نصت الفقرة (2) من المادة (2) من قانون ضريبة الدخل العراقي النافذ على إخضاع (الفوائد والعمولة …) لضريبة الدخل . يتضح من خلال النص أن المشرع الضريبي العراقي لم يحدد المقصود بالعمولة ولم يحدد أنواعها وأحكامها . الأمر الذي يتطلب الرجوع الى القانون التجاري لمعرفة ماهية العمولة وأنواعها . وعليه فإن العمولة هي الأجر أو المبلغ المحدد الذي يتقاضاه الوسيط نتيجة لتوسطه بالعمولة كالسمسار (الدلال) والممثل التجاري أو الوكالة التجارية والوكالة بالعمولة(1). والوكالة عامة هي عقد يقيم به شخص غيره مقام نفسه في تصرف جائز ومعلوم وتعد تجارية إذا انصرفت إلى إجراء المعاملات التجارية بأسم الغير ولحسابه(2) . وعموماً بعد أن حدد المقصود بالعمولة لابد من الإشارة إلى الأشخاص الذين يتقاضون العمولة وهم كما يأتي :
أولاً :-الدلال :-
الدلالة هي عمل يبتغي القائم به تسهيل إبرام عقد من العقود لقاء أجرة(3). أما الدلال فهو الشخص الطبيعي أم المعنوي الذي يمتهن الدلالة(4) ، وتكون أعمال الدلالة على أربعة أنواع(5). هي :-
1-الدلالة في التصرفات القانونية المتعلقة بالعقار .
2-الدلالة في بيع المركبات وشرائها وتأجيرها .
3-الدلالة في محلات المزاد العلني .
4-الدلالة في بيع المنتوجات الزراعية والصناعية والأموال الأخرى وشرائها .
وقد اشترط القانون في الدلال إذا كان شخصاً معنوياً أن يكون في شكل شركة يملك أسهمها عراقيون مقيمون في العراق ومسجلة على وفق قانون الشركات(6) . والأصل أن الدلال ليس وكيلاً يقوم بإبرام العقد باسم طرف أو آخر من أطراف العلاقة القانونية ، بل هو وسيط يقتصر دوره على تقريب وجهات النظر بين طرفي العلاقة القانونية بإجراء تصرف قانوني معين ، فهو يتوسط بين البائع والمشتري في عقد البيع ويقرب بين المستأجر والمؤجر في عقد الإيجار وهكذا . وعليه فإن الدلال لا يدخل طرفاً في العلاقة القانونية إلا إذا كان بناء على موافقة أحد أطراف العقد فيكون في هذه الحالة وكيلاً ودلالاً في آن واحد(7) . والدلال هو من اتخذ الدلالة حرفة له ، أي أن الدلالة لاتعد من الأعمال التجارية إلا إذا كانت تزاول على وجه الاحتراف .
ثانياً :- الوكيل التجاري :-
تعرف الوكالة التجارية بأنها عمل تجاري يقوم به في العراق شخص بصفة وكيل عن شخص طبيعي أو معنوي من خارج العراق سواء أكانت وكالة تجارية أم وكالة بالعمولة أم تمثيلاً تجارياً وأية وكالة تجارية أخرى منصوص عليها في القوانين الخاصة بالتجارة والشركات والنقل(8) . أما الوكيل التجاري فهو الشخص الطبيعي أو المعنوي الذي يقوم بأي عمل من أعمال الوكالة التجارية المنصوص عليها في البند أولاً من هذه المادة(9) . ويعتبر الوكيل التجاري نائباً عن الأصيل وتنصرف آثار الوكالة الى الموكل مباشرةً فيقترب من ذلك من الوكالة المدنية التي تعرفها المادة 927 من القانون المدني بأنها عقد يقيم به شخص غيره مقام نفسه في تصرف جائز معلوم . إلا أن الوكالة التجارية تختلف عن الوكالة المدنية في أن الأولى تعتبر من عقود المعاوضة إذ يفترض أنها تمت بأجر وبمقابل إلا إذا اتفق على غير ذلك بينما تعتبر الوكالة المدنية كقاعدة عامة من عقود التبرع(10). وللوكيل ثلاثة أنواع من الأعمال هي :
1-الوكالة التجارية :- هي عقد يتعهد بمقتضاه الوكيل بأن يجري بأسم الموكل ولحسابه تصرفاً قانونياً مقابل أجر.
