الأجل القضائي
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
المقدمة
يعرف الأجل بأنه أمر مستقبل مؤكد الحدوث يترتب على وقوعه نفاذ الالتزام أو انقضاؤه.
ويمتاز الأجل بأنه أمر مستقبلي أي أنه ميعاد يحدد لنفاذ الالتزام أو لانقضائه و يجب أن يكون الأجل للمستقبل و لا يجوز أن يكون ماضياً أو حاضراً.
ويمتاز الأجل كذلك بأنه أمر محقق الوقوع و هذا ما يميزه عن الشرط إذ أنه لو كان الالتزام مرتبطاً بأمر غير محقق الوقوع فلا يعتبر هذا الأمر أجلاً بل شرطاً.
وأخيراً يتصف الأجل بأنه عنصر عارض في الالتزام و ليس عنصراً جوهرياً و بالتالي فلا يقترن بالالتزام إلا بعد أن يستوفي الالتزام جميع عناصره الجوهرية.
والأجل إما أن يكون اتفاقياً أو قانونياً أو قضائياً و ذلك من حيث مصدره وسنتعرض في هذا البحث المبسط لنوع واحد فقط وهو الأجل القضائي أو ما يسمى في الفقه بنظرة الميسرة.
وذلك وفق أحكام المادة : 272 من القانون المدني السوري والتي تنص على أنه : إذا تبين من الالتزام أن المدين لا يقوم بوفائه إلا عند المقدرة أو الميسرة عين القاضي ميعاداً مناسباً لحلول الأجل مراعياً في ذلك موارد المدين الحالية و المستقبلية ومقتضياً منه عناية الرجل الحريص على وفائه بالتزاماته.
المبحث الأول : تعريف الأجل القضائي و طبيعته و نطاقه
المطلب الأول : تعريف الأجل القضائي و طبيعته
يعرف الأجل القضائي أو نظرة الميسرة بأنها المهلة التي يعطي فيها القاضي للمدين السيئ الحظ أجلاً يتمكن فيه من سداد ديونه إذا حال بينه و بين تنفيذ التزامه أمر طارئ خارج عن إرادته .
إذاً هو إرجاء لتنفيذ التزام ما يأمر به القضاء رغم حلول اجل الوفاء مراعاة لحال المدين وظروفه و على الرغم من أن هذا الأجل هو استثناء إلا أنه من النظام العام فلا يمكن تعطيل هذا الحق و بالتالي يقع باطلاً كل اتفاق يخالف ذلك.
إن نظرة الميسرة تتسم بالعمومية بالتطبيق سواء من حيث محل الالتزام أو مصدر الالتزام فمن حيث محل الالتزام تمنح نظرة الميسرة في كل الالتزامات بصرف النظر عن محلها سواء أكان محل الالتزام أداء مالي أو القيام بعمل.
ومن حيث مصدر الالتزام تمنح نظرة الميسرة في جميع الالتزامات سواء أكان مصدر الالتزام الإرادة المنفردة أو العقد.
المطلب الثاني : نطاق الأجل القضائي و سلطة القاضي في منحه
يتمتع القاضي بسلطة تقديرية مطلقة في منحه للمدين نظرة الميسرة أو الأجل القضائي في أن يمنحه أو يمنعه من ذلك و كذلك هو حر في تحديد مدة نظرة الميسرة بشرط أن تكون معقولة و تقديره في ذلك نهائي لا معقب عليه من محكمة النقض.
كذلك يجوز للقاضي أن يمنح المدين أجلا واحدا يسدد في خلاله أو آجالاً متتالية يسدد فيها.
و قلنا أن جواز منح القاضي لنظرة الميسرة أمر من النظام العام لا يجوز الاتفاق على سلب القاضي إياه.
و يجوز للمدين أن يتقدم بطلب منحه نظرة الميسرة في أية حالة كانت عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة الاستئناف.
كما يجوز للقاضي أن يمنحه هذا الأجل من تلقاء نفسه وبدون طلب. ويجوز للمدين أيضاً أن يطالب بمنحه أجلاً قضائياً في أثناء مباشرة الدائن لإجراءات التنفيذ في حال كان السند التنفيذي هو سند رسمي وليس حكما قابلاً للتنفيذ لأنه في هذه الحالة لا يجوز للمدين أن يستشكل في إجراءات التنفيذ ليطلب منحه نظرة الميسرة إذ يكون الوقت قد فات و كان الواجب أن يطلب ذلك في أثناء الدعوى و قبل صدور الحكم فإذا صدر الحكم فليس ثمة سبيل إلى ذلك ، إذ أن الحكم يجب تنفيذه كما هو ولا يجوز لقاضي آخر أن يعدله إلا إذا كان ذلك عن طريق الطعن بالأوجه المقررة قانوناً.
المبحث الثاني : شروط منح الأجل القضائي و الآثار المترتبة عليه
المطلب الأول : شروط منح الأجل القضائي
يشترط في منح القاضي المدين الأجل القضائي توافر الشروط التالية:
1-أن تكون حالة المدين تستدعي أن يمنحه القاضي نظرة الميسرة فيجب أن يكون حسن النية في تأخره في الوفاء بالتزامه وأن يكون عاثر الحظ لا متعمداً عدم الوفاء ولا مقصراً في ذلك و لا يجوز أن يكون معسراً و إلا فلا جدوى من منحه الأجل المذكور، بل يجب أن يكون عنده من المال ما يكفي للوفاء بالتزامه وليس في مقدوره مؤقتاً أن يبيع هذا المال ليقوم بالوفاء كأن يكون المال عقاراً أو منقولاً يتعذر بيعه في الحال .
2- أن لا يصيب الدائن من جراء منح المدين نظرة الميسرة ضررا جسيماً فإذا كان في نظرة الميسرة ما يصيب الدائن بضرر جسيم كأن يكون قد اعتمد على استيفاء الدين ليفي هو ديناً عليه للغير لا يستطيع التأخر في الوفاء به، أو كانت نظرة الميسرة تفوت عليه صفقة يعود فواتها عليه بضرر جسيم فليس من العدل إغاثة المدين عن طريق الإضرار البليغ بالدائن.
3- أن لا يقوم مانع قانوني من نظرة الميسرة ومن ذلك ما نصت عليه المادة 158 من القانون المدني من أنه : يجوز الاتفاق على يعتبر العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه دون حاجة إلى حكم قضائي عند عدم الوفاء بالالتزامات الناشئة عنه ففي هذه الحالة لا يجوز للقاضي أن يمنح المدين أجلا للوفاء.
4- أن يكون الأجل الذي يمنحه القاضي للمدين في نظرة الميسرة أجلا معقولاً فلا يجوز أن يمنح القاضي المدين أجلاً طويلاً يعطل فيه الدائن حقه بل يجب أن يقاس الأجل بقدر ما هو ضروري ليتمكن المدين من الوفاء .
المطلب الثاني : الآثار المترتبة على منح الأجل القضائي
يترتب على منح نظرة الميسرة ما يترتب على الأجل الواقف بشكل عام :
1- فيتوقف التنفيذ حتى ينقضي الأجل الذي منحه القاضي للمدين و إذا كان المدين ينفذ بموجب سندر سمي ثم منح المدين نظرة الميسرة وجب وقف إجراءات التنفيذ و يكون ما تم قبل منح نظرة الميسرة من إجراءات صحيحاً و قائماً ، فإذا انقضى الأجل الذي منحه القاضي للمدين ولم يوف المدين الدين فإن الدائن يتابع الإجراءات التنفيذية من حيث تركها موقوفة.
2- إن لنظرة الميسرة أثر نسبي فهو مقصور على المدين الذي منح الأجل دون غيره من المدينين ولو كانوا متضامنين معه مادام هؤلاء لم يمنحوا مثله نظرة الميسرة أما كفيل المدين فإنه إذا منح المدين نظرة الميسرة فإنه ينتفع بذلك ، و أثر نظرة الميسرة مقصور كذلك على الدائن الذي حكم في مواجهته بها فلا يتعدى إلى الدائنين الآخرين ولو كانوا متضامنين مع الدائن الأول .
المطلب الثالث : سقوط الأجل في نظرة الميسرة
إن الأجل الممنوح للمدين بموجب نظرة الميسرة يسقط في الأحوال التالية:
1-إذا شهر إفلاس المدين أو إعساره وفقاً لنصوص القانون .
2-إذا أضعف المدين بفعله إلى حد كبير ما أعطى الدائن من تأمين خاص و لو كان هذا التأمين قد أعطي بعقد لاحق أو بمقتضى القانون.
3-إذا لم يقدم المدين للدائن ما وعد بتقديمه من تأمينات .
4-إذا توافرت شروط المقاصة ما بين الدين الذي منحت بموجبه نظرة الميسرة و دين ينشأ في ذمة الدائن للمدين، سواء نشأ هذا الدين قبل منح الأجل القضائي أو نشأ بعد ذلك.
اترك تعليقاً