ما هو التكييف القانوني للإدعاء بالتقابل؟

الادعاء بالتقابل ( التكييف القانوني)

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

يحسن قبل كل شيء أن ننقل هنا ما ورد في الذكرى التفسيرية للمادة 152 من قانون المرافعات المصري المطابقة للمادة 159 من قانون أصول المحاكمات السوري. حيث جاء فيها ما يلي: فيما يتعلق بالطلبات العارضة التي يبديها المدعى عليه فإنه ينبغي إلا يحمل المدعى على التزام موقف الدفاع في كل الأحوال فقد يعرضه ذلك لضرر يلحقه أو منفعة تفوت عليه.

ومع التسليم بان إتاحة الفرصة للمدعى عليه لإبداء طلباته قبل المدعي للحكم له بها عليه فيها افتداء للوقت والنفقات واحتياط من تضارب الأحكام ومن إعسار الخصم. إلا أن ما يترتب على تقديمها من عرض قضيتين أو قضايا في خصومة واحدة. وتجمع المسائل التي يطلب من المحكمة حلها. ونقل الاختصاص إلى محكمة ليست مختصة في الأصل. كل ذلك فيه من التقصير والتعطيل ما يوجب تقييد ما يسمح للمدعى عليه بإبدائه من الطلبات بصفة عارضة. والرأي المعول عليه في الفقه الحديث أن ثمة حالات يتحتم فيها على القاضي قبول طلبات المدعى عليه وذلك حين يطلب المقاصة القضائية وحين يكون الطلب دفاعا في القضية الأصلية.

وحين يكون الطلب تعويضا من ضرر أصاب المدعى عليه من الدعوى أو من أجزاء فيها. وإن ثمة حالات يجوز فيها للقاضي قبول هذه الطلبات أو تكليف المدعى عليه برفعها بصفة أصلية وذلك حين يكون المبرر لتقديمها هو مجرد الارتباط. فزعمي على البيان أن الحالات المنصوص عنها في النص مقصور على الديون في الدرجة الابتدائية ولا يجري حكمة على القضية في الاستئناف. وقد أجاز المشرع للمدعى عليه أن يقدم الطلبات العارضة الآتية.

أولا ـ طلب المقاصة القضائية: نعلم أن المقاصة بين دينين قد تكون قانونية وقد تكون قضائية. فتكون قانونية إذا كان موضوع كل منهما نقوداً أو مثليات متحدة في النوع والجودة وكان كل منهما خاليا من النزاع مستحق الأداء صالحا للمطالبة به قضاء (مادة 360 مدني سورية)، ويترتب عليها انقضاء الدينين، وهي تتم بقوى القانون وبغير حاجة إلى طلبها، بل يكفي إبداء الدفع بحصولها وهو دفع موضوعي. أما إذا تخلف شرط من شروط المقاصة القانونية، كأن كان دين المدعى عليه متنازعا في وجوده أو مقداره، كدين التعويض الناشئ عن عمل ضار، فلا يسقط الدينان بالمقاصة، ولا يجدي المدعى عليه دفعه الدعوى بل يجب عليه أن يطالب هو الآخر بدينه، حتى إذا ما قضت به المحكمة أمكن عندئذ حصول المقاصة بينه وبين دين المدعى. فالمقاصة القضائية تقع بحكم من القضاء يصدر بناء على طلب أحد الخصمين بعد تقدير حقوق كل منهما.

ولقد أجاز المشرع للمدعى عليه طلب المقاصة القضائية بصورة عارضة حتى يتفادى ما قد يعود عليه من ضرر إذا اضطر إلى رفع دعوى أصلية بطلب دينه وأعسر المدعى الأصلي بعد تنفيذ الحكم الصادر له بالدين قبل حصول المدعى عليه على حكم في دعواه.

ثانيا: طلب الحكم للمدعى عليه بتضمينات عن ضرر لحقه من الدعوى الأصلية أو من إجراء فيها: أجاز المشرع للمدعى عليه أن يطالب المدعى بتعويض الضرر الذي لحقه بسبب تعسفه في مخاصمته أو طريقة السلوك فيها. ولما كانت المحكمة التي تنظر الدعوى الأصلية هي أقدر من غيرها على تحقيق هذا الطلب والفصل فيه، أجاز المشرع للمدعى عليه أن يتقدم إليها به بصفة عارضة.

ثالثاً: أي طلب يترتب على إجابته ألا يحكم للمدعى بطلباته كلها أو بعضها أو أن يحكم له بها مقيدة بقيد لمصلحة المدعى عليه، كأن يطلب المدعى تنفيذ عقد فيطالبه المدعى عليه بفسخه أو ببطلانه. ولقد أجاز المشرع للمدعى عليه إبداء هذه الطلبات بصورة عارضة، باعتبار أنها تتضمن وسيلة دفاع، وإن كان المدعى عليه يرمي بها في الأصل إلى تحسين مركزه القانوني. فهي كالدفوع الموضوعية يقصد بها تفادي الحكم للمدعي بمطلوبه.

هذا فضلا عن أن المدعى عليه يبغي منها الحصول على مزية خاصة له.

رابعا: أي طلب يكون متصلا بالدعوى الأصلية بصلة لا تقبل التجزئة: كأن يطلب شخص ملكية عين فيطالب خصمه بالملكية لنفسه، أو كأن يطلب المدعى منع التعرض فيدعى المدعى عليه بالحيازة ويطالب هو الآخر بمنع تعرض المدعى له فيها، أو كأن يطلب المدعى تعويض الضرر الذي أصابه من جراء حادثة معينة فيطالبه المدعى عليه بالتعويض بمناسبة نفس الحادثة، ويقصد من قبول هذه الطلبات بصورة عارضة تقادي تناقض الأحكام في المنازعات المرتبطة بعضها ببعض.

 

خامسا: ما تأذن المحكمة بتقديمه مما يكون مرتبطاً بالدعوى الأصلية: كأن يطالب الموكل الوكيل بتقديم حساب بمناسبة الوكالة ويطالبه الوكيل بمصاريفه وأتعابه.

ويتعين أن يكون هناك ارتباط بين الطلب الأصلي وطلب المدعى عليه، كما يتعين أن تأذن المحكمة بقبوله حتى لا يتخذ المدعى عليه من إبداء الطلبات العارضة وسيلة لاعنات خصمه ولتعطيل الحكم في الطلب الأصلي. وفي كل الحالات يستفاد من النص أن مناط قبول الطلب العارض من جانب المدعي عليه أن يكون من شأنه زوال طلبات المدعي أو النقض فيها أو صلاحية الطلب العارض ليكون دفاعا في الطلب الأصلي. ويراعي أن هناك حالة لا تقدم فيها الطلبات إلا بأذن من المحكمة وهي الحالة المستندة إلى الارتباط بموضوع الطلب الأصلي. مما يفيد أنه في غير الحالات الواردة في البند الأخير تكون فيها الطلبات العارضة مقبولة. أما في هذه الحالة فمرجع الأمر فيها للمحكمة تأذن أو لا تأذن بتقديمها حسب مطلق تقديرها.

ويشترط لاعتبار الطلبات العارضة المقدمة من المدعى عليه طلبات عارضة تجري عليها الأحكام التي نص عليها القانون في هذا الصدد أن يكون المدعى عليه قد قدمها بصفته التي خوصم فيها ولذلك لا يجوز للوصي أن يقدم طلبا عارضا بصفته الشخصية. وكذلك إذا كان المدعي يخاصم بطريق النيابة عن الغير فلا يجوز أن يوجه إليه من المدعى عليه طلب عارض إلا بهذه الصفة التي يخاصم فيها.

ومن خلال هذا الشرح المفصل للمادة 159 من قانون الأصول نستنتج من الفقرة الثانية أنه إذا كانت الدعوى أو الإجراء تعسفي ممكن للمحكمة أن تحكم بالتعويض عن وضع إشارة الدعوى أما إذا كان المدعي محق في دعواه فليس للمدعى عليه الإدعاء بالتقابل للحكم له بالتعويض عن وضع إشارة الدعوى والتقدير هنا للمحكمة بقبول الإدعاء بالتقابل أو رده .

شارك المقالة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.