2-الوكالة بالعمولة :- تعتبر الوكالة بالعمولة من أهم أعمال الوساطة والوكالة بالعمولة هي عقد يقوم بمقتضاه شخص باسمه ولكن لحساب غيره بإبرام صفقة تجارية لقاء أجر يطلق عليه عمولة(11) . فالوكيل بالعمولة يتعهد بموجب الوكالة على أن يجري باسمه تصرفاً قانونياً لحساب الموكل . أي أن الوكيل بالعمولة هو الملتزم دون غيره تجاه من يتعاقد معه (الغير) لذلك يعتبر أصيلاً في التعاقد مع الغير فيكون ملزماً بجميع الالتزامات التي تنشأ عن العقد . ومما تجدر الإشارة اليه أن الوكيل بالعمولة يختلف دوره عن دور الدلال الذي يقتصر عمله على تقريب وجهات النظر بين طرفي العقد ، فالوكيل بالعمولة يضع نفسه محل الموكل عند قيامه بالصفقة أي يعقد العقد باسمه ولكن لحساب موكله دون أن يظهر أسم الموكل وإلا تحول العقد الى وكالة تجارية . وتعتبر الوكالة بالعمولة عملاً تجارياً إذا تمت ممارستها على وجه الاحتراف وبصيغة المشروع . وقد الزم قانون ضريبة الدخل الوكيل بالعمولة بمسك سجلات وتقديم حساباته السنوية بنشاطه .
3-التمثيل التجاري :- نوع من أنواع الوكالة التجارية يقصد به اتفاق بين طرفين يتعهد بمقتضاه طرف يسمى الممثل التجاري بإبرام الصفقات بأسم ولحساب الطرف الآخر وهو الموكل ، بصورة مستديمة في منطقة معينة(12) . والممثل التجاري هو شخص ينوب عن شخص آخر يكلفه القيام بأعماله التجارية سواء أكان ذلك في محل تجارته أم في محل آخر(13) . ويختلف التمثيل التجاري عن الوكالة بالعمولة إذ أن الممثل التجاري يحتفظ بتنظيم واستقلال خاصين بينما الوكيل بالعمولة يخضع لتوجه وتعليمات الأصيل (الموكل)(14) ، أي أن هناك رابطة تبعية بين الموكل والوكيل ، كما يختلف الدلال عن الممثل التجاري في أن الأول يكون حراً في عمله أي لا يرتبط في عمله بشخص أو عمل معين(15) . بينما الممثل التجاري لابد أن يمثل في عمله المعتاد محلاً أو عدة محال تجارية ولا يجوز له أن يشتغل لحساب شخص آخر ومع ذلك فإن الدلال يتفق مع الممثل التجاري في أن كلاً منهما لا يلتزم بما يرتبه العقد من التزامات(16).
ومما تجدر الإشارة إليه أن جميع الأرباح الناتجة عن أعمال العمولة بجميع أشكالها سواء الدلالة أم الوكالة التجارية تخضع لضريبة الدخل في حالة دفعها مقابل تلك الأعمال لشخص طبيعي أو معنوي ، وسواء أكانت تلك الأعمال تمارس على سبيل الامتهان أم كانت عارضة ومهما كان شكل المقابل سواء أكان أجراً ثابتاً أم على شكل نسبة من القيمة وقد أيدت هذا الاتجاه محكمة استئناف الاسكندرية في حكم لها بتاريخ 25/4/1949(17). وأن هذه الأعمال لا تقتصر على التجارة فقط وأنما تشمل المبالغ التي يدفعها المحامي للوسطاء بينه وبين المتقاضين تخضع للضريبة وأيدت ذلك محكمة النقض المصرية في الطعن رقم 192 س 37 ق/ جلسة 3/4/1974(18) . وبالرجوع الى قانون ضريبة الدخل العراقي رقم 113 لسنة 1982 المعدل نجد أنه أخضع (العمولة)(19). لضريبة الدخل ، ولكن العمولة تعتبر من الأعمال التجارية التي نص عليها قانون ضريبة الدخل في الفقرة الأولى من المادة الثانية استناداً الى الفقرة (16) من المادة (5) من قانون التجارة العراقي رقم 30 لسنة 1984 المعدل الذي نص على اعتبار (الوكالة التجارية والوكالة بالعمولة والوكالة بالنقل والدلالة وأعمال الوساطة التجارية الأخرى ) أعمالاً تجارياً إذا كانت بقصد تحقيق الربح . لذا فإن النص عليها في فقرة مستقلة (الفقرة الثانية) يعتبر تكراراً لامسوغ له . وعليه نحن نقترح حذف عبارة (العمولة) من الفقرة الثانية من المادة الثانية والإبقاء على الفقرة الأولى من المادة نفسها . أما عن موقف التشريعات الضريبية المقارنة فقد أخضع المشرع الضريبي الأردني (المكاسب الناجمة عن أي عقد في المملكة كأرباح … وعمولات الوكالات واتفاقيات التمثيل والوساطة التجارية سواء كان مصدرها من داخل المملكة أو من خارجها)(20).
أما موقف التشريع الضريبي المصري فقد أخضع لضريبة الدخل (الأرباح التي تتحقق نتيجة العملية أو العمليات التي يقوم بها السماسرة والوكلاء بالعمولة وبصفة عامة كل ربح يحققه أي شخص أو أي شركة أو وكالة أو مكتب يشتغل بأعمال الوساطة بشراء أو بيع أو تأجير العقارات أو أي نوع من السلع والخدمات أو القيم المنقولة)(21). كما أن الضريبة تسري على أي مبلغ يدفع لأي شخص طبيعي أو معنوي على سبيل العمولة أو السمسرة ولو كان دفع هذا المبلغ عملاً عارضاً لا يتصل بمباشرة مهنته ، وذلك دون أي تخفيض سواء لمواجهة التكاليف أو الأعباء العائلية(22) . أما المشرع الضريبي السوري فقد أخضع لضريبة الدخل أيضا(… والوسطاء بالعمولة عدا السمسار العاديين…)(23) . وقد أحال قانون ضريبة الدخل السوري كل ما يتعلق بالوسطاء بالعمولة الى قانون التجارة السوري رقم 144 لسنة 1949 في المواد (374 ،375 ، 386). من كل تقدم يتضح أن معظم التشريعات الضريبية أخضعت الأرباح المتحققة عن العمولة لضريبة الدخل .
__________________________
[1]- د. هشام صفوت العمري ( الضرائب على الدخل ) ، مصدر سابق ، ص11 .
2- د. عدنان أحمد ولي ، مصدر سابق ، ص92 .
3،،4،5- من المادة (2) من قانون الدلالة رقم 58 لسنة 1987 الوقائع العراقية ، المجموعة الشهرية ، حزيران ، 1987.
6- الفقرة (2) من المادة (3) من قانون الدلالة رقم 58 لسنة 1987 فضلاً عن الشروط الأخرى (أن يتخذ اسماً تجارياً ، متفرغاً للمهنة في محل خاص به داخل العراق ، حاصلاً على إجازة ممارسة المهنة ) انظر البنود (د،هـ،و) من الفقرة (1) من المادة (1) من قانون الدلالة رقم 58 لسنة 1987 .
7- د. باسم محمد صالح ( القانون التجاري ) ، مصدر سابق ، ص84 .
8- الفقرة (1) من المادة (3) من قانون تنظيم الوكالة التجارية رقم 26 لسنة 1994 ، المنشور في الوقائع العراقية العدد (3538) في 21/11/1994 .
9- الفقرة (2) من المادة (3) من القانون نفسه .
10- المادة (940) من القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951 المعدل .
11- د. أكرم ياملكي (الوجيز في شرح القانون التجاري) ، ج1 ، ط3 ، بغداد ، 1971 ، ص78 .
12- د. باسم محمد صالح (القانون التجاري ) ، مصدر سابق ، ص83 .
13- صالح يوسف عجينة ( ضريبة الدخل في العراق ) ، مصدر سابق ، ص141 .
4[1]- د. باسم محمد صالح ( القانون التجاري ) ، مصدر سابق ، ص83 .
5[1]- أيدت ذلك محكمة النقض المصرية في الطعن رقم 959 لسنة 59ق/ جلسة 13/5/1996 مشار اليه في : موريس صادق ( قضاء منازعات الضرائب ) ، مصدر سابق ، ص162 .
6[1]- صالح يوسف عجينة ( ضريبة الدخل في العراق) ، مصدر سابق ، ص142 ؛ باسم محمد صالح ( القانون التجاري ) ، مصدر سابق، ص82 .
7[1]- مشار اليه في : ممدوح عبد الحميد الهياتمي ( الحصر الضريبي – دراسة مقارنة تحليلية للتشريع الضريبي المصري ) ، أطروحة دكتوراه، مقدمة الى كلية الحقوق ، جامعة طنطا ، 1993 ، ص297 .
8[1]- مشار اليه في : المصدر نفسه ، ص298 .
9[1]- الفقرة (2) من المادة (2) من قانون ضريبة الدخل العراقي النافذ .
20- البند (4) من الفقرة (أ) من المادة (3) من قانون ضريبة الدخل الأردني رقم 57 لسنة 1985 المعدل .
21- المادة (17) من قانون ضريبة الدخل المصري رقم 187 لسنة 1993 . والفقرة (4) من المادة (9) من القانون رقم (91) لسنة 2005 .
22- ا لمادة (18) من القانون نفسه .
23- البند (6) من الفقرة (أ) من المادة (2) من قانون ضريبة الدخل السوري رقم 24 لسنة 2003 .
المؤلف : عبد الباسط علي جاسم الزبيدي
الكتاب أو المصدر : وعاء ضريبة الدخل في التشريع الضريبي العراقي
الجزء والصفحة : ص260-264
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً