الاتفاق كوسيلة اشتراك
القاضي حسن حسين جواد الحميري
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
لم يعرف المشرع العراقي الاتفاق تاركا الحكم بتوافره الى المحكمة يستنتجه قاضي الموضوع من وقائع الدعوى على ان يكون استنتاجه سائغا ومقبولا بان يكون مبنيا على اسس منطقية سليمة وعليه فلا رقابة لمحكمة التمييز ويعرف بانه “انعقاد ارادتين او اكثر عند ارتكاب الجريمة اساسه عرض من احد الطرفين يصادف قبولا من الطرف الاخر وهو غالبا ما يقع دون مظاهر خارجية ملوسة يمكن الاستدلال بها عليه ويكفي ان تكون المحكمة اعتقدته من ظروف الدعوى وملابساتها على ان يكون اعتقادها هذا سائغا ومقبولا وتبرره الوقائع التي اثبتها الحكم ” ويتصف الاتفاق في كون ارادتي الفاعل والشريك بمستوى واحد بخلاف التحريض اذ ان ارادة المحرض تعلو على ارادة الفاعل ..ففي الاتفاق يوجد تكافؤ في الارادات فكل فاعل مقتنع بارتكاب الجريمة .
واذا كانت فكرة الجريمة قد نشات عند احدهما فان عرضه يصادف قبولا فوريا من الاخر وبذلك يمكن تصور وجود اتفاق بدون تحريض والاتفاق هو غير التوافق فالاخير يعني (قيام الفكرة الاجرامية ذاتها عند كل من الفاعلين أي توارد خواطرهم على الاجرام واتجاه خاطر كل فريق منهم اتجاها ذاتيا الى ما تتجه اليه خواطر سائر اعضاء فريقه من تعمد ايقاع الاذى بالمجني عليه )وعليه فلا محل لسبق الاصرار فالفارق بين الاتفاق والتوافق هو اظهار النية الاجرامية وتبادلها او عدم اظهارها فالتوافق اذن هو اتجاه ارادتين او اكثر نحو الجريمة دون ان يكون بينهم اتفاق سابق فالاتفاق بصورة عامة كوسيلة اشتراك او جريمة مستقلة يختلف عن التوافق في النواحي التالية
1- في الاتفاق الجنائي هناك اتفاق على الفعل الجرمي أي اتجاه قصد الجناة الى النتيجة الاجرامية اما في التوافق فلا يوجد اتفاق سابق على الفعل
2- ان الاتفاق يعتبر احيانا كجريمة مستقلة ويعتبر فاعله فاعلا اصليا وكقاعدة عامة وسيلة اشتراك فيعد القائم به شريكا .
اما التوافق فان كلا من القائمين بتنفيذ الجريمة يعتبر فاعلا اصليا
3- لا يعاقب على التوافق الا اذا وقعت الجريمة بخلاف التحريض كجريمة مستقلة وللتوافق اهمية في القانون المصري اذ هو سبب لتشديد العقاب في جرائم الجرح والضرب وتكون المسؤولية الجزائية من السعة بحيث تشمل جميع المتوافقين وان لم يكن بينهم من قام باي عمل واهميته في القانون العراقي محدودة فوفقا للمادة (220 من قانون العقوبات النافذ) يمكن ان يكون باجتماع خمسة اشخاص بخلاف الاتفاق اذ يتم بين شخصين فاكثر . وعليه فالتجمهر لا يتم الا باجتماع خمسة اشخاص فاكثر وان يؤدي ذلك الى تكدير الامن العام وان يكون المتجمهرون قد قصدوا ذلك وان يكون قد صدر قبل ذلك امر من قبل رجال السلطة العامة بالتفرق وسواء كان التجمهر مشروع ابتداءا ام غير مشروع وعليه فان جميع المتجمهرين بعد صدور الامر اليهم يعتبرون فاعلين اصليين 4-ان سبق الاصرار يمكن تصوره في الاتفاق بنوعيه وليس له حضور بالتوافق.و نصت المادة (48)عقوبات “يعد شريكا في الجريمه:2000ـ من اتفق مع غيره فوقعت بناء مع هذا الاتفاق” وعليه لا يكون هناك اشتركا بالاتفاق الا اذا كان هناك ما يلي :ـ
1ـ فعل الاتفاق
ان الشريك يستمد صفته الاجراميه من الفاعل الاصلي وحيث في الاتفاق تلتقي وتنعقد ارادتان بقصد ارتكاب جريمه مهما كان نوعها حيث ينعقد عزم الفاعل والشريك على ارتكاب الفعل المعاقب عليه قانونا فتقع الجريمه بناء على هذا الاتفاق .وتقدير وقوعه يعود لتقدير المحكمه اذ نستنتجه من ظروف ووقائع الدعوى على ان يكون اسنتاجها سائغا ومقبولا مبني على اسس منطقيه فالاتفاق هو حاله معنويه او نفسيه تتكون بالتقاء حالتين على القيام بعمل اجرامي واحد والتعبير عن الاراده يتم بطرق مختلفه فقد تكون شفاها او كتابه او ايحاء ……الخ .ولذلك فان من الصعوبه بمكان اقامة دليل مباشر عليه لانه امر داخلي غير ملموس اذ غالبا ما يقع بصوره سريه وشفويه .
وهو كما يقع مع الفاعل الاصلي يمكن الاتفاق مع الشريك ويجب ان يكون الاتفاق منظم وجاد ومستمر وان تقع الجريمه بناء على ذلك ،فاذا اتفق ثلاثه على قتل رابع وقبل تنفيذ الجريمه اخبر عنهم السلطات فحالت دون تنفيذ الجريمه ووقوعها فليس هناك اتفاق .اذ يجب ان تقع الجريمه بناء على هذا الاتفاق.
وكذلك اذا اراد شخص ان يتعرف على نوايا اخر ولم يقصد الاشتراك معه فلا يعتبر اتفاقا.فالاتفاق يجب ان يكون جادا بان تقع الجريمه بناء على ذلك فيحدد المتفقون الجريمه موضوع الاتفاق ووسائل التنفيذ ومكانه وكل وما يخص موضوع الجريمه وان تكون ارادتهم متجهه الى حصول النتيجه الغير مشروعه وعالمين بعدم مشروعيتها.ان التفاق على ارتكاب الجريمه ذاتها يعني انعقاد العزم على تنفيذها ولا بد ان تقع الجريمه بناء عليه.وبرأينا فان الفاعل اذا لم يرتكب الجريمه ذاتها وبالوسيله والزمان والمكان وكل ما اتفق عليه بشانها عند اتفاقهم عليها فان عملهم لا يعتبر اتفاقا ويكون المنفذ لها هو المسؤول عنها باعتباره فاعلا اصليا ولا يمكن اعتباره اتفاقا لا حيث يعتبره جريمه مستقله وندعم راينا بما يلي:ــ
أـ ان في الاتفاق تكون اردة الطرفين بمستوى واحد.بخلاف التحريض اذ تعوا ارادة المحرض على ارادة الفاعل وقد التقت الارادتان وهما متكافئتان على القيام بالفعل الغير مشروع وانعقدت عليه ،فمحور الاتفاق هو تكافؤ الارادات بينما محور التحريض هو وقوع ارادة الفاعل تحت تاثير ارادة المحرض ،فاذا قلنا ان الاتفاق هو انعقاد العزم بين شخصين فاكثر على ارتكاب جريمه ووقعت بناء على هذا الاتفاق فان الانعقاد يشمل عزمهما على القيام بالفعل الغير مشروع فاذا كان الاتفاق معلقا على الشرط ولم يتحقق هذا الشرط الا ان احدهم قام بتنفيذ الجريمه فلا تلازم بين العزمين لان الانعقاد بينهما كان موقوفا على تحقيق الشرط وبالتالي فان الذي نفذ الجريمة هو المسؤول جزائيا.فلو اتفق شقيقان على قتل احد المتقدمين لابنة عمهما فيما اذا تم زواجها من شخص ثالث،الا ان احدهم وقبل ان يتم الزواج قام بقتل الخاطب فاين هوالاتفاق؟.اذا ان اتفاقهما قد انصب على قتل الخاطب في حالة الزواج فقط .واذا كانت الاراده تتطلب حرية اختيار الفعل او تركه وان هذه الاراده قد علقت على شرط ولم يتحقق هذا الشرط الذي اراده المتفق فان حريه الاختيار اصبحت معدومه وبانعدامها ينعدم الركن المعنوي.
ب ـ ان المشرع لم يعرف الاتفاق كوسلة اشتراك ولكن في هذه الماده (55)من قانون العقوبات الخاصه بالاتفاق الجنائي العام قد اكد على كون (الاتفاق ولو في مبدا تكوينه مستمرا ولو لفتره قصيره)فهو وفقا للماده(55)من قانون العقوبات ان يكون منظما ولو في مبدا تكوينه أي يؤكد المشرع هنا على حالة الانعقادوانتظام الارادات في خط واحد ولو لم يقع اثر نتيجه له.اي ان المشرع وخلافا للقواعد العامه يجعل من الاتفاق ذاته جريمه ولكي يكون كذلك ورغم الحاله الاستثنائيه لهذا النص فانه يوجب ان يكون الاتفاق منظما ولو في مبدا تكوينه أي تلافي الارادات فكيف الحال في الاتفاق كوسيلة اشتراك والذي يجب ان تقع الجريمه بناءا على هذا الاتفاق فان الارادات يجب ان تكون في خط واحد عند البدء بنتفيذ الجريمه او عند تنفيذها كما ان المشرع يوجب ان يكون الاتفاق مستمرا ولو لفتره قصيره.وحيث انه استثنائي فالمفهوم المخالف له ان الاتفاق كوسيلة اشتراك يجب دائما ان يكون مستمرا ومنظما حتى لحظة اتمام الجريمه المتفق على ارتكابها بالصوره المتفق عليها فاذا كان الاتفاق وارتكبت الجريمه بناءا على ذلك فان الشريك يسال جزائيا اما اذا حددت الوسائل او الزمان او المكان او غير ذلك من الامور فيجب ان تقع الجريمه بناء على هذا الاتفاق فاستمراره مده من الزمن يرد على الاعمال المجهزه والمسهلة للجريمه.
2ـ ان يكون بين شخصين فاكثر
ان القانون لا يحفل بالنوايا الا اذا اتخذت لها مظهرا خارجيا غير مشروع اذ ان اكتشاف هذه النوايا مجرده عن اثرها الخارجي من الصعوبه بمكان .فهذا الاثر هو الدليل المادي عليها اذ يجب ان تتخذ سلوكا ماديا وذلك بتوجيهها الى شخص اخر تصادف منه القبول الفوري وسواءا اكان هذا الشخص طبيعيا ام معنويا مثل الجمعيات والشركات والمجالس المحليه فهذه لها اهليه قانونيه تكسب بها الحقوق وتتحمل الالتزامات وهناك من العقوبات مايتلائم وطبيعة الشخص المعنوي ولا بد ان يكون لهذا الاتفاق مظهرا خارجيا فالمحاسبه على النوايا يعتبر تشجيعا ودفعا الى تنفيذ الجرائم.
3ــقصد الاتفاق
سبق وان ذكرنا وان الاتفاق يجب ان يكون مستمرا وجادا ومنظما ويجب ان يكون الشريك لديه قصد الاشتراك بان اراد الفعل والنتيجه وهو مدرك ومختار وعالم ومريد له فالجريمه العمديه(تساوى ارادة الفعل زائد ارادة النتيجه) وقد يكون قصد الشريك بسيطا او مقترنا بظرف مشدد وقد يكون مباشرا او غير مباشر،وقد يكون محددا او غير محددا وقد يكون الفعل مقترنا باحد اسباب الاباحه التي هي لصيقه بالفعل ذاته فتجعل من فعل الشريك مباحه وقد يكون مشمولا باحد موانع المسؤوليه التي تتعلق بشخص الفاعل وليس بالفعل فاذا اختلف قصد احد المساهمين عن غيره فيؤخذ بقصده وقد قضت محكمة التمييز بانه”اذا حدث نزاع اني بين الطرفين فان كل شخص يؤاخذ بفعله الاجرامي وما دام ليس له علاقه بالاخرين”اما الباعث على ارتكاب الجريمه فلا يؤخذ بها الا اذا نص القانون على ذلك.وقد قضت محكمة التمييز”اذا كان باعث مشاركة المتهمه في قتل شقيقتها شريفا يتمثل في غسل عار ولتمكينها من رعاية اولاد شقيقتها القاصرين لمن الاسباب التي تبرر ايقاف تنفيذ العقوبه”كما ان ايقاف التعقيبات القانونيه بحق المساهم لا يمنع من ادانة المتهم الاخر.
4ـان تقع الجريمه بناء على هذا الاتفاق ويجب ان يكون من اثر هذا الاتفاق هو تحقيق النتيجه الجرميه فاذا لم تقع الجريمه بوقوعها تامه ام ناقصه عند البدء بالتنفيذ فان عمل المتفقين يبقى محصورا في اطر الاعمال التحضيريه التي لا عقاب عليها وحيث ان المشرع لم يحدد الاتفاق بنوع معين من الجرائم بل اطلق لفظ الجريمه فان هذا النوع من الاتفاق يشمل الجنايه والجنحه والمخالفه ولابد ان تكون هنالك علاقه سببيه بين الفعل والنتيجه فاذا انعدمت هذه العلاقه فلا محل للاتفاق ولا وجود له. ومن ناحيه اخرى فاذا قام احد المتفقين بارتكاب جريمه اخرى غير المتفق عليها فلا يوجد هناك اتفاق.كما ان حظور احد المتهمين مسرح الجريمه لا يدل بالضروره على كونه شريكا وفي هذا قضت محمة التمييزفي قضيه تتلخص وقائعها بان شجارا محدودا قد حصل ابتداء بين المجني عليه (م)وبين المتهم (س)تدخل فيها المتهم(أ)باطلاق النار عمدا على المجني عليه نجم عنه اصابة المجني عليه بعجز 6%وادانته وفق الماده 405/31من قانون العقوبات وافرجت عن المتهم (س)اذا ان المتهم (أ)قد اعطى الحادثه بعدا واسعا.ومن ناحيه اخرى فنعتقد ان الاتفاق يمكن يؤدي الى جريمه غير عمديه كما لو اتفق شخصان على الاسراع بسياره سيقودها احدهم غدا وفعلا قام الثاني بتنفيذ الاتفاق وادى الى جريمة قتل خطا فالمهم هو الرابطه السببيه بين نشاط المتفق والنتيجه الجرميه
اترك تعليقاً