صديقي تعرض للابتزاز.. كيف تصرفت معه ؟
خالد الشكيلي
انتشرت مؤخرا رسالة نصية في برنامج الواتساب تتحدث عن قصة شاب عماني مع شخص من أحد دول المغرب العربي يروي فيها حكاية ابتزازه أكثر من 800 شاب في السلطنة وحدها، وبمبالغ كبيرة جدا. أثارت هذه الرسالة لغطاً كبيراً في المجتمع، بين مصدق ومكذب، وبين من يقول بأن الشاب العماني ليس بالسذاجة التي تجعله يرضخ لشهوة “غيرة مضمونة” أو للابتزاز بعدها إن حدث ذلك.
والواقع أن جل مكذبي الرسالة ينطلقون من منطلق حسن الظن بالعماني، خُلقياً ومعرفياً وذكاءً، ولكن حسن الظن لا يعني أن كل ما في الرسالة خطأ، فمن باب الحيطة يجب الوقوف عندها بعناية والنظر في محتواها والبحث عن حلول لها، وإن قيل بأن الرقم مبالغ فيه، والعدد المذكور في الرسالة عموماً ليس موضع الأهمية فقط، ولكن فحوى الرسالة ذاتها، ففي إذاعة الشباب تحدث عبدالله البحراني عن الرسالة وأكد ما فيها بل وذهب إلى أبعد من ذلك وقال بأن عدد ضحايا الابتزاز يزيد على 800 شخص، ومن الجنسين.
ولعله من المناسب أن أذكر قصة أحد الأصدقاء في هذا الجانب، فقبل عدة شهور جاءني صديق وعلامات الهم بادية في ملامحه، واستحلفني كثيراً أن أكتم سره قبل أن يخبرني أمره، فيقول:في أحد الليالي أرسلت له فتاة رسالة في الفيسبوك تطلب التواصل والحديث معه، ولأنه لم يكن يفعل شيئاً آخر وقتها قَبِل الأمر، وتحدثا قليلاً وبعدها طَلبتْ منه أن يفتح الكاميرا لمحادثة مرئية. ويضيف: كنت متردداً أول الأمر، ولكن قلت هي فتاة غريبة بعيدة ولن يعلم عني أحد، لذلك بدأنا المحادثة، وكانت شبه عارية. خفت صوته قليلاً في خجل قبل أن يكمل سرد حكايته، ليصف لي بعدها كيف طلبت منه أن يخلع ملابسه، وكيف أن الفتاة كانت تتجاوب معه بطريقة مثيرة أفقدته صوابه.
وفي قمة الرغبة والاستمتاع، اختفت الفتاة وانقطع الاتصال، لتعود بعدها بدقائق، برابط مقطع في اليوتيوب فيه تسجيل كامل لمحادثتهما و تصوير له بوضع مخل، ثم أرسلت له قائمة أصدقائه كلها، وبدأت تهدده بفضحه إن لم يدفع! أُسقط في يده ولم يدر ما يفعل، وبين أخذ وعطاء اتفقا أن يرسل إليها مبلغ 400 ريال أول الصباح مقابل أن تحذف المقطع وتتكتم عليه. ولكن ذلك لم يحدث، فبعد يوم من إرسال المبلغ، أرسلت له الفتاة تطلب المزيد وتهدده مرة أخرى، وتحت الضغط والخوف أرسل 400 ريال أخرى نهاية الشهر.
ومرة أخرى طلبت منه، وهنا أدرك أن الأمر لن ينتهي، وأنه كلما أعطاها ألحت في الطلب مرة أخرى، وهو لا يستطيع دفع مبلغ كبير كهذا كل شهر، لذلك جاء يسأل كيف يتصرف. وحقيقة الأمر، كل المبتزين كذلك، فالمبتز لا يكترث لحالة الضحية النفسية أو المادية حتى وإن كان يعرفه، فكيف إذا كان لا يعرفه؟ ولماذا يترك المبتز شخصاً يدفع بسخاء ودون تردد في سبيل الحفاظ على سمعته من خطأ “بسيط” فعله في لحظة ضعف؟ لا، مستحيل أن يتوقف، ومادام الضحية يدفع، سيستمر في الطلب، ومع الأيام يزداد إصراراً ويطلب مبالغ أكبر وأكثر، فمع نشوة المال تأتي نشوة السلطة والقوة التي يظن أنه يملكها على ضحيته.
فكيف تصرفت مع صاحبي؟
الواقع أن الأمر جد بسيط، قد يتطلب شجاعة و”مغامرة” من الضحية، ولكن الأمر فعلاً بسيط جداً، فقط تجاهل! هكذا وبكل بساطة، هل أخطأت؟ نعم، هل ستدفع؟ لا! ماذا تفعل؟ احظر حساب المبتز! قد يرى البعض في ذلك مغامرة ولكن بقليل من التفكير ندرك أنها ليست كذلك حقاً. المبتز شخص ضعيف مهزوز جبان، والابتزاز برمته قائم على الكتمان، بمعنى تستر المجرم و التهديد بهتك سر الضحية، والمبتز في هذه الحالة لا يكترث إلا بالمال، ولن يضيع وقته في فضح إحدى ضحاياه، فسيبحث عن ضحية أخرى مباشرة عوضاً عن إنفاق وقته على “مشروع خاسر”. هكذا ببساطة.
كيف أحمي نفسي؟
لن أكرر الكلام المتداول في وسائل التواصل حول “كن رجلا” أو “اتق الله” ونحوها، لأنني أدرك أن كل البشر في لحظة ما قد يضعفون، تلين جدرانهم المنيعة، وفي هذه اللحظة قد يفعلون خطأ بسيطاً يؤذيهم. وأنا لست بصدد محاسبة أحد؛ فالضغط النفسي الناتج عن الابتزاز يكفي كعقوبة للفرد المخطئ، ولكن الواجب علينا كمجتمع الآن التحذير من لحظات الضعف هذه، ومحاولة تجنيب إخواننا وأبنائنا مخاطر الابتزاز. لذا وأنت تتصفح الشبكة انتبه لهذه النقاط:
– شبكات التواصل الاجتماعي للتواصل الاجتماعي، لذلك تجنب التواصل مع شخص لا تعرفه.
– توفر شبكات التواصل الاجتماعي كل ما تحتاجه للاتصال بالآخرين، كتابة وصوتاً وصورة، لذلك من يطلب استخدام برنامج آخر عادة يريد ابتزازك.
– لا توجد فتاة في مجتمعاتنا تعرض عليك محادثة مرئية بهذه السرعة، كن ذكياً.
– من يطلب الصداقة سيسأل عن أفكارك وتوجهاتك، ومن يريد خداعك لن يفعل ذلك.
– إياك أن تعطي شخصاً لا تثق به أية معلومات شخصية، سواء رقم الهاتف أو العمل أو أي شيء، لأنها قد تستخدم ضدك فيما بعد.
– وأخيراً تذكر أن كل ما يعرضه المبتز متعة مرئية لا أكثر، محادثة عن بعد، وهي مهما ظننت ليست متعة حقيقية، لذلك لا تجعل نفسك عرضة للخداع.
هل وقعت ضحية ابتزاز؟
لا تخف، كلنا يخطئ، ولكن قلة منا من يعترف بخطأه، والاعتراف بالخطأ دليل قوة لا دليل ضعف، ومهما استعظمت الخطأ يبقى صغيراً مقابل ما يطلبه منك المبتز، ومقابل ما ستشعر به لو استجبت له. لذلك إن وقعت ضحية أحدهم اتبع التالي:
– المبتز يلعب على وتر الفضيحة، لذلك لا تعطيه المجال ليتحدث وتشعره بأنك خائف، احظره مباشرة.
– إن تحدثت معه وطلب منك مبلغاً ودفعت، توقف الآن ولا تستجب له أكثر، احظره مباشرة دون كلام.
– الحوالات المالية تتطلب معلومات حقيقة للمستلم، احتفظ بها لأنك ستحتاجها.
– قم بتبليغ إدارة شبكة التواصل الاجتماعي عن الحساب وأنه شخص يستغله للابتزاز وستتخذ الإدارة اللازم.
– في حال رفعه مقطعاً مصوراً لك في موقع اليوتيوب، قم بالتبليغ عنه لإدارة الموقع بأنه مقطع جنسي تم تصويره لك بدون علمك وسيحذف الحساب بأكمله.
– قد يمتلك المبتز حساباً آخر ومنه يستطيع رؤية أصدقائك ويسعى لفضحك معهم، لذلك عطل حسابك لعدة أيام.
– إنشاء حساب جديد في الفيسبوك ليس بالسهولة التي كانت عليه في السابق، لذلك لن يغامر المبتز بفعل شيء يتسبب في حظر حسابه.
– يوجد قسم خاص بجرائم الابتزاز في السلطنة، تواصل معهم مباشرة على: 24569480 ، ولا تخشَ شيئا، فهم لن يتعاملوا معك كمجرم ولن يخرج شيء عنك لأحد.
وأخيراً، لا تدفع مالك الذي كسبته بعملك وتعبك لمجرم جبان، فمهما ظننت حجم المصيبة والكارثة، فهي لا ترقى للعواقب التي تتبع الاستجابة للمبتز، كل إنسان يمر بلحظات ضعف، قد يفعل ما لا يفعله عادة، وقد يكره نفسه بعدها، ولكن لا يحق لأحد كائناً من كان استغلال هذه اللحظات ليقلب الحياة جحيماً لا يطاق، الاعتراف بالخطأ يتطلب شجاعة، وهي شجاعة محمودة، وتدارك الأمر مبكراً أفضل بكثير من التأخير حتى الوصول إلى طريق مسدود بعد استنفاذ المال والصحة والوقت.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً