تشكيل اللجان التحقيقية واستقلاليتها :
ألزمت (م/10) البند( أولا) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991 المعدل الوزير او رئيس الدائرة تأليف لجنة تحقيقية من رئيس وعضوين على ان يكون احدهم حاصلاً على شهادة جامعية أولية في القانون تتولى التحقيق مع الموظف المخالف المحال عليها، ان النص المذكور يعتبر من النظام العام فلا مجال للإدارة الاعراض عنه. لما تقدم اعلاه فقد قضت محكمة قضاء الموظفين بأن تشكيل اللجنة التحقيقية من أربعة أشخاص او أكثر او عضوين او عدم وجود عضو حاصل على شهادة جامعية في القانون يعد مخالفة لأحكام (م/10) من قانون الانضباط ويؤدي إلى بطلان اجراءات اللجنة وتوصياتهـا لأن ما بنـي على باطـل فهو باطل(قراري محكمة قضاء الموظفين مرقمين10/انضباط/تمييز/2012في26/1/2012و2000/2001في14/6/2001) وهناك تساؤل يطرح هل يجوز تشكيل لجنة تدقيقية مع وجود عضو رابع بصفة مراقب .. الجواب هو لا يجوز ذلك ويعتبر تشكيل اللجنة التحقيقية باطل (قرار محكمة قضاء الموظفين المرقم41/انضباط/تمييز/2011 في10/2/2011) علماً ان توصيات اللجنة التحقيقية لا تعتبر قرار اداري لأن ليس لها اثر قانوني ما لم يتم المصادقة عليها وللوزير او رئيس الدائرة اما المصادقة عليها او تعديلها او عدم الاخذ بها. ولم يشترط قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام المرقم 14 لسنة 1991 المُعدل درجة وظيفية معينة في رئيس واعضاء اللجنة التحقيقية ولم تشترط ان تكون الدرجة الوظيفية لرئيس واعضاء اللجنة التحقيقية اعلى من درجة الموظف المحال اليها للتحقيق كما فعلت بعض القوانين الانضباطية العربية ومنها قانون الخدمة المدنية الإماراتي رقم 21 لسنة 2001 وقد اجاز قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام النافذ في البند (رابعاً) من (م/10) للوزير او رئيس الدائرة بعد استجواب الموظف المخالف ان يفرض مباشرة ايا من العقوبات المنصوص عليها في الفقرات (اولاً. ثانياً. ثالثاً) من المادة الثامنة وهي كل من (لفت النظر والإنذار وقطع الراتب) استثناء من إحكام القانون ودون تشكيل لجنة تحقيقية بحق الموظف المخالف وبكل الأحوال لا يجوز توجيه عقوبة للموظف دون إجراء التحقيق معه أو استجوابه وهذا ما أشار إليه قرار(محكمة قضاء الموظفين المرقم41/42/43/انضباط/تمييز/في11/2/2010).
بعد ان ذكرنا كيفية تشكيل اللجان التحقيقية لابد ان نذكر الضمانات الاساسية لاستقلالية اللجنة التحقيقية وحياديتها حيث يجب ان تكون هناك جملة من الإجراءات التي تضمن وتحول دون انحراف السلطة المختصة بالتحقيق عن العدالة في توصياتها ومنها ان لا يكون لرئيس اللجنة او احد اعضاءها مصلحة او اعتبارات شخصية في موضوع عمل اللجنة ومن ثم يجوز رده او الطعن في القرار بعد صدوره ويجب الفصل بين جهة الإحالة على التحقيق وجهه التحقيق وجهه الطعن بقرار فرض العقوبة فلا يجوز ان يكون أعضاء اللجنة التحقيقية هم جهة الإحالة وجهه التحقيق وجهه الطعن في توصيات التحقيق ويجوز لعضو اللجنة او رئيسها التنحي عن اللجنة وطلب اناطتها لغيره لوجود مبررات موضوعية وشخصية.
نطاق وصلاحية اللجان التحقيقية :
إن نطاق وصلاحية اللجان التحقيقية المُشكلّة بموجب قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم 14 لسنة 1991 المعدل على جميع موظفي الدولة والقطاع العام بإستثناء منتسبو القوات المسلحة و قوى الأمن الداخلي وجهاز المخابرات الوطني و القضاة وأعضاء الادعاء العام إلا إذا وجد في قوانينهم نص يقتضي تطبيق أحكامه (م2/ قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم 14 لسنة 1991 المعدل) . إن تشكيل اللجان التحقيقية يكون داخل الوزارة المعنية بأمر التحقيق وبذلك فأن عمل اللجان التحقيقية ينحصر بالتحقيق مع منتسبي الوزارة المعنية والتي يتبع لها الموظف مالياً وإداريا وتنظيمياً فمثلاً لا يمكن للجنة تحقيقية مشكلة في وزارة النفط بالتحقيق مع موظف تابع لوزارة التجارة او وزارة العدل وهكذا حيث ان هذا التحقيق يمثل تجاوزاً على اختصاصات تلك الوزارة ومخالفاً للقانون علماً ان الموظف المخالف يخضع للتحقيق عند ارتكابه مخالفة تأديبية حتى لو تم انتهاء خدماته لأي سبب كان حيث لا يمنع ذلك من مساءلته تأديبياً وهو ما أشارت اليه (م/22) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم 14 لسنة 1991 . ويمكن للجنة التحقيقية ان تشمل تحقيقها الموظف سواء كان على الملاك الدائم او المؤقت وهو ما أشار اليه قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم (603) لسنة 1987 وقرار محكمة قضاء الموظفين المرقم (99/2006) في 18/12/2006 علماً انه اذا وجدت اللجنة التحقيقية ان فعل الموظف المخالف يشكل جريمة جزائية فيجب على اللجنة ان توصي بإحالته إلى المحكمة المختصة وهو ما نصت عليه (م/10)البند (ثالثا) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام المرقم (14) لسنة 1991 المعدل.
مهارات اللجان التحقيقية :
ان عمل اللجان التحقيقية يتطلب مهارة عالية ويتوجب على رئيس لجنة التحقيق وبالاتفاق مع اعضاء اللجنة التحقيقية تحديد أوقات اجتماعات اللجنة وتوزيع المسؤولية والمهام وذلك لرسم خطة واضحة للتحقيق وبعد اجتماع اللجنة يتوجب عليها تقويم القضية المطروحة للتحقيق وتحديد سقف زمني لأعمالها مع تحضير مكان التحقيق وتحديد الموظف المخالف والشهود ان وجدو الذين يجب دعوتهم للحضور وتحديد تأريخ محدد لكل منهم لغرض الحضور مع تحديد صفة وعمل كل منهم والغرض من استدعائه وتقع على عاتق رئيس اللجنة مسؤولية ادارة جلسة التحقيق وتحديد الاسئلة الواجب طرحها على الموظف المخالف والشهود والتي تم اعدادها سابقاً من قبل اللجنة وعدم الدخول في مناقشات مطولة لا علاقة لها بالقضية المطروحة للتحقيق والغير منتجة في الدعوى ويجب على رئيس اللجنة التدخل في حال وجود مناقشات جانبية بين اعضاء اللجنة بكل كياسة وادب وذلك لضبط جلسة التحقيق ويجب على رئيس واعضاء اللجنة التحقيقية ان تكون لديهم طاقة عالية في المطاولة والنفس الطويلة بالتحقيق وعدم الانفعال واستخدام ستراتيجيات مختلفة مع كل قضية للوصول الى الحقيقة حسب مقتضياتها ويجب على اعضاء اللجنة التحقيقية ان يكون لديهم مهارة التواصل بينهم لتشخيص الامور دون الاخلال بجلسة التحقيق.
انتهاء عمل اللجان التحقيقية الادارية :
ينتهي عمل اللجان التحقيقية بطريقتين:
1- انتهاء التحقيق والتوصية في القضية المعروضة امام اللجنة التحقيقية:
حيث تقوم اللجنة بالتحقيق في القضية المعروضة امامها وتقديم توصياتها وتكون اما بثبوت الفعل المرتكب ومعاقبة الموظف المخالف او غلق التحقيق لعدم الوصول إلى وجود مخالفة مرتكبة.
2- وفاة الموظف المحال على التحقيق:
لم يتطرق قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام لهذه الحالة وتأسيساً على ذلك فلابد من الركون إلى القواعد العامة المذكورة (م/150/قانون العقوبات العراقي المرقم 111 لسنة 1969) والتي نصت بأن من اسباب اسقاط الجريمة هي وفاة المتهم. ولما تقدم اعلاه فأن اعمال اللجنة التحقيقية تنتهي بوفاة الموظف المخالف.
كيفية كتابة تقرير اللجنة التحقيقية :
بعد انتهاء اللجنة من استكمال كافة اجراءاتها فعلى اللجنة كتابة تقريرها (مجتمعة) وفقاً لما نص عليه (م10/ثانياً) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام المرقم 14 لسنة 1991 المعدل ويجب ان يشمل تقرير اللجنة ما يلي:
1- محضر اللجنة التحقيقية.
2- الإجراءات التي تم اتخاذها من قبل رئيس واعضاء اللجنة التحقيقية.
3- الاستنتاجات التي توصلت اليها اللجنة المدعمة بالأدلة المستحصلة والأسانيد القانونية.
4- توصيات اللجنة التحقيقية اما بغلق التحقيق او معاقبة الموظف المقصر والمسببة في استنتاجات اللجنة التحقيقية ويجب على اللجنة التحقيقية تضمين سبب العقوبة والمادة القانونية التي استندت عليها في التوصية .
وعلى اللجنة التحقيقية ان تقوم اضافة إلى البحث في موضوع التحقيق بالبحث عن صحة الآليات والإجراءات المأخوذة في الوحدة الإدارية والتي حدثت فيها المخالفة والبحث في الحلول الوقائية او العلاجية مستقبلاً ويجب دراسة اسباب حدوث المخالفة وهل هي حالة شاذة ام يمكن ان تحدث ويجب على اللجنة ان تثبت في تقريرها مكان وقوع المخالفة وتاريخها وتحديد المخالفة ومرتكبها فلا يجوز ان تقوم اللجنة بتحديد الوقائع على شكل اتهامات عامة ونعوت غامضة ويجب على اللجنة ان تقوم بالرد على ما ابداه الموظف المتهم من دفاع وحجج في محضر اللجنة التحقيقية كما وانه على اللجنة تسبيب توصيتها حيث يجب ان تكون اسباب التوصية متوافرة ويجب ذكرها في صلب محضر اللجنة وان تكون مسوغة من الناحية القانونية علماً ان توصيات اللجنة يمكن ان تكون بالإجماع او بالأكثرية وعلى عضو اللجنة المتحفظ ذكر اسباب تحفظه على توصيات اللجنة في حال كون توصيات اللجنة تضمنت مسؤولية الموظف المخالف من عدمه وبعد ان ينجز تقرير اللجنة يحال الى الرئيس الاداري ليتولى المصادقة على التوصيات في حال قناعته بوجاهة استنتاجات اللجنة وتوصياتها ومن ثم يصار إلى اصدار قرار بفرض العقوبة بحق الموظف المخالف ويشترط في القرار المذكور ان تتوافر فيه العناصر الأساسية للقرار الإداري وهي (الاختصاص ، الشكل، المحل، السبب، الغاية) ويعتبر عدم تسبيب العقوبة الانضباطية في القرار الاداري سبباً من أسباب إلغاء قرار فرض العقوبة الانضباطية ( قرار المحكمة الإدارية العليا/8/قضاء موظفين/تمييز/2014). عند الانتهاء من اصدار القرار الإداري بفرض العقوبة لابد من تبليغه للموظف المخالف بإحدى وسائل التبليغ ولم ينص قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام صراحاً ضرورة تبليغ الموظف ولكن يستشف ضمناً بأن هناك الزام بضرورة ابلاغ الموظف المخالف بالعقوبة في البند (ثانياً) من (م/15) والتي تشترط قبل اقامة الدعوى امام مجلس الانضباط العام سابقاً /محكمة قضاء الموظفين حالياً بضرورة قيام الموظف بالتظلم امام الإدارة عن القرار الصادر بحقه خلال مدة (30) يوماً من تأريخ تبلغه بقرار فرض العقوبة. بعد صدور قرار فرض العقوبة يجب على الإدارة ان تودع نسخه منه في اضبارة الموظف الشخصية بغية تأشيره في اضبارته ليكون مؤشراً على مخالفه الموظف حتى لو نقل إلى جهة أخرى علماً ان قانون انضباط موظفي الدولة النافذ لم ينص على ذلك وانما يعد من قبيل العرف الإداري.
المؤلف : اعداد : عبد الغفور يعكوب يوسف
الكتاب أو المصدر : اصول ومهارات التحقيق الاداري
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
15 ديسمبر، 2019 at 4:47 م
السلام عليكم:
عندي سؤال في حالة ارتكب موظف مخالفة وبعد ذلك نقل الى وزارة اخرى هل يجوز تشكيل لجنة مشتركة ام ماهي الاجراءات التي يتبعها ؟