إن فعل الزنى لا يقع الا بوجود شخصين مختلفين في الجنس، المرأة والشخص الاجنبي عنها، وعندما نقول الأجنبي لا يعني أن يكون الرجل أجنبياً لا تربطه والمرأة التي له معها علاقة جنسية رابطة قربى، وإنما يقصد بالأجنبي هو من لا تربطه مع المرأة علاقة زوجية ويشترط ان يكون موجوداً مع المرأة حال المفاجأة بالهيئة التي بينها القانون(1). فالشريك أو العشيق هو الشخص الذي لا تربطه رابطة جنسية مشروعة بالزوجة او ذات الرحم المحرم. ولقد جاءت غالبية قوانين العقوبات شاملة بالتخفيف او الاعفاء من عقاب الجريمة التي يرتكبها الزوج أو المحرم ضد الزوجة او احدى المحارم وشريك أي منهما في حال المفاجأة بالزنى او الوجود في فراش واحد وسواء كانت الجريمة قتل أو ايذاء.
وبذلك فأن قوانين العقوبات لم تفرق بين القتل او الإيذاء الواقع على المجنى عليها وبين القتل او الايذاء الواقع على شريكها في الزنى، فقد عدت هذه القوانين، كقانون العقوبات العراقي والمصري والليبي والسوري واللبناني، إن العذر القانوني متوفراً إن وقع القتل او الايذاء على المجنى عليها او على شريكها أو على كليهما. فقوانين العقوبات متطابقة في هذا الاتجاه “فالزوج او المحرم الذي يباغت بمشهد الزنى وتثور اعصابه لا يميز بين المجرمين المعتدين على شرفه ويوجه ضربته نحوهما تحت سورة غضب عنيفة واحدة”(2).
ولكن قانون العقوبات البغدادي كان يأخذ منحى آخر، فلم ينص في المادة(216) منه على حالة قتل الزاني بالزوجة او احدى المحارم. وكان هذا الموقف مختلفا عن موقف القوانين الحديثة ومحل انتقاد شراح القانون لعدم اتفاقه مع المنطق والعقل السليم ويخالف عاداتنا العربية وظروفنا الاجتماعية ويتعارض مع روح التشريع، فلو لا الشريك لما وقعت الجريمة. وقد كان العذر المخفف في هذا القانون قاصرا على قتل الزوجة او احدى المحارم فقط ولا يستفيد منه الجاني عند قتله للشريك بل يّعد قاتلاً عمداً. وتطبيقا لذلك قضت محكمة التمييز في العراق في قضية ضرب المتهم فيها المجنى عليه بالطبر ضرباً ادى إلى موته بأنه (وجد ان الفعل مما ينطبق عليه أحكام المادة (212) عقوبات بغدادي إذ ان الفعل وقع ضد الزاني لا الزانية حتى يمكن تطبيق المادة (216) من القانون المذكور بحقه) (3).
ونجد ان قانون العقوبات العراقي النافذ قد تدارك هذا النقص التشريعي وسده بالنص في المادة (409) منه على شمول الجاني بالتخفيف إن ارتكب جريمة القتل او الاعتداء ضد الزانية وشريكها او احدهما. وتطبيقا لذلك صادقت محكمة التمييز في العراق على حكم بإدانة متهم وفق المادة (409) عقوبات لقتله زوجته وعشيقها عند مفاجأته لهما متلبسين بالزنى(4). هذا ويعد الفعل زنى ويقوم به العذر ولو كان شريك الزوجة صبياً لم يبلغ الحلم او شيخا طاعنا في السن او شخصا لا يقدر على الانجاب. او كانت الزوجة نفسها قد بلغت سن اليأس(5).
______________________
1-ينظر د. عبد الستار الجميلي، مرجع سابق، ص398.
2- ينظر د. حميد السعدي، مرجع سابق، ج3، ص240.
3- القرار رقم 1308/ج/47 بغداد. اشار اليه سلمان بيات، مرجع سابق، ج3، ص335.
4- القرار رقم 3815/ الهئية الجزائية/ 93 في 25/12/1993. (غير منشور) .
5- ينظر د. عوض محمد، مرجع سابق، ص119.
المؤلف : قاسم تركي عواد الجنابي
الكتاب أو المصدر : المفاجأة بالزنى عنصر استفزاز في القتل والايذاء
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً