أهمية وضع صورة المرشح على ورقة الاقتراع
عمان – الدستور – حمزة العكايلة
لغايات ضمانة نزاهة وشفافية العملية الانتخابية، علت في الآونة الاخيرة أصوات منظمات حقوقية وهيئات مختصة بالانتخابات تنادي بأهمية إصدار تعليمات تضمن سرية الاقتراع بشكل كامل، والتغلب على معضلة طالما كانت سبباً في الطعن بعمليات انتخابية سابقة تتمثل بتصويت الأمي الذي يقود غالباً لعمليات شراء الأصوات.
وتطالب منظمات حقوقية باتباع خطوات تجنب العملية الانتخابية أي تشوهات قد تُوجد جراء إبقاء مسألة تصويت الأميين خاضعة لحسابات السمع الحسي لدى لجان الفرز والاقتراع أو تأدية اليمين بعدم إجادة القراءة والكتابة، ما يفتح الباب مشرعاً لبروز وتفشي ظاهرة استخدام المال السياسي وشراء الأصوات، حيث يؤكد خبراء انتخابيون أهمية وضع صورة المرشح على ورقة الاقتراع لتجنب حدوث تلك المخالفات التي يمكن أن تشكل ضربة قوية في حال أغفلت لجهة الطعن بالانتخابات النيابية القادمة.
ووفق مصادر موثوقة، فإن الهيئة المستقلة للانتخاب بصدد إصدار تعليمات جديدة ووضع مسودة مقترحات لغايات تحقق النزاهة والشفافية في الانتخابات والمتعلقة بمسألة تصويت الأميين.
وتشير المصادر لـ»الدستور» الى أن الهيئة وضعت مقترحين، الأول بوضع صورة المرشح في ورقة الاقتراع حيث يقوم الأمي بالتأشير عليها، والثاني أن يرافق الناخب الأمي أحد ذويه أو أقاربه، وكلا المقترحين يبدو أن عقبات دستورية تواجههما، حيث يمكن وفق تلك المصادر أن تتجه الهيئة إلى ديوان تفسير القوانين للبت في مدى قانونية وضع الصورة على ورقة الانتخاب، لما قد يشكله ذلك من مخالفة لنصوص دستورية ومواد في قانون الانتخاب.
وبالنظر لتلك المعطيات فإن الهيئة المستقلة للانتخاب تحتاج واقعاً لتفسير توجهاتها حيال ذلك، حيث تضمنت الفقرة الأولى في المادة (67) من الدستور أن «يتألف مجلس النواب من أعضاء منتخبين انتخاباً عاماً سرياً ومباشراً وفقاً لقانون للانتخاب»، فيما نصت الفقرة (د) من المادة (39) في قانون الانتخاب رقم (25) لسنة 2012، أن يقوم المقترع 1- بكتابة اسم مرشح واحد على ورقة الاقتراع المخصصة للدائرة الانتخابية المحلية وفق ما تحدده التعليمات التنفيذية، 2- بالتأشير على اسم أو رقم قائمة واحدة وذلك لغايات الدائرة الانتخابية العامة، فيما نصت المادة (40) من القانون على «تحدد التعليمات التنفيذية طريقة اقتراع الناخب الذي يدعي الأمية أو عدم القدرة على الكتابة بما يتوافق مع سرية الانتخاب المنصوص عليها في المادة 67 من الدستور»، ما يتضح معه من تلك النصوص أن التصويت يكون بالكتابة فقط، فيما تكون الحاجة لأي تعليمات متعلقة بتصويت الأميين مرتهنة بعدم مخالفة نصوص الدستور.
وبرأي أستاذ القانون الدستوري المساعد في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية د. ليث نصراوين فإن التعليمات المتعلقة بتصويت الأميين يجب أن تأخذ بعين الاعتبار نص المادة (67) من الدستور، حيث إن المقصود بسرية الانتخاب الواردة في المادة أن لا يعلم أحد عن اسم المرشح الذي اختاره الناخب، وهذه السرية يجب أن تشمل أعضاء لجنة الاقتراع والفرز في مراكز الانتخاب، وأن تستبدل التعليمات نظام التصويت بالهمس الذي كان معمولاً به سابقاً لصالح آليات جديدة تراعي تطبيق السرية.
ولعل أهم تلك المقترحات التي يرى فيها نصراوين حلاً لمسألة تصويت الأميين ما يلي:.
1- أن يتم تجهيز بطاقات اقتراع خاصة بالأميين، تشمل صورة المرشح واسمه أو أي إشارة دالة عليه، أو لونا يختص به، بحيث يقوم الناخب بالإشارة فقط على أي من تلك الوسائل، التي يتحقق معها أيضاً مبدأ الكتابة (فالإشارة والصورة هما بمثابة الكتابة، بعكس عملية الهمس).
2- اتباع أساليب استخدمتها دول ديمقارطية من مثل بريطانيا وكندا بأسلوب التصويت عبر البريد، بحيث ترسل ورقة الاقتراع عبر البريد للأشخاص الأميين وتتم تعبئتها من خلال ذويهم من الدرجة الأولى (الأم، الأب، الزوج، الابن)، ثم ترسل إلى الهيئة.
3- إمكانية التصويت عبر الوكالة، إما بأن يتم إرسالها بعد أن يقوم بتعبئتها الموكل بها من الدرجة الاولى، أو من خلال حضوره مع الشخص الموكل له، كما حدث في دول مثل كندا والجزائر.
ولدى النظر إلى آخر الاحصائيات المتعلقة بنسب الأمية في الاردن، فقد بلغت 6.7 % بحسب ما أعلن عنه وزير التربية والتعليم مؤخراً، حيث تبدو نسبة يسهل التعامل معها لدى مقارنتها بدول بلغت فيها نسبة الأمية نحو 26 %من مثل مصر، وتم التغلب على تلك المسألة باستخدام صورة المرشحين في أوراق الاقتراع، كما حدث في انتخابات البرلمان والرئاسة مؤخراً، وكذلك تم في بلدان تونس وليبيا والسودان.
ويعرج نصرواين على مسألة تحديد من هو الأمي، وكيفية التعرف على ذلك، باتباع الحصول على شهادات تفيد بأنه أمي، تصدر مثلاً من دائرة الأحوال المدنية، وزارة التنمية الاجتماعية، وزارة التربية والتعليم، بدلاً من اتباع تأدية اليمين التي تشكل، بحسب نصراوين، امتهاناً لكرامة الناخب بخاصة أن الأشخاص الآخرين المتواجدين في مركز الاقتراع والفرز من مرشحين ومندوبيهم سيعلمون أن الناخب لا يجيد القراءة والكتابة، وهو ما قد يكون له تأثيرات نفسية على شخص الناخب قد تدفع به إلى العزوف عن المشاركة في الانتخابات تلافيا للحرج، الأمر الذي ينسحب لجهة تعديلات وتعليمات تتعلق بتصويت الأشخاص ذوي الإعاقة حيث أبقى قانون الانتخاب مسألة تصويتهم لتعليمات تصدرها الهيئة.
ويرى منسق التحالف المدني لمراقبة الانتخابات د. عامر بني عامر أهمية تصويب الآليات المتبعة في تصويت الأميين، لما تشكله من مخالفة للمعايير الدولية المتعلقة بشفافية ونزاهة العملية الانتخابية وضمان سرية الاقتراع، معتبراً أن الإبقاء على التصويت بالهمس وأداء اليمين وغيرها، يمكن أن يسهم ببروز ظاهرة شراء الأصوات من خلال تعمد بعض المواطنين ادعاء الأمية حيث نفتقد لمسألة تحديد من هو الأمي، وبالتالي ادعاء الناخب بأنه أمي قد يذهب في بعض الأحيان لجهة إخبار وإسماع مندوبي المرشحين داخل مراكز الاقتراع لأجل تلقي مبلغ من المال عقب عملية التصويت.
إزاء تلك الآراء والشروحات تبدو الحاجة والضرورة لإصدار تعليمات تتواءم والمعايير الدولية التي تعزز من شفافية ونزاهة العملية الانتخابية وإغلاق باب يمكن أن تخترقه رياح التشكيك بنزاهة الانتخابات، بحيث تكون مسألة تصويت الأميين إذا ما أغفلت مادة خصبة لانتقادات حادة تطعن في نزاهة الانتخابات وتبقى الفرصة سانحة لشراء أصوات المواطنين وذممهم كما حصل في انتخابات سابقة.
اترك تعليقاً