مقال قانوني حول رقابة مجلس الدولة والقضاء الإداري على عمل الإدارات الحكومية

اين رقابة مجلس الدولة والقضاء الإداري على عمل الادارات الحكومية؟

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

ان أي دولة لا تظهر جلية وواضحة الامن خلال تصرفاتها واعمالها وحركتها ونشاطاتها عن طريق مؤسساتها وتنظيماتها وهيئاتها وتسمى هذه المؤسسات والهيئات والتنظيمات التي تتكون الدولة منها بالادارات أو الجهات العامة

ولقد انتشر لفترة طويلة من الزمن حظر أو كبت كل رقابة قضائية على اعمال هذه الدولة المتمثلة والمتجسدة في هذه الادارات أو الجهات العامة

لكن فيما بعد ابتكر رجال الفكر والقانون من جميع الامم والشعوب سلطة مستقلة وحيادية عن الإدارة لمراقبة تصرفاتها وافعالها فأبدعوا فكرة الرقابة القضائية المتمثلة في مجلس الدولة ( أو القضاء الإداري ) على اعمال الإدارة وتصرفاتها وقرروا مبدأ المشروعية الذي يستند عليه بناء كيان الدولة الحديثة والمتورة ويعبر عنها بسيادة القانون ودلة المؤسسات أي ان تكون كافة اعمال الإدارة وتصرفاتها تمارس وتطبق في حدود الضوابط القانونية ومبادئ العدالة المنصوص عليها في دستور الدولة الذي يعتبر أتسمى قوانين الدولة حيث العقد يخلق المجتمع والدستور ينظمه

مجلس الدولة وفصل السلطات
ان اقرار مبدأ المشروعية كان حصيلة نضال شعوب كافحت وناضلت لإرساء هذا المبدأ على اسس ومفاهيم وهي الفصل بين السلطات الذي قال به نظر له الفيلسوف الفرنسي مون تسكيو أي ان تكون مهام الدولة الثلاث التشريعية والقضائية والتنفيذية محددة وواضحة ولا تعتدي سلطة على حساب اخرى السلطة تحد السلطة وهذا التحديد والوضوح لا يعني الانفصال والتفريق التام بين هذه السلطات وعدم تعأونها وانسجامها بل يتطلب التكاتف والتعاون والتعاضد فيما بينها لتعزيزها وتطويرها وتحقيق الفائدة للوطن والمواطن

ويتعين ان تلتزم الادارات بالقانون وان تحترمه وتطبق احكامه ونصوصه بروح عالية من المسؤلية والوجدان

ويتعين على السلطات التنفيذية تنفيذ وتطبيق الاحكام القضائية التي تصدر تطبيقا لاحكام القانون لكن ما الذي يجري الان؟

هل مجلس الدولة موجود ويقوم بدوره على اكمل وجه؟

هل يتم تنفيذ الاحكام القضائية؟

هل تلجأ الادارات الى القضاء الإداري؟

هل يتجرأ موظف ان يلجأ الى القضاء الإداري أو يعرف ما هو القضاء الإداري؟

هل يتخذ القضاء الإداري قرارات عادلة بحق المدراء الذين يتعسفون في استعمال السلطة؟

هل يراقب القضاء الإداري اذا كانت تصرفات الإدارة تتم في حدود وقيود القانون والدستور؟

هل توجد محاكم ادارية في جميع المحافظات السورية ليلجأ اليها الموظفين؟

هل يوجد قانون اصول محاكمات واجراءات ادارية للاستناد أتليه ؟

المشروعية ونابليون
ان مبدأ الشرعية قد اصبح منذ فجر النهضة الحديثة من المبادئ العليا واصبح يرتبط بالحرية ويحميها واصبح من انشاء مجلس الدولة الفرنسي على يد نابليون بونابرت في 25 كانون الأول عام 1799 من المبادئ التي تهيمن على القانون العام

ومبدأ المشروعية لا يعني اكثر من سيادة القانون بمعنى ان تكون جميع تصرفات الإدارة في حدود وقيود القانون ويقصد بالقانون معناه الواسع والعام الشامل لجميع القواعد الملزمة في الدولة سواء اكانت مكتوبة آم غير مكتوبة ايا كان مصدرها مع مراعاة التدرج في قوتها فعلى الإدارة ان تخضع للقانون في ممارستها لأوجه نشاطها بل ان الإدارة غير ملزمة بان تتصرف في حدود القانون فحسب بل هي ملزمة بان لا تتصرف الا بناء على القانون فلا تصدر قرارا اداريا غير مستند الى نص قانوني وواضح بالمعنى العام ففي ايلول عام 1966 اقرت الجمعية العامة للامم المتحدة اتفاق دولي حول مبدأ المشروعية والحقوق المدنية والسياسية للمواطنين وطرحته على الدول لتوقيعه

ولقد بات من البداهة ان أي دولة لا يسودها القانون هي اقرب الى الدولة البدائية وليس لها مكان الان واي دولة لا يطبق فيها القانون بشكل صحيح وسليم انما هي دولة استبداد وطاغوت

وسيادة القانون في أي دولة مؤشر يدل على تقدمها واحترامها لشرعة حقوق المرء الطبيعية وصون كرامته ورعايته

والى القضاء الإداري يلجأ كل مواطن ليحتمي به عندما يحس ان الحكومة قد أوقعت به ظلم أو سلبت منه حقا أو جحدته فيقوم مجلس الدولة كمنارة عالية وراية خفاقة يهدي من يشكو ظلام التعسف وجبل راسخ وشامخ تتكسر عليه اعداء كثيرة من موجات الانحراف عن القانون أو سوء تأويله أو تطبيقه وقوة صلدة تحطم فورات الاستبداد البغيض

وعلى قضاة مجلس الدولة ان يجسدوا هذا الدور وان يحموا المواطنين من الاعتداء وان يحموا الدولة من الاعتداء عليها وعلى اموالها وعلى المال العام هذا القضاء وهذا المجلس فعال في فرنسا ودول اخرى منذ 200عام الم يحن الوقت عندنا في سورية ليكون هذا القضاء فعال ويؤدي دوره في تطور وتقدم البلد ؟

سلامة اداء الإدارات مصلحة سورية
ان سلامة وصحة اداء الادارات العامة في اعمالها وضمان تحقيقها لاهدافها كاملة هو في مصلحة تطوير وتحديث سورية وفي حال عدم قيام الادارات بذلك يجب ان لا نتركها حرة بل نشدد الرقابة القضائية المتمثلة في مجلس الدولة عليها واحكام هذه الرقابة وصلاح اداة الحكم وجهاته العامة هدف اساسي وسام من اهداف الدولة الحديثة في تحقيق ما انشئت من اجله وهذا أول ما بدأ به واشاعه قائدنا الشاب الدكتور بشار الاسد في ثنايا خطاب القسم ومن تحقيق هذا الهدف الراقي لا من احكام الرقابة القضائية على اعمال الادارات والجهات العامة فيما يتعلق بتصفاتها واعمالها وقراراتها وتوجهاتها وما اذا كانت مطبقة لمبدأ الشرعية آم لا على نحو يكفل تحقيق الصالح العام ورفاهيته واطمئنان المواطنين واستقرارهم في وطنهم لتعميره وتطويره والمساهمة في تقدمه واشادة مداميك الخير والعطاء فيه واخذ المقصر بجرمه وخطئه ومكافأة المجد في عمله تأكيدا لاحترام سيادة القانون ومشروعيته

اهمية الرقابة القضائية
تعد الرقابة القضائية من اهم عناصر نشاط الدولة فهي عنصر هام حيوي في العمل التنفيذي نفسه وصحته لمراقبة سير العمل ونتائجه وتقويم ما اعوج منه ولا يكفي في هذا الصدد رقابة الرئيس لمرؤوسيه بل يجب ايجاد هيئات رقابية مستقلة على اعمال الادارات وهذه الرقابة القضائية ضرورية وحيوية وجديرة بالاهتمام وتقف بجانب الرقابة التي يمارسها كل رئيس أتداري على مرؤوسيه الا ان الرقابة القضائية اجع وادق وتحمل قسمات الاستقلال عن الإدارة

فالرقابة هي التي تظهر العيوب وتحدد مواطن سلامة العمل الإداري وان اعادة الأمور الى نصابها الصحيح لا تتم لا باعمال الرقابة على اعمال الادارات العامة والا فان مبدأ سيادة القانون يصبح مريضا مكلوم الخاطر مجروح الفؤاد وتصبح تصرفات أي رجل من رجالات احدى الادارات العامة فردية مسلطة على رقاب العباد والبلاد يستعملها المسؤول كيفما يشاء وأراد وفي الظرف الذي يريد وهذا ما حصل عندنا حيث تشكل الإدارة اليوم عندنا نقطة ضعف كبيرة وهذا عطل تنفيذ المشروع التطويري والتحديثي للسيد الرئيس الشاب بشار الاسد لان الإدارة الكفوءة المدربة هي اداة تنفيذ مشروع التحديث والتطوير والعصرنة

المحكمة الادارية العليا
تعتبر المحكمة الادارية العليا ذروة وقمة الرقابة يندرج تحت رقابتها كل شيء تقريبا لكننا لانسمع كثيرا بفاعلية هذه المؤسسة المطلوب اليوم ان يتم خلق حراك عام في جميع المجالات لاسيما في ميدان القانون والتشريعات والقواعد العامة للتنظيم القضائي في سورية من تشابك وتوازي الاصلاحات في جميع المجالات لتسير مع بعضها ليصل الاصلاح الى مبتغاه

لقد اقام افلاطون قديما نظام من فوق العناصر المنتخبة مجلسا اعلى سماه مجلس عقلاء كسلطة عليا نزيهة وحيادية ليراقب اعمال الجهات العامة في الدولة ويصوب ما اعوج من تصرفاتها ويوجب على الدولة الرجوع أتليه في جميع اعمالها على الرغم من القانون متحديا في ذلك وجود القانون الا ان الحكيم سقراط نادى بسيادة القانون واعتبره المثل الاعلى في الدولة وهو الذي يجب ان تفوق ويطبق في حياة الفرد والجماعة والا فلمن نجعل التفوق للعدد آم للثروة ؟

آم للشجاعة القتالية ؟ آم للعلم ؟ آم للفضيلة ؟ آم للعبقرية ؟

اذا لابد ان نلجأ الى مجلس العقلاء الذي نادى به افلاطون والمكون من كبار المفكرين والعلماء والفقهاء والفلاسفة لمراقبة اعمال السلطة

ولابد من القول ان المسؤولية الادارية والرقابة القضائية على اعمال الادارات التي هي اداة تحقق المسؤولية لا تعني تصيد الاخطاء والتهديد بالعقوبة وفق المفهوم البالي لها وانما تطورت ارتقت على النحو الصحيح لتتمشى مع الاعباء الحديثة للإدارة العامة وهي تحقيق الاهداف والوفاء بمتطلبات الجماهير واشباع حاجاتهم ومجابهة مشاكلهم والوفاء لهم وان نقدم لهم خدمة سريعة رخيصة دون اذلالهم وتعذيبهم بان يأتوا الى المرفق الإداري خمس أو ست مرات للحصول على امر بسيط لان الإدارة هي لخدمة الشعب وليست وصاية وسلطة على الناس

مجلس دولة واضح فاعل
نريد ان يلعب مجلس الدولة دورا هاما وحيويا في عملية الرقابة على اعمال الادارات والجهات التابعة و لها فيتلقى التظلمات من كافة المواطنين بصدر رحب ويحاول بل ويعمل بشكل مؤكد عبر هيئة قضاء أداري ان يجد العلاج والدواء المناسب لاي قضية

وان نظام مجلس الدولة ورقابته يجب ان يراقب بعين باصرة ونافذة مدى التزام الادارات الحكومية بالقوانين والانظمة ومدى احترامها لمبدأ الشرعية

ولا يفوت مجلس الدولة من خلال ممارسته ارقابته تلك ان يوجه الحكومة والقائمين بالأمر الى تدارك ما قد يظهر من أوجه النقص أو الغموض في التشريعات والقوانين وطلب اعادة النظر فيها على ضوء ما يكشفه قضاة مجلس الدولة ومستشاروه من خلال تطبيقهم العملي لتلك النصوص والتشريعات ولينا في سورية قوانين كثيرة مضى عليها اكثر من اربعين عام ولابد من تحديثه أو اعادة النظر بها بما ينسجم مع الرؤية التطويرية لرئيسنا الشاب الدكتور بشار الاسد رمز التطور والحداثة

ومن بين توصيات المؤتمر القطري العاشر للحزب احداث مجلس شورى يضم خبرات وكفاءات سياسية وقانونية نرجو ان يرى هذا المجلس النور سريعا ليدعم عمل القضاء الإداري ويدعم تطوير القوانين والتشريعات كما يجب الاهتمام بإدارة قضايا الدولة وان تصل اليها يد التطوير والتحديث

قضايا هامة جدا على ما اعتقد تحتاج الى متابعة وعمل عرفنا بها من خلال الدورة التحضيرية في المعهد الوطني للإدارة العامة وما نرجوه ان تلقى الاهتمام من قبل المعنيين بانجازها.

شارك المقالة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.