التنظيم لتأجير الوحدات السكنية المفروشة ضرورة لتشجيع السياحة
د. محمد عرفة
لقد اتسع نشاط تأجير الوحدات السكنية المفروشة في السعودية في السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ؛ إذ تشير بعض الإحصائيات إلى أن عدد المشروعات الاستثمارية في الوحدات السكنية المفروشة في مدينة الرياض قد وصل حتى أيار (مايو) 1999م نحو 390 مشروعا, وذلك باستثناء المشروعات المقامة خارج المدينة أو المدن التابعة لها أو المشاريع غير المرخصة, والوحدات السكنية المفروشة التي تديرها بعض المكاتب العقارية بشكل غير نظامي.
وهذا يظهر أن هذا النشاط أصبح يحتل أهمية كبيرة لدى رجال الأعمال والمستثمرين الذين يسعون إلى تحقيق أرباح من العملية الاستثمارية بطرق مشروعة, وانتشر هذا النوع من النشاط بصفة خاصة في المدن الكبرى: الرياض، جدة والدمام, ما يجعل تنظيمه وتطويره وتحديثه أمرا ضروريا, في إطار تحقيق التوازن والعدالة بين طرفي العلاقة بما يعود عليهما بالفائدة, وهما المستأجر (المستخدم) والمستثمر (المؤجر).
ويخضع تنظيم نشاط تأجير الوحدات السكنية المفروشة لنوعين من القواعد النظامية المطبقة وسارية المفعول وهي:
النوع الأول: ما ينص عليه نظام الفنادق ولائحته التنفيذية, حيث يسري هذا النظام على جميع الوحدات السكنية المفروشة والمعدة للتأجير لليلة واحدة أو أكثر لإقامة ومبيت النزلاء في مقابل أجرة نقدية, ويشترط أن تكون هذه الوحدات قائمة وقت العمل بقرار وزير التجارة الذي صدر لتنظيم تأجير الوحدات السكنية المفروشة, أو أن تقام بعد صدوره, وذلك أيا كانت التسمية التي تطلق عليها. والنوع الثاني: تنظيم صدر بموجب قرار معالي وزير التجارة برقم 1474 بتاريخ 12 شعبان 1421 هـ “الموافق 9 تشرين الثاني (نوفمبر) 2000م”, والذي تضمن مجموعة من القواعد القانونية التي تنظم كيفية تأجير الوحدات السكنية المفروشة في جميع أنحاء المملكة (ويتضمن هذا التنظيم 17 مادة ويسمى اللائحة المطورة). ونلاحظ أن هذا القرار الوزاري لم ينص على أن أحكامه تلغي أحكام نظام الفنادق أو لائحته التنفيذية, بل نصت المادة الأولى منه صراحة على أن: “يُعتبر هذا القرار جزءا لا يتجزأ من اللائحة التنفيذية لنظام الفنادق”.
مما يستفاد منه أن كلا النوعين من القواعد القانونية يكمل بعضه بعضاَ, ولكن لكل منهما مجال تطبيقه؛ إذ إن التنظيم الجديد المطور يسري على جميع الوحدات السكنية المفروشة والمعدة للتأجير لليلة واحدة أو أكثر لإقامة ومبيت النزلاء نظير مقابل نقدي.
ومن ثم لا يسري هذا التنظيم على الوحدات السكنية المؤجرة دون مفروشات, ولا على تلك التي تؤجر لمدة طويلة (لمدة عام أو أكثر أو لمدة غير محددة لسكن العائلات أو العزاب, حيث يخضع هذا النوع من الوحدات السكنية للقواعد النظامية الخاصة بعقد الإيجار. كما لا يسري هذا التنظيم الجديد على الفنادق, حيث يخضع نشاطها وتأجير الغرف والأجنحة بها للقواعد النظامية التي ينص عليها نظام الفنادق ولائحته التنفيذية, كما يستثنى من الخضوع لهذا التنظيم الوحدات السكنية المفروشة الكائنة في مكة المكرمة والمدينة المنورة, والتي تخضع للضوابط والتعليمات المقررة بشأن الحجاج في هاتين المدينتين وللشروط والمواصفات التي تقررها وزارة الحج واللجان المختصة وذلك خلال فترة موسم الحج فقط. أما بقية أيام السنة فتلتزم بالشروط والمواصفات والأسعار المحددة من قبل وزارة التجارة تطبيقاَ لما ورد في هذه اللائحة.
وفي ضوء ذلك, نرى أن الأمر يتطلب وضع تنظيم للعلاقة بين المالك والمستأجر, في إطار الاتجاه الملحوظ الذي تقوم به الهيئة العليا للسياحة نحو تشجيع السياحة الداخلية؛ إذ إن تحديد أسعار الإقامة في الوحدات السكنية المفروشة يتم تبعاَ لنوع ودرجة الوحدة, إذ حددت المواد من 15 إلى 17 من اللائحة أسعار الإقامة فيها على النحو التالي: الدرجة الأولى (300) ريال للوحدة المفروشة المكونة من غرفة نوم واحدة وصالة جلوس وحمام ومطبخ ويضاف مبلغ مائة ريالا لكل غرفة إضافية بالوحدة؛ الدرجة الثانية (200) ريال للوحدة المفروشة المكونة من غرفة نوم واحدة وصالة جلوس وحمام ومطبخ ويضاف مبلغ 50 ريالا لكل غرفة إضافية بالوحدة، الدرجة الثالثة (125) ريالاَ للوحدة المفروشة المكونة من غرفة نوم واحدة وصالة جلوس وحمام ومطبخ ويضاف مبلغ 25 ريالا لكل غرفة إضافية بالوحدة.
وإذا كان المبنى يحتوي على وحدات سكنية مفروشة وغرف مستقلة بحمام فتحدد أسعار الإقامة في تلك الغرف أن يحتسب ما يعادل 50 في المائة من أسعار الإقامة المحددة للوحدات في المبنى لكل غرفة على حدة. وإذا كان الظاهر أن هناك تنظيم للإقامة بهذه الوحدات السكنية إلا أن الواقع أن المادة (15/2) من اللائحة تنص على أنه يمكن زيادة أسعار الإقامة في الوحدات السكنية المفروشة خلال المواسم بنسبة 70 في المائة من الأسعار المحددة لكل وحدة سكنية. والمقصود بالمواسم في هذه المادة إجازة العيدين وإجازة نصف العام الدراسي وفترة الاصطياف.
أي أن هذه المادة قد أعطت الحق لأصحاب الوحدات السكنية المفروشة في رفع أسعار الإقامة بها بالنسبة للسياح؛ بل إن الفقرة الأولى من هذه المادة تنص على قاعدة تقضي بأن أسعار الإقامة في تلك الوحدات تخضع لظروف العرض والطلب في كل مدينة من مدن المملكة ما عدا مكة المكرمة والمدينة المنورة؛ ما قد يدفع بعض أصحاب تلك الوحدات المفروشة إلى رفع الأسعار بطريقة مبالغ فيها ولا تعبر عن الواقع الفعلي للشرائح الاجتماعية التي تخدمها.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً