يرتكب جريمة سرقة السيارات لص أو عصابة من اللصوص وتقع أغلب تلك الحوادث في الشوارع العامة عند تركها من قبل مالكيها بنتيجة أهمالهم كعدم اقفال بالمفتاح أو ان اللصوص يلجأون الى استعمال مفتاح لفتح الباب أو الى ازاحة زجاج النافذة بكسرها أو الضغط عليها بالقوة أو استعمال قضيب رقيق من الصلب يدخله اللص في حافة الزجاجة لفتحها. ثم يقوم السارق بإدارة المحرك باستعمال المفتاح الاصلي للسيارة ان وجد أو اتمام الاتصال الكهربائي بواسطة مادة معدنية موصلة للكهرباء بايصالها بالنضيدة الكهربائية بواسطة قطعة من السلك. وبعد سرقة السيارة، تؤخذ الى كراج أو مكان بعد ازالة معالمها الخارجية كتبديل لون الصبغ او تبديل الارقام بأرقام مزورة، او فك اجزائها كلياً وبيعها، او يقوم السارق بفك بعض اجزائها وغيرها ثم ترك السيارة في مكان بعيد، كما قد يقوم السارق بفك اجزاء السيارة وهي واقفة في محلها الاصلي بدلاً من سرقة السيارة ثم سرقة اجزائها المطلوبة. كذلك يلجأ بعض الشبان الى أخذ السيارات بقصد النزهة او قضاء حاجة أو مصلحة ثم تركها عقب انقضاء المصلحة أو النزهة(1). وأخيراً يلجأ بعض اللصوص الى سرقة السيارات بقصد ارتكاب جرائم اخرى كجرائم السرقات والقتل ثم تركها في مكان ما بعد انتهاء الغرض من استعمالها. وقد شدد المشرع العراقي في المادة (440) العقوبات على من يرتكب جريمة سرقة اجتمعت فيها الظروف الاتية :
1ـ وقوعها بين غروب الشمس وشروقها.
2ـ من شخصين فأكثر.
3ـ ان يكون أحد الفاعلين حاملاً سلاحاً ظاهراً أو مخفياً.
4ـ ان ترتكب السرقة في محل مسكون أو معد للسكن أو في احد ملحقاته وان يكون دخوله بواسطة تسور جدار أو كسر باب او استعمال مفاتيح مصطنعة او انتحال صفة عامة أو الادعاء بأداء خدمة عامة أو بالتواطؤ مع أحد الساكنين في المحل أو باستعمال أية حيلة(2).
وتقوم هذه الجريمة على اركان ثلاثة، محل الجريمة، وركن مادي، وركن معنوي ، ولا تقع هذه الجريمة الا على سيارة مملوكة للغير، ويعني ذلك ان الجريمة لا تقوم الا اذا وقع فعل الاستيلاء على سيارة، سواء أكانت عامة أم خاصة، كبيرة أم صغيرة، وعلى ذلك فأن الجريمة لا تقوم ولو توافر باقي اركانها اذا كان محلها مركبة اخرى كدراجة عادية او بخارية، او عربة تجرها الدواب. كذلك لا تقع الجريمة الا اذا كانت السيارة مملوكة للغير، سواء أكان المالك شخصاً طبيعياً أم شخصاً معنوياً. وقد عبر المشرع عن الركن المادي بعبارة استولى بغير حق ومن ثم فان هذا الركن يتكون من عنصرين، العنصر الأول هو الاستيلاء، وان استعمال المشرع لفظ الاستيلاء دون لفظ الاختلاس على انه لا يقصر التجريم على حالة ما اذا اتخذ الفعل صورة الاختلاس في معنى جريمة السرقة، انما يتحقق الاستيلاء على السيارة سواء أكان مصحوباً بالاعتداء على الحيازة كما هو الشأن في الركن المادي في جريمة السرقة، أم كان غير مصحوب بذلك لرضاء المجني عليه بنقل حيازة السيارة محل الجريمة الى الجاني كما في جريمة الاحتيال او لسبق وجود السيارة في الحيازة الناقصة للجاني كما في جريمة خيانة الامانة(3). ومثال على الحالة الاولى أن يأخذ الجاني السيارة خلسة كما لو كان المجني عليه قد تركها أمام منزله او في الكراج الخاص به، او عنوةً كما لو اعتدى الجاني على مالكها وأخرجه منها ثم قادها الى حيث أخرجها من سيطرة المجني عليه.
ومن أمثلة الحالة الثانية ان يحتال الجاني على المجني عليه فيسلمه السيارة ابتغاء اصلاحها او تنظيفها او تقييمها تمهيداً لبيعها ثم يستعملها في غرض اخر لم يسمح له به المجني عليه. ومثال على الحالة الثالثة ان يكون المجني عليه قد عهد بسيارته الى وكيل لبيعها، او الى فني لاصلاحها او اودعها في كراج، في جميع هذه الحالات اذا استعمل الوكيل او الفني او المودعة لديه السيارة في غير الغرض المحدد في عقد الامانة اعتبر ذلك استيلاء بغير حق. اما العنصر الثاني ـ ان يكون الاستيلاء بغير حق ـ ، وقد اشترط الشارع في الاستيلاء ان يكون (بغير حق)، وذلك كي يتحقق الاعتداء على الحيازة الذي تفترضه هذه الجريمة. وبناء على ذلك يستبعد من نطاق التجريم حالة ما اذا كانت تربط المتهم بمالك السيارة علاقة قانونية تخوله ان يتسلمها ليحتفظ بها أو يستعملها أو ينتفع بها(4).أما الركن المعنوي في هذه الجريمة العمدية فيتخذ فيها صورة القصد الجنائي، وهو قصد عام يقوم على عنصرين، عنصر ايجابي يتمثل باتجاه ارادة الجاني الى الاستيلاء على السيارة مع علمه بأنه يقوم بفعل استيلاء، وبأن هذا الفعل يقع على سيارة مملوكة للغير، وبأنه ليس من حقه الاستيلاء على السيارة، فاذا انتفى هذا العنصر بأن كان المتهم يعتقد مثلاً ان السيارة التي يستولي عليها هي سيارته لتماثل السيارتين في النوع واللون او لعدم تبينها في الظلام، او كان يعتقد ـ لشدة الصدمات التي وقعت عليها وتركها في الطريق مدة طويلة ـ ان صاحبها قد تخلى عن ملكيتها، أو كان يعتقد ان من حقه الاستيلاء عليها كما لو كان مجنياً عليه في جريمة احتيال ادعى الجاني ملكيته لهذه السيارة وباعه اياها واستولى منه على ثمنها، في كل هذه الفروض لا تقع الجريمة لانتفاء القصد الجنائي. أما العنصر السلبي في القصد المتطلب لهذه الجريمة، فهو الا تتوافر لدى الجاني نية تملك السيارة، اذ ان توافر هذه النية تتحقق به جريمة السرقة أو النصب او خيانة الامانة بحسب الاحوال. وانتفاء نية التملك يكفي لتحقيق هذا العنصر، فيستوي بعد ذلك ان يكون الجاني قد توافرت لديه نية استعمال السيارة ثم ردها، او التظاهر بملكيتها، او حق اخفائها عن عيني صاحبها ابتغاء مضايقته(5).
_______________________
1 – محمد عارف، الجريمة في المجتمع، بغداد 1975، ص31.
2- صدر قرار مجلس قيادة الثورة المرقم 1631 في 30/10/1980 وشدد عقوبة مرتكب الجرائم المنصوص عليها في المادة (440) من السجن المؤبد أو المؤقت الى الاعدام، وصدر قرار مجلس قيادة الثورة برقم 59 في 4/6/1994 يعاقب بقطع اليد اليمنى من الرسغ كل من ارتكب اياً من جرائم السرقة المنصوص عليها في المواد (440،441،442،443،445) وعلى مرتكب جريمة سرقة السيارات وتقطع رجله اليسرى من مفصل القدم في حالة العود. وتكون العقوبة الاعدام بدلاً من القطع اذا ارتكبت جريمة السرقة من شخص يحمل سلاحاً ظاهراً او مخفياً أو اذا نشأ عن الجريمة موت شخص. واستثنى القرار حالات معينة من التطبيق وعدل بموجب القرار 14 في 25/8/1994.
3 انظر الدكتورة فوزية عبدالستار، القسم الخاص، مصدر سابق، ص790.
4- انظر الدكتور محمود نجيب حسني ، شرح قانون العقوبات ، القسم الخاص ، القاهرة ، 1986 ، ص954 .
5- انظر الدكتورة فوزية عبدالستار، المرجع السابق، ص792.
المؤلف : عبود علوان منصور
الكتاب أو المصدر : جريمة السرقة اسبابها والاثار المترتبة عليها
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً