الجرائم الالكترونية
القاضي عبد الستار بيرقدار
هناك العديد من الجرائم المستحدثة التي تستخدم وسائل وأساليب تكنولوجية حديثة لم يكن لمجتمعنا عهد بها من قبل، الأمر الذي يكشف عن مدى التحول الملحوظ سواء في صور وأنماط الجرائم أو في مرتكبيها، أو في أساليب ارتكابها، وخاصة في ما يتعلق بالجرائم الإلكترونية.
فالجريمة الالكترونية ظاهرة عالمية تكاد تعاني منها كافة دول العالم ومن بينها العراق، مثل الخداع والاحتيال الذي يبدو في قدرة مرتكبيها على إقناع ضحاياهم بأن أهدافهم عادية ومشروعة، كما تتسم هذه الجرائم بالتعقيد المتزايد , الأمر الذي يعيق عملية الكشف عنها أو حتى ملاحقة مرتكبيها وعقابهم لقدرتهم الفائقة على إخفائها، وللقصور التشريعي في مواجهتها.
وعلى الرغم من اهمية دور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الحياة اليومية إلا انه خلال الآونة الأخيرة انتشرت زيادة الجريمة الالكترونية وخاصة الإرهاب، الذي ينطوي في داخله على مخاطر تفوق كافة التصورات في تهديده للأمن في المستقبل ويكفي أن نعرف أنه بلمسة واحدة يمكن لشخص أو مجموعة أشخاص أن يكبدوا بعض الأشخاص أو المؤسسات أو حتى الشركات الكبرى خسائر كبيرة، أو يهددوا أمن واستقرار المجتمع.
فالإرهاب لم يعد مقصورا على التفجيرات فقط، ولكن الحرب الإلكترونية بات نطاقها أوسع بكثير، فهي قادرة على غزو المؤسسات الإنتاجية والخدمية والمصارف ومحطات البث الإذاعي والتلفزيوني، وباتت الجرائم الإلكترونية أشد خطورة من خلال زرع أجهزة التجسس أو إحداث جرائم إلكترونية عبر التداخلات اللاسلكية في الشبكات. حيث هيأت هذه الشبكة للأفراد الذين لديهم ميول إجرامية من ناحية ومهارات في سوء استخدام هذه الشبكة من ناحية أخرى ارتكاب الجرائم القديمة بأساليب تكنولوجية حديثة ومبتكرة كالغش والنصب وتجارة البشر… إلخ، فهذه الشبكة تعد بمثابة ميدان آخر لممارسة الأنشطة الإجرامية، ولقد خلقت هذه الشبكة العديد من العقبات التي تتطلب حلولاً جديدة ومبتكرة بل وسريعة في الوقت نفسه، كما أنها تتطلب فريقاً من كل الهيئات الأمر الذي يعطي أهمية قصوى لتدريب المختصين وتسليحهم بأدوات ومؤهلات حقيقية لجمع وتحليل البيانات من الحاسب الآلي وشبكة المعلومات الدولية لاكتساب المهارات والدلائل التي تمكنهم من تحديد النشاط الإجرامي.
ومثل هذه الجرائم الحديثة مازال ضبطها والتصدي لها من الأمور المعقدة نظراً للتقنيات العلمية التي يقوم بها قراصنة الشبكة، وتكمن خطورة مثل هذه الجرائم، في الخسائر الضخمة التي تسببها، ولذا فإن هناك ضرورة ملحة لتدخل السلطة التشريعية لكي تجرم مثل هذه الأفعال، مع التزامن مع البحث عن المستحدثات التكنولوجية للحد من هذه الجرائم.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً