صك شرعي بتفريق زوجين لعدم الكفاءة النسَبية بالسعودية

صك شرعي بتفريق زوجين لعدم الكفاءة النسَبية بعد إنجابهما طفلين

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

الزوجة تفضل البقاء في “الإصلاحية” على الإقامة مع إخوانها

الوطن – الدمام- حبيب محمود، حامد الشهري: على الرغم من تمسّك الزوجين بزواجهما وطفليهما وتوسلاتهما حماية عش الزوجية من الخراب؛ حكم أحد القضاة بمحكمة الجوف بفسخ عقد الزواج مستنداً إلى ما وصفه “عدم الكفاءة النسَبية”. ولم يشفع لهما أن “العقد صحيح” طبقاً لمنطوق صكّ الحكم ذاته الذي تجاوز طوله المتر. ولم يبحث الحكم في أن الزواج تمّ بموافقة والد الزوجة، ولم يذكر الصك أن بين الزوجين طفلين أصغرهما لم يُكمل عامه الأول، ولم يُشر إلى أنهما يعيشان في بيت تسكنه المودة والرحمة.
واستناداً إلى “العرف”، واستنتاجاً لكلّ الحيثيات؛ قال القاضي في ذيل صك الحكم: “حكمتُ بفسخ عقد نكاح المدّعى عليه من المرأة وعليها العدة الشرعية حسب حالها اعتباراً من تاريخ الحكم ويشمل هذا الحكم التنفيذ المعجل بحيث يفارق المدعَى عليه المرأة”.

وبعد شهور من صدور حكم القاضي بالتفريق بين الزوجين بدأت أحداث درامية، حيث تنقل الزوجان (منصور. ت، وفاطمة ) من الجوف بين القصيم و الخرج وجدة، وصولاً إلى الدمام التي فضّلت فيها الزوجة “أم سليمان” البقاء في إصلاحية المنطقة الشرقية، بين السجينات، على العيش بين إخوانها في مدينة الخبر.. لأنها كما تقول في حديث لـ”الوطن”: “لا تريد إلا زوجها وطفليها”.

وأضافت فاطمة “أم سليمان”: “قلتُ للقاضي في أول جلسة إنني أعيش مع زوج صالح في حياة سعيدة ومستقرّة وأريد الاستمرار في هذه الحياة”.
مؤكدة “أنني رفضتُ الدعوى التي رفعها أخي غير الشقيق منذ بدايتها وطلبتُ صرف النظر عنها”. لكنّ رفض الزوجة للدعوى وتمسكها بزوجها الذي وثقه صك الحكم أيضاً، ومساندة والدتها وأشقائها الستة لها.. كلّ ذلك لم يؤثر في صدور الحكم لصالح كيان الأسرة.

ويقول منصور “تقدمتُ للخطبة مثل بقية الناس، وحصلتُ الموافقة من والدها بعد وقت من السؤال عني والبحث في شخصيتي، ثم أُجريَ العقد من خلال المحكمة الكبرى بالخبر، بداية شهر صفر 1424هـ، بموجب الصداق و3 شروط هي: أن أكون مستقيماً على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، البقاء في الوظيفة بعد التعيين، وسكن مستقل”. (تحتفظ “الوطن” بنسخة من العقد) وتؤكد الزوجة بدورها لـ شهادتها بـ “الاستقامة” ووفاء الزوج بالشروط.

بعد شهور من الزواج فوجيء الزوجان برفع الدعوى ضدهما لدى المحكمة العامة بالجوف، وفي منتصف رمضان 1424هـ افتُتحت الجلسة التي ترافع فيها أخ الزوجة غير الشقيق مطالباً بفسخ العقد وكالة عن والده. وقال المدّعي في مرافعته “إننا ننتمي إلى قبيلة” في حين إن “المدعى عليه يُعتبر من الصنّاع. وبعد 3 أشهر توفي والد الزوجة الذي وكّل ابنه في القضية، لكنّ ذلك لم يحل دون استمرار المرافعات والمدافعات وشهود الإثبات الذين أفادوا بانتماء الزوج إلى إحدى القبائل المعروفة، وكذلك شهود النفي، فضلاً عن المكاتبات الحكومية التي طافت عدداً من مدن الشمال ، لتستقر في 14 جمادى الآخرة 1426هـ على الحكم الذي صدر رسمياً في 16 رجب. وقد صدر الحكم من محكمة الجوف في الوقت الذي كان فيه منصور يقيم في عنيزة، حيث مقرّ عمله ومسكنه.

في صكّ الحكم، الذي تجاوز عدد كلماته 3 آلاف كلمة، الكثير من الاستشهادات التي تؤكد سماحة الدين الإسلامي واحترامه لإنسانية الإنسان من خلال زيجات تمّت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم. واستشهد الصك بأن النبي صلى الله عليه وسلم “أمر فاطمة بنت قيس أن تنكح أسامة بن زيد مولاه”، كما أن بلال بن رباح كان زوج أخت عبدالرحمن بن عوف. وكان سالم، وهو مولى لأمراء من الأنصار، زوجاً لابنة أخي أبي حذيفة بن عقبة بن ربيعة. وهذه الحقائق المروية عن ثقات السلف لم تساعد على الإبقاء على العقد بين زوجين جمعتهما سنة الله ورسوله. علاوة على أن الزوج واثق من انتمائه، كما أن الزوجة ومعها والدتها وأشقاؤها وشقيقاتها أكدوا معرفتهم بأصله وفصله.

والمثير للغرابة، أيضاً، أن صورة الحكم التي اطلعت عليها “الوطن” جاء فيها “سيتمّ بعث نسخة من الحكم إلى المدعى عليه وإفهامه بأنّ مدة الاعتراض هي30 يوماً ويسقط بعدها حقه في الاعتراض”. إلا أن منصور يؤكد أنه لم يحضر جلسة الحكم ولم يحضر وكيله ولم يعلم بالحكم إلا بعد أشهر من صدوره، وهذا يعني سقوط حقه في الاعتراض على الحكم وتمييزه من قبل هيئة التمييز القضائية وبالتالي؛ فإن الحكم يُعتبر نافذاً يقول: “كنتُ وزوجتي في منزلنا، في عنيزة، حين طرق رجال الأمن الباب، ثم أخذوني إلى مقرّ الشرطة لأكتب إقراراً بتنفيذ الحكم”.

ويضيف “أخبرتُ زوجتي التي لم تكن أقل مني إحباطاً، ثم اتفقنا على البحث عن حلّ مع إخوانها المعترضين، خاصة أن والدتها وأشقاءها الثلاثة وشقيقاتها الثلاث كانوا في صفّنا، وسبق أن حرروا طلباً لمحكمة الجوف يعلنون فيه موقفهم الإيجابي (تحتفظ “الوطن” بنسخة منه) وبترتيب معهم نقلتُ زوجتي إلى خالتها في مدينة الخرج، ريثما نوجد حلاً، لكن إخوانها المعترضين اكتشفوا مكانها وأخذوها إلى حيث يسكنون في الخبر”.

القصة لم تنته، بل بدأت فصلاً أكثر حرجاً مجدداً؛ إذ تلقى منصور اتصالاً من فاطمة “أفادت فيه بأنها سمعت كلاماً عن تزويجها وطالبت بحلّ”. ثم اتفقا على رفع شكوى لدى الجهات المختصة في محافظة جدة.

و بالفعل سافر منصور من القصيم إلى الشرقية والتقى فاطمة وسافر معها إلى جدة وأقاما في شقة مفروشة”. لكنّهما سُرعان ما فوجئا برجال الأمن يطرقون باب الشقة ويأخذانهما إلى الشرطة، استناداً إلى بلاغ معمّم على مستوى المملكة، رصدَ رحلتهما الجوية، وتوصل إلى حيث يقيمان. وبعد إجراءات استمرّت يوماً ونصف يوم رُحّلا إلى الخبر، وشرعت شرطة المحافظة في تسليم “أم سليمان” إلى إخوانها.. وهناك وقعت أم سليمان بين خيارين: إما الذهاب مع إخوانها، أو الإقامة في إصلاحية المنطقة. فاختارت الإقامة بين السجينات. وقالت لـ”الوطن”: “اخترتُ حماية الدولة على الإقامة مع إخواني الذين سعوا إلى هدم حياتي الزوجية”.
وأضافت: “إنني واثقة من الشريك الذي كتبه الله لي وأنجبتُ منه طفلين، وهو رجل أعرف أصله وفصله، ولا أريد غيره في هذه الحياة، وإذا طالت الأزمة فإنني سأحتسب أمري إلى الله وأقيم هنا بين السجينات.. ولن أقبل خياراً آخر”.

شارك المقالة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.