الابتزاز الالكتروني جريمة يحميها القانون المصري
تعريف الابتزاز
هو محاولة الحصول على مكاسب مادية أو معنوية عن طريق الإكراه المعنوي للضحية و ذلك بالتهديد بكشف أسرار أو معلومات خاصة. و الابتزاز بهذه الصورة يمتد ليشمل جميع القطاعات فنجد ما يسمى بالابتزاز السياسي و الابتزاز العاطفي و الابتزاز الاليكتروني. الابتزاز الإليكتروني هو الابتزاز الذي يتم باستخدام الإمكانيات التكنولوجية الحديثة ضد ضحايا أغلبهم من النساء لابتزازهم ماديا أو جنسيا.
على الرغم من انه بات معروفاً لدى أغلبية مستخدمي مواقع التواصلالإجتماعي و مستخدمي الهواتف الذكية من أن البيانات الشخصية و الصور يمكن سرقتها أو استدراج الضحية للحصول على صور أو فيديوهات لاستخدامها فيما بعد لابتزاز الضحية إلا انه حتى ألان لم تقم مصر بتشريع يمكن من حماية الضحية من الابتزاز الاليكتروني.
لذا نجد أن الضحية تنصاع في أغلب الأحوال لطلبات المبتز خوفاً من الفضيحة و خاصة أن المحاكمات تكون علنية و أن الأحكام يسهل نقضها و بالتالي نجاة الجاني من العقوبة و ذلك لقيام القاضي بالقياس على مواد أخرى في قانون العقوبات حتى يجد عقوبة مناسبة للجاني و هو الأمر الذي يمنعه القانون “ حيث انه لا جريمة و لا عقوبة إلا بنص”
حماية المبتز في القانون المصري
فنجد المادة 327 من قانون العقوبات المصري تحمى المبتز بالنص على كل من هدد غيره كتابة بارتكاب جريمة ضد النفس أو المال معاقب عليها بالقتل أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة أو بإفشاء أمور أو نسبة أمور مخدوشة بالشرف وكان التهديد مصحوبا بطلب أو بتكليف بأمر يعاقب بالسجن . ويعاقب بالحبس إذا لم يكن التهديد مصحوبا بطلب أو بتكليف بأمر وكل من هدد غيره شفهيا بواسطة شخص أخر بمثل ما ذكر يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين أو بغرامة لا تزيد على خمسمائة جنيه سواء أكان التهديد مصحوبا بتكليف بأمر أم لا . كل تهديد سواء أكان بالكتابة أم شفهيا بواسطة شخص أخر بارتكاب جريمة لا تبلغ الجسامة المتقدمة يعاقب عليه بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو بغرامة لا تزيد على مائتي جنيه.
أذن حتى يتم معاقبة المبتز يجب أن يبتز أو يهدد ضحيته أما عن طريق الكتابة ولا يكون التهديد مجرماً إذا كان شفاهة إلا إذا تم بواسطة شخص أخر أي أن المبتز حين يهدد ضحيته بنفسه و لكن شفاهة فهو خارج إطار المحاسبة قانوناً و يمكن أن ينجو بفعلته ؟
قانون مكافحة جرائم الانترنت لا يحمى البيانات أو خصوصية المستخدم
لعل المشرع المصري حين صاغ قانون مكافحة جرائم الانترنت لم يكن يعي أن جريمة الابتزاز و التهديد باستخدام البيانات الشخصية للضحية أو صورها و المتحصلة باستخدام الانترنت هي من جرائم الانترنت لذا لا نجد اى إشارة و لو من بعيد حول هذه الجريمة .
فنجد المادة (12 )من قانون جرائم الانترنت تنص على أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين و غرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه ولا تجاوز 100 ألف جنيه، كل من حاز أو أحرز أو صنع أو أنتج أو استورد أو صدر أو تداول بأية صورة من صور التداول أي أدوات أو برامج مصممة،أو محورة، أو شفرات أو رموز،بغرض استخدامه في ارتكاب أو تسهيلا ارتكاب أية جريمة ،أو إخفاء آثار أو أدلة أيمنا لجرائم المنصوص عليه في هذا القانون.
و بالنظر في نص هذه المادة نجد أنها تعاقب فقط على استخدام البيانات أو الأدوات لارتكاب أو تسهيل ارتكاب جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون فقط و ليس في قانون العقوبات بأكمله اى أنها لا تحمى البيانات الشخصية للضحية ولا تعاقب على انتهاك خصوصية المستخدم أو استخدام بياناته أو تحوريها كما يحدث مع صور الفتيات و تركيبها على صور أخرى لتصوير الفتاة الضحية على أنها من الباغيات.
و حين حاول القانون التطرق لحماية البيانات الشخصية الخاصة بالمستخدم جاء بنصوص ناقصة و لا تضمن الحماية الحقيقية للبيانات أو لخصوصية المستخدم.
و لم يقم القانون بحماية حقيقية ضد استخدام البيانات الشخصية في أمر يسئ لصاحبها بل اكتفى بحماية البريد الإلكتروني فقط و ليس البيانات إلى يحويها البريد الإلكتروني أو البيانات الموجودة بالفعل على جهاز الضحية و التي يمكن اختراقه فنص في المادة (11) يعاقب بالحبس و بغرامة لا تجاوز خمسة ألاف جنية كل من استخدم بريدا الكترونياً لا يخصه في أمر يسئ إلى صاحب البريد.
اى أن استخدام البريد الالكتروني في أمر لا يسئ لصاحبه لا يدخل ضمن مجال التجريم و لكن المشرع حفظاً لماء الوجه و حتى يساير تشريعات معظم الدول العربية إلى أولت الجرائم الالكترونية الاهتمام الكافي
فقام بالنص في المادة (9) على أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وبغرامة لا تجاوز عشرة آلاف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين،كل من اتلف أو أبطأ أو عطل أو اخترق بريدا الكترونياً أو موقعاً خاصاً إذا كان البريد أو الموقع خاصا بآحاد الناس، أما إذا كان خاصاً بأحد الأشخاص الاعتبارية الخاصة تكون العقوبة الحبس وغرامة لا تجاوز خمسين ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، وإذا كان البريد الإلكتروني يخص الدولة أو أحد الأشخاص الاعتبارية العامة تكون العقوبة السجن وغرامة لا تجاوز 50 ألف جنيه.
اى انه لا حماية على البيانات الشخصية الموجودة على البريد الالكتروني بل الحماية تشمل عدم استخدامه في أمر يسئ لصاحبه و عندما تحدث المشرع عن اختراق البريد لم يتحدث عن حماية البيانات نفسها التي يحويها البريد ولكنه عوضاً عن الحماية الكاملة للبيانات ضد اى اختراق من اى شخص قام المشرع بالنص في المادة (13) من نفس القانون على يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه ولا تجاوز 15 ألف جنيه كل مزود خدمة أفشى بغير إذن أو طلب من إحدى جهات التحقيق، البيانات الشخصية لأي من مستخدمي خدمته، أو أي معلومات أخرى تتعلق بالمواقع التي يدخل إليها، أو الأشخاص والجهات التي يتواصل معها. وتتعدد عقوبة الغرامة بتعدد المجني عليهم من مستخدمي الخدمة.
اى انه إذا تم إفشاء المعلومات من شخص غير مزود الخدمة فانه يكون غير معاقب بهذا القانون او بغيره
و جاء القانون الامارتى رقم (5) لسنة 2012 ليعطى حماية اشمل لمستخدمي الانترنت وذلك بالنص في المادة (9)على الحماية صراحة ضد كل من استعمل الشبكة العنكبوتية أو إحدى وسائل تقنية المعلومات في ابتزاز أو تهديد اى شخص.
وعلى الرغم من أن المشرع المصري تأخر عن معظم دول المنطقة في تشريع قانون للجرائم الالكترونية إلا انه عندما شرع قانوناً جاء هذا القانون ناقصاً و معيباً سواء من ناحية الصياغة القانونية أو من ناحية الحماية الفعلية ضد الجرائم الالكترونية.
دعاء شندي : المحامية والكاتبة (مصر)
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً