الجرائم المالية فى البورصة
Eman Mostapha Jad
يعكس السوق المالى حجم الإقتصاد والتطور فى الدول ويعد مؤشراً لمدى كفائتها فى التشغيل والإدارة والإسهام فى عمليات الإستثمار والتنمية الإقتصاية وذلك لأنها تشكل حلقة وصل بين كيانات الإقتصاد من مصارف وشركات تمويل وشركات مساهمه وغيرها ويؤثر إستقرار السوق المالى على الصوره العامه للدول من حيث جذب الإستثمار ودعم النمو الإقتصادى و تلعب دوراً رئيسياً فى تنفيذ السياسة النقدية للدولة.
ومن المتعارف عليه أن البورصه سوق منظمة تتداول فيها الأوراق المالية بأشكالها المختلفة حيث تمكن الشركات و السماسرة و الوسطاء بقيام عمليات تبادل البيع والشراء ويتم ذلك تحت الحماية القانونية التى سنها المشرع لتفادى الجرائم التى تقع على الاوراق الماليه بشكل خاص والبورصه والسوق المالى بشكل عام.
وهذه الجرائم تؤثر سلباً على كفاءة وشفافية عمليات التداول فى السوق مما يؤدى إنعدام الثقة إلى عدول المستثمرين عن الإستثمار بطريقة كفؤء وهناك العديد من الجرائم التى تشكل خطراً داهما على السوق المالى ومن اهمها الجرائم التى تقع على الأوراق المالية.
جرائم الأوراق المالية:
تتشكل جرائم الاوراق المالية فى عدة صور منها :- جرائم خاصة بالتلاعب فى الأوراق الماليه وتقديم بيانات غير صحيحه ، التلاعب بناء على معلومات داخلية وإفشاء معلومات غير معلنه ،غسيل الأموال وتمويل الإرهاب وغيرها ..
وسنخص بالذكر جريمة التلاعب فى الأوراق المالية و تقديم بيانات غير صحيحه والتلاعب بناء على معلومات داخليه و غير معلنه.
أولاً التلاعب فى الأوراق المالية:-
ينشأ بناءً على عدة طرق إما ان يكون عن طريق الوسطاء والسماسره أوعن طريق الشركات المستثمره ويقصد بالتلاعب فى أسعار الأوراق المالية الأستحواذ على سعرالورقة المالية لتباع بسعر أعلى أو أقل من السعر الأصلى لعملية التداول التى تقام على أساس العرض والطلب الطبيعى للسوق.
والمتلاعب في سعر الورقة يسعى للحصول على أرباح أوتفادي خسائرعن طريق خلق سعر زائف قد يؤثرعلى عملية التداول ، ومن سمات هذه الجرائم الابتكار والتنوع والتجديد في وسائل ارتكابها بقصد تجنب الوقوع تحث طائلة القانون.
و يصعب حصر صور جرائم التلاعب فى الاوراق الماليه ولكن الشائع منها هو :-
أولاً:- البيع الصورى
ويقصد به خلق تعامل مظهرى نشط على سهم ما، في الوقت الذي قد لا يوجد تعامل فعلي يذكرعلى ذلك السهم لخلق سعر زائف للورقة لتحقيق فرصة للربح.
كأن يمتلك شخص ما عدداً معيناً من الأسهم فيبيعها بيعاً صورياً لأحد أقاربه أوأصدقائه، ثم يعاود شراءها في مدة زمنية قصيرة لإيهام المتعاملين بأن تغيرات سعرية حدثت لسعر الورقة وأن تعاملاً نشطاً يجري عليها.
و أشاد القانون “ بالأمتناع عن القيام بكل ما من شأنه إلحاق الضرر بسمعة السوق و أعضائه أو المتعاملين فيه أو المساهمه والترتيب لأية معاملات صورية لا تؤدى إلى لإنتقال حقيقى للأوراق والأموال محل الصفقه[1]” و سنت عقوبات صارمة بهذا الشأن،وقد نصت المادتين رقمي (27،40) من ذات القانون المشار إليه على “الحبس والغرامة المالية بما لا يزيد عن مائة الف درهم”.
ثانياً. – استغلال ثقة العملاء
حيث تقوم شركات السمسرة ببيع وشراء أسهم العملاء دون علمهم وموافقتهم بغرض تحقيق مكاسب شخصية ، ذلك لأن آلية عمل أسواق الأسهم تتطلب من المستثمرين فتح حسابات لدى شركات السمسرة لأنه لا يمكن للمستثمرين التعامل مع السوق مباشرة وفقاً للقانون.
وعليه فإن السمسار يحصل على عمولة السمسرة من هذه الصفقات ويسعى لزيادة أرباحه بزيادة عدد صفقات عملائه الذين ربما ليسواعلى علم بتلك الصفقات.
هذا النوع من التلاعب يحدث من قبل شركات السمسرة إذا صرح العميل للشركة بالتداول نيابة عنه فتستغل الشركة هذه الثقة لتحقيق مكاسب ذاتية حتى وإن لم يكن ذلك فإن السمسار يمكنه الاحتيال بطريق آخر كأن يزود العميل بمعلومات مضللة يترتب عليها تشجيعه على إبرام صفقات بيع أو شراء.
قانونا” لا يجوز تقديم أية بيانات أو تصريحات غير صحيحه من شأنها التأثيرعلى القيمة السوقية للأوراق المالية وعلى قرار المستثمر بالإستثمار من عدمه[2]” و” يعاقب بالحبس مده لا تقل عن ثلاثة اشهرولا تتجاوز الثلاث سنوات والغرامه التى لا تقل عن مائة الف درهم ولا تزيد عن مليون درهم او بإحدى العقوبتين كل من خالف نص هذا القانون[3]”.
ثالثاً:- الإخلال بمبدأ الشفافية والإفصاح
حفاظاً على المستثمرين من ما تقوم به بعض الشركات بالتلاعب بالكشوف الحسابية من تقديم بيانات غير صحيحه عن الأسهم لكى توحى لهم أنها فى حالة نشطه ولا تطبق مبدأ الشفافية والإفصاح الذى فرضه القانون على شركات الأوراق المالية و هى الشركات المساهمه و شركات التوصية بالأسهم لنشروإعلان المعلومات والبيانات عن مدى نشاطها بصفه دورية حتى يكون واضحا لجمهورالمستثمرين.
و لا سيما أن الإفصاح والشفافية يعززان كفائة السوق المالى فا نصت المادتين (35،38) من ذات القانون على أن( تلتزم الشركات المدرج اوراقها المالية فى السوق بنشر معلومات إيضاحية تتعلق بأوضاعها وأنشطتها بما يكفل سلامة التعامل وإطمئنان المستثمرين متى تطلب ذلك) ، ( ان يجوزللشركة أن تتصرف بنفسها أو بواسطة غيرها بالتعامل فى الأوراق المالية شريطة الإفصاح عن عملية البيع والشراء والأسعار وأية عمليات اخرى ويقع باطلاً غير ذلك ..)وفرض عقوبة” الحبس مده لا تتجاوز الثلاثة سنوات والغرامة التى لا تقل عن مائة الف درهم ولا تزيد عن مليون درهم او بإحدى العقوبتين[4]”
ثانياً :التلاعب بناء على تقديم معلومات داخلية غير معلنه:-
أولاً نشر الشائعات الكاذبة و البيانات الغير صحيحه
بعض المتلاعبين يملكون عدداً كبيراً من أسهم شركة ما وغالباً ما تكون صغيره حيث يقوم بجذب انتباه المستثمرين إلى الأسهم وذلك بترويج إشاعات ونشر بيانات كاذبة ومضللة عن الشركة أنها تحقيق نجاحات وأرباح هائلة وعندما يبدأ السوق بالتفاعل مع تلك البيانات الزائفة يبدأ المستثمرون بالتهافت على شراء ذلك السهم مما يؤدي إلى إرتفاع سعره إلى مستويات عالية وعليه يقوم المتلاعب ببيع الأسهم التي اشتراها بسعر أقل ليحقق أرباحاً كبيرة وعند بيان زيف هذه البيانات يصطدم المستثمرين بتدنى سعر السهم وغالبا ما يتم هذا التلاعب عن طريق الشبكات الإلكترونية.
و جرم القانون نشر الشائعات الكاذبة انه “لا يجوز لأى شخص نشر الشائعات عن البيع و الشراء لأسهم[5] ” و حدد عقوبة هذا الجرم فى الماده 41 السابق ذكرها أعلاه .
ثانياً:- إستغلال معلومات داخليه غير معلنه:
إن المعلومات الداخلية تتعلق بالأوراق المالية المتداولة التى لا يعرف بها المستثمرون في سوق الأوراق المالية وتكون غير معلنة ولا تكون متاحه للعامه ولها تأثير جوهري في سعر الورقة سواء بالسلب أو الإيجاب .
و تستغل بعض الشركات هذه المعلومات الغير معلنه سواء لشراء أو بيع الأسهم لكى تحقق منافع شخصية دون مراعاة الأثار التى قد تقع على اسعار الورقة المالية والتأثيرالسلبى الذى قد يقع على إستقرار وكفائة السوق المالى.
( لا يجوزإستغلال المعلومات الغيرمعلنه التى يمكن أن تأثر على أسعار الأوراق المالية بتحقيق منافع شخصية) و (انه لا يجوز لأى شخص أن يتعامل بالأوراق المالية بناء على معلومات غير معلنه أو مفصح عنها يكون قد علم بها بحكم منصبة و لا يجوز لرئيس أو أعضاء إدارة أى شركة أو موظفيها إستغلال معلوماتهم الداخلية عن الشركة فى شراء الأسهم أو بيعها فى السوق[6]) و قد عاقبت الماده 41 السابق ذكرها كل من تجاوز حد القانون فى هذا الشأن.
نظرا للدور الفعال الذي تلعبه البورصة في توجيه الاقتصاد الذى يعد مرأة الدوله قد أحكم المشرع الإماراتى كافة أشكال التلاعب وسن لها العقوبات الملائمة للحد من تلك الجرائم وذلك لتعزيز الحفاظ على مستوى الشفافية لتأمين مناخ إستثمارى على أعلى مستوى لكى يسمح بإستمرارية ضخ الأموال فى السوق إستكمالاً لمسيرة عجلة الإزدهار التى تؤدى إلى إستقرار السوق المالى.
وكان ذلك لمحه عن بعض مظاهر الحماية التى بسطها القانون لصد الجرائم المالية التى قد ترتكب فى البورصة،،
[1] الماده رقم 26/2 من القانون الإتحادى رقم (4) من قانون هيئة الأوراق المالية و السلع الإماراتى.
[2] الماده رقم 36 من ذات القانون المشار إليه.
[3] الماده 41 من ذات القانون المشار إليه.
[4] الماده 42 من ذات القانونالمشار إليه.
[5] الماده رقم (39) من القانون الإتحادى رقم (4) من قانون هيئة الأوراق المالية و السلع الإماراتى.
[6] الماده (37،39) من ذات القانون.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً