كيف يقع جرم إصدار الشيك بلا رصيد .. ؟
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
المحامي فاضل حاضري
يمكن القول أن الشيك هو مطالبة خطية وغير معلق على شرط أو أجل وذلك من أجل دفع مبلغ من المال فوراً وذلك إلى الحامل أو المستفيد وإن وجود الرصيد هو الذي يجعل الشيك أداة وفاء توفى به الالتزامات المالية
كما لو كانت توفى بالنقود ويشترط في الرصيد أن يكون مالاً نقدياً موجوداً بتاريخ الإصدار قابلاً للتصرف ومساوياً لقيمة الشيك على الأقل
فالشيك يقوم مقام النقد بمجرد وضعه في التداول ويعتبر الشيك أنه قد وضع في التداول بمجرد تسليم الشيك إلى المستفيد أو إرساله إليه .
ولكن قد يفاجأ الحامل أو المستفيد حين يقدم الشيك إلى المصرف ويتبين عدم وجود رصيد كاف للساحب أو يتبين عدم وجود رصيد أصلاً .
فإذا استرد الساحب جزءاً من رصيده بحيث أصبح الباقي غير كاف للوفاء أو إذا استرد رصيده كله أو إصدار أمر للمصرف بعدم دفع المبلغ فإنه يتعرض للعقوبة ولقد عاقب المشرع السوري على عدد من الأفعال التي من شأنها أن تضعف الثقة في الشيك فنص في المادة /652/من قانون العقوبات على ما يلي :
( كل من أقدم عن سوء نية على سحب شيك بدون مقابل سابق ومعد للدفع أو بمقابل غير كاف أو على استرجاع كل المقابل أو بعضه بعد سحب الشيك أو على إصدار منع الدفع للمسحوب عليه يقضى عليه بالعقوبة المنصوص عليها في المادة /641/ ) .
أي الحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين والغرامة من خمسين إلى خمسمئة ليرة وهي ذات العقوبة لجريمة الاحتيال ، وقد اعتبر المشرع أن إعطاء المدين لدائنه شيكاً لا رصيد له في المصرف بعد أن يوهمه بأن الشيك له رصيد إنما هو من قبيل الاحتيال .
وقد أراد المشرع حماية الشيك من عيب لا يستطيع الحامل أو المستفيد أن يقف عليه وهو تخلف وفقدان مقابل الوفاء ما دام أن الشيك قد استوفى شروطه الشكلية التي تجعل منه أداة وفاء ويبقى الساحب مسؤولاً مدنياً وجزائياً عن وجود الرصيد المساوي لمبلغ الشيك الذي يجب أن يكون موجوداً لدى المصرف وإن سوء النية يتوفر بمجرد علم الساحب بعدم وجود مقابل الوفاء أو عدم كفايته وهو علم مفترض في حق الساحب وعليه عدم توقيع أي شيك دون الاستثبات من قدرته على الوفاء به قبل تحريره وعليه فإن الساحب يعتبر سيئ النية بمجرد إصدار الشيك وتسليمه للحامل أو المستفيد .
ومن المتفق عليه أنه لا عبرة للأسباب التي دفعت إلى إصدار الشيك لأنها من قبيل البواعث التي لا تؤثر في قيام المسؤولية الجزائية فإذا كان شكل الشيك وصيغته يدلان على أنه مستحق الأداء بمجرد الاطلاع وأنه أداة وفاء وليس أداة ائتمان فإن سبب تحرير الشيك لا يؤثر على طبيعته ذلك لأن المسؤولية الجزائية لا تتأثر بالباعث أو السبب الذي من أجله أعطي الشيك والأصل أن كل علاقة قانونية لابد وأن تكون مبنية على رضى سليم وصحيح غير مشوب بعيب من عيوب الإرادة فإذا صدر الشيك من شخص وبلا رصيد بالإكراه وتحت تهديد السلاح أو العنف ففي هذه الحالات وأمثالها تكون عملية إصدار الشيك مشوبة بالإكراه وانعدام الإرادة وعندئذ تنتفي المسؤولية الجزائية عملاً بالقواعد العامة .
ومن المعلوم والمستقر أن تسليم الشيك على سبيل الأمانة لدى شخص ثالث لا يعتبر من قبيل طرح الشيك للتداول والجدير بالذكر أنه في حالة سرقة الشيك أو ضياعه فإصدار الأمر إلى المصرف المسحوب عليه بعدم دفع قيمة الشيك يعتبر عملاً مشروعاً ولا يرتب المسؤولية الجزائية وفي الحياة العملية قد يحمل شخص شخصاً آخر على إصدار شيك بلا رصيد وقد يحصل ذلك أيضاً بأن يقوم الدائن بحمل المدين أن يوقع على شيك والدائن يعلم تمام العلم أن المدين ليس له رصيد في المصرف ولكن الدائن يهدف من هذا التصرف أن يقوم المدين بوفاء الدين تحت طائلة تهديد الدين وملاحقته أمام القضاء الجزائي بجرم إصدار شيك بلا رصيد وكلما أراد الدائن ذلك
والجدير بالذكر أن الدائن يصبح في هذه الحالة شريكاً في جريمة إصدار الشيك.
وقد نصت المادة /653/ من قانون العقوبات على ما يلي :
(( 1-من أقدم عن معرفة على حمل الغير على تسليمه شيكاً بدون مقابل قضى عليه بعقوبة الشيك في الجرم المذكور
2-تضاعف هذه العقوبة إذا استحصل المجرم على الشيك لتغطية قرض الربا))
– ويجب أن يتوفر لهذه الجريمة شرطان :
الأول : أن يكون الجاني عالماً بأن الساحب لا رصيد له أو أن الرصيد غير كاف
والثاني : أن يحمل الساحب بالترغيب أو الترهيب على إصدار الشيك والعقوبة في هذه الحالة
هذه هي عقوبة إصدار الشيك بلا رصيد أي الحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين والغرامة من مئة ليرة إلى خمسمئة ليرة .
اترك تعليقاً