في العراق :
بدءاً أشارت معظم دساتير العراق إلى مبدأ المساواة بين المواطنين دون تمييز بينهم ، وان حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة أو أشارت إلى ضمان الحقوق المدنية والسياسية . ففي القانون الأساسي العراقي لسنة 1925 أشار ذلك القانون الى ان ” لا فرق بين العراقيين في الحقوق أمام القانون وان اختلفوا في القومية والدين واللغة “(1). وان ” للعراقيين حرية إبداء الرأي والنشر والاجتماع …… “(2). وان ” الإسلام دين الدولة …… وتضمن لجميع سكان البلاد حرية الاعتقاد وحرية القيام بشعائر العبادة وفقاً لعاداتهم ما لم تكن مخلة بالأمن والنظام وما لم تكن تنافي الآداب العامة “(3). وجاء فيه أيضاً ” ان العراقيين متساوون بالتمتع بالحقوق المدنية والسياسية …… لا تمييز بينهم …… واليهم وحدهم يعهد بالوظائف العامة …… ولا يولى الأجانب هذه الوظائف …… “(4). وفي دستور 1958 فقد أشار إلى ان ” المواطنين سواسية أمام القانونُ …… ولا يجوز التمييز بينهم بسبب …… أو العقيدة “(5). وان حرية الاعتقاد والتعبير مضمونة وتنظم بقانون(6). وفي دستور 29 نيسان 1964 المؤقت الذي جاء فيه ان ” العراقيون متساوون في الحقوق والواجبات العامة بلا تمييز بينهم …… أو أي سبب آخر …… “(7). وان ” حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة لكل إنسان حق التعبير عن رأيه …… “(8). وفي دستور 1968 فقد جاء فيه ان ” العراقيون متساوون في الحقوق والواجبات …… ولا تمييز بينهم …… “(9). وان ” حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة …… “(10)، وان الدولة ” تضمن تكافؤ الفرص لجميع العراقيين “(11). وفي دستور1970 أشار إلى ان ” المواطنين سواسية أمام القانون دون تفريق بسبب الجنس أو العرق أو اللغة أو المنشأ الاجتماعي أو الدين ” ، وان ” تكافؤ الفرص لجميع المواطنين مضمون في حدود القانون “(12). وان الدستور يكفل ” حرية الرأي …… وتأسيس الأحزاب السياسية …… “(13). ، وان الدولة ” تكفل حرية البحث العلمي …… “(14). ثم صدر قانون إدارة الدولة المؤقت للعراق بدل دستور 1970 الذي عطلته السلطة السياسية على راس الدولة بعد الغزو الامريكي اذ جاء فيه ان ” للعراقي الحق بحرية الفكر والضمير والعقيدة الدينية وممارسـة شعائـرها ويحرم الإكراه بشأنها “. وكذلك للعراقي الحق في حرية التنظيم في جمعيات واحزاب ويكون ذلك مصوناً(15). هذه النصوص الدستورية والقانونية أشارت جميعها إلى تأكيد أهمية المساواة بين العراقيين في التمتع بالحقوق والواجبات … وتأكيد أهمية حرية الرأي وحرية البحث العلمي .
وفي التنظيم التشريعي الخاص بالموظفين العموميين ، فلم يشر قانون الخدمة المدنية العراقي المرقم 24 لسنة 1960 ضمن شروط الالتحاق بالوظيفة العامة ما يشير إلى منع اعتناق رأي سياسي أو مذهب معين أو ضرورة اعتناق رأي سياسي معين ، وبالتالي فان مساواة المواطنين العراقيين في التمتع بالحقوق المدنية والسياسية تعطي الحق لمرشحي الوظائف العامة أو الموظفين في الجهاز الإداري في اعتناق الرأي السياسي الذي يؤمن به وهذا من الناحية الدستورية والتشريعية ، ففي العهد الملكي الذي استمر إلى سنة 1958 كانت هناك حياة سياسية خصبة متمثلة بالتعددية الحزبية ، وان لم تكن ذات فاعلية . وفي العهود الجمهورية واستحواذ حزب سياسي على مقاليد السلطة تم تسييس الجهاز الإداري واصبح العراق من الدول ذات الحزب الواحد (القائد) سابقاً يومئ بضرورة اعتناق الفكر السياسي والأيديولوجية ضمن خطة تَحَزّبْ موظفي الدولة . وتحصين الوظيفة العامة باعتبارها مشاركة في إدارة السلطة. وما شهده الجهاز الإداري في صدر 1968 من تطهير للجهاز الحكومي انصب على موظفي الجهاز الإداري معتنقي الآراء والأفكار السياسية المخالفة للفكر السياسي للحزب الحاكم (حزب البعث العربي الاشتراكي) إبان تلك الفترة الزمنية التي مرت على العراق حيث تم فصل العديد من الموظفين في الجهاز الإداري العراقي بغير الطريق التأديبي الذي نص عليه القانون من دون أي ضمانات مخالفاً لما جاء في الدستور وانتهاكاً لمبدأ المساواة بين المواطنين العراقيين دون تمييز بينهم بسبب …… أو الرأي السياسي ومنتهكين حرية الرأي والتعبير ، ومخالفين النصوص الدستورية التي تحتل الهرم القانوني للدولة وعدم اتباع التدرج القانوني . وفي الوقت الذي كنا نعد فيه هذه الأطروحة وحدوث التغييرات السياسية الكبيرة التي حصلت في العراق واحتلاله من قبل القوات الأمريكية فقد أصدرت سلطة ما يسمى بالائتلاف الدولي المؤقت قراراً يقضي باجتثاث واستبعاد الكوادر المتقدمة البعثية من دوائر الدولة وما أشبه ما يحصل اليوم بالأمس القريب من انتهاك لحرية الرأي والتعبير المنصوص عليهما في الاعلان العالمي لحقوق الانسان والاتفاقيات الدولية التي تؤكد على حرية الرأي والتعبير وضمان الحريات المدنية والسياسية والتي أدرجت في صلب الوثائق الدستورية للدول وموافقة الدول على هذا الاعلان والمواثيق والمعاهدات الدولية المتعلقة بهذا الامر دون التطرق الى مدى شرعية ما اتخذته سلطة الاحتلال آنذاك فالحديث في هذا المجال يتعلق فقط بحرية الرأي والانضمام للاحزاب السياسية واعتناق الآراء السياسية ضمن المشروعية القانونية التي كان يتمتع بها هؤلاء الموظفون في الدولة .
فكانت الإدارة تتمتع بسلطة تقديرية واسعة ضمن تسييس الإدارة دون معقب لاعمالها منتهكه الحقوق الدستورية والاتفاقيات والإعلانات الدولية التي أكدت حقوق وحرية المواطن في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة لسنة 1948 والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ومن ضمن هذه الحقوق والحريات حرية اعتناق الآراء السياسية للمواطنين وبما ان الموظفين هم أصلاً وقبل كل شيء مواطنو الدولة وان صفتهم الجديدة تفرض عليهم بعض القيود في احترام للوظيفة أثناء أداء عملهم فان حريتهم في اعتناق الآراء السياسية يجب ان لا تكون مخالفة للقانون والنظام العام والآداب وضمن العادات التي سرى عليها المجتمع العراقي . ومن دون ان تكون له مظاهر خارجية تهدد الوحدة الوطنية وسلامة البلد أو إثارة النعرات الطائفية أو المذهبية أو الإقليمية أو القومية بين أبناء البلد الواحد .
فالاستبعاد لأسباب سياسية من الوظيفة العامة في العراق كان يتم بصورة نادرة ويتم عند تحول أو تغيير في السلطة الحاكمة . فكانت تتم العملية وكأنها آخذة بثأر من فكر نظام سياسي معين لمصلحة تيارات سياسية أخرى جديدة ولكننا نقول ان التعددية الحزبية في البلد تنشط الحياة السياسية في ذلك البلد . وممارسة الرقابة المباشرة وغير المباشرة في أنشطة أجهزة الدولة ولكن يستتبع في هذه العملية ضرورة تمتع الموظف العام أثناء أداء عمله بالحياد الوظيفي ضمن نطاق عملية ودون ان تكون للآراء التي يعتنقها أثر على مختلف المواطنين الذين يكونون محل احتكاك بالوظيفة العامة الحكومية . وبالتالي فان الاستبعاد للأسباب السياسية يكون غير مشروع إذا كان في بلد يتمتع بالتعددية الحزبية لان ذلك سيكون خرقاً لمبدأ دستوري هو المساواة بين المواطنين في تولي الوظائف العامة فالأفراد في الوقت الحاضر في مجتمع متقارب الأفكار انتشرت فيه الاتجاهات والآراء السياسية والأفكار الإصلاحية يساعد على ذلك تقدم وسائل الإعلام والاتصال مما جعل من الأفراد والشعوب كأنهم يعيشون في قرية صغيرة يتأثرون بالآراء والأفكار السياسية التي تجوب المجتمع العراقي فاصبح هناك ثمة ارتباط وثيق بين الإدارة والسياسة بحيث لا يمكن تحصين الإدارة من عدوى السياسة لان ترابط الهيئات يجعلها تؤثر في بعضها وتتأثر ببعضها البعض مما يصعب إبعاد رجل الإدارة عن السياسة.
في جمهورية مصر العربية :
خلت الدساتير المصرية المتعاقبة من أية إشارة أو نص مشابه لما هو عليه في جمهورية فرنسا. تحظر إيذاء أي مواطن أو الإضرار به في عمله أو في وظيفته بسبب آرائه السياسية أو معتقداته كذلك فان القوانين المتعاقبة التي أصدرها المشرع المصري والتي سنبينها تباعاً من تنظيم الوظيفة العامة تضمن تلك المبادئ بعد ان تعرض على القضاء الإداري المصري في هذا الشأن . فلم تثر هذه المسالة في القضاء الإداري بصدد التعيين في الوظيفة العامة في مصر بالنسبة لتأديب الموظفين المعينين فعلاً أو فصلهم من الخدمة بسبب آرائهم السياسية وقد أثيرت المسالة أول الأمر في سنة 1921 حين جهر عدد من موظفي الدولة بآرائهم السياسية المعارضة لرأي الحكومة التي كانت آنذاك(16). وكان هناك تبرير في ذلك الوقت جاء فيه انه ليس للقضاة مهما اعتنقوا من آراء سياسية التظاهر بها لأنه يجب ان يتوافر في القاضي الحياد المطلق والبعد عن الاشتراك في الخلافات والمنازعات السياسية ويقتضي ذلك منه التحفظ العام في هذا المجال وذهبت بعض الهيئات التأديبية آنذاك وقالت لا خير في ان يجهر الموظفون بآرائهم السياسية على ان لا يتناول ذلك طعناً في شكل الحكومة وتجريحاً في قاعدة من قواعد النظام آنذاك . ويشرط ان لا يتعارض استعمال هذا الحق مع واجباته الوظيفية ولا يخل بحسن سير العمل . ثم صدر في عام 1929 قرار من مجلس الوزراء بمنع الموظفين من الاشتراك في اجتماعات سياسية علانية وشملت كذلك شرائح من الموظفين مثل القضاة والتدريسيين والموظفين بالأزهر والمعاهد الدينية ، وذلك لاستغلال الأحزاب السياسية الوظائف الحكومية لمصالحها الحزبية وأدى هذا إلى تضارب ما بين الأحزاب فأصبحت الإدارة موضع صراع وحرب ما بين الأحزاب وأصبحت الوظيفة العامة من الغنائم(17). ثم صدر القانون المرقم 210 لسنة 1951 الذي نص في المادة (77) منه على ” لا يجوز للموظف ان ينتمي إلى حزب سياسي أو ان يشترك في تنظيم اجتماعات حزبية أو دعايات انتخابية ، ويعتبر مستقيلاً كل من رشح نفسه بصفة حزبية لعضوية البرلمان من تاريخ ترشيحه ” . وكان محاولة لإبعاد الوظيفة والمرافق العامة عن التأثيرات السياسية السلبية على حسن سيرها بانتظام وإهداراً للمصلحة العامة . ثم تأكد هذا الحرمان عملياً بعد قيام ثورة 1952 التي ألغت الأحزاب السياسية بالمرسوم بقانون المرقم 37 لسنة 1953 بديلاً عن الأحزاب السياسية أنشأت ثورة يوليو تنظيمات سياسية بدأت بهيئة للتحرير مروراً بالاتحاد القومي وانتهاءً بالاتحاد الاشتراكي العربي ثم صدر القانون المرقم 46 لسنة 1964 والقانون رقم 58 لسنة 1971 على نفس النهج(18). ثم صدر دستور 1971 الذي جاء تأكيداً لمبدأ المساواة فنص على ان ” المواطنون لدى القانون سواء وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة “(19). فعلى الرغم من إشارة النصوص الدستورية الى مبدأ المساواة بين المواطنين إلا أنها جاءت خالية من الإشارة إلى الآراء السياسية وعدم التمييز بينهم بسبب الاعتبارات السياسية سواء في تولي الوظائف العامة أو في غيرها من الحقوق التي كفلها الدستور وجاء في موضع آخر من الدستور القول ” ان حرية الرأي مكفولة ولكل إنسان بالتعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير في حدود القانون والنقد الذاتي والنقد البناء ضمان لسلامة البناء الوطني “(20). إذ حاول هذا الدستور وضع وإرساء قواعد ديموقراطية اشتراكية وفقاً لأسلوب مغاير للتجمع الجماهيري ، فأعلنت الثورة التصحيحية لسنة 1971 ان من أهم مبادئها (مبدأ سيادة القانون) الذي لا يتحقق إلا بوجود الرقابة البرلمانية على العمل باعتبار هذه الرقابة عنصراً مهماً وأساسيا للرقابة السياسية وهي لا تكون إلا في ظل تعدد الأحزاب حيث يقف الحزب المعارض للحزب الحاكم للكشف عن أخطائه وهو ما يدفع الحزب الحاكم إلى تجنب الوقوع في الخطأ خشية فقدان الحكم ولن يتحقق هذا إلا بوجود أحزاب قوية ذات برامج متعددة ولهذا صدر القانون المرقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب وعدل بالقرار بقانون المرقم 36 لسنة 1979 ثم القانون المرقم 44 لسنة 1980ثم بالقرار بقانون المرقم 156 لسنة 1981 ، فنص قانون الأحزاب السياسية المصري على ان ” للمصريين حق تكوين الأحزاب السياسية . ولكل مصري الحق في الانتماء لأي حزب سياسي طبقاً لاحكام هذا القانون ” . فبالرغم من تبني النظام الدستوري والمصري للتعددية الحزبية إلا ان قانون العاملين المدنيين بالدولة المرقم 47 لسنة 1978 الذي صدر في وقت عادت فيه الأحزاب السياسية إلى ممارسة العمل السياسي ، لم يتضمن نصاً مماثلاً لنص المادة (77) من القانون المرقم 210 لسنة 1951 والخاص بمنع الانتماء الحزبي للموظف العام . مما يعني حرية الموظف العام في الانتماء إلى الأحزاب السياسية . وما يؤكد ذلك ان المادة (6) من القانون رقم 40 لسنة 1977 المعدلة بالقانون المرقم 36 لسنة 1979 حددت الشروط الواجب توافرها فيمن ينتمي إلى حزب سياسي معين . إذ نصت الفقرة الثالثة انه يشترط في عضو الحزب ألا يكون من أعضاء الهيئات النقابية أو من ضباط أفراد القوات المسلحة أو الشرطة أو من أعضاء الرقابة الإدارية أو المخابرات العامة أو من أعضاء السلك السياسي أو القنصلي أو التجاري. وهناك أمر آخر . فقد جاء في اللائحة التنفيذية لقانون 47 لسنة 1978 الخاص بالعاملين في القطاع الحكومي . انه ” ينشأ لكل عامل ملف تودع به الوثائق والبيانات والمعلومات الخاصة به مما يكون مفصلاً بالوظيفة. كما تودع به الملاحظات المتعلقة بعمله والتقارير السنوية المقدمة عنه . كما تودع بالملف المذكور كل ما يثبت جديته من الشكاوى والبلاغات المقدمة ضد العامل وذلك بعد تحقيقها وسماع أقواله فيها ويكون إيداع الملاحظات المتعلقة بالعمل في ملف الخدمة بعد تسليم العامل صورة منها. وفي حالة امتناعه عن استلام صورة ترسل إليه بكتاب موصى عليه ويجب ترقيم أوراق الملف ويثبت رقم كل ورقة ومضمونها على غلافه . ولا يجوز نزع أية ورقة منه بعد إيداعها فيه “(21). وهذا يعني انه لم يشر قانون العاملين المدنيين المصريين ولا اللائحة التنفيذية لذلك القانون بحق الموظف في اعتناق الآراء السياسية أو التعبير عنها وسكت عن ذكر تأثير ذلك في المستقبل الوظيفي للموظف. وبالرجوع إلى قضاء مجلس الدولة المصري ، إذ ذهب إلى الترخيص لجهة الإدارة في حرمان الشخص من تولي الوظائف العامة بسبب آرائه السياسية ومن ذلك ما ذهبت إليه المحكمة الإدارية العليا من أحكام كثيرة(22). من ان لجهة الإدارة الحق في التحري بكل الطرق عن صلاحية المرشح لشغل الوظيفة للتأكد من سلوكه وبعده عن المبادئ الهدامة والأنشطة الضارة بسلامة الدولة وأمنها. وان لجهة الإدارة في سبيل ذلك ان تستطلع رأي إدارة المباحث العامة باعتبارها اقدر الجهات الرسمية المختصة بذلك . وانتهت المحكمة إلى ان من حق القائمين على إدارة المرفق ان يمتنعوا من تعيين المرشح الذي اعترضت عليه الإدارة المذكورة ” اطمئناناً منهم على سلامة المرفق ومنعاً من ان يندس بين عماله بعض المشاغبين وذوو النشاط الهدام ” . ورفضت المحكمة الاكتفاء بشهادة حسن السيرة والسلوك لان هذه الشهادة لا تقطع في ذاتها بعدم وجود نشاط هدام ” إذ ان ذوي الميول السياسية المنحرفة إنما يباشرون نشاطهم سراً وفي تحرز واستخفاء بعيداً عن أعين الناس مما قد يخفي عادة على محرري شهادة حسن السلوك ” . بل ذهبت المحكمة الى ابعد من ذلك عندما أعطت للجهة الإدارية الحق في ان تسحب قرار التعيين إذا ما صدر فعلاً رأى مكتب الأمن عدم موافقته على هذا التعيين بناءً على تحريات المباحث العامة في هذا الشأن. وفي مصر كذلك أجازت المحكمة الإدارية العليا للإدارة حرمان بعض المواطنين من حق تولي الوظائف العامة بسبب آرائهم وأفكارهم السياسية حتى بالنسبة إلى الوظائف القليلة الأهمية ” كوظيفة معاون تلفون ” وهذا ما حدا بالفقه المصري ان ينتقد مسلك المحكمة الإدارية بشدة لخروجها بهذه الأحكام على المنطق القانوني وإهدارها ضمانات الأفراد في ممارسة الحريات السياسية(23). وجاء في أحد أحكام محكمة القضاء الإداري المصري ، ان مجرد انتماء الموظف إلى جماعة ذات مبادئ متطرفة لا يعني خطورته على الأمن ولكن متى ما كان هناك دليل يثبت على الموظف باعتناقه أفكار هدامة فانه يجوز فصله(24).
في فرنســــا :
فقد حرصت معظم التشريعات الفرنسية على رفض التمييز بين المتقدمين لتولي الوظائف العامة استناداً إلى آرائهم وانتماءاتهم السياسية أو الحزبية فلا يجوز حجز وظائف معينة لأنصار حزب معين أو معتنقي سياسة معينة ولا يجوز استبعاد أنصار حزب معين من تولي الوظائف العامة.
فالأصل ان للموظف وللمرشح للوظيفة ان يعبر وان يبدي ما يشاء من آراء سياسية . ولقد جاءت التشريعات الفرنسية في هذا الاتجاه واضحة الدلالة على هذا المعنى . وذلك طبقاً لإعلان حقوق الإنسان والمواطن الفرنسي لسنة 1789 الذي نص ” ان الناس يولدون أحراراً ومتساويين أمام القانون “(25). وجاء في موضع آخر انه ” لا أحد يزعج بسبب آرائه “(26). ونص كذلك على ان ” الاتصال الحر بالأفكار والآراء هو أحد الحريات الأكثر قيمة للإنسان وكل إنسان يمكنه التعبير عن رأيه شفاهة أو عن طريق الكتابة والطباعة “(27). كما جاءت الدساتير الفرنسية منطوية على العديد من النصوص التي تحظر التمييز بين المواطنين في تولي الوظائف العامة بسبب الانتماءات السياسية واقر بحرية التعبير عن الأفكار والآراء باعتباره أحد الحقوق الأساسية للإنسان . وان كل مواطن يمكنه ان يتكلم ويكتب ويطبع بحرية(28). كما جاء في ديباجة دستور 1946 ودستور 4 أكتوبر 1958 الذي جاء فيه ” لا يجوز ان يتضرر أحدٌ في عمله وفي تولي الوظائف العامة بسبب أصوله أو آرائه السياسية أو معتقداته “(29). وعلى ذلك فان أفكار المرشحين لا تؤثر على شغلهم للوظائف العامة ، ثم درجت تشريعات الوظيفة العامة في فرنسا على نص هذا الحظر ، حيث حظرت قوانين الوظيفة العامة ان يتضمن ملف الموظف العام ما يشير إلى آرائه أو نشاطه السياسي. فقد نص القانون الصادر في 4 فبراير 1959 المرقم 44 على ان ” الملف الفردي للموظف يجب ان يحتوي على كل الأوراق التي تتعلق بوصفه الإداري ، والتي يجب ان تسجل وترقم دون انقطاع وانه لا يمكن ان يتضمن الملف أي إشارة إلى الآراء السياسية000″. ولقد جاءت أحكام القانون المرقم 13 يوليو 1983 متضمنة نفس المبادئ السابقة الواردة في قانون 4 فبراير 1959. حيث جاء فيه ” حرية الرأي مضمونة للموظفين العموميين ولا يمكن التمييز بينهم استناداً لأسباب تتعلق بآرائهم السياسية “(30). وأشار القانون في موضع آخر الى انه ” يحظر الإشارة في ملف الموظف أو في أي وثيقة إدارية أخرى إلى الآراء السياسية للموظف “(31).
وقد بقي هذا القانون معمولاً به حتى عام 1983 . حيث صدر القانون المرقم 13 يوليو 1983 الخاص بحقوق وواجبات الموظف العام . وقانون 11 يناير 1984 الخاص بالنظام القانوني للوظيفة العامة .غير ان هذه الحرية للموظف أو للمرشح في إبداء الآراء السياسية ليست مطلقة. وإنما هي مقيدة ببعض القيود للتوفيق بين المبادئ الدستورية ” حرية الرأي والمساواة في تولي الوظائف العامة ” ومقتضيات الوظيفة العامة التي يفترض الصالح العام على شاغلها واجبات وأعباء خاصة. وللتوفيق بين هذه الاعتبارات يعترف الفقه والقضاء للموظف بحرية إبداء الآراء السياسية مع مراعاة ان يكون متحفظاً في التعبير عن آرائه. فيحظر على الموظف تجريح الحكومة والهجوم على سياستها علناً. ولا يسري واجب التحفظ – الذي يفرضه مبدأ الحياد الوظيفي على الموظف حسب وإنما ينسحب على المرشح لشغل الوظيفة(32). فيستطيع الموظف الفرنسي ان يعبر عن آرائه السياسية ويستطيع الانضمام إلى الأحزاب السياسية. حيث يسمح للموظف الفرنسي بالانضمام إلى الأحزاب السياسية المشروعة. وهي التي تدين بالولاء للجمهورية وللنظام الديمقراطي(33). وعلى ذلك لا يجوز في فرنسا فصل الموظف من الوظيفة العامة أو رفض التحاقه بها لمجرد اشتراكه في حزب معين. وعلى هذا الأساس قرر مجلس الدولة الفرنسي في حكمه الشهير في قضية “BAREL ” سنة 1954 . أو يعد هذا الحكم من الأحكام المهمة في هذا الصدد باعتباره قضاء المبادئ ، الذي أرسى مبدأ المساواة بين المرشحين للوظائف العامة ، وعدم التمييز بينهم لأسباب ترجع إلى الانتماء السياسي . وتتلخص وقائع هذا الحكم في ان السيد Barel تقدم هو وزملاؤه في مسابقة للالتحاق بالمدرسة الوطنية للإدارة. إلا ان الإدارة رفضت الطلب الذي تقدم به السيد Barel وزملاؤه. واعلم مدير المدرسة أحد زملائه ان سبب هذا الاستبعاد قد جاء بناءً على ملف سري للمذكور. وهو انه سكرتير للحزب الشيوعي بالمارنتيك. مستنداً في ذلك إلى تصريحات منسوبة إلى أحد أعضاء مكتب رئيس الوزراء أعلن فيها عن اتجاه نية الحكومة إلى حرمان أعضاء الحزب من الالتحاق بالمدرسة الوطنية للإدارة. وأمام هذا الرفض قام السيد المذكور انفاً وزملاؤه بالطعن في قرار الإدارة أمام مجلس الدولة لاستناد هذا القرار إلى أسباب تتعلق بآرائهم السياسية مما يعد إخلالا من جانب جهة الإدارة لعدم التزامها بمبدأ المساواة بين الفرنسيين في الالتحاق بالوظائف العامة وتمييزها بين المرشحين بسبب آرائهم السياسية . مما يعد انتهاكاً من جانبها لحرية الرأي التي يتمتع بها سائر المواطنين 000 وقد امتنعت الإدارة عن الإفصاح عن سبب هذا الاستبعاد . وامتنعت الإدارة من الإفصاح عن ذلك لعدم وجود ما يلزمها(34). لذلك قرر مجلس الدولة في حكمه الشهير ” ان الإدارة من حقها ان تستبعد من قائمة المتقدمين لامتحان المسابقة لدخول المدرسة الوطنية للإدارة من ترى ، لأسباب تتعلق بالصالح العام . عدم صلاحيته لتولي الوظائف التي تتيحها الدراسة في تلك المدرسة . وأن لجهة الإدارة ان تأخذ في اعتبارها لهذا الغرض الوقائع والمظاهر التي تخل بواجب التحفظ والوقار المفروض على المرشحين . ولكن لا يجوز لجهة الإدارة ان تستبعد من القائمة المذكورة أحد المتقدمين استنادا إلى مجرد اعتناقه لأفكاره السياسية. وعلى ذلك ألغى مجلس الدولة القرار الذي استبعدت الإدارة بمقتضاه بعض المتقدمين بسبب آرائهم الشيوعية أو السياسية فقط “.وبنفس هذه القضية أثيرت قضية أخرى واصدر المجلس حكماً آخر في قضية السيد Guille(35). وجاء في حكم آخر للمجلس الخاص بالسيد ” Merlenghi ” بإلغاء إحدى المسابقات لاختيار عدد من المتقدمين لدورة تأهيل مساعدين للعمل في إدارات المستشفيات الحكومية. وبالتالي إلغاء قرار وزير الصحة الصادر استنادا إلى نتيجة هذه المسابقة بإعداد قائمة المقبولين لهذه الدورة وذلك لمخالفة لجنة الاختيار لقانون الوظيفة العامة في أمر 4 فبراير 1959 الخاص بالموظفين العموميين الذي يقضي بأنه ” لا يجوز ان يتضمن ملف الموظف أي معلومات تتعلق بآرائه السياسية “(36). وذلك لان طبيعة الأسئلة التي طرحت على أحد المتسابقين وهو السيد المذكور قد تعرضت لمعرفة آرائه السياسية ومعتقداته. مما افقد اللجنة مبدأ الحياد الواجب توافره في أعضائها ، ذلك الحياد الذي كان يجب ان يقتصر في تقييمه للمتسابقين على توافر شروط الكفاءة والجدارة دون التعرض لانتمائهم السياسي(37). في حين ذهب في حكم آخر إلى رفض إلغاء القرار الصادر من وزير العدل باستبعاد السيد ” Raquet ” من قائمة المرشحين للدخول في المسابقة المفتوحة للمدرسة الوطنية للقضاة. استنادا إلى ان المذكور شارك في نشر مجلة تسمى ” لجنة الجنود في Villacoublay ” وكانت تحرض الجنود في إحدى القواعد الجوية على عدم التعاون معتبراً ان ذلك إخلال من جانبه بالالتزام بالتحفظ الواجب توافره في المرشح للالتحاق بالمدرسة الوطنية للقضاة. وجاء في حيثيات هذا الحكم تأييد لقرار الوزير ” ان هذا القرار لم يؤسس على الآراء السياسية للمذكور. وإنما قد أسس على التصرفات المنسوبة إليه والتي تتعارض مع الوظيفة المرشح لها . والتي تؤهله إليها المدرسة الوطنية للقضاة “(38). ويلاحظ أخيرا ان القوانين واللوائح تحرم على شاغلي بعض الوظائف الخاصة الاشتغال بالسياسة أو إبداء الآراء السياسية. كالحظر المنصوص عليه بالنسبة لرجال القضاء ، وبالنسبة للعسكريين باستثناء هذه الحالات التي وردت بشأنها نصوص صريحة وباستثناء من يشغلون وظائف ذات طابع سياسي كالمحافظين والسفراء إذ يفترض فيهم الموالاة التامة للحكومة. والقاعدة هي جواز إبداء الآراء السياسية مع مراعاة واجب التحفظ(39).
نخلص من ذلك إلى ان المبدأ العام في القانون الفرنسي هو عدم تمييز بين المرشحين لتولي الوظائف العامة لأسباب ترجع إلى الانتماء السياسي أو مذهب فلسفي معين مادام هذا الاعتناق لا يظهر في صورة أعمال ووقائع معارضة للولاء للوطن أو الحكومة. مع الترخيص لجهة الإدارة في ان تخرج عن هذا المبدأ في وظائف الإدارة العليا ، والعسكرية التي تتطلب في شاغليها قدراً اكبر من الولاء يتمثل في عدم اعتناقه آراء معارضة أو مناقضة مع السياسة العامة للدولة ،تتطلب توافقاً في الوجهة السياسية للمرشح مع الحكومة القائمة على اعتبار ان هذه الوظائف يغلب عليها الطابع السياسي. ولكن إذا كانت القاعدة العامة هي حرية الممارسة السياسية والانضمام إلى الأحزاب السياسية . إلا ان هناك بعض طوائف الموظفين حظرت عليهم النصوص ذلك مثل رجال القضاء . حيث حظر عليهم المرسوم الصادر في 22 ديسمبر 1958 الخاص بالقضاة كل تعبير ذي صفة سياسية يكون من شأنه التعارض مع التحفظ المفروض عليهم نظراً لطبيعة وظائفهم. كما حظر المرسوم الصادر في 30 يوليو 1963 على إعطاء مجلس الدولة الفرنسي نفس الحظر الوارد على رجال القضاء. كما ورد الحظر السابق في المواد من ( 6 – 14 ) من القانون المرقم ( 672 /72 ) الصادر في 13 يوليو 1972 في شأن نظام العسكريين حيث نصت المادة 7 منه على أن للعسكريين الحق في التعبير عن الآراء والمعتقدات الفلسفية والعقائدية أو السياسية بحرية لكنهم لا يستطيعون التعبير عنها إلا خارج المرفق مع التحفظ المفروض عليه. وتم الحظر على رجال البوليس الوطني . حيث نص المرسوم الصادر في 18 مارس 1986 على هذا الحظر ، ففي الوظائف العليا تملك الوظائف الحكومية السلطة التقديرية الواسعة في الحكم على صلاحية شاغليها لتنفيذ السياسة العامة للحكومة وإذا قدرت عدم ملاءمتهم في بقائهم في هذه الوظائف. فانها لاتملك عزلهم من مناصبهم بغير الطريق التأديبي . وهذه الوظائف محدودة بطبيعتها ، وقد تضمن المرسوم الصادر في 20 يوليو 1949 وحل محله المرسوم الصادر في 21 مارس 1959 مثل مناصب مديري الإدارات المركزية بالوزارات أيضا وظائف مديرين.
في إنكلتــرا :
حيث كانت تسود نظرية الغنائم الحزبية ، وتقضي بان الحزب الذي يتولى الحكم غنائمه ومن أهمها قصر الوظائف الحكومية على أنصاره ويقين هذه النظرية شعار لحزب المحافظين الإنكليزي منذ عهد الملكة (آن) وبلغ الأمر في عهد حكومات ( ولبول وجرنفيل ) إلى عزل كل الموظفين الذين صوتوا ضد الحكومة ثم تمادى فوكس سنة 1863 في ذلك حتى ثارت ثائرة الرأي العام الثورة التي أدت إلى القضاء على الحزبية في شغل الوظائف العامة ووضع التنظيمات التي تكفل إبعادها عن سلطان السياسة(40). فاصبح لا يجوز تعيين شخص في وظيفة مدنية تتصل بالمصالح الأساسية والحيوية لسلامة وأمن الدولة إذا كان عضواً في الحزب الشيوعي أو منتمياً لجمعية فاشية أو لجماعات يقضي نظامها بالتخلي عن ولاء الدولة . ولمديري المصالح العامة اتباع الوسائل وإجراء التحقيقات ووضع القواعد التي يقتضيها تطبيق ذلك المبدأ ويعتبرون مسؤولين بصفة شخصية عن ذلك(41). فاصبح النظام الإنكليزي يفرض على الموظف العام بعض القيود في ممارسته للنشاط السياسي ، وهذه القيود وان كانت استثناءً من الأصل العام المتمثل في حرية ممارسة الأنشطة السياسية إلا أنها تجعل مشاركة الموظف العام في الحياة السياسية مشاركة شكلية وغير فعالة . وذلك لأنه يحظر على الموظف العام الاشتراك في عضوية اللجان الانتخابية أو مساعدة المرشحين أو مناصرتهم علانية سواء بالقول أو بالفعل(42). وهذه القيود قصد بها عدم الاشتراك من قبل الموظف بصفة فعالة في النشاط السياسي بطريقة تهدد المساس بواجب الحياد المفروض على الموظف العام حتى لا يباشر مركز الموظف العام بالاعتبارات السياسية(43). فبوسع أي موظف عام في إنكلترا ان يَنظم إلى الأحزاب السياسية بصفة فردية ولكن بشرط عدم قيام الموظف بدور فعال في نشاط الحزب وكل مشاركة فعالة فيه لا تتم إلا بناء على اتفاق يشارك فيه ممثلو الموظفين(44). وعلى ذلك نرى ان انضمام الموظف العام للأحزاب السياسية في بريطانيا هو انضمام سلبي لا جدوى من وجوده حيث ان القيود المفروضة عليه تحرمه من المشاركة الفعالة في النشاط الحزبي دون موافقة حيث ان لجهة الإدارة ان تبعده عن أي نشاط سياسي يكون من شانه ان يؤثر في واجبات وظيفته ، فلم تتعرض بريطانيا إلى فصل الموظف لأسباب سياسية حيث ان ولاء الموظف يكون دائماً للحكومة . كما ان الكتاب الدوري الذي يصدره وزير خزانة بريطانيا يلزم كل موظف بريطاني بضرورة الولاء للسلطة السياسية أياً كان المذهب الذي يعتنقه الموظف .
في الولايات المتحدة الأمريكية :
تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية من اكثر الدول التي عانت من تدخل السياسة في الحياة الإدارية فقد كان نظام الغنائم الحزبي هو السائد الذي يأتي بأنصار الحزب الفائز وتوليهم للوظائف دون ضابط أو كفاية أو جدارة(45)، وبقيام الثورة الأمريكية تحطم الاحتكار الوظيفي ووضع قادة الثورة بعض الضوابط لمنع ظهوره مرة أخرى . وحرصت بعض دساتير الولايات على النص صراحة على اتباع طريقة الانتخاب في الاختيار لشغل الوظائف العامة ، فعمل الرئيس جورج واشنطن على وضع شروط للتعيين في الوظائف العامة تقوم على الجدارة والإخلاص للولايات المتحدة دون النظر إلى الانتماء الحزبي مع تفضيل رجال الثورة إذا توافرت فيهم هذه الشروط . وقد سار الرئيس جون ادمز على نهج سياسة الغنائم حيث سمح للنفوذ الشخصي والسياسي ان يؤثر فيه في التعيينات وخاصة عند قرب انتهاء فترة رئاسته وتولي الحزب الجمهوري الرئاسة بعده ، فأراد ان يضمن لرجال حزبه السيطرة على وظائف القضاة فقام بتعيين بعض الاتحاديين في القضاء في نهاية ليل 3 مارس 1803 فيما عرف بتعيينات منتصف الليل وكانت هذه التعيينات موضوع نـزاع قضائي أمـام المحاكم العليـا عرفت باسم قضية ( مالبوري ضد ماديسون ) واستمر هذا الصراع على الوظيفة العامة متماشياً مع الصراع الحزبي واصبح من سمات الإدارة الأمريكية . واعتنق الأمريكيون نظام تأقيت الوظائف تحت تأثير فكرة الغنائم واخذ هذا مظهرا قانونياً في عهد الرئيس (جاكسون) عندما صدر قانون السنوات الأربع 1820 ، فاصبح من الجائز فصل كل موظف قضى في الخدمة أربع سنوات(46). ويبرر الأمريكيون نظام تأقيت الوظائف بأنه تتويج للديمقراطية التي يقدسونها ولا بد من الخضوع لاتجاهات الرأي العام وممثلي الشعب . وان تكون الوظيفة العامة سهلة مرنة وشديدة الاستجابة للإرادة الشعبية مما يجعلها تعتمد على نتائج الانتخابات ويعتبر استجابة لفكرة المساواة التي شغف بها الأمريكيون فليس لأي فرد في الدولة الحق في تولي الوظيفة العامة دون سواه(47). ولقد ترتب على هذه السياسة فساد الحياة الإدارية لإخلالها بمبدأ الحياد الوظيفي وتحولت الوظيفة العامة إلى خدمة أنصار الحزب الفائز . لذلك كان من أهم مظاهر الإصلاح الإداري هو فصل السياسة عن الإدارة ومحاولة تخليصها من نظام الاسلاب الذي افسد الحياة الإدارية . ويرجع البعض ذلك أيضاً إلى كراهية الأمريكيين أنفسهم لفكرة تأقيت الوظيفة العامة لتأثرهم بما جرى عليه في أوربا من احتكار طبقي وعائلي لوظائف الدولة . وهذا بدوره يرجع إلى الأوضاع الاجتماعية ونظم الحكم الاستبدادية التي كانت تسود أوربا وقتئذٍ(48). ثم صدر قانون بندلتون (Pendalton act) في عام 1883 كأول تشريع للخدمة المدنية ومنذ ذلك الوقت اصبح على الأمريكيين من الموظفين المدنيين الاشتغال بأوجه النشاط السياسي وان تتوافر فيهم المرونة التي تمكنهم من العمل بولاء وإخلاص للحكومة القائمة . ثم صدر قانون (Tlatct act ) عام 1939 الذي كان هدفه الحد من تأثير النشاط الضار بالعاملين في الجهاز الإداري وتورطهم في العمليات الانتخابية لمصلحة أحد المرشحين ولا يعني هذا الحرمان من حق التصويت ، فالموظف باعتباره مواطناً يتمتع بالأهلية السياسية ومباشرة حقه في الانتخابات والانضمام إلى الأحزاب السياسية(49) . فيحضر على الموظف العام في أمريكا بموجب قانون Tlatct act الترشيح لمنصب سياسي فيدرالي أو على مستوى الولاية . ويمنع عليه الدعاية الانتخابية لمصلحة أو صفة حزب سياسي معين أو العمل في حزب سياسي ، أو الخدمة كمندوب مفوض في المؤتمرات الحزبية وتوزيع التماسات لحساب أحد الأحزاب أو المساهمة في جمع التبرعات لحساب مرشحي الأحزاب. أما الأنشطة السياسية التي يجوز للموظف الأمريكي مباشرتها طبقاً لهذا القانون فهي : التسجيل والتصويت في أية انتخابات أياً كان نوعها والانضمام إلى حزب أو منظمة سياسية أو التبرع الشخصي لأحد مرشحي الأحزاب أو للحزب نفسه أو المساهمة في نشاطات غير حزبية أو التعبير عن الرأي في كل المسائل والموضوعات السياسية وفيما يتعلق بالمرشحين السياسيين أو حضور الاجتماعات السياسية والانضمام إلى الحركات السياسية ولكن دون الاشتراك في قيادتها(50). ولكن على الرغم من تحييد الوظيفة العامة إلا ان التعيين فيها يكون بترشيح سياسي لذلك فان وظائف التوجيه والوظائف الرئيسية يكون التعيين فيها من نصيب الحكومة تعين فيها من تشاء من المواطنين ممن تعتقد انهم اقدر على تنفيذ وتفهم سياستها ويوازي هذا الجزء عشر الوظائف في الولايات المتحدة الأمريكية(51). يتضح لنا مما سبق ذكره عند مقارنتنا لمدى حرية اعتناق الموظف العام للحريات والآراء والمعتقدات السياسية ومنها الانضمام إلى الأحزاب السياسية واعتناق وتبني آراء سياسية متمثلة بحرية الفكر والتعبير والرأي بكل الوسائل المتاحة فالمشاركة في الحياة السياسية سمة لديمقراطية نظام الحكم . وإذا كان من حق المواطن ممارسة هذه الحريات التي تخولها دساتير وقوانين الدول فمن الطبيعي القول ان من حق الموظف بصفته مواطناً ممارسة هذه الحريات ورود هذه الحريات في إعلانات ومواثيق واتفاقيات دولية ومصادقة الدول عليها يعتبر التزاماً على هذه الدول بتوفير هذه الحقوق وحرية ممارستها . ومن ثم استعارة هذه الحقوق والحريات من تلك المصادر التي ذكرناها وإدراجها وتدوينها في صلب الوثيقة الدستورية للبلد تصبح من الطبيعي حقاً للمواطن ممارسة هذه الحرية والموظف كما ذكرنا سابقاً هو مواطن قبل كل شيء . إذ من الطبيعي ان يكون له دور مؤكد وفعال في ممارسة هذه الحقوق والحريات السياسية فتنص معظم الدساتير ومنها العراقية على كفالة حرية الرأي والتعبير وتأسيس الأحزاب السياسية ضمن مبدأ المساواة بين المواطنين أمام القانون في التمتع بالحقوق والواجبات على قدم المساواة .ولكن الواقع العملي الفعلي الذي رأيناه نجد انه في بعض البلاد وفي بعض الأنظمة السياسية ان الاعتبارات السياسية تؤدي دوراً مهماً في عملية انتقاء موظفي الجهاز الإداري للدولة وهذا ما يجري في البلدان التي تحرم حزباً سياسياً معيناً لان منع حزب سياسي يعني بشكل طبيعي ان الذين ينتسبون إليه سراً يحظر عليهم العمل في أجهزة الدولة والإدارة العامة لها ، مثلما هو حاصل في بعض البلدان الغربية كما بينا سابقاً ، من حرمان معتنقي الفكر أو الحزب الشيوعي من التوظف أو العمل في أجهزة إدارتها . بينما نجد في بعض الأنظمة الاشتراكية بعد مرحلة الثورة في مرحلة البناء الاشتراكي على الأقل تحرم على أعضاء الطبقات البرجوازية القديمة التي كانت مسيطرة على مقدرات هذه البلاد من الوصول إلى الوظيفة العامة . وهناك دول منعت موظفيها من اعتناق الأفكار والآراء السياسية بحجة ضمان حسن سير المرافق الإدارية العامة على احسن وجه . كما نجد دولاً عملت على تسييس الإدارة وفرضت عملياً دون النص الصريح قانوناً على اعتناق الفكر السياسي للدولة ذات الحزب الواحد وألا يكون عرضة للمضايقة والمراقبة أو التأخير المتعمد في عملية التحري والبحث عن سيرته لدى الأجهزة الأمنية إذ تعتمد الإدارة على ما يرد من تقارير صادرة عن الأجهزة الأمنية المختصة وبالتالي تكون المتحكمة أصلاً في قبول أو رفض من يتقدم للوظيفة العامة وتعول الإدارة عليها بصورة كلية .ولكن نقول ان محاربة الأفكار السياسية التي لا تتفق تماماً مع النظام السياسي الذي تتبناه الدولة وبالتالي منع الأشخاص الذين يدافعون عن هذه الأفكار من العمل والتوظف يعتبر منهجاً خطيراً على السياسة العامة للوظيفة العامة .
لذلك نقول انه يجب ان تكون الآراء السياسية واعتناقها حرة إلى الحد الذي لا يتعارض مع الدستور والنظام العام والآداب أو منافية لعادات وتقاليد المجتمع أو مهددة لسلامة وأمن البلد ولاسيما إذا كان من الممكن مراقبة ظهورها إلى حيز الواقع وقد يكون من الصعوبة التمييز ووضع الحدود الواضحة بين الآراء نفسها وبين وضعها موضع التنفيذ فان مراقبة القضاء قد تكون فعالة وضرورية حتى ولو كان يبدو هذا صعباً . لان تدخل القضاء يكون دائماً في وقت متأخر وقد كان المشرع الفرنسي موفقاً إلى درجة كبيرة في هذا الصدد في مجال اعتناق الموظف العام للآراء السياسية ولاحظنا كيف انه لا يوجد ما يدل على الفكر السياسي للموظف في إضبارته الشخصية والأحكام القضائية الشهيرة التي أوردها مجلس الدولة في هذا الشان ويضار أو يزعج أحداً بسبب الأفكار السياسية في أثناء ممارسته للعمل بشرط التحفظ وعدم التجريح بالدولة . والتزام الموظف العام بالحياد الوظيفي في أثناء ممارسته للعمل في الإدارة العامة بالدولة . أما التغيرات السياسية التي قد تحدث في الدولة نتيجة تغير النظام السياسي سواء كان نتيجة الانتخابات كما حصل في بريطانيا وأمريكا اللتين كانتا تتبعان (نظام الغنائم) أو نتيجة ثورة أو انقلاب وبالتالي تطهير أجهزة الدولة من معتنقي فكر سياسي كان سائداً . نقول ان هذا يعد خروجاً عن مبدأ دستوري وعالمي إلا وهو مبدأ المساواة بين المواطنين في تولي الوظائف العامة وخرقاً دستورياً لحرية الفكر والعقيدة التي يحملها الموظف والتي كفلت الدساتير وضمنت ممارستها بكل حرية . وهذه الخروقات تهدم بناء الدولة القانوني وبالتالي يكون عملها غير مشروع وكل تصرفاتها تكون باطلة يمكن ان يكون الاستبعاد نتيجة اعتناق الأفكار والآراء السياسية في الوظائف القيادية والسياسية العليا القيادية فهذه نستطيع ان نقول أنها تمثل السلطة السياسية للدولة ويجب ان يكون متقلدها موالياً للسلطة وبالتالي اعتناق ما يخالف النهج السياسي للسلطة فإنها تستطيع ان تستبعده من الجهاز الإداري الحكومي للدولة دون الوظائف البسيطة في السلم الإداري لهذه الوظائف ويجب عدم التعويل على تقارير الأجهزة الأمنية بدرجة كبيرة بل يجب الأخذ بما يقرره القضاء في هذا المجال أي مجموعة الوقائع المادية والقانونية الثابتة إذ كثيراً ما تقوم الأجهزة الأمنية بحرمان العديد من الأفراد لمجرد انتمائه أو اعتناقه لآراء سياسية مخالفة للنهج السياسي الذي تنتهجه الدولة .لذلك فاننا نناشد المشرع العراقي ان يحذو حذو نظيره الفرنسي ويسارع إلى إيراد نص يضمن للموظف هذا الحق الأصيل في حرية الفكر والرأي والتعبير إلى الحد الذي لا يتعارض مع المصلحة العامة التي لا يجوز الاحتجاج بها دوماً . وان تكون تحت رقابة القضاء الإداري في الملاءمة والتقدير في ظل المد الديمقراطي . وذلك بهدف صيانة حريات الموظفين بحيث يمتنع على الإدارة الإشارة إلى الآراء السياسية للموظف العام وعند الإشارة إلى ذلك يعتبر سوء نية من قبل الإدارة وان نص على هذا الحق في صلب الوثيقة الدستورية كأعلى وثيقة سياسية في الدولة وتنظيم تشريعي يصدر بذلك . فقد كانت الإدارة تقصي كل من يخالفها في الرأي أو يعتنق رأياً مخالفاً لها فقد كان لرأي المرشح واتجاهاته السياسية اعتبار ،وإذ كانت الإدارة تطلب موافقة الجهات الأمنية على الترشيح للوظائف العامة ولم تقصره على تولي الوظائف العليا في الدولة بل حتى أنها كانت تطلب ذلك في أدنى الدرجات الوظيفية في السلم الإداري التي كانت كثيراً ما ترفض هذه الجهات تعيين أشخاص لمجرد الشبه أو ان أحد أقارب المتقدم أو المرشح للوظيفة إذا كان يعتنق فكراً سياسياً أو دينياً معيناً وخصوصاً التيارات الإسلامية وامتد المنع إلى أقارب المرشح للوظيفة وكان في ذلك إهدار صارخ لحرية الرأي واعتداء خطير على حرية الفكر والاعتقاد وخرقاً لمبدأ المساواة وحق تولي الوظائف العامة التي قررها الدستور .
________________________
1-المادة 6 من القانون الأساسي العراقي لسنة 1925 .
2- المادة 12 من القانون الأساسي العراقي لسنة 1925 .
3- المادة 13 من القانون الأساسي العراقي لسنة 1925 .
4- المادة 18 من القانون الأساسي العراقي لسنة 1925 .
5- المادة 9 من دستور العراق لسنة 1958 .
6- المادة 10 من دستور العراق لسنة 1958 .
7- المادة 19 من دستور 29 نيسان لسنة 1964 العراقي .
8- المادة 29 من دستور 29 نيسان لسنة 1964 العراقي .
9- المادة 21 من دستور 1968 العراقي السابق .
10- المادة 31 من دستور 1968 العراقي السابق .
11- المادة 10 من دستور 1968 العراقي السابق .
12-المادة 19/1و2 من دستور 1970 العراقي .
13- المادة 26 من دستور 1970 العراقي .
14- المادة 27 من دستور 1970 العراقي .
15- المادة 13/ج ، و من قانون ادارة الدولو المؤقت.
16- د. محمود حامد الجمل / مصدر سابق ، ص789 وما بعدها .
17- د. فاروق عبد البر / دور مجلس الدولة المصري في حماية حريات الموظف العام ، 1998 ، ص422 .
18- المصدر السابق نفسه ، ص422-423 .
19- المادة 40 من دستور جمهورية مصر العربية لسنة 1971 .
20- المادة 47 من دستور جمهورية مصر العربية لسنة 1971 .
21- انظر المادة الأولى من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 47 لسنة 1978 وبنفس المعنى يراجع د. عبد الحميد محمد عبد القادر ، مصدر سابق ، ص85.
22- انظر حكم المحكمة الإدارية العليا في 5/11/1960 طعن رقم 643 ، مجموعة س 6 رقم 11 ، ص72 ، وفي 3/3/1962 مجموعة س 7 رقم 45 ، ص415.
23- للمزيد حول هذا الموضوع يراجع
– د. محمد محمد بدران / الوظيفة العامة ، جـ 2 ، دار النهضة العربية ، مصر ، 1990 ، ص105-106.
– د. محمد حسنين عبد العال / الوظيفة العامة ، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 1974 ، ص60 وما بعدها.
– د. فتحي فكري / مبادئ الوظيفة العامة ، دار النهضة العربية ، مصر ، 1994 ، ص210 وما بعدها .
– د. فاروق حسنين الزيات / حرية الرأي لدى الموظف العام ، رسالة دكتوراه مقدمة إلى كلية الحقوق ، جامعة القاهرة ، ص111.
– د. مجدي مدحت النهري / قيود ممارسة الموظف العام للحقوق والحريات السياسية ، مكتبة الجلاء الحديثة ، المنصورة ، 2001 ، ص265-266.
– د. فاروق عبد البر / دور مجلس الدولة المصري في حماية حريات الموظف العام ، 1998 ، ص168 وما بعدها.
24- المصدر السابق نفسه ، ص174.
25- المادة 29 من الإعلان لحقوق الإنسان والمواطن الفرنسي الصادر في 1789.
26-المادة 10 من الإعلان لحقوق الإنسان والمواطن الفرنسي الصادر في 1789.
27- المادة 11 من الإعلان لحقوق الإنسان والمواطن الفرنسي الصادر في 1789.
28- المادة 11 من الإعلان لحقوق الإنسان والمواطن الفرنسي الصادر في 1789.
29- المادة 13 من قانون الوظيفة العامة الفرنسي لسنة 1959.
30-المادة 6/3 من قانون الخدمة المدنية الفرنسي المرقم 93-834 لسنة 1983.
31- المادة 18 من قانون الخدمة المدنية الفرنسي المرقم 93-834 لسنة 1983. وللمزيد من الشرح يراجع
Arlette Heymann-Doat، Libertes publiques et droit de lhamme، b edition، 2000، p234.
32- V.Silvera : Lafonction publique – p.240.
و د. محمود عاطف البنا / مصدر سابق ، ص181.
و د. علي خطار شطناوي / مصدر سابق ، ص47.
33- D.G. Lavroff Dimitrie : Le system politiques ، Francais de La V republique Dalloz ، 1979،p.378.
34- للمزيد حول هذا الموضوع يراجع
د. علي عبد الفتاح محمد خليل / مصدر سابق ، ص234 وما بعدها. وكذلك
J. Walline : Lesconcours de recutement de la fonction publique. Paris 1957. No. P.285.
و د. محمد حامد الجمل / مصدر سابق ، ص 787 . ود. محمد حسين عبدالعال / مصدر سابق ، ص595 وما بعدها.
35- لغرض الاطلاع على المزيد يراجع
د. محمد حسين عبد العال / مصدر سابق ، ص602 وما بعدها .
د. احمد حافظ نجم / السلطة التقديرية للإدارة ودعاوى الانحراف بالسلطة في الأحكام الحديثة لمجلس الدولة الفرنسي 1970-1980 ، مجلة العلوم الإدارية ، ع2 ديسمبر 1983 ، ص72 وما بعدها.
36- المادة 13 من قانون الوظيفة العامة الفرنسي . أمر 4 فبراير 1959.
37- C.E. 28 Sept. 1988 “Merlenghi” A.J.D.A.Mars 1988.p.197.
ذكره الدكتور علي عبدالفتاح محمد خليل / المصدر السابق ، ص237.
38- د. علي عبدالفتاح محمد خليل / مصدر سابق ، ص238.
39- د. محمود عاطف البنا / مصدر سابق ، ص182. وللمزيد يراجع
د. محمد حسين عبدالعال / مصدر سابق ، ص593 وما بعدها.
40- د. محمد حامد الجمل / مصدر سابق ، ص786 .
41- المصدر السابق نفسه ، ص642 .
42-Kodylis (v) : Le Principe de neutralite dans La Fonction Publique ،1993 ،p.200
43-Jean Philippe Bross “Les appeoaches theoriques de La Fonction Publique en Grand Bertange … P، U، F، Paris ، 1975 ،P.27.
أشار إليه الدكتور علي عبد الفتاح محمد خليل / المصدر السابق ، ص179 .
44- د. عزيزة الشريف / مبدأ الحياد الوظيفي ، بحث منشور في مجلة العلوم الإدارية ، العدد الأول ، 1982 ، ص 16 .
45- د. حمدي أمين عبد الهادي / الإدارة العامة المقارنة أساليب البحث وتطبيقها ، جـ1، ط1 ، مطبعة المعرف ، بغداد ، العراق ، بلا سنة نشر ، ص103 .
46- د. حمدي أمين عبد الهادي / نظرية الكفاية في الوظيفة العامة ، ط1 ، 1966 ، دار الفكر العربي ، مصر ، ص288 وما بعدها . وكذلك د. حمدي أمين عبد الهادي / الإدارة العامة المقارنة ، جـ1 ، ط1 ، مطبعة المعارف ، بغداد ، ص105 وما بعدها .
ود. علي عبد الفتاح محمد خليل / مصدر سابق ، ص181 .
47-Martain Lo Marque “ La Fonction Publique Federal aux-1 Etats unis (travaux et memories de la Faculte de droit et de Science Politique ) Paris ،11، 1977 ، P.8 .
أشار إلى هذا المصدر د. علي عبد الفتاح محمد خليل / مصدر سابق ، ص182 .
48- جلال الدين احمد قاسم وعبد الحليم مرسي طه / الملامح الرئيسية لنظام الخدمة المدنية الفدرالية في الولايات المتحدة الأمريكية ، المنظمة العلمية للعلوم الإدارية ، مركز البحوث الإدارية ، عدد فبراير ، 1972 ، ص15 وما بعدها .
49- د. ربيع فتح الباب / دروس في الإدارة العامة ، العنصر البشري ، 1987 ، ص207 وما بعدها .
ود. علي عبد الفتاح محمد خليل / مصدر سابق ، ص 183 .
50- د. علي عبدالفتاح محمد خليل / مصدر سابق ، ص184.
51- د. سليمان الطماوي / مبادئ علم الإدارة العامة ، دار الفكر العربي ، 1987 ، ص471 .
المؤلف : مصطفى سالم مصطفى النجفي
الكتاب أو المصدر : المساواة ودورها في تولي الوظائف العامة
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً