من الجاني في قضية الشيك بلارصيد الساحب أم المسحوب له ؟
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
هيئة تحرير صحيفة “بلدنا” الموقـــــــره
تحية واحتراما وبعـد:
لابد لي من ان اعبر عن اعجابي وتقديري واكباري لصحيفتكم اليومية المتنوعه” بلدنا” والى هيئة تحريرها التي تحمل رسالة الاصلاح والتطوير فعلا, وفي شتى المجالات الوطنية والقومية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والفنية والرياضية, وبالكتاب والمحررين الافاضل الذين يعدون الابحاث والدراسات كل في مجال اختصاصه
وقد طالعت في يوم الخميس 17 شباط 2011 في العدد/1520/ وفي الصفحتين /10و11/ بحثا قيما عنوانه: ” شيك بلارصيـــد”…. وسيلة احتيال قديمه تعود الى الواجهة من جديد… شارك فيه الزميل المحامي احمد وليد منصور والاستاذ فراس شعبان والدكتور سامر قنطبقجي والاستاذ فاروق الرباط, وقد اكد الاستاذ الرباط على ضرورة تعديل القانون ليكون هناك زجر اكثر كان يبقى كاتب الشيك بدون رصيد ملاحقا بشكل دائم وان يتم الحجز على أمواله حاضرا ومستقبلا …
وانني كقاض متقاعد ومحام في فرع نقابة المحامين في حلب أرى ان تصدى صحيفتكم الغراء لهذا الموضوع الهام جدا بالشكل الذي تصدت له بالصفحة الاولى تحت عنوان عريض:
“الشيكــــــات”…
وسيلة متجددة للنصب والاحتيـــال!!
وتخصيص الصفحتين العاشرة والحادية عشر للتدليل على ان جريمة سحب الشيك بلا رصيد زادت 20% عن العام الماضي وعلى انه وسيلة احتيال قديمه تعود الى الواجهة من جديد… وهي بالفعل مشكلة نعاني منها وقد ازدادت ازديادا ملحوظا في هذه الايام الاقتصادية العصيبة التي يمر بها العالم اجمع …
وتصورت سيادة الرئيس الدكتور بشار الاسد وهو يلقى كلمته التاريخية الشامله في مجلس الشعب بعد ادائه القسم الدستوري حيث وجه الى ناحية مهمة جدا وهي ممارسة النقد البناء والموضوعي… وحدد الطريق لمعالجة المشكلات التي نعاني منها حيث اورد سيادته بكل صراحة ووضوح القاعدة التي يمكن ان نعتبرها من القواعد الكلية الدائمة المتجددة والصالحة لكل زمان ومكان واكد على مايلي:
اذا اردنا معالجة مشكلة ما, فيجب علينا ان نعالجها من بدايتها وليس من نهايتها,وان نعالج السبب قبل النتائج , وهذا يحتاج الى مواجهة جريئة مع أنفسنا ومع مجتمعنا , وهي مواجهة حوارية نتحدث فيها بصراحة عن نقاط ضعفنا.
وان الحل هو مسؤولية الجميع كي يصبح مكتملا وناجعا , وانه يجب تفعيل اجهزة الرقابة وانهاء حالة التسيب واللامباة , ومحاربة المقصرين والمفسدين ,وان المؤسسة القضائية لها اهميتها ولابد من رفدها بالكوادر الكفوءة والنظيفة ..
فبادرت الى الكتابة لصحيفتكم اليومية الواسعة الانتشار لمعالجة هذه الظاهرة التي ازدادت فعلا في هذه الايام ازديادا ملحوظا كما اشار المصدر المصرفي المطلع والزميل الكريم المحامي احمد وليد منصور, واقول لان الشيك هو فعلا هو اداة وفاء تقوم مقام النقد في المعاملات التجارية وليس وسيلة ائتمان كمااشار الدكتور سامر قنطبقجي الخبير في مجال المصارف, ولكن اسباب ازدياد حالات الشيك بلا رصيد بعد الازمه الاقتصادية المالية العالمية لاتعود الى ازدياد عمليات الاحتيال وانما تعود الى جشع مالكي السيوله النقدية الرغبين في غسيل اموالهم التي يحتفظون بها خارج المصارف, والتي تم جمعها بطرق غير مشروعة متعددة والذين لايوافقون على تقديم هذه السيولة النقدية الا اذا تقاضوا عليها فوائد فاحشة وحصلوا على شيكات تحدد تواريخ الاستحقاق مسبقا بصورة تضمن المال الذي قدموه مع فوائده وتضمن حبس الساحب الذي لايقوم بالوفاء بالموعد المحدد التفافا على القانون الذي الغى حبس المدين منذ امد بعيد….
ورغم ان الاجتهاد القضائي المستقر من عام1966 يخرج هذه الشيكات عن مفهوم الشيك الذي قصده الشارع في المادة/652/ع ويدخل حامله تحت احكام المادة /653/ ع التي تجعله شريكا في الجرم ,وتضاعف هذه العقوبة اذا استحصل عليه حامله لتغطية قرض بالربى .
وقد لاحظت من خلال ممارستي العملية كمحام يطلع على القضايا التي تمثل ساحبي الشيكات وتمثل حامليها بان المصارف على اختلاف انواعها العامةوالخاصة والقضاء الجزائي المختص لم يعر هذه الناحية القانونية الهامة جدا الاهتمام الذي يحقق العدل والانصاف, وبحثت هذه الظاهرة التي تفشت بعد الازمة الاقتصادية المالية العالمية , خاصة , وبعد ان اصدر سيادة الرئيس الدكتور بشار الاسد المرسوم التشريعي رقم /1/لعام 2011 التي ترفع العقوبة , في عدد من الجرائم ومن جملتها جريمة الاحتيال التي نصت عليها المادة/641/ ع والتي تطبق حكما على جريمة سحب الشيك بلا رصيد المادة /652/وجريمة الحمل على سحب الشيك بلا رصيد المادة /653/ع حيث اصبحت العقوبة تتراوح بين الحد الادنى الحبس ثلاث سنوات بدلا من ثلاثة اشهر, والحد الاعلى خمس سنوات بدلا من سنتين.
والغرامه تتراوح بين الحد الادنى عشرة الاف ليرة سورية بدلا من مأة ليرة سورية وحدها الاعلى خمسين الف ليرة سورية بدلا من خمسماة ليرة سورية .
وحجب عن المحكوم عليه الاستفادة من الاسباب المخففه التقديرية او وقف التنفيذ او وقف الحكم النافذ , الافي حالة ازالة الضرر.
وهكذا تحقق اقتراح الخبير في المصارف الدكتور سامر قنطبقجي وغدت العقوبة صارمه , ولكن هذه العقوبة الصارمة لايمكن ان تقضى على ظاهرة الشيك بلارصيد التي ازدادت في الاونة الاخيرة , اذا لم تتصد المصارف والسلطة القضائية , لتطبيق احكام المادتين/652/653/تطبيقا اصوليا وعادلا ومتوازنا.
فعلى نطاق اعمال المصارف: لابد من ان يجري المصرف للشيك المعروض عليه دراسة قانونية يتاكد خلالها من تاريخ انشائه وتاريخ عرضه للوفاء , ذلك لان المادة /369/من قانون التجارة رقم /33/ ت 9/12/2007 توجب تقديمه للوفاء في خلال ثمانية ايام اذا كان مسحوبا في سورية وفي خلال عشرين يوما اذا كان صادرا في اوربا او في أي بلد اخر واقع على شاطئ البحر الابيض المتوسط وفي خلال سبعين يوما اذا كان صادرا في غير البلاد السالفة الذكر.
لكن المصارف لا تراعي هذه الناحية القانونية الهامة جدا وتعطي شرحا خلاصته بانه لايوجد له رصيد بتاريخ العرض, والذي يحصل بعد سنة او اكثر, وتعتمد النيابة العامة هذا الشرح وتحرك الدعوى العامة على الساحب بجرم سحب شيك بلارصيد امام قاضي التحقيق وتطلب اصدار مذكرة توقيف بحقه ..
وعندما يتقدم الساحب بادعاء شخصي ضد الحامل لهذا الشيك يقول فيه: بان الحامل لهذا الشيك يعرف حق المعرفة بان الساحب لارصيد له في المصر ف وانه اخذه من الساحب كاداة ضمان لحقه لمالي الوارد فيه ولم ياخذه كأداة وفاء فوري , ويلتمس من النيابة العامة تحريك الدعوى بحقه امام ذات المرجع عملا بإحكام المادة 653/ع تحقيقا للعدل والمساواة بين الساحب حسن النية الذي لم يرتكب جرما بالمعنى القانوني لجريمة سحب الشيك وبين الحامل الذي حمل الساحب على توقيع الشيك وهويعرف حق المعرفة بان الساحب لارصيد له يحيل الادعاء الى محكمة البداية ليصار الى محاكمته طليقا, ولو تفضلت النيابة العامة باحالة الادعاء الشخصي للساحب الى ذات القاضي وطالبت بالتوقيف للحامل الذي طالب الساحب بالتوقيع على الشيك وحمله على تسليمه له وهو يعرف حق المعرفة بانه لارصيد له وينطبق فعله على المادة /653/ع.
لخفت ظاهرة الادعاء ضد ساحب الشيك بدون رصيد واقتصر الموضوع على ساحب الشيك عن سوء نية أي على ساحب الشيك الذي قصد الاحتيال على من يطالبه بالمال والذي اعطاه على انه اداة وفاء وليس اداة ضمان للمال الذي قبضه.
وقد اعلنت هذا الراي امام قضاة النيابة العامة والتمست تطبيقة تنفيذا لاحكام القانون , واشرت الى انه يعالج ظاهرة ازدياد الادعاء باصدار شيكات بلارصيد ويجعلها قاصرة على الشيكات التي يحررها ساحبها كاداة وفاء فقط , وليس لها رصيد, ومثل هذه الشيكات هي التي عناها قانون العقوبات في المادة/652/ع وهي لاتتجاوز ربع القضايا القائمة بحال من الاحوال……
وكان الجواب العملي مزيدا من الدراسة لهذا الرأي القانوني الواضح والصريح , والذي يعالج هذه الظاهره بصورة مباشرة وضمن النصوص القانونية الحالية …
ولكن تفشي هذه الظاهره حمل صحيفتكم اليوميه على معالجتها في العدد/1520/ على صفحتها الاولى والصفحتين /10و11/ وحملني على هذه المشاركة الحوارية لانني على يقين بان الحل هو مسؤولية الجميع كي يصبح مكتملا وناجعا , والخصه بالنقاط التالية :
اولا – قيام المصارف العامة والخاصة بواجبها القانوني الذي يتلخص بدراسة الشيك المعروض عليهاللتاكد من تاريخ انشائه وتاريخ عرضه للوفاء, وهل هذا العرض ضمن المدة القانونية التي حددتها المادة /369/ من قانون التجارة رقم /33/ لعام9/12/2007 , فاذا لم يكن ضمن هذه المدة اشارت صراحة وامتنعت عن اعطاء الجواب
ثانيا– ان تقوم النيابة العامة المختصة بدراسة الشيك للتاكد من تاريخ انشائه وتاريخ عرضه للوفاء وهل هو ضمن المدة القانونية التي حددتها المادة /369/من قانون التجارة لعام 2007 , فاذا لم يكن ضمن هذه المدة اشارت صراحة ولم تطلب التوقيف الفوري , لان التقاعس عن العرض للوفاء ضمن المدة القانونية المحددة في المادة /369/من قانون التجارة يعطي الدلالة على انه حرر كاداة ائتمان ولم يحرر كاداة وفاء فوري
ثالثا– عندما يتصدى الساحب لحامل الشيك بادعاء شخصي يقول فيه بانه حرره على سبيل الامانه ولم يحرره كاداة وفاء ويلتمس تحريك الدعوى بحق الحامل وفقا للمادة /653/ع كادعاء مقابل لادعاء المدعي الحامل, فان مثل هذاالادعاء الشخصي يحرك تلقائيا وامام ذات المرجع ويفسح المجال امام القضاء الجزائي لتحقيق العدل والانصاف بين الطرفين المتداعين
رابعا– ان المرسوم التشريعي رقم /1/ لعام 2011 رفع العقوبة وجعلها رادعة وزاجره للطرفين الساحب والحامل الذي يعرف بانه حصل على شيك لارصيد له وجعل الحد الادنى ثلاث سنوات بدلا من ثلاثة اشهر , والحد الاعلى خمس سنوات بدلا من سنتين
والغرامه تتراوح بين الحد الادنى عشرة الاف بدلا من مأة ليرة سورية وحدهاالاعلى خمسين الف ليرة سورية بدلا من خمسمائه
وحجب اسباب التخفيف التقديرية او وقف التنفيذ او وقف الحكم النافذ اذا لم يجر ازالة الضرر
ومثل هذا التشديد الرادع والزاجر يستدعي الاعلان عنه بجميع وسائل الاعلان المقروءه والمسموعه والمرئية ويستدعي عقد ندوات توعيه يستفيد فيها المواطنون بحيث يتم القضاء على ظاهره سحب الشيك بلا رصيد او الحمل على سحبه من قبل اصحاب راس المال الممولين والذين يهدفون الى الالتفاف على القانون الذي حرم حبس المدين ويجعلهم يتعرضون لذات العقوبة المقرره للساحب سئ النية
خامسا – ان نص القانوني في المادة /652/ع يتطلب قصدا خاصا , وهو سوء النية لدى الساحب الذي اقدم على سحب الشيك بدون مقابل ومعد للدفع او بمقابل غير كاف او على استرجاع كل المقابل اوبعضه بعد سحب الشك او على اصدار منع عن الدفع المسحوب عليه
ومثل هذا القصد الخاص اعتبره الاجتهاد القضائي مفترضا بمجرد سحب الشيك بدون رصيد , الاان هذا الافتراض للقصد الخاص يمكن نفيه بمختلف وسائل الاثبات , وتكون النيتجة في حال انتفاء القصد الخاص عدم المسؤولية , في حين ان المادة /653/ع لاتتطلب مثل هذا القصد الخاص, اذ ان مجرد حمل الغير على تسليمه شكا بدون مقابل يقضى عليه بعقوبة الشريك في الجرم المذكور
وتضاعف هذه العقوبات اذا استحصل المجرم على الشيك لتغطية قرض بالربى
أي تصبح العقوبة في حدها الادنى ست سنوات حبس وحدها الاعلى عشر سنوات
والغرامه في حدهاالادنى عشرون الف ليرة سورية وحدها الاعلى مأة الف ليرة سورية
فآمل من صحيفتكم اليوميه ان تنشر هذا البحث على صفحاتها لتكمل صورة الحل كما وجه سيادة الرئيس الجليل في كلمته التي خاطب بها الشعب على اثر أداء القسم الدستوري الذي أداه أمام مجلس الشعب
حلب في 20/2/2011
المستشار المتقاعد
والمحامي في فرع نقابة المحامين بحلب
علــــــي الزكـــــــــــــــــــــــــــــــــور
اترك تعليقاً