هل مؤسسة الطعن حماية للقضاة أم للمتقاضي؟
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
إن كون التقاضي في سورية على درجتين أو ثلاثة مع حساب محكمة النقض كدرجة من درجات التقاضي لم يعد يشكل أي ضمانة للمتقاضين ولم يعد له أي أهمية تذكر في تحقيق العدالة لسبب واحد أساسي أن القضاء في الدرجة الثانية وكذلك محكمة النقض والذي يفترض أنه بالأساس قضاء ثلاثي تتم فيه كافة الإجراءات والقرارات بالتشاور والمداولة بين كل أعضاء الهيئة قد أصبح ومنذ زمن بعيد قضاء ثلاثياً في الظاهر فردياً في الحقيقة. وهذا ما لمسته زيادة في الأيام الأخيرة.
فبسبب تعليمات على ما يبدو بسرعة البت بالدعاوى (وهذا مطلب حق ومشكور) لجأت المحاكم وعلى رأسها محكمة النقض لتوزيع الدعاوى على القضاة أعضاء الهيئة ليقوم كل قاضي بفصل الدعاوى المسلمة إليه لوحده وبسرعة قياسية ثم يقوم بقية أعضاء الهيئة بالتوقيع على القرارات التي أصدرها كل منهم.
ومع الاحترام والتقدير للدافع وراء هذا الإجراء ألا وهو سرعة الفصل إلا أنه وفي معظم الأحوال لم يكن في صالح العدالة وأتوقع أنها ستعطي مفعولاً عكسياً يتمثل في المزيد من الطعون ودعاوى المخاصمة ….الخ
هذه الظاهرة قديمة متجددة كما ذكرت وموجودة في كل المحاكم الثلاثية (استئناف، نقض، جنايات)، تنمو أحياناً وتنحسر أحياناً أخرى، ولكنها الأن ملحوظة بشكل كبير… فالذي يجري في هذه المحاكم عادة وبدافع الإسراع بتصريف القضايا أن يتم تقسيم العمل بين قضاة المحكمة، فيتولى كل منهم مجموعة من القضايا يقوم بدراستها ووضع قرارها……. ويحدث في غالب الأحيان أن يتواجد على القوس رئيس المحكمة الذي يتولى استجواب الأطراف أو الشهود ولا يتواجد الآخران المنصرفان إلى مهام أخرى يقومان بها من مهام إدارية إلى تصريف قضايا أخرى، فيقوم أحد المستشارين مثلاً بدراسة الدعوى وإصدار قرار إعدادي يوقع عليه الآخران دون معرفة ومعلم بفحوى هذا القرار وأسبابه ومبرراته وصحته… الخ.
وهكذا فنحن في الظاهر والاسم أمام محكمة واحدة ثلاثية أنشأت أصلاً كضمانة للعدالة بما يتوفر فيها من دراسة مشتركة وتمحيص مشترك لكافة الأدلة التي تعرض أمام القضاة مشتركين، وما توفره المداولات من مناقشة وحوار وتعدد للأراء يوصل إلى حكم أفضل من حيث المبدأ.
وتكون المداولات والمناقشات شبه معدومة أو سريعة جداً تصدر على أثرها أحكام مجافية للحق والعدالة ومنافية للغرض الأساسي الذي وجد من أجله القضاء الثلاثي قضاء الدرجة الثانية
اترك تعليقاً