عقاب الشروع :
تتفق جميع قوانين العقوبات الحديثة على عقاب الشروع. غير انها تختلف في تقدير خطورته وبالتالي في مقدار العقوبة المخصصة له :
فمن القوانين ما يفرض للشروع عقوبة الجريمة التامة. وبالتالي هي تساوي في العقاب بين الشروع والجريمة التامة. وهذه خطة تقوم على تغليب الجانب الشخصي في الجريمة، كالقانون الفرنسي (مادة 2و3) والقانون البولوني (مادة 42) والقانون السوفيتي (مادة 19) والقانون السوري (مادة 199) والقانون اللبناني (مادة 200).
ومن القوانين ما يحدد للشروع عقوبة اخف من عقوبة الجريمة التامة، على اعتبار ان الضرر لم يتحقق كله، وهي الغالبية بين القوانين الحديثة كالقانون السويسري (مادة 21، 22، 23) والقانون الايطالي (مادة 56) والقانون البلجيكي (مادة 252) وكذلك القانون الدانماركي والروماني والسويدي والمصري والكويتي والليبي والعراقي. فقد نصت المادة (31) من قانون العقوبات العراقي بانه : (يعاقب على الشروع في الجنايات والجنح بالعقوبات التالي ما لم ينص القانون على خلاف ذلك :-
أ – السجن المؤبد اذا كانت العقوبة المقررة للجريمة الاعدام.
ب – السجن لمدة لا تزيد عن خمس عشرة سنة اذا كانت العقوبة المقررة للجريمة السجن المؤبد.
جـ – السجن مدة لا تزيد على نصف الحد الاقصى للعقوبة المقررة للجريمة اذا كانت العقوبة السجن المؤقت، فاذا كان نصف الحد الاقصى للعقوبة خمس سنوات او اقل فتكون العقوبة عندئذ الحبس لمدة لا تزيد عن نصف مدة الحد الاقصى للعقوبة المقررة للجريمة.
د – الحبس او الغرامة التي لا تزيد على نصف الحد الاقصى لعقوبة الحبس او الغرامة المقررة للجريمة اذا كانت العقوبة المقررة للجريمة الحبس او الغرامة).
كما نصت المادة (33) بأنه : (تسري على الشروع الاحكام الخاصة بالعقوبات التبعية والتكميلية والتدابير الاحترازية المقررة للجريمة التامة) مما يعني ان القانون العراقي يعاقب على الشروع في الجريمة اذا كانت جناية او جنحة بما لا يزيد على نصف الحد الاقصى للعقوبة المقررة لنفس الجريمة فيما اذا ارتكبت تامة مضافا اليها ما هو مخصص للجريمة التامة نفسها من عقوبات تبعية وتكميلية وتدابير احترازية.
عقوبة المساهم التبعي :
يعاقب المساهم التبعي (الشريك) في الجريمة بالعقوبة المقررة قانونا لها سواء اكان واحدا او متعددين الا ما استثني بنص، وفي ذلك تقول المادة (50) فقرة اولى من قانون العقوبات : (كل من ساهم بوصفه فاعلا او شريكا في ارتكاب جريمة يعاقب بالعقوبة المقررة لها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك). ولكن ليس معنى ذلك ان على القاضي ان يحكم بالعقوبة بحدها الاقصى، انما له ان يستعمل سلطته التقديرية في ايقاع العقوبة بين حديها الاعلى والادنى تبعا لمبدأ تفريد العقوبة القضائي وتطبيق نظام الظروف بحقهم. مما قد يترتب على ذلك استقلال كل مسام في مسئوليته وفي العقاب الذي يطبق بحقه. وما المساواة الا (1).
__________________
1- لقد اختلفت التشريعات الجنائية في تحديدها لعقوبة المساهمة التبعية فظهر في ذلك اتجاهات يقرر للمساهم التبعي عقوبة الجريمة التي ساهم فيها. فيساوي بينه وبين المساهم الأصلي في العقوبة المقررة قانونا للجريمة. وقد اتبع هذا الاتجاه قوانين العقوبات الفرنسي والانكليزي والمصري والليبي والسوداني ومشروع قانون الجمهورية العربية المتحدة. ويستند هذا الاتجاه في دعم خطته الى وحدة المشروع الاجرامي الذي تضامن المساهمون في خلقه وتساووا في حمل تبعته فالجريمة جريمتهم جميعا ساهموا في وقعها وأرادوها. والذي نادى بهذا الاتجاه أصحاب مذهب الاستعارة المطلقة في الاجرام. واتجاه يقرر للمساهم التبعي عقوبة اخف درجة من عقوبة الجريمة التي ساهم فيها وبذلك يميز بينه وبين المساهم الأصلي في العقوبة المقررة قانونا للجريمة. وقد اتبع هذا التجاه قوانين العقوبات البلجيكي والالماني والدانماركي والهولندي والايطالي والسويدي والسوري واللبناني والاردني. مما لا بد من ذكره ان جميع هذه القوانين تعتبر المحرض فاعلا معنويا للجريمة وتعاقبه بعقوبة الفاعل الأصلي ويستند هذا الاتجاه في دعم خطته الى الاختلاف الواضح بين نشاط الفاعل والشريك من حيث درجة أهمية كل منهما في تنفيذ الجريمة ذلك ان دور الأول رئيسي بينما دورا لثاني ثانوي. والذي نادى بهذا الاتجاه أصحاب مذهب الاستعارة والنسبية في الاجرام.
والحق ان الاعتبارات المتقدمة ليست وحدها هي التي توجه التشريعات الجنائية نحو احد الاتجاهين إنما لسلطة الشارع في تحديد نطاق المساهمة التبعية في الجريمة اثره أيضاً. فاذا أعطى الشارع نطاقا واسعا للمساهمة التبعية كان اكثر ميلا نحو مذهب المساواة في العقاب، بينما اذا حصر الشارع المساهمة التبعية في نطاق ضيق كان أكثر ميلا نحو مذهب تخفيف العقاب على المساهم التبعي.
ومما يؤيد ذلك تجد ان التشريعات التي اخرجت التحريض من نطاق المساهمة التبعية تقرر للمساهم التبعي عقوبة اخف وبالعكس. واتماما للبحث لابد من الذكر بان هناك من قال باعتبار الاشتراك جريمة مستقلة حيث يرون ان الفاعل والشريك كل منهما مرتكب لجريمة مستقلة قائمة بذاتها لذلك يجب ان يعاقب بعقوبة خاصة متميزة. انظر الدكتور محمد محي الدين عوض ص328 – مؤلفنا (الوسيط) ص726.
المؤلف : علي حسين خلف + سلطان عبد القادر الشاوي
الكتاب أو المصدر : المبادئ العامة في قانون العقوبات
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً