إلغاء حق الاجتماع وفقا لقانون العقوبات الاردني
قانون العقوبات يلغي حق الاجتماع في الأردن _ المحامي الدكتور ليث كمال نصراوين
ضمن سلسلة الاصلاحات السياسية التي قامت بها الحكومة السابقة لاطلاق الحقوق والحريات العامة تعديل قانون الاجتماعات العامة رقم (7) لسنة 2004 من خلال اصدار قانون معدل جديد رقم (5) لسنة2011. فقد هدف المشرع الاردني من تعديل قانون الاجتماعات العامة الى الغاء قيد الاذن او الترخيص المسبق من السلطة الادارية لعقد اي اجتماع عام او تنظيم مسيرة واستبداله بشرط اشعار الحاكم الاداري بتنظيم اي اجتماع عام او مسيرة وذلك قبل ثمان وأربعين ساعة من موعد انعقاد اي منهما لكي تتمكن السلطات الادارية من اتخاذ كافة الاجراءات والتدابير الاحترازية الضرورية للمحافظة على الامن والنظام العام اثناء انعقاد الاجتماع العام او المسيرة.
إن التطبيق العملي للتعديلات الجديدة على قانون الاجتماعات العامة يصطدم مع احكام جريمة التجمهر غير المشروع في قانون العقوبات التي افرغت قانون الاجتماعات العامة كليا من محتواه. فقد اعتبرت المادة (164) من قانون العقوبات ان تجمهر سبعة اشخاص فأكثر بقصد تحقيق غاية مشتركة فيما بينهم هو تجمهر غير مشروع خاصة اذا ما تصرفوا تصرفا من شأنه ان يحمل من في الجوار على ان يتوقعوا – ضمن دائرة المعقول- انهم سيخلون بالامن العام او انهم بتجمهرهم هذا يستفزون من دون ضرورة او سبب معقول اشخاصاً اخرين للاخلال بالامن العام. فإذا ما شرع المتجمهرون تجمهرا غير مشروع في تحقيق الغاية التي اجتمعوا من اجلها بصورة مرعبة للاهالي وبهدف الاخلال بالامن العام اطلق على هذا التجمهر بالشغب. ويعاقب قانون العقوبات في المادة (165) كل من اشترك في تجمهر غير مشروع بالحبس مدة لا تزيد على سنة او بغرامة لا تزيد على خمسة وعشرين ديناراً او بكلتا العقوبتين معا. كما يعاقب كل من اشترك في جريمة الشغب بالحبس مدة لا تزيد على سنة او بغرامة لا تزيد على خمسين دينارا او بكلتا العقوبتين معاً.
إن التوسع في تعريف التجمهر غير المشروع في قانون العقوبات ليشمل اي تجمع لسبعة اشخاص بقصد تحقيق غاية مشتركة فيما بينهم والذي من شأنه ان يجعل الغير يعتقد انهم سيقومون بالاخلال بالامن العام يلغي كليا فكرة تنظيم اي اجتماع عام او مسيرة. فالمشاركون في اي اجتماع عام او مسيرة سيتجاوز عددهم بلا شك سبعة اشخاص وسيسعون من خلال تجمعهم الى المطالبة بتحقيق قصد او غاية مشتركة بينهم. فإذا ما شعر احد من الجوار ان مثل هذا التجمع سيشكل خطرا على الامن العام فإنهم يعدون في نظر قانون العقوبات مرتكبين جريمة تجمهر غير مشروع. وإذا ما شرعوا في تحقيق الغاية التي اجتمعوا من اجلها من خلال القاء الخطابات والهتافات بصورة مرعبة للاهالي اطلق على هذا التجمهر بالشغب.
إن المادة (164) من قانون العقوبات تلغي حق الاردنيين في الاجتماع العام من خلال عقد الاجتماعات العامة وتنظيم المسيرات, وبالتالي يجب الحكم بعدم دستوريتها كونها تشكل قيدا غير دستوري على حق الاجتماع الذي كرسه الدستور الاردني في المادة (16/1) باعتباره من اهم الحقوق السياسية التي تتمتع بحماية دولية في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي صادق عليه الاردن وتم نشره في الجريدة الرسمية في شهر حزيران من عام 2006.
اترك تعليقاً