المفهوم الجنائي للعملة :
نجد أن اغلب التشريعات الجنائية جاءت خالية من وضع تعريف محدد لمدلول العملة الا ان البعض منها تنبهت إلى ذلك فأوردت نصوصاً عرفت المسكوكات والعملة الورقية وحددت المقصود منها. ففي قانون العقوبات الأردني المرقم 16 لسنة 1960 في المادة (245) التي نصت على تعريف العملة بما يأتي : (تشمل لفظة (المسكوكات) المسكوكات على اختلاف أنواعها وفئاتها المصنوعة من أي صنف من المعادن او المعادن المخلوطة ، والرائجة بصورة مشروعة في المملكة او في اية بلاد اخرى ، وتشمل لفظة (معدن) أي مزيج أو خليط من المعادن . كما عرف العملة الورقية في المادة (239) عقوبات والتي جاء فيها ما يأتي : (تشمل كلمة البنكنوت الواردة في هذا القسم) .
1.اوراق النقد الأردني الصادرة بمقتضى قانونه الخاص .
2.المستندات المالية واذونات الخزينة وسندات الدين التي تصدرها الدولة والمؤسسات العامة سواء أكانت مسجلة او لحاملها وشيكات المسافرين .
3.كل بوليصة بنك أصدرها مصرف في المملكة او أصدرتها اية شركة مسجلة تتعاطى أعمال الصيرفة في المملكة او في اية جهة من جهات العالم .
4.كل ورقة مالية (مهما كان الاسم الذي يطلق عليها) إذا كانت تعتبر كنقد قانوني في البلاد الصادرة منها .
ولذلك فان قانون العقوبات الأردني قد أدخل في مفهوم العملة كل وسيلة دفع تجري مجرى النقود وكل السندات والاوراق المالية الصادرة بمعرفة المؤسسات المرخص لها بذلك.
وفي القانون الهندي : عرف قانون العقوبات الهندي العملة المعدنية بالمادة (230) عقوبات (بانها معدن يستعمل فترة معينة كنقود ، ويختم بختم السيادة والولايات، وتصدر لكي تستعمل لهذا الشأن شريطة الا يوقف التعامل بها)(1).
وفي القانون السوداني ، عرف قانون العقوبات السوداني المسكوك بالمادة /193/ عقوبات بانه معدن يستعمل بصفة نقود له قوة التعامل به اذا ضرب بمعرفة أي دولة او حكومة مستقلة لكي يستعمل لذلك .
وإن ورقة النقد تتضمن أي عملة تصدر بمعرفة الحكومة او بترخيص منها ، وذلك لاستعمالها بديلاً للنقود ذات التداول القانوني . كذلك فقد حددت الاتفاقية الدولية لمنع تزييف العملة الموقعة في جنيف في 20 نيسان 1929 مدلول العملة في المادة الثانية، حيث نصت (يقصد في هذه الاتفاقية بكلمة (عملة) الأوراق النقدية بما فيها أوراق البنكنوت في النقود المعدنية . أما إذا رجعنا إلى القانون المقارن فقد أعطى تعريفات مختلفة وان كانت ذات عناصر موحدة .
ففي القانون الايطالي ، تعرف العملة المعدنية بانها المسكوكات التي تضمنتها الدولة من حيث الوزن والكمية ، وتتميز بتكامل العلاقات التي توجد على سطحها(2).
وفي تعريف آخر للعملة المعدنية بأنها المسكوكات المعدنية التي أضفت عليها الدولة ، شرعية التداول كوسيلة للدفع ، وفرضت قبولها بقيمتها الاسمية المصدرة بها(3). ويعرفها الفقه الأمريكي بأنها النقود التي تحتكرها الدولة كوسيلة للدفع وتصدرها بقانون(4). وهكذا الأمر في الفقه السويسري فعرف العملة : بانها وسائل الدفع التي تصدرها دولة معترف بها او بترخيص منها(5). ولذلك لما كانت العملة التي تصدرها الدولة هي المحور الذي تقوم عليه أسس المعاملات بين الافراد ، فقد اهتم الشارع الجنائي بحماية كافة الاعتداءات التي تقع عليها ، أي حماية شكل العملة ومادتها والعلامات والرموز التي تضعها الدولة عليها حتى تكون محل ثقة المتعاملين بها .
______________________________
1- محمد وليد الحكيم ، شرح جرائم التزييف والتقليد والتزوير ، علماً وعملاً ، سوريا – حلب 1970 ، ص12.
2- د. حافظ غانم ، جرائم تزييف العملة ، أطروحة دكتوراه، دراسة مقارنة ، المطبعة العالمية والقاهرة ، 1966 ، ص189.
-3 Yves Bian Go-Brun، lafis Fication mone taire-the pourle doctoat- Univer، site de bordeauxi، Jui، 1978، p149.
-4 Corpas Juris، Op A complete and systematic، statement of the uhole Body of the law، vo/ox v-London-butter worth. Go، bell yard-1912، p. 358.
-5 Falschgei dkriminalitat-kriminalistik-10/84، p. 515.
النصوص التشريعية من وسائل الحماية الداخلية للعملة :
تتجه التشريعات الجنائية المختلفة إلى تضييق الخناق على مرتكبي جرائم التزييف وتشديد العقوبات عليهم ، حيث اعتبرت التشريعات هذه الجريمة من الجنايات ، فالمشرع المصري اعتبر هذه الجريمة من الجنايات وخصها بأشد العقوبات التي تصل إلى الأشغال الشاقة المؤبدة ( في المواد (202-205) عقوبات مصري ، أما قانون العقوبات البغدادي الملغي فقد جاء خالياً من الإشارة إلى تلك الظروف المشددة إلى ان صدر قانون التعديل المرقم 51 لسنة 1968 ، إذ أصبحت المادة (162 ع. ب) تنص على عقوبات الإعدام والأشغال الشاقة المؤبدة إذا ترتب على الجريمة المنصوص عليها في المادة (161) اللتين تنصان على أفعال التزييف والاستعمال هبوط سعر العملة العراقية أو سندات قرض الحكومة أو زعزعة الائتمان في الأسواق الداخلية أو الخارجية أو تعرض أمن الدولة للاضطراب(1). لذلك فقد تنبه المشرع العراقي عند وضع قانون العقوبات المرقم (111) لسنة 1969 النافذ على الظروف المشددة ونص عليها في مادة (282) والتي تطبق فقط على جنايات التزييف والاستعمال ، حيث نص في المادتين (280 ، 281) منه كما يبدو من مظاهر هذه النصوص أن القانون قد ساوى في العقوبة المشددة بين العملة وسندات الدولة بين هبوط القيمة سواءً تحقق في الداخل أو الخارج ، وهذا راجع إلى كونه قد ساوى بينهما في العقاب على أفعال تزييفها وأفعال استعمالها . وقد قضي في العراق بأن قيام المتهمين بترويج العملة الأجنبية وهم على بينة من أمرها وتسببهم بهبوط سعر العملة الوطنية سواء بانخفاض قوتها الشرائية في الداخل أو بهبوط سعر صرفها أمام العملات الأجنبية يستوجب تطبيق النص الخاص بتشديد العقوبة الواردة في المادة (282) عقوبات عراقي(2). أما بالنسبة إلى المشرع اليمني فلم ينص على تشديد العقوبات في حالة تسبب تزييف العملة هبوطها ولكنه نص في المادة (204) بأن يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على عشر سنوات كل من صنع أو زيف عملة معدنية أو ورقية . كذلك نجد تتبع المشرع مرتكبي هذه الجرائم بالعقوبات خارج حدود الدولة ومهما كان مرتكبوها ، إذ امتد سلطان الدولة لمعاقبة مرتكبي هذه الجرائم ولو وقعت خارج البلاد وذلك استثناء من ميدان الإقليمية الاختصاص العيني باعتبارها من الجرائم التي تمس المصالح الأساسية كما هو الحال في المادة 9/2 من قانون العقوبات العراقي وكذلك المادة (247) من قانون الإجراءات الجزائية اليمني المرقم (13) لسنة 1994. كذلك نجد التشريعات تستخدم عقوبة الغرامة بمبالغ كبيرة في العقاب على جرائم تزييف العملة باعتبار أن الغرامة هي انسب العقوبات لمحاربة جشع المجرمين ومحاولتهم الحصول على المال عن طريق غير مشروع(3). كذلك تتجه أغلب التشريعات الجنائية إلى تشجيع الجناة الذين ساهموا في ارتكاب جريمة التزييف إلى عدم التمادي في ارتكابها ، وذلك بإعفائهم من العقوبة إذا قاموا بإبلاغ السلطات عن الجريمة وعن مرتكبيها قبل إتمامها وقبل الكشف عنها(4) . كما هو الحال في المادة (303) من قانون العقوبات العراقي وكذلك المادة (208) من قانون العقوبات اليمني . كذلك لا يفرق القانون في التجريم بين التزييف والترويج للعملات الوطنية وبين تزييف العملات الأجنبية وترويجها كما لا يفرق القانون في العقوبة بين تزييف وترويج العملات من الفئات الصغيرة القيمة أو الكبيرة أو بين العملات المعدنية أو العملات الورقية. كذلك يعاقب القانون على الأفعال التي من شانها صنع وطباعة عملات معدنية أو ورقية يؤدي إلى الخلط بينهما وبين العملات الصحيحة لو كان ذلك لأغراض ثقافية (مادة 204) مكرر من القانون المصري وكذلك المادة (285) من قانون العقوبات العراقي هناك أيضاً بعض الضمانات والشروط التي تتميز بها العملة .
______________________
[1]- من ذلك ما جاء في الأسباب الموجبة إلى تعديل القانون وهي أنه كثرت في الآونة الأخيرة عمليات تقليد العملة العراقية وقد ضبطت كميات من هذه العملة المقلدة وظهر من التحقيق أن تقليدها يرتكب في الخارج ثم تنقل هذه العملة المقلدة وتهرب إلى داخل العراق بقصد استعمالها فيه ، ويظهر من كثرتها أنها كانت لأغراض زعزعة الثقة بالعملة وبالاقتصاد العراقي والإساءة إلى سمعة العراق المالية وعلاقاته ومصالحها الداخلية والخارجية مما يؤدي إلى نتائج وخيمة ، مما يؤيد بان هذه العمليات ليست من تدبير أفراد يستهدفون الربح الشخصي وإنما هي من صنع جهة ما تسعى وراء تلك الأغراض ، إذ إن التعامل بهذه العملة المقلدة ونقلها وإدخالها إلى العراق يقصد استعمالها فيه يخدم تلك الأعراض الخطرة . لذلك وجد أن تعديل قانون العقوبات المرقم 98 لسنة 1963 لا يفي بالغرض ولابد من إعادة النظر في ذلك التعديل بغية تشديد العقوبة وجعلها الإعدام في الحالات الخطرة . انظر نص القانون المنشور في الوقائع العراقية – العدد 1573 في 26/5/1968،
2- انظر القضية المرقمة 496 / ج/1986 في 2/2/1987 ، محكمة جنايات الكرادة ،نقلاً عن الأستاذ حسن سعيد عداي ص193 .
3-د. عادل غانم ، بحث منشور في الندوة العربية العلمية حول تزييف العملة الورقية والمعدنية ، 197 ، ص159 ، والدكتور سمير الجنزوري ، نفس المصدر السابق ، ص159.
4- أما إذا حصل الإخبار بعد قيام تلك السلطات بذلك فلا يعفى من العقوبة إلاّ إذا كان الإخبار قد يسهل قبل القبض على الجناة الآخرين ، وكذلك يعفى مرتكب الجريمة من العقوبة إذا قام بإتلاف مادة الجريمة قبل استعمالها وقبل الشروع بالبحث عن مرتكبيها ، والحكمة من هذا الإعفاء هو خطورة هذه الجرائم ويكون ارتكابها من قبل أحد الجناة بمساعدة في كشفها والقبض على مرتكبيها ، فضلاً عن أن الإعفاء يساعد من يتورط بارتكاب مثل هذه الجرائم من العدول عن الجريمة وعدم إتمامها كما يؤدي إلى زعزعة الثقة بين الجناة أنفسهم وعدم اطمئنان أحدهم للآخر لاستطاعة كل منهم الإخبار عن الأخيرين والتخلص من العقاب . للمزيد من التفصيل انظر مجموعة قوانين العقوبات العربية ، من وثائق المكتب العربي لمكافحة الجريمة ، بغداد ، 1981. الإعلام والعلاقات –6014 في 16/3/1975م . كما أنشأ أيضاً مكتب الانتروبول الدولي في اليمن من اجل متابعة ومكافحة تزييف العملة .
الوسائل الدولية (التعاون الدولي) لحماية العملة :
لعل من أهم ما يميز جرائم تزييف العملة عن غيرها من الجرائم الأخرى هو طابعها الدولي ، إذ أن لها من زاوية طبيعة الأفعال المكونة لها ، ومن زاوية طبيعة مساسها بمصالح اكثر من دولة ، ومن الخصائص العالمية ما يستوجب أن تنظر إليها السلطات المسؤولة في كل دولة نظرة ذات أهمية خاصة في سبيل مكافحتها والعقاب عليها وملاحقة مرتكبيها ، ولا تشكل جريمة تزييف العملة خطراً على ائتمان الدولة التي زيفت عملتها فحسب(1)، بل أن أثرها يمتد ليشمل طبقاً للاعتبارات الاقتصادية الحديثة ، الدولة التي ارتكبت جريمة التزييف في إقليمها والدولة التي حصل ترويج العملة المزيفة فيها ، فهي تنال إذن باعتداء النظام العام وسلامة الدولة التي وقع التزييف داخلها ولا ينحصر ضررها بائتمان الدولة التي زيفت عملتها ، بل تؤدي إلى زعزعة الثقة العامة باستقرار النظام النقدي على نطاق واسع ، حتى لو كانت دولة واحدة مسرحاً وهدفاً للجريمة في الوقت نفسه(2). ومع انتشار سيل المواصلات وسرعتها بشكل ربط دول العالم بعضها ببعض اقتصادياً واجتماعياً ، فان عملة كل دولة أصبحت نتيجة لذلك في العصر الحديث وسيلة مبادلة دولية ولها أسعار محددة في أسواق العالم ولدى الصيارف والبنوك بما يجعل الاعتداء عليها له تأثيره على قيمتها في تلك الأسواق . والوظيفة الاقتصادية للعملة من حيث كونها وسيلة مبادلة بين الأمم تتعدى حدود الدولة نفسها وتوالي تأثيرها خارج الحدود لذلك فان كل دولة في سبيل المحافظة على صحة تلك المبادلات واستقرارها تسعى جاهدة إلى توفير الثقة في نقدها في الخارج وجعله يتمتع بالتقدير الدولي(3). لذلك يقتضي الأمر منا إلى توضيح دراسة الاتفاقية الدولية حول تزييف العملة المبرمة عام 1929 لتحديد ما وضعته من أسس للتعاون الدولي . الاتفاقية الدولية لمنع تزييف العملة الموقعة في جنيف في 20 نيسان 1929 اختلفت التشريعات الجنائية في مكافحة تزييف العملة فبعضها يكفل حماية جنائية للعملة الوطنية ولا يقرها للعملة الأجنبية وأخرى تضمن حماية للعملة الوطنية اشد مما توفره العملة الأجنبية(4). وتشريعات تعترف بنفس الحماية للعملتين الوطنية والأجنبية على حدٍ سواء ، ولا شك في أن من شأن ذلك أن يضعف من التعاون الدولي في منع جرائم تزييف العملة ، والحقيقة أن الحكومات الأوربية لم تنتبه إلى جسامة خطورة هذه الجرائم إلاّ بعد نهاية الحرب العالمية الأولى ، وذلك عقب سلسلة منظمة من حوادث التزييف التي وقعت في هنغاريا ضد العملات الأجنبية ، أولها واقعة الدنانير اليوغسلافية 1920 ثم العملية المماثلة في الكورونات التشكوسلافاكية عام 1922 ويستغرب أن يصدر في القضيتين معاً قرار من المحاكم المختصة المحلية بأن لا وجه قانوني لإقامة الدعوى وإجراء المحاكمة ، مما أمكن المجرمين من الإفلات دون عقاب(5). غير أنه ، وخلال شهر كانون الأول 1925 حصل في مدينة بودابست العاصمة المجرية ، تزييف ما يزيد عن ثلاثين ألف ورقة نقدية من فئة الألف فرنك فرنسي ، ثم ترويجها عبر ألمانيا وإيطاليا ، مما أثار هزّة كبرى فسارعت عصبة الأمم وقتئذ إلى الدعوة إلى عقد اتفاقية دولية بناءً على اقتراح فرنسا سنة 1926 ، وبعد أن أحيل الاقتراح إلى مجلس العصبة قرر بدوره عرضه على اللجنة المالية ، وقامت اللجنة بتقديم استفسارات إلى بنوك الإصدار في مختلف الدول ، وجاءت أغلب أجوبتها تحبذ عقد اتفاقية دولية ، ومن ثم تقدمت اللجنة المالية باقتراح إلى مجلس العصبة يقتضي تشكيل لجنة مختلطة تتكون من متخصصين في القانون الجنائي ممثلين عن البنوك الإصدار ، وبعد تشكيل اللجنة المذكورة ، قامت بإعداد تقرير ومشروع اتفاقية قدمتها إلى العصبة وعقد المؤتمر في 9 نيسان 1929 في جنيف . وتتكون هذه الاتفاقية من 28 مادة وتنقسم إلى قسمين :-
القسم الأول من المادة الأولى حتى المادة الثامنة عشرة ، وتشمل النصوص الخاصة بالتجريم الدولي لهذه الجرائم ، والقسم الثاني من المادة التاسعة عشرة إلى المادة الثامنة والعشرين وتتضمن النصوص الخاصة بالتوقيع على الاتفاقية والانضمام إليها وإعلانها وغير ذلك من الإجراءات ، كما الحق بالاتفاقية بروتوكول خاص واربع عشرة توصية . كما تولت الاتفاقية الدولية صياغة القواعد والأحكام الرئيسية العامة التي يجب أن تسود العلاقات الجنائية بين البلدان الأعضاء لجهة التعقب والملاحقة والمحاكمة والمعاقبة ، تاركة للتشريعات الجنائية الوطنية وضع النصوص الخاصة التفصيلية شرط عدم التعارض مع المبادئ المذكورة في الاتفاقية أو إنشاء التنازع الإيجابي والسلبي على الاختصاص والصلاحية ، ولقد شملت الاتفاقية أسساً هامة للتعاون الدولي لمكافحة هذه الجرائم ونوجزها في الآتي:
أولاً. تجريم الأفعال الرئيسة للتزييف
لوحظ أن التشريعات الجنائية تختلف من دولة إلى أخرى في مدى تجريم صور التزييف المختلفة ، فمثلاً تعاقب بعض الدول على صنع أدوات التزييف أو حيازتها والبعض الآخر لا يعاقب على هذا الفعل والبعض لا يعتبر التمويه جريمة والبعض الآخر يعتبره كما تختلف صور التزييف والترويج من دولة إلى أخرى وكل هذا من شأنه إفلات المزيفين الدوليين من العقاب أو ضعف العقوبة الموقعة عليهم إذا كان أحد هذه الأفعال يعتبر غير مجرم أو اقل جسامة في دولة عن أخرى(6). لذلك فقد نصت المادة الثالثة من الاتفاقية على أنه:
يعاقب على الأفعال التالية كجرائم عادية .
1.صنع العملة المزيفة أو إحداث تغيير في العملة ، مهما كانت الوسائط المستعملة لذلك.
2.ترويج العملة الزائفة تزويراً .
3.إدخال العملة الزائفة في البلد أو استلامها أو الحصول عليها بقصد ترويجها مع سبق العلم بكونها زائفة .
4.كل محاولة لارتكاب الجرائم السالفة الذكر والاشتراك فيها يتعمد.
5.صنع الآلات أو الأدوات الأخرى المعدة خصيصاً لتزييف العملة أو إحداث تغيير فيها أو استلام هذه الآلات أو الأدوات أو الحصول عليها تزويراً(7).
ثانياً. حماية العملة الأجنبية حماية مماثلة للعملة الوطنية
نصت المادة الخامسة من الاتفاقية الدولية لمنع تزييف العملة بأنه (ينبغي أن لا يكون أي فرق في درجة معاقبة الجرائم المذكورة في المادة الثالثة إذا كانت موجهة ضد العملة الأهلية من جهة وضد عملة أجنبية من الجهة الأخرى . ولا يمكن أن يكون تطبيق هذا الحكم متوقفاً على أي شرط من شروط المقابلة بالمثل بموجب قانون أو معاهدة . يعد هذا النص من أهم المواد التي تضمنتها الاتفاقية إن لم يكن أهمها جميعاً نظراً إلى اعترافه بالتسوية في المعاملة من حيث العقاب على جرائم التزييف بين العملة الوطنية والعملة الأجنبية ، لأنه إذا كان لمثل هذا التمييز ما يبرره في السابق باعتبار إن جريمة التزييف كانت تعد اعتداء على سيادة الدولة(8)، وحيث كانت التشريعات الجنائية سابقاً مختلفة في معالجة هذا الوضع ، إذ كانت تقسم إلى ثلاث فئات : تشريعات لا تقر الحماية الجنائية إلا للعملات الوطنية ، وتشريعات كانت تقرر حماية جنائية اكبر للعملة الوطنية عن الأجنبية ، تشريعات كانت تسوي في الحماية الجنائية بين العملة الوطنية والعملة الأجنبية ، ولهذا فإن المادة الخامسة سوت على هذا الاختلاف وأعطت حماية العملة الأجنبية حماية مماثلة للعملة الوطنية .
ثالثاً. تحديد محل الحماية
نصت المادة الثانية من الاتفاقية الدولية بأنه (يقصد في هذه الاتفاقية بكلمة (عملة) الأوراق النقدية بما فيها أوراق البنوك والنقود المعدنية المتداولة بموجب قانون). لقد حددت الاتفاقية الدولية سريان الحماية على العملة المعدنية والورقية وأوراق البنكنوت ذات التداول القانوني بل أن الاتفاقية وفرت الحماية للعملة على وجه التخصيص واستبعدت الأوراق الأخرى ذات القيمة المالية ، كالمستندات المصرفية وأذونات الدفع وغيرها بالرغم مما قد يفهم من عبارة (عملة) الواردة في المادة الثانية من الاتفاقية أنها تعني النقود الورقية ومن جملتها السندات المصرفية والنقود المعدنية التي لها قوة التعامل طبقاً للقانون ، ومما يؤدي ذلك أن عصبة الأمم قد شكلت لجنة من الفقهاء في مايس 1937 لإعداد بروتوكول إضافي يلحق باتفاقية منع تزييف العملة وكان الهدف منه هو توسيع نطاق الحماية بحيث تشمل نصوص الاتفاقية تزييف أو تزوير السندات ذات القيمة المالية(9).
رابعاً. اعتبار أفعال التزييف والترويج التي تقع في دولة جرائم مستقلة بذاتها
عالجت الاتفاقية حالة الشخص الذي يزيف عملة في دولة ثم يروجها في دولة أخرى فأي فعل من أفعال التزييف أو الترويج إذا ارتكب في دول مختلفة حتى لو كان ارتكابها بمعرفة نفس الشخص فيجب معاملته في كل دولة كجريمة قائمة بذاتها متميزة ومستقلة عن الجرائم الأخرى كما يعالج هذا النص أيضاً أفعال الترويج المتتابعة التي تقع في عدة دول فكل منها يعتبر جريمة مستقلة في كل ذلك(10). وكذلك الحال بالنسبة إلى أفعال الاشتراك والشروع وحيازة أدوات التزييف ولا شك أن من شأن هذا عدم إفلات الجاني من العقاب أو عدم توقيع عقوبات شديدة عليهم. فقد نصت المادة الرابعة من الاتفاقية الدولية : (يعتبر كل عمل من الأعمال المذكورة في المادة الثالثة جريمة على حدة إذا ارتكبت في بلاد مختلفة) .
خامساً. اعتبار الحكم الأجنبي سابقة في العود
أي الأخذ بمبدأ العود ، و يعتبر مظهراً من مظاهر التضامن الدولي ، وانسجاماً مع السياسة الجنائية الحديثة التي تقضي الأخذ بهذا المبدأ بالنسبة إلى جرائم خطيرة كتزييف العملة(11). ويترتب على اعتبار الحكم الأجنبي سابقة في العود أن يأخذ القاضي في اعتباره السوابق الأجنبية ، للأجنبي المرتكب التزييف أو الترويج حتى يأخذ الجاني بالشدة اللازمة ، وقد نصت المادة 139 في الفقرة 3 من قانون العقوبات العراقي على ان : (لا يعتد بالحكم الأجنبي في تطبيق أحكام هذه المادة إلاّ إذا كان صادراً في جرائم تزييف وتقليد أو تزوير العملة العراقية أو الأجنبية) . وعلى ذلك فقد نصت المادة السادسة من الاتفاقية الدولية على الآتي : (ينبغي في البلاد والمعترف بمبدأ الاعتراف الدولي بالادانات السابقة ، أن تعترف بالأحكام الصادرة من المحاكم الأجنبية في معاقبة الجرائم المذكورة في المادة الثالثة لاعتبار المجرم عائداً ضمن الشروط التي ينص عليها التشريع المحلي) . يلاحظ أن العود بمقتضى التشريعات الوطنية على نوعين الأول : هو العود الخاص أو النوعي ويتوافر عند ارتكاب الجاني جريمة مشابهة أو مماثلة للجريمة الأولى التي سبق الحكم عليه من اجلها نهائياً ، والثاني هو العود العام أو المطلق والذي لا يراعي فيه التماثل أو التشابه بين الجريمتين ، بل يتحقق كلما ارتكب الجاني أية جريمة مهما كان نوعها هو الحكم عليه في جريمة أخرى(12).
سادساً. جواز تدخل الطرف المدني الأجنبي
والطرف المدني الأجنبي هو الدولة التي زيفت عملتها ، وكل من أصابه ضرر من الجريمة ، فيجعله يتمتع بجميع الحقوق والصلاحيات التي يتمتع بها الطرف المدني الوطني ، ولا شك أن هذا النص يمدنا بوسيلة جديدة من وسائل المكافحة العالمية ضد هذه الجريمة ، إذ يساعد على اكتشاف الجريمة ومرتكبيها ويساند الأدلة ويقربها(13). لذلك نصت المادة السابعة من الاتفاقية على انه :
في حالة قبول الادعاء بالحق المدني في التشريعات الداخلية فان المدعين بالحق الأجانب بما في ذلك الطرف المتعاقد الذي زيفت عملته ، يجب ان يتمتعوا بجميع الحقوق التي تعترف بها قوانين الدولة التي تنظر القضية للمواطنين .
سابعاً. تنظيم المكاتب المركزية لمكافحة تزييف العملة
1. يقوم مكتب مكافحة التزييف والتزوير في الدول المختلفة بإخطار بعضها بانتظام بكل إصدار جديد للعملة في أية دولة كذلك بسحب العملة من التداول سواء لإبطال استعمالها أو ما عدا ذلك ويخطر كل مكتب من المكاتب الأخرى في البلاد الأجنبية في حدود ما يراه نافعاً عن أي كشف للنقود مزيفة ويكون الأخطار عن التقليد في أوراق البنكنوت أو العملة الورقية مصحوباً بوصف فني للتقليد .
2.عقد اجتماعات من حين إلى أخر من مندوبي المكتب المركزي لمكافحة التزييف في الدول المختلفة وذلك لضمان تعاون دولي مباشر نحو مكافحة تزييف العملة وتزويرها والضرب على أيدي مرتكبيها وتحسين هذا التعاون وتنميته ويشترك في هذه الاجتماعات مندوبون عن بنوك الإصدار .
3.تنسيق الجهود الدولية لضبط العصابات الدولية للتزييف والتزوير وذلك لأن جريمة التزييف ذات طابع دولي ، ولذلك فإنه إذا وجدت عصابات دولية فيجب وضع خطة موحدة لضبط جميع أفراد هذه العصابة في وقت واحد وذلك بدائرة جميع الدول التي تزاول بها نشاطها(14).
4.دور الشرطة الدولية الجنائية ، اجتمع لأول مرة عدد من رجال البوليس وفقهاء القانون في إمارة موتاكوتلبية لدعوة الأمير البير الأول بوضع أساس وقواعد التعاون بين البوليس ثم انعقد بعد الحرب العالمية الأولى سنة 1923 في فينا ، وفي سنة 1946 تقرر نقل رئاسة البوليس الدولي إلى باريس وهدف هذه المنظمة تسمية المعاونة المتبادلة على أوسع نطاق ، وتتركز أعمال جمع المعلومات والوثائق الخاصة بتزوير النقود والأوراق ، تحتفظ بمجموعات كاملة من الأوراق المالية والنقود المعدنية الصحيحة المتداولة . ويصدر هذا القسم بإشراف السكرتير لمنظمة مجلة تسمى (مجلة التزييف والتزوير) .
ثامناً. الإنابات القضائية
لما كانت عمليات التزييف الدولية تبدأ أو تستمر وتنتهي على أراضي عدة دول، فإن إقامة الأدلة في الجريمة الواحدة تتطلب إرسال وتنفيذ إنابات قضائية من دولة إلى أخرى ، ولكن لكل دولة الحق في رفض تنفيذ الإنابة القضائية في المواد التي لا يصح فيها التسليم ، كما لو كان الأمر يتعلق بجريمة سياسية(15). ولما كان تنفيذ الانابات القضائية بالطريق الدبلوماسي هو إجراء بطيء ومن الملائم أن يكون تنفيذها عن اقصر وقت ، لذلك فقد نصت الاتفاقية على أن يكون تحويل الانابات القضائية في جرائم التزييف بأحد الطرق الآتية :
1.عن طريق الاتصال المباشر بين السلطات القضائية عن طريق المكاتب المركزية.
2.عن طريق المراسلة مباشرة بين وزيري العدل في البلدين .
3.بوساطة الممثل الدبلوماسي أو القنصلي للبلد الذي يقدم الأوراق في البلد المتقدمة إليه، وعلى هذا المثل أن يرسل الأوراق إلى السلطة القضائية المختصة مباشرة او إلى السلطة التي تعنيها حكومة البلد الذي قدم إليه الطلب وان يستلم من هذه السلطة مباشرة الأوراق المبينة تنفيذ مضمون أوراق الاستبانة. وفي الحالتين (1، 2) ترسل في نفس الوقت دائماً صورة من أوراق الاستبانة إلى السلطة العليا في البلد الذي يقدم إليه الطلب.
تاسعاً. قواعد الاختصاص وتسليم المجرمين
كانت إحدى المشاكل المهمة التي وجهها المؤتمر والمنعقدة بنفس الوقت هي كبقية معالجة موضوع الاختصاص الجنائي في حالة المجرمين الذين يرتكبون جريمة تزييف العملة في إحدى الدول ثم يهربون إلى دولة أخرى ، وقد لاحظ المؤتمر ان الدول في الغالب تنقسم إلى مجموعتين – اعتماداً على اعترافها وعدم اعترافها بمبدأ تسليم المواطنين . فبعض الدول لا تأخذ بقاعدة معاقبة على الجرائم المرتكبة من قبلهم في الخارج غير أنها تأخذ بمبدأ تسليمهم لغرض محاكمتهم ومعاقبتهم في الدولة التي ارتكبت الجريمة في إقليمها وبعضها ترفض تسليم مواطنيها في مثل هذه الحالة إلا أنها تحاكمهم وتعاقبهم(16). وكذلك الأمر فيما يتعلق بالأجانب الذين يرتكبون جرائم التزييف في الخارج ثم يهربون إلى دولة لا يحملون جنسيتها فهنا أيضاً تختلف مواقف الدول بشأنهم وإزاء تعارض الأنظمة القانونية . حيث أن بعض الأنظمة القانونية لا تعاقب على تزييف العملة الأجنبية الذي يتم خارج أراضيها ، وهذه لا تعاقب رعاياها على ارتكاب تزييف العملة الأجنبية في الخارج ، إذ ليس لها مصلحة في عقابهم ، وتطبيقاً لمبدأ إقليمية القانون الجنائي ، مما يؤدي إلى إفلاتهم من العقاب .
– بعض الأنظمة القانونية لا تعاقب أيضاً على تزييف العملة الأجنبية الذي يتم في الخارج إلاً إذا ارتكب بمعرفة رعاياها : ومثل هؤلاء أيضاً يفلتون من العقاب إذا ما غيّروا جنسيتهم واصبحوا مواطنين فيها وقت التسليم .
-أنظمة قانونية تعاقب على تزييف العملة الأجنبية في الخارج لو ارتكبت بمعرفة مواطنيهم أو جانب ما دام قد قبض عليهم على أرضها . وهذا النظام هو الذي يتجه إليه الفقه الحديث ، ومن فوائده استبعاد احتمالات الإفلات من العقاب وهو يضع مبدأ الاختصاص العالمي(17).
ولهذا السبب فان الاتفاقية الدولية وضعت أحكاماً تكون مقبولة بالنسبة إلى جميع الدول المشاركة في هذه الاتفاقية ويتضح ذلك على وجه العموم من مضمون المادة الثامنة والتاسعة من الاتفاقية الدولية لمنع تزييف العملة . فقد نصت المادة الثامنة (في البلاد التي لا تعترف بمبدأ تسليم المجرمين من رعاياها ينبغي ان يعاقب الرعايا الذين يعودون إلى أراضى بلدهم بعد ان ارتكبوا في الخارج إحدى الجرائم المنصوص عليها في المادة الثالثة بنفس الطريقة التي يعاقبون بها لو ارتكبوا الجريمة في نفس بلدهم وذلك حتى لو كان المجرم قد حصل على جنسية بعد ارتكاب الجريمة ولا يطبق هذا الحكم إذا كان لا يسمح بتسليم أجنبي في قضية مماثلة). وكذلك المادة التاسعة فقد نصت (ينبغي ان يعاقب الأجانب الذين ارتكبوا في الخارج إحدى الجرائم المنصوص عليها في المادة الثالثة ، والذين هم في أراضى بلد تجيز قوانينه الداخلية بوجه عام مبدأ معاقبة الجرائم المرتكبة في خارج البلد ، كما لو كانت تلك الجريمة قد ارتكبت في أراضى ذلك البلد نفسه . إن واجب اتخاذ الإجراءات القانونية يتوقف على شرط ان يكون قد قدم طلب من اجل الاسترداد وان البلد الذي قدم إليه ذلك الطلب لا يستطيع تسليم المتهم لسبب لا علاقة له بالجريمة) ، ولذلك فقد أوصت الاتفاقية الدولية بأن التوحيد الدولي لقواعد تسليم المحكوم عليهم والمتهمين يحقق ضمان عقاب فاعلي الجريمة . وبالنسبة إلى التشريع العراقي فقد كان يأخذ بمبدأ إقليمية القوانين وذلك إلى غاية عام 1943 وذلك بصورة خالية من كل استثناء بموجب الفقرة الثانية من المادة الثانية من قانون العقوبات البغدادي الملغي ، غير انه بعد ذلك وجود ضرورة إدخال مبدأ عينية القانون الجنائي عن طريق تقييد مبدأ الإقليمية ببعض الاستثناءات التي تقتضيها مصلحة أمن الدولة تماشياً من التشريع الجنائي الحديث ، ولذلك فقد صدر القانون المرقم 48 لعام 1943 ، والذي بموجبه اصبح قانون العقوبات البغدادي الملغي ، يطبق على كل عراقي وأجنبي يرتكب خارج العراق أية جريمة ضد العملة الوطنية لجمهورية العراق أو سنداتها المالية ، ثم بعد ذلك أضاف المشرع العراقي في القانون المرقم 98 لعام 1963 إلى الفقرة (ب) من المادة الثانية عبارة (أو العملة الأجنبية)(18). أما بالنسبة إلى قانون العقوبات الحالي فقد نصت المادة التاسعة في الفقرة الثانية بان : (يسري هذا القانون على كل من ارتكب خارج العراق جريمة تزوير أو تقليد أو تزييف عملة ورقية أو مسكوكات معدنية متداولة قانوناً أو عرفاً في العراق أو الخارج) حيث اخضع القانون جرائم تزييف أو تزوير أو تقليد العملة لسلطانه عند وقوعها خارج العراق سواء كانت عملة معنية أم ورقية ، وطنية كانت أم أجنبية . ولذلك يتبين من نص الفقرة الثانية من المادة التاسعة بأنها مطلقة حيث إنها ذكرت الأفعال المادية كالتزييف والتزوير والتقليد ولم تذكر أفعال الاستعمال كالترويج والإدخال والإخراج من البلاد والتعامل. ويرى الأستاذ محسن ناجي بإمكانية امتداد سلطان قانون العقوبات حتى على جنحة التعامل بعملة مزيفة ، لان النص مطلق لم يميز بين أفعال التزييف وأفعال الاستعمال ، ولذلك فان هذا الأمر محل نقد(19). أما بالنسبة إلى المشرع المصري فقد نص في الفقرة (جـ) من المادة الثانية بأنه يخضع إلى سلطان كل من يرتكب خارج القطر فعلاً .. (جناية تقليد أو تزييف أو تزوير عملة ورقية أو معدنية مما نص عليه في المادة 202 ، أو جناية إدخال تلك العملة الورقية أو المعدنية أو المزيفة أو المزورة إلى مصر أو إخراجها منها أو ترويجها أو حيازتها بقصد الترويج أو التعامل بها فما نص عليه في المادة (203) بشرط أن تكون العملة متداولة قانوناً في مصر) ، ولهذا فان القانون المصري قد نص على الأفعال المادية والاستعمال وأيضاً التعامل بها ، وأخضعه إلى قانون العقوبات المصري . وكذلك المشرع اليمني فقد نص في المادة (247) من قانون الإجراءات الجزائية المرقم (13) لسنة 1994 بان : (تختص المحاكم اليمنية بمحاكمة كل من ارتكب خارج إقليم الدولة جريمة مخلة بأمن الدولة.. أو جريمة تقليد أو تزييف أو إخراجها أو ترويجها أو حيازتها بقصد الترويج أو التعامل بها) ، ولذلك فقد اخضع قانون الإجراءات الجزائية للمحاكم اليمنية كل من يرتكب جريمة خارج إقليم دولة ومنها الأفعال المادية للتزوير وأيضاً استعمالاتها وكذلك التعامل بها .
________________________________
-[1] F،A،Mann ، The legal aspect of money، 2nd، ed.، ، 1953، p. 936.
2-E، Fitz-Maurice، Convention for the suppression of counterfeiting Currency، A. J. I. L. Vol.1. 26، 1932، p. 5،
3- M. R. Garcia-Mora، International Responsibility for nostlle acts of private perosns against states، the Hogue، Martinus، Nijhoff، 1962، p. 134.
4- فقانون العقوبات الفرنسي على سبيل المثال يعاقب على جريمة تزيف العملة الوطنية اشد مما يعاقب على تزييف العملة الأجنبية ويتضح ذلك من مقارنة نص المادة (132) المتعلقة بالعملة الوطنية وبين المادة (133) التي تقضي بالعقاب على تزييف العملة الأجنبية .
5- القاضي ، فريد الزعبي ، الموسوعة الجزائية ، المجلد السابع ، دار صادر بيروت 1995 ، ص119.
6- د. عادل حافظ غانم ، الاتفاقات الدولية لمكافحة تزييف العملة ، بحث منشور في الندوة العربية حول تزييف العملة الورقية والمعدنية ، القاهرة 5-9 ديسمبر 1970 ، ص180.
7- يقسم الفقه الجنائي الجرائم من حيث نتيجتها إلى جرائم ذات أضرار مؤكدة والى جرائم ذات خطر أو ضرر محتمل وتعد جرائم تزييف العملة من الخطر المحتمل .
د. محمود محمود مصطفى ، شرح قانون العقوبات – القسم العام – الطبعة التاسعة ، مطبعة جامعة القاهرة ،1974 ، ص278.
8- د. زهير الزبيدي ، الاختصاص الجنائي للدولة في القانون الدولي ، الطبعة الأولى ، جامعة بغداد ، 1980 ، ص318.
9- الأستاذ حسن سعيد عداي ، المصدر السابق ، ص44.
0[1]- فقد نص قانون العقوبات الفنلندي الصادر في 27 مايو سنة 1932 (الفصل 38 المادة 8) ، إذا ارتكبت الأفعال السابقة (أفعال التزييف) بمعرفة فنلندي خارج الأرض الوطنية أو عدة دول مختلفة ،فان المتهم يمكن ان يحاكم عن كل جريمة في كل دولة بعقوبة مستقلة .. وطبقاً للقانون من هذه الجرائم المختلفة يجب اعتبارها جرائم مستقلة .
1[1]- الأستاذ منذر كمال عبد اللطيف ، آثار الأحكام الجنائية الأجنبية ، أطروحة دكتوراه ، جامعة بغداد ، 1980 ، ص115.
2[1]- د. محمود محمود مصطفى ، المرجع السابق ، ص653.
د. حميد السعدي ، شرح قانون العقوبات الجديد إلى الطبعة الثانية ، الجزء الأول ، دار الطباعة، بغداد ، 1976 ، ص111.
3[1]- د. عادل حافظ ، المصدر السابق، ص182.
4[1]- احمد أبو الروس ، جرائم التزييف والتزوير والرشوة واختلاس المال العام ،سلسلة الموسوعة الجنائية الخاص ، الكتاب ، المكتب الجامعي الحديث ، الازراربطة ، الإسكندرية ، بدون سنة ، ص649.
5[1]- د. عادل حافظ غانم ، جرائم تزييف العملة ، دراسة مقارنة، المصدر السابق ، ص108.
6[1]- فمثلاً تأخذ كلاً من فرنسا وألمانيا ويوغسلافيا بمبدأ عدم تسليم مواطنيها إلى دواة أجنبية ولكنها تأخذ بقاعدة معاقبتهم على الجرائم الجسيمة التي ترتكب من قبلهم في الخارج ، في حين يجري الأمر في بريطانيا على خلاف ذلك أي أنها تقوم بتسليم المجرم سواء أكان من رعاياها أو من غير رعاياها إلا إذا وجدت اتفاقية نقض بالخلاف من ذلك. د. زهير الزبيدي ، المرجع السابق ، ص322-ص323 ، وكذلك انظر الدكتور محمد فاضل ، خطورة الجريمة التي تتيح التسليم ، بحث منشور في مجلة أبحاث جنائية مختارة تصدر عن المكتب الدولي العربي للشرطة الجنائية ، دمشق ، ص5-7 ، بدون سنة.
7[1]- د. عادل حافظ غانم ، المصدر السابق ، ص112.
8[1]- د. عباس الحسني ، شرح قانون العقوبات العراقي الجديد – المجلد الأول –القسم العام- ، الطبعة الثانية ، ص35 ود. مصطفى كامل ، شرح قانون العقوبات العراقي ، القسم العام في الجريمة والعقاب ، بغداد ، 1949 ، ص95 و د. علي حسين الخلف ، الوسيط في شرح قانون العقوبات، النظرية العامة ، الجزء الأول ، الطبعة الأولى ، مطبعة الزهراء ، بغداد ، ص187 .
9[1]- الأستاذ محسن ناجي ، الأحكام العامة في قانون العقوبات ، شرح متون النصوص الجزائية ، الطبعة الأولى ، بغداد ، 1974 ، ص57.
المؤلف : نجيب محمد سعيد الصلوي
الكتاب أو المصدر : الحماية الجزائية للعملة
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً