد الباسط علي جاسم الزبيدي
الكتاب أو المصدر : وعاء ضريبة الدخل في التشريع الضريبي العراقي
الجزء والصفحة : ص236-238
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً