القيود في الظروف الاستثنائية على الحقوق المدنية والسياسية في القانون الأساسي العراقي لعام 1925 :
غالباً ما تتدارك الدول مقدماً وقوع ظروف استثنائية ، كحالات الحرب او التهديد بها او لمعالجة أثارها ، كالاضطرابات الداخلية الخطيرة او كوارث طبيعية . فتضع مقدماً نصوصا دستورية لتلافي أخطار هذه الظروف ، كذلك الحال بالنسبة للمشرع العراقي ، فقد وردت نظرية الظروف الاستثنائية في القانون الأساسي العراقي في المادتين (26 الفقرة/ 9) و (120) . فقد جاء في الفقرة (9) من المادة السادسة والعشرين ( للملك … أن يعلن الأحكام العرفية او حاله الطوارئ وفقاً لاحكام هذا القانون) . أما الفقرة (1) من المادة (120) فقد نصت ( في حالة حدوث قلاقل او ما يدل على حدوث شيء من هذا القبيل في اية جهة من جهات العراق او حالة حدوث خطر من غارة عدائية على اية جهة من جهات العراق للملك السلطة بعد موافقة مجلس الوزراء على اعلان الأحكام العرفية ، بصورة مؤقتة في انحاء العراق التي قد يمسها خطر القلاقل او الغارات) ، وتنص الفقرة (2) من هذه المادة ( عند حدوث خطر أو عصيان او ما يخل بالسلام في اية جهة من جهات العراق للملك بموافقة مجلس الوزراء أن يعلن حاله الطوارئ في جميع انحاء العراق او في اية منطقة منها ، وتدار المنطقة التي شملها الاعلان وفقا لقانون خاص ينص على محاكمة الأشخاص عن جرائم معينه امام محكمة خاصة وعلى الاجراءات الإدارية التي تتخذها سلطات معينه) . من خلال النصوص المتقدم يمكن أن نلاحظ ما يأتي : –
1.أن القانون الأساسي العراقي منح السلطة التنفيذية حق اعلان الأحكام العرفية او حالة الطوارئ (1). بالرغم من أن صاحب الاختصاص في التشريع هو مجلس الامة والملك استناداً الى المادة الثامنة والعشرين والتي تنص على أن ( السلطة التشريعية منوطه بمجلس الأمة والملك …) ، وعليه كان ينبغي في الاقل دعوة مجلس الامة للاجتماع فور اعلانها لبيان رأيه في استمرارها او الغائها ، خاصة وان مجلس الوزراء الذي يشترط حصول الملك على موافقته عند اعلان الاحكام العرفيه او حالة الطوارئ يتم تعيين واقالة رئيسه وأعضائه من قبل الملك نفسه (2).
2.منحت المادة السادسة والعشرون الملك حق اعلان الاحكام العرفية او حالة الطوارئ من دون تحديد حالات اعلانها ، خلافاً للمادة (120) التي حددت حالات اعلان الأحكام العرفية او حالة الطوارئ مثل حدوث قلاقل او ما يدل على حدوث شيء من هذا القبيل او حالة حدوث خطر من غارة عدائية او حدوث خطر او عصيان او ما يخل بالسلام . والملاحظ في هذا الصدد أن الكثير من الحالات يمكن أن تنضوي تحت مفهوم المادة (120) ، لذلك يعد النص الدستوري منتقداً لانه لم يحدد حالات اعلان الأحكام العرفية او حالة الطوارئ على سبيل الحصر (3). تجدر الإشارة الى أن الحالات التي حددتها الفقرة (1) من المادة (120) لاعلان الأحكام العرفية لا تختلف من حيث المحتوى عن الحالات التي حددتها الفقرة (2) من المادة المذكورة لاعلان حالة الطوارئ .
3.نصت الفقرة (1) من المادة (120) على أن اعلان الأحكام العرفية يكون في انحاء العراق التي قد يمسها خطر القلاقل او الغارات ، وعبارة ( التي قد يمسها ) عبارة غير دقيقة ، اذ تستطيع الادارة العرفية أن تعتبر فعل ما وقع في منطقة لم تعلن فيها الأحكام العرفية ذات مساس بفعل أخر وقع في منطقة اعلنت فيها الأحكام العرفية ، فتكون النتيجة اطلاق اختصاصات الأدارة العرفية خارج نطاق المكان الذي يسوده الظروف الاستثنائي (4). لم يحدد النص الدستوري مدة الحكم العرفي او حالة الطوارئ ، مما يعني ترك الامر الى تقدير الملك وموافقة مجلس الوزراء المعين من قبله ، وهذا بدوره يؤدي الى انشاء ما يسمى بالأوضاع العرفية او حالات الطوارئ الدائمة (5).
4.نصت الفقرة (2) من المادة (120) على أن المناطق التي يشملها اعلان حالة الطوارئ تدار وفقاً لقانون خاص ينص على محاكمة الأشخاص عن جرائم معينه امام محاكم خاصة ، وهذه المحاكم تمثل انتهاكا صارخا لحقوق الانسان المدنية والسياسية
______________________
1- حاول بعض اعضاء المجلس التأسيسي جعل اعلان الاحكام العرفيه من اختصاص السلطة التشريعية (البرلمان) ، الا أن تلك المحاولات لم تفلح لان هذا النظام كان يقصد به تقوية السلطة القائمة آنذاك من دون الالتفات الى الاعتبارات الاخرى . سعدون عنتر نصيف – مصدر سابق – ص176 .
2- تجد ر الاشارة الى أن الملك هو الذي يقرر انهاء الاحكام العرفيه او حالة الطواريء بعد موافقة مجلس الوزراء .
3- اعلنت الأحكام العرفية خلال فترة الحكم الملكي في العراق (1921 – 1958) ست عشرة مرة – عبد الرزاق الحسني – تاريخ الوزارات العراقية – الجزء العاشر – مصدر سابق – ص316 .
4- سعدون عنتر نصيف – مصدر سابق – ص187 .
5- حكم العراق عرفياً منذ عام 1935 استناداً الى مرسوم الادارة العرفية رقم ( 18 ) لسنة 1935 وحتى سقوط النظام الملكي في 13/7/1958 . عبد الله اسماعيل البستاني – مصدر سابق – ص164 .
القيود في الظروف الاستثنائية على الحقوق المدنية والسياسية في دستور 27 تموز 1958 :
لم يتطرق دستور 1958 المؤقت الى الاحكام العرفية او حالة الطوارئ ، لكن مع ذلك اعلنت الاحكام العرفية منذ اليوم الاول لثورة 14 تموز 1958 بموجب البيان رقم( 3 ) الصادر عن القائد العام للقوات المسلحة، وبموجبه تقرر اعلان الاحكام العرفية في جميع انحاء العراق اعتباراً من 14 تموز 1958 ، وتقرر جعل رئيس اركان الجيش حاكماً عسكرياً في جميع انحاء العراق ثم اعقب ذلك المرسوم رقم( 8) والذي تضمن نفس ماورد في البيان رقم ( 3 ) المذكور انفا ، ثم صدر الحاق للبيان رقم( 3) تقرر فيه ان تكون الاحكام العرفية بصورة مؤقتة لحين صدور امر بإلغائها ، كما تقرر جعل الادارة عسكريه صرفه واعتبار الحاكم العسكري العام مرجعاً لجميع الادارات وتوقيف تنفيذ طائفة من القوانين كقانون الجمعيات والاجتماعات والتجمعات والمطبوعات وانضباط موظفي الدولة والخدمة المدنية والخدمة القضائية وغيرها .
من خلال ما تقدم يمكن ان نلاحظ مايأتي : –
1- اعلنت الاحكام العرفية بموجب بيان صادر عن القائد العام للقوات المسلحة ثم اعقبه صدور المرسوم رقم (8 )الذي تضمن نفس ما ورد في البيان رقم (3 ) المذكور انفا، بينما بينا سابقاً ان احد الضمانات الأساسية لحماية الحقوق المدنية والسياسية ضرورة اعلان الاحكام العرفية بقانون او بناء على مرسوم وموافقة الهيئة التشريعية وهذا ما لم يتحقق في ظل الدستور المؤقت.
2- اعلنت الاحكام العرفية بصورة مؤقته ، لكن مع ذلك استمرت معلنة منذ ذلك التاريخ (14 تموز 1958) وحتى سقوط النظام السياسي في 8 شباط 1963 (1).
3- ان توقيف العمل ببعض القوانين يمثل انتهاكا للحقوق المدنية والسياسية التي كفلها الدستور .
__________________
1- سعدون عنتر نصيف – مصدر سابق – ص181.
القيود في الظروف الاستثنائية على الحقوق المدنية والسياسية في دستور 29 نيسان 1964 المؤقت :
نصت المادة (48) من الدستور على ان ( لرئيس الجمهورية اعلان احالة الطوارئ بعد موافقة مجلس الوزراء) (1). يتضح مما تقدم ان المادة (48) لم تحدد الحالات التي يجوز فيها لرئيس الجمهورية اعلان حالة الطوارئ ، فهي بما جاءت به من تقييد لحقوق الافراد وحرياتهم قد تجاوزت ما جاءت به الفقرة (2) من المادة (120) من القانون الأساسي العراقي لعام 1925 لان هذه المخيرة قد حددت الى حد ما الحالات التي يجوز فيها اعلان حالة الطوارئ بالرغم من غموض التحديد وعمومتيه ، وبناء على ذلك فأن رئيس الجمهورية هو الذي يقرر ما اذا كانت الظروف القائمة تبرر اعلان حالة الطوارئ ام لا . وبذلك يكون استخدام نص المادة (48)على وضعه القائم متوقفاً على الارادة الشخصية لرئيس الجمهورية من دون ان يخضع لاية مراقبة او مراجعة، وبديهي ان اشتراط ممارسة رئيس الجمهورية هذه السلطة موافقة مجلس الوزراء ، لا بشكل قيداُ على ممارسة هذه السلطة (2). ذلك ان تعيين رئيس واعضاء مجلس الوزراء واقالتهم واعفاءهم من مناصبهم يتم من قبل رئيس الجمهورية نفسه ومن ثم لم يكن متوقعاً منهم ان يعارضوا أي قرار يتخذه بموجب هذه المادة اضافة الى ذلك فأن المادة المذكورة انفا لم تحدد مدة حالة الطوارئ وانما ترك ذلك الى تقدير رئيس الجمهورية وهذا يشكل بدوره مساسا بحقوق الافراد.
___________________
1- تنص المادة (48) قبل تعديلها في 8 ايلول 1965 ( لرئيس الجمهورية اعلان الاحكام العرفية او حالة الطوارئ بعد موافقة المجلس الوطني لقيادة الثورة ) .
2- رعد ناجي الجدة واخرون – النظرية العامة في القانون الدستوري والنظام الدستوري في العراق – مصدر سابق – ص 381 ومنذر الشاوي – القانون الدستوري والمؤسسات الدستورية العراقية – مصدر سابق – ص 199 و صالح جواد الكاظم واخرون – النظام الدستوري في العراق – مصدر سابق – ص 54 .
القيود على الحقوق المدنية والسياسية في دستور 21 ايلول 1968 المؤقت :
نتناول في هذا الموضوع القيود الواردة على الحقوق المدنية والسياسية في دستور 21 ايلول 1968 المؤقت في الظروف الاستثنائية ، اما بالنسبة للقيود في الظروف الاعتيادية ، فتنطبق عليها القيود الواردة على الحقوق المدنية والسياسية في دستور 29 نيسان 1964 المؤقت باستثناء حق المواطنة ( الجنسية ) ذلك ان دستور 1968 المؤقت مستمد في معظم نصوصه من دستور 1964 المؤقت . فيما يتعلق بحق المواطنة ( الجنسية ) نجد ان الدستور المؤقت فرض قيدا على حق المواطنة ( الجنسية ) وهو عدم جواز اسقاطها عن عراقي ينتمي الى اسرة عراقية تسكن العراق قبل 6 آب 1924 وكانت تتمتع بالجنسية العثمانية واختارت الرعوية العراقية، وفي ذلك ضمان لحق الفرد في الجنسية وعدم وقوعه في حالة اللاجنسية . اما بالنسبة للقيود الواردة على الحقوق المدنية والسياسية في دستور1968 المؤقت في الظروف الاستثنائية ، فقد خول الدستور رئيس الجمهورية بموجب الفقرة ( ط ) من المادة (50) سلطة اعلان حالة الطوارئ وانهاءها في الاحوال المبينة في القانون (1). وبناء على ذلك ، فان الدستور أناط سلطة اعلان حالة الطوارئ وانهاءها الى رئيس الجمهورية ولكن وفق القانون ، والقانون الذي ينظم حالة الطوارئ في ظل دستور 1968 المؤقت قانون السلامة الوطنية رقم (4 ) لسنة 1965 والذي ظل ساري المفعول ، وقد جاء في المادة الاولى من القانون ( يجوز اعلان حالة الطوارئ في العراق او في أية منطقه منه في الاحوال الآتية : –
1-اذا حدث خطر من غارة عدائية او اعلنت الحرب او قامت حالة الحرب او أية حالة تهدد بوقوعها .
2-اذا حدث اضطراب خطير في الأمن العام او تهديد خطير له .
3-اذا حدث وباء عام او كارثة عامة .
واستنادا الى المادة الثانية من القانون يكون اعلان حالة الطوارئ وانهاؤها بمرسوم جمهوري وبموافقة مجلس الوزراء، ويجب ان يتضمن مرسوم اعلان حالة الطوارئ ما ياتي : –
4-بيان السبب الذي دعا الى اعلانها .
5-تحديد المنطقة التي تشملها .
6-تاريخ بدأ سريانها .
كما خول القانون بموجب المادة الرابعة منه رئيس الوزراء سلطات استثنائية واسعة عند اعلان حالة الطوارئ (2).أهمها ما يأتي :
1- فرض القيود على حرية الاشخاص في الانتقال والمرور والتجول في اماكن معينة او اوقات معينة .
2- اعتقال الاشخاص المشتبه في سلوكهم الاجرامي وحجزهم في المحلات المخصصة لذلك او فرض الاقامة الجبرية عليهم .
3-الامر بتفتيش الاشخاص والاماكن ايا كانت على ان يحدد في الامر الشخص او المكان المقتضى تفتيشه .
4- فرض قيد على حرية الشخص في الاجتماع وتفريق الاجتماعات والتجمعات بالقوة اذا كان يخشى منها الاخلال بالامن العام .
5-حل الجمعيات اذا ثبت انها تمارس نشاطا من شأنه الاخلال بالامن العام او انها تعمل لصالح دولة اجنبية او تقوم ببث روح الفرقة بين صفوف الشعب واثارة الفتن .
6- فرض قيود على السفر من والى العراق .
7- فرض الرقابة على الصحف والمجلات والكتب والنشرات وكافة المحررات ويجوز كذلك تعطيل الصحف والمجلات لمدة معينة او الغاء امتيازاتها .
8- مراقبة الرسائل البريدية والبرقية وكافة وسائل الاتصال السلكية واللاسلكية وتفتيشها وظبطها.
كذلك نص القانون في المادة التاسعة على تشكيل محاكم أمن دولة تختص بالفصل في الجرائم المنصوص عليها في الاوامر والبلاغات و البيانات والقرارات الصادرة عن رئيس الوزراء او من يخوله أثناء فترة اعلان حالة الطوارئ ، كما تختص بالنظر في الجرائم الماسة بأمن الدولة الداخلي والخارجي أثناء هذه الفترة .
من خلال النصوص المتقدمة نلاحظ ما يأتي :-
1- حدد المشرع العراقي الحالات التي يجوز فيها اعلان حالة الطوارئ ، وقد احسن في ذلك لكن يلاحظ ان بعض هذه الحالات تتسم بالمرونة وعدم الوضوح ( اذا حدث خطر من غارة عدائية او أية حالة تهدد بوقوع الحرب … ) وهذا يعني توسيع صلاحيات السلطة التنفيذية التقديرية لإعلان حالة الطوارئ(3).
2- نصت المادة الثانية من القانون على ان يكون اعلان حالة الطوارئ وانهاؤها بمرسوم جمهوري وموافقة مجلس الوزراء ، وبديهيا ان اشتراط موافقة مجلس الوزراء لا يشكل قيدا على سلطة رئيس الجمهورية لان رئيس الجمهورية يتولى سلطة تعيين الوزراء وقبول استقالتهم وإعفاءهم من مناصبهم اضافة الى ان المادة (50 الفقرة / أ ) نصت على ان يكون الوزراء مسؤولين امام رئيس الجمهورية في اداء وظائفهم وتصرفاتهم وبالتالي لا يتصور معارضتهم لرئيس الجمهورية هذا من جانب ومن جانب اخر لم ينص القانون على عرض المرسوم على السلطة التشريعية بغية إقرار ما تراه مناسبا جراء اعلان حالة الطوارئ .
3- لم يحدد القانون مدة سريان حالة الطوارئ مما يعني ترك الامرالى تقدير السلطة التنفيذية(4). خولت المادة الرابعة من القانون السلطة التنفيذية سلطات واسعة جدا عند اعلان حالة الطوارئ تمثلت في فرض القيود على معظم الحقوق المدنية والسياسية ، وفي المقابل لم ينص القانون على الضمانات الكافية للأفراد عند تعرض حقوقهم للانتهاك وفي مقدمتها امكانية الطعن امام القضاء ، فقد استثنى القانون الاجراءات المتخذة في ظل حالة الطوارئ من امكانية الطعن بها امام القضاء(5).
4- نص القانون على تشكيل محاكم أمن دولة للفصل في القضايا التي تنشأ نتيجة اعلان حالة الطوارئ وفي ذلك مساس بحقوق الأفراد التي كفلها الدستور المؤقت .
________________________
1- نصت المادة (50-الفقرة/ط) قبل التعديل الثالث للدستور على إن (لرئيس الجمهورية اعلان حالة الطوارئ وإنهاؤها بموافقة مجلس قيادة الثورة ومجلس الوزراء في الاحوال المبينة في القانون ).
2-اصبح رئيس الجمهورية هو الذي يمارس السلطات الواردة في المادة الرابعة من قانون السلامة الوطنية لسنة 1965 استنادا الى التعديل الثالث للدستور في 10/11/1969 والذي بموجبه تم الغاء مجلس الوزراء
3- حميد الساعدي – الوظيفة التنفيذية لرئيس الدولة في النظام الرئاسي – دار عطوة للطباعة – 1981 – ص364
4- حميد الساعدي – الوظيفة التنفيذية لرئيس الدولة في النظام الرئاسي – مصدر سابق – ص364
5- فاروق احمد خماس – مصدر سابق – ص51
القيود في الظروف الاستثنائية على الحقوق المدنية والسياسية في دستور 16 تموز 1970 المؤقت :
المؤقت نصت المـادة (6) من الدسـتور المؤقت على أن الجنسية العراقـية واحكامها يـنظمها القانـون كما نصت المـادة (19 الفقرة / أ ) على أن المـواطنين سواسية أمام القانون وعدم جواز التمييز بسبب الجنس او العرق او اللغة او المنشأ الاجتمـاعي او الدين ، أما الفقرة (ب) مـن المادة نفسـها فقد ضمنت تكافؤ الفرص لجميع المواطنين لكن في حدود القانون . وأكـدت المـادة (22) علـى إن كرامة الإنسـان مصونة وحـرمت ممـارسة أي نوع من أنواع التعذيب الجسدي و النفسي ، كمـا منعـت القبض على أحد او توقـيفه او حبسـه او تفتيشـه إلا وفـق القانون ، وأكدت أيضا على حرمة المنازل و عدم جواز دخولها او تفتيشها إلا وفق القانون . وكـفلت المـادة (23 ) سرية المـراسلات البريـدية و الـبـرقية و الـهاتفية و منـعت كـشفـها إلا لـضرورات الـعدالة و الأمـن وفي حـدود و الأصول الـتي يقـررها الـقانون ، كمـا ضمنت الـمـادة ( 24) حرية المواطن في التنقل داخل البلاد و السفر إلى الخارج و العودة إلى الوطن عدا الحالات الـتي يحـددها الـقانون ، أمـا المادة (25) فقد كـفلت حرية الأديـان و المعتقدات وممارسة الشعائر الدينية شريطة إن لا يتعارض ذلك مع أحكام الدستور والقوانين وأن لا يتنافى مع الآداب و النظام العام ، كذلك كفلت المادة (26) حرية الرأي و الـنشر و الاجتماع و الـتظاهر و تأسيس الأحزاب الـسياسية و الـجمعيات وفـق أغراض الـدستور و فـي حدود القانون وألـزمت الـمادة نفسها الدولة بضـرورة توفـير الأسبـاب اللازمـة لـممارسة هذه الحريات التي تنـسجم مع خـط الـثورة الـقومـي التقدمي .
من خلال النصوص المتقدمة ، يمكن ملاحظة ما يأتي :
1-إن معظم الحقوق المدنية و الـسياسية مقيدة بعبارة ( في حدود القانون ) ولم يقدم الدستور أية ضمانات لمنع سن قوانين تتعارض او تتنافى مع هذه الحقوق.
2-إن بعض الحقوق مقيدة بعبارة ( وفق أغراض الدستور ) ، و الملاحظ إن هذه الأغراض واسعة ومن ثم يصعب ضبطها او تحديدها .
3-إن الـبعض الآخـر مـن الـحقوق مـقيدة بـعبارة ( أن لاتـنافي الآداب و الـنظام العام ) ، و الملاحظ إن فكرة الآداب و النظام العام فكرة واسعة غير محددة .
4- القيود في الظروف الاستثنائية في دستور 16 تموز 1970 المؤقت نظم دستور 16 تمـوز 1970 الـمؤقت حالـة الـطوارئ فـي المـادة ( 62 الفقـرة /ز ) حيث جاء فيها ، يمارس مجلس الوزراء الصلاحيات الآتية 🙁 ز- إعـلان حالـة الـطوارئ الـكلية او الـجزئية وإنهاؤهـا وفق القـانون)(1). وهكذا أحال الدستور مسألة تنظيم حالة الطوارئ إلى القانون .
جدير بالذكر إن قانونا استثنائيا لم يصدر في ظل دستور 16 تموز 1970 المـؤقت ، و هـذا يعني ان قانون السلامة الوطنية رقم (4) لـسنة 1965 هـو الـقانون الـمعمول به في ظل دستور 1970 الـمؤقت و الـمنظم لحالة الـطوارئ ، وقد جـاء فـي المـادة الثـانية مـن القانون ( يكون إعلان حالة الطوارئ وإنهاؤها بمرسـوم جمهوري بموافقة مجلس الوزراء ). ممـا تقدم يتضح إن السلـطة الـتي تباشر اختـصاص إعـلان حالة الـطوارئ وإنـهاؤها رئيـس الجمهورية و مجلس الوزراء .
_____________________________
1- خول الدستور رئيس الجمهورية بموجب المادة(57-الفقرة/ ب) صلاحية اعلان حالة الطوارئ الكلية او الجزئية وأنهاءها وفق القانون، وعلى اثر التعديل الاول للدستور في 8-7-1973 والذي بموجبه تم استحداث مجلس الوزراء انيطت سلطة اعلان حالة الطوارئ الكلية او الجزئية وانهاؤها الى نفس الوزارة وفق القانون.
المؤلف : مروج هادي الجزائري
الكتاب أو المصدر : الحقوق المدنية والسياسية وموقف الدساتير العراقية منها
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً