التعريف بالدعوى الدستورية المباشرة وطرق إقامتها في ظل دستور جمهورية العراق لسنة 2005
رحاب خالد حميد/ مدرس مساعد
هي الدعوى التي يقيمها ذوي الشأن من الأشخاص أو السلطات العامة في الدولة ابتداءً وبصورة مباشرة وأصلية أمام المحكمة المخولة صلاحية النظر بهذه الدعوى استناداً لأحكام الدستور وذلك للمطالبة بإلغاء التشريع المشكوك بدستوريته من غير الانتظار إلى أن يتم تطبيقه عليهمنظراً لما قد يسببه هذا التشريع من أضرار محققة الوقوع وذلك ابتغاء المحافظة على المشروعية الدستورية وحماية الحقوق والحريات الأساسية الواردة في الدستور.
وتوصف الدعوى الدستورية المباشرة بأنها وسيلة”هجومية”فهي تقوم بمهاجمة النصوص التشريعية المخالفة لأحكام الدستور مباشرة من غير الانتظار حتى يتم تطبيقها على الحالات الواقعية ثم المنازعة فيها بمناسبة تطبيقها على هذه الحالات,بمعنى أن الأشخاص أو إحدى الجهات الرسمية المسموح لها بالطعن بعدم الدستورية أمام المحكمة المخولة صلاحية النظر بالدعوى الدستورية المباشرة بموجب الدستور والقانون يمكنها الطعن عن طريق هذه الدعوى بالتشريع المخالف لأحكام الدستور مباشرة ومن غير الانتظار حتى يتم تطبيقه عليهم ومن ثم يتم إثارة المنازعة الدستورية بمناسبته.
و تتسم الدعوى الدستورية المباشرة بأنها دعوى عينية تقام ضد النصوص التشريعية المخالفة لأحكام الدستور,كما أنها دعوى مستقلة عن أي نزاع قضائي آخر فهي دعوى قضائية ترفع بشكل مستقل عن أي دعوى أخرى قائمة أمام أي جهة قضائية, فلا يشترط الدستور أن تكون هناك دعوى قضائية مرفوعة أمام جهة قضائية معينة حتى تتمكن الجهات المسموح لها باللجوء إلى هذه الدعوى بالطعن من خلالها,فهي وسيلة كفلها الدستور وأجاز رفعها بصورة مباشرة ومستقلة عن أي نزاع قضائي قائم.
إضافة إلى أنها دعوى حاسمة إذ أنها تحسم النزاع بشأن دستورية التشريع المطعون به مرة واحدة وبصورة نهائيةإذ تتسم هذه الدعوى بالحسم والفاعلية فقد تؤدي إلى حسم النزاعات الدستورية التي تثار من خلالها بشكل نهائي ولمرة,ونتيجة لذلك يمنع مستقبلاًإقامة أي دعوى أخرى يمكن أن تثار بشأن الحالات التي يحكمها التشريع الذي فصلت المحكمة المختصة بالرقابة على دستورية القوانين بشأن دستوريتهمما يؤدي إلى تحقيق الوحدة القانونية في الدولة.
طرق إقامة الدعوى الدستورية المباشرة في ظل دستور جمهورية العراق لسنة 2005
على الرغم من أن للدعوى الدستورية المباشرة صورتينيمكن من خلالهما إثارة مسألة عدم الدستورية بصورة مباشرة أمام المحكمة الدستورية المختصة بالرقابة على دستورية القوانين,إلا أنه يلاحظ أن هناك اختلافاً بين دساتير الدول المقارنة من حيث تنظيمها لطرق إقامة الدعوى المباشرة,فهناك من الدساتير من يقصر حق تحريك الرقابة من خلال الدعوى الدستورية المباشرة بالجهات الرسمية وحدها ويحرم الأفراد من حق اللجوء إليها,وهناك دساتير أخرى تمنح حق تحريك الرقابة من خلال هذه الدعوى للجهات الرسمية والأفراد على حد سواء.
وبالنسبة لدستور جمهورية العراق لسنة 2005 فقد كفل لمجلس الوزراء ولذوي الشأن من الأفراد وغيرهم حق الطعن المباشر أمام المحكمة الاتحادية العليا استناداً للمادة(93/ثالثا)منه.
سمح دستور جمهورية العراق لسنة 2005 للجهات الرسمية حق الطعن المباشر أمام المحكمة الاتحادية العليا,كما نصت المادة(4/ثانيا)من قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم 30 لسنة 2005 على اختصاص المحكمة الاتحادية العليا بالفصل في المنازعات المتعلقة بشرعية القوانين وسائر التشريعات الأخرى من أوامر وقرارات وتعليمات في حالة تعارضها مع قانون إدارة الدولة الانتقالية,وذلك بناء على طلب من قبل محكمة أو من جهة رسمية.وتطبيقاً لذلك نصت المادة(5) من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا رقم 1 لسنة 2005 على أنه “إذا طلبت إحدى الجهات الرسمية بمناسبة منازعة قائمة بينها وبين جهة أخرى الفصل في شرعية نص في قانون أو قرار تشريعي أو نظام أو تعليمات أو أمر فترسل الطلب بدعوى إلى المحكمة الاتحادية العليا معللاً مع أسانيده وذلك بكتاب موقع من الوزير المختص أو رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة
فيتضح مما تقدم أنه يمكن للجهات الرسمية وهي مجلس الوزراء بوصفه شخصاً معنوياً مستقلاً والوزراء بوصفهم يمثلون أشخاصاً معنوية مستقلة وهي الوزارات ذلك لأن مجموع الوزراء هم الذين يؤلفون مجلس الوزراء بموجب أحكام الدستور,وكذلك كل شخصية معنوية ذات صفة رسمية كالسلطة التشريعية حتى وإن لم يشير النص الدستوري إلى حقها في الطعن المباشر أمام المحكمة الاتحادية,إذ أن المادة “5”من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا جاءت بصورة مطلقة,إذ سمحت لكل جهة ذات صفة رسمية تتمتع بالشخصية المعنوية بالطعن بدعوى مباشرة أمام المحكمة الاتحادية في القوانين والتشريعات الأخرى المخالفة لأحكام الدستور والمطالبة بإلغائها.
كما سمح الدستور العراقي لسنة 2005 النافذ لذوي الشأن وهم الأفراد وغيرهم حق الطعن المباشر أمام المحكمة الاتحادية العليا,إذ استخدام المشرع العراقي بالنص الدستوري (93/ثالثا) لفظي “الأفراد””وغيرهم” بوصفهم مثالين لذوي الشأن ولم يقصد حصرهم ولا أدل على هذا المعنى من استخدامه للفظ “وغيرهم” وهو لفظ مطلق والمطلق يجري على إطلاقه كقاعدة عامة,ونخلص إلى أن المشرع العراقي سمح للأشخاص الطبيعية والمعنوية الخاصة والعامة حق الطعن المباشر أمام المحكمة الاتحادية العليا وذلك للمطالبة بإلغاء النصوص التشريعية المخالفة للدستور ابتغاء المحافظة على المشروعية الدستورية وإلغاء جميع النصوص المخالفة لأحكام الدستور.ولكن مما تجدر الإشارة إليه بهذا الصدد إلى أنكفالة الدستور للأشخاص بحق الطعن المباشر إمام المحكمة الاتحادية العليا إنما يكون وفقا لتوافر وتحقق الشروط الواجب توافرها في الطاعن والتي بينها النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا رقم (1)لسنة 2005 في المادة(6) منه ,جاء فيها (إذا طلب مدع الفصل في شرعية نص في قانون أو قرار تشريعي أو نظام أو تعليمات أو أمر,فيقدم الطلب بدعوى مستوفية للشروط المنصوص عليها في المواد “44-45-46-47 “من قانون المرافعات المدنية ,ويلزم أن تقدم الدعوى بوساطة محام ذي صلاحية مطلقة وأن تتوفر في الدعوى الشروط الآتية:
1 – ان تكون للمدعي في موضوع الدعوى مصلحة حالة ومباشرة ومؤثرة في مركزه القانوني او المالي,اوالاجتماعي.
2 – ان يقدم المدعي الدليل على ان ضرراً واقعياً قد لحق به من جراء التشريع المطلوب الغاؤه .
3 – ان يكون الضرر مباشراً ومستقلاً بعناصره ويمكن ازالته اذا ما صدر حكم بعدم شرعية التشريع,المطلوب,الغاؤه .
4–ان لا يكون الضرر نظرياً ,او مستقبلياً ,او مجهولاً .
5–ان لا يكون المدعي قد استفاد بجانب من النص المطلوب الغاؤه .
6– ان يكون النص المطلوب الغاؤه قد طبق على المدعي فعلاً او يراد تطبيقه عليه.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً