بحث قانوني في أحكام الإقرار في القانون اليمني

المقدمــة

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

الاثبات اداة يتحقق بها الخصوم من الوقائع القانونية التي يعتمدها القاضي وفق سلطته التقديرية بالاستناد الى احكام القانون والنظام العام، وللاثبات أهمية بالغة عندما يكون أمام مجلس القضاء لما فيه من تأكيد لحق متنازع فيه له اثر قانوني بالدليل الذي اباحه القانون لاثبات ذلك الحق، ويمكن تعريف الاثبات بانه تكوين قناعة القاضي بخصوص وجود او عدم وجود واقعة قانونية تتعلق بموضوع النزاع، ولما كان محل الاثبات هو الواقعة القانونية أي

انه يجب اثبات مصدر الحق المتنازع عليه عندما يطالب المدعي بحماية حق او مركز قانوني معين، فانه يجب بيان الحق الذي يطلب حمايته ويتطلب ذلك وجود قاعدة قانونية تحمي المصلحة التي يدعيها المدعي ومن ثم اثبات وقائع معينة تنطبق عليها القاعدة القانونية .اما عبء الاثبات فيقع على الخصوم لان البينة من حق الخصوم وهم مكلفون باثبات الوقائع التي تصلح للاثبات وهو مبدأ يرجع الى ان تدخل القاضي اذا كان لاحد طرفي الدعوى فانه يخل بالمساواة فيما بينهما، بالاضافة الى ان الخصوم اقدر من القاضي على توجيه ادلة الدعوى لغايات اثبات الوقائع التي يتمسكون بها، وان المكلف باثبات الواقعة من الطرفين هو من يدعيها .ووسائل الاثبات كما وردت بقانون الاثبات رقم () لسنة تنقسم الى عدة وسائل هي:

الادلة الكتابية، الشهادة، القرائن، الاقرار، اليمين، المعاينة والخبرة
ولما كان الاقرار لا نزاع فيه وتتقرر فيها الحقائق على طبيعتها،
وقد افرد قانون اصول المحاكمات المدنية جانبًا من مواده لبيان الاجراءات الواجبة الاتباع في الاثبات، بحيث نظم ووضع قواعد اجرائية بهذا الخصوص لتكون بمثابة المنظم للقواعد الموضوعية التي تحدد طرق الاثبات، وقيمة كل طريقة ومحل الاثبات فقد وضع هذا القانون قواعد اجرائية تبين فيها الاجراءات التي يجب اتباعها عند سلوك سبل الاثبات المختلفة أمام القضاء ومنها الاجراءات الخاصة بالشهود والتي نظمها في المواد
لهذا، فقد تناول هذا البحث في موضوعة تلك الإجراءات المتعلقة بالاثبات، والتي نظمها قانون الاثبات اليمني، من خلال اربع فصول، جاء الفصل الاول

الفصل الأول
تعريف الإقرار
الفرع الأول: تعريف الإقرار لغة
فعال من أقر ّ يقرّ إقرارً بمعنى وضع الشيء في قراره ، أو اثبت ما كان متزلزلاَ أو مترددَ بين الثبوت و الجحود .
و الاسم : الإقرار وهو لازم ، و يعدا بالتضعيف فيقال : قرره في المكان أو على العمل ثبته فيه . وقرره على الحق : جعله مذعنا له . كما يعدا بالهمزة فيقال في المحسوسات : أقررت الشيء في مقره : أي وضعته في موضعه .
وفي القوليات : أقررت بالحق ، أذعنت واعترفت به .
واستعمل بمعنى الموافقة فيقال : أقرك على هذا الأمر , أي أوافقك , وأستعمل بمعنى التثبت ونحوه ما ورد على لسان أهل الحديث من لفظ التقرير فيما كان يعرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم من أفعال الصحابة رضي الله عنهم فيقرهم عليها أي لا ينكرها عليهم فهو بمعنى التثبت .

ب- تعريفه في اصطلاح الشرع : عرف جمهور الفقهاء بأنه ( إخبار الإنسان عن ثبوت الحق للغير على نفسه ) و عرفه جماعة من الحنابلة بأنه ( إظهار مكلف مختار ما عليه لفظا أو كتابةَ أو إشارة أخرس أو على موكله أو مورثه بما يمكن صدقه وليس بإنشاء ) .
وعرفه الأستاذ على قراعة بأنه ( إخبار بثبوت حق للغير على نفس المقر ولو في المستقبل باللفظ أو ما في حكمه سواء كان الحق إيجابيا أو سلبيا).
وعرفه علي حيدر في شرحه (( إخبار الإنسان ممن حق عليه لأخر وواجب التسليم للمقربة ).
وعرفه صاحب التنوير وصاحب البحر بأنه (( إخبار بحق عليه من وجه , إنشاء من وجه )) وفي الفقه الإسلامي الإقرار كاشف لا منشئ .
جاء في الفتاوى الهندية ((الإقرار إخبار عن ثبوت الحق للغير على نفسه)) كذا في الكافي وكذا في محيط السرخسي .

وفي الدار المختار : الإقرار إخبار من وجه وإنشاء من وجه . وقد جاء فيه ما يأتي ((فالوجه الأول وهو الإخبار , والوجه الثاني وهو الإنشاء)).
وجاء في طرق القضاء :– (( أما الإقرار فأن الحق يثبت به بدون حكم , وإنما يأمره القاضي بدفع ما لزمه بإقراره , وليس لزوم الحق بالقضاء , فجعل الإقرار من طرق القضاء إنما هو بحسب الظاهر , وألا فالحق يثبت به لا بالقضاء ) .
و الإقرار من الطرق المعفية من الإثبات , فهي تصلح للإعفاء من إثبات أي واقعه ماديه أو تصرف قانوني مهما بلغت قيمته , ولذلك لان الأصل وجوب إقامة الدليل على كل واقعة إذا نوزعت أو أنكرت ولما كان الإقرار اعترافاَ بواقعه قانونية فهذه الواقعة لا تجب بعد ذلك إثباتها لأنها ليست متنازعة أو مجحودة بل هي مسلمة معترف بها . و بهذه المناسبة يدرج الإقرار بين طرق الإثبات بوصفه طريقا غير عادي يلجا إليه من تجرد من كل دليل .

الفرع الثالث: الإقرار في الشريعة الإسلامية.
الإقرار في التشريع الاسلامي سيد الأدلة الشرعية وأقواها لإثبات الدعوى وأبلغ البيانات , ويدخل في جميع أبواب العلم من العبادات والمعاملات والناكحات والجنايات وغيرها , حتى أنه يدخل في الإيمان وهو التصديق فلا يتحقق إلا مع الإقرار , حتى قال بعض العلماء من المتكلمين : (( إن الإقرار ركن من الإيمان )) وقال بعضهــــــــــــم : (( شرط في الإيمان )) .
وأيضا/ هو حجة شرعية لإثبات الحدود كالسرقة وشرب الخمر وحد القذف .

الفرع الرابع: سند مشروعية الإقرار كدليل إثبات في الشريعة الإسلامية.
وقد ثبتت حجية الإقرار بالكتاب والسنة والإجماع والمعقول:
فالكتاب: قولـه تعالى: {وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ}(البقرة: 282) فأمر سبحانه من عليه الحق بالإملال، وإملاله هو إقراره وإلا لما كان فيه فائدة، ولما أمر الله به. وكذلك قوله تعالى: {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} (النساء: 135) وشهادة الإنسان على نفسه هو إقراره بالحق.
أما السنة: لقوله صلى الله عليه وسلم (( اغد يا أنيس إلى امرأة فلان فإن اعترفت فارجمها )) كما روى متفقاً عليـه من أنه صلى الله عليه وسلم قبل إقرار ماعز بالزنا. وعند مسلم وأصحاب السنن أنه قبل إقرار الغامدية بالزنا، فعامل كلا منهما بموجب الإقرار بإقامة الحد عليه1.
أما الإجماع: فقـد أجمعت الأمة من عهده صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا على أن الإقرار حجة على المقر، وجرت بذلك في معاملاتها وأقضيتها.
أما المعقول: فهو أن العاقل لا يقر بشيء ضار بنفسه أو ماله إلا إذا كان صادقا فيه.

الفرع الخامس: الإقرار بالمفهوم القانوني.
عرفه قانون الإثبات اليمني في المادة (78) بأنه (( إخبار الإنسان شفاهة أو كتابه عن ثبوت حق لغيره على نفسه )).
كما عرف [ بأن الإقرار هو اعتراف شخص بأمر مدعى عليه به لأخر بقصد اعتبار هذا الأمر ثابتا في ذمته وإعفاء الأخر من إثباته سواء كان هذا الأمر حقا مبنيا أو واقعه قانونيه يترتب عليها نشوء حق أو انقضاؤه أو تعديله أو انتقاله ] ولان الإقرار يجعل المدعى به غير متنازع ولأنه ملزم بذاته لا بحكم القاضي فإنه لا يعتبر من طرق القضاء .
فالإقرار اعتراف شخص بحق عليه لآخر , لذلك فهو سيد الأدلة في المسائل المدينة لأنه يعتبر حجه قاطعة على اشتغال ذمة صاحبه بما أقربه .
ويجب إلا خذ به في جميع الأحوال إلا إذا كان إقراراًَ بأمر مخالف للنظام العام أو فيه عيب يبطله ويصح القول بأن الإقرار ليس دليلا وإنما هو يغنى عن الأدلة لأنه يعفي مدعى الحق من الإثبات .

المبحث الثاني : محل الإقرار وصوره
المطلب الأول: محل الإقرار

المطلب الثاني : صور الإقرار
ليس للإقرار شكل خاص بل أن له صور متعددة فهو قد يكون صريحا أو ضمنياَ , والصريح قد يكون مكتوبا َأو شفوياَ وفي جميع الأحوال يكون الإقرار قضائيا. والغالب أن يكون الإقرار صريحاَ , فيكون تقريراَ يصدر من المقر بوقائع يعترف بصحتها وقد يكون هذا التقرير مكتوبا ولا يشترط شكل خاص في هذه الكتابة .
فيصح أن يكون الإقرار في صحيفة الدعوى أو في مذكرة يقدمها الخصم المقر للمحكمة , أو في طلبات مكتوبة يوجهها المقر للخصم الآخر , كذلك قد يكون الإقرار شفوياَ فإذا كان صدرا خارج مجلس القضاء كان يمكن الاستشهاد على حصوله بشهود فيما يمكن سماع الشهادة فيه.
وإن كان إقراراَ في مجلس القضاء صح أن يكون مثلا أثناء التحقيق أو الاستجواب أو في جلسة المحكمة ذاتها . وفي جميع الأحوال يجب أن يدون الإقرار في محضر الجلسة أو التحقيق أو الاستجواب مع توقيع المقر على ذلك أو الاستشهاد على إقراره إن تم في جلسة تحقيق.
ويندر أن يكون الإقرار ضمنياَ أو مستخلصا من السكون لأن لا ينسب لساكت قول لأن الإقرار عمل مادي منظوماَ على تصرف قانوني من جانب واحد وهو المقر.
والإقرار في جميع الصور المتقدمة قد يكون خارج القضاء ويسمي إقراراَ غير قضائي وإما أن يكون أمام القضاء ويسمي إقرارا قضائيا.
(أ‌) الإقرار غير القضائي :
فالإقرار غير القضائي يصدر خارج القضاء أو أمامه ولكن في غير إجراءات الدعوى التي رفعت بالواقعة المقر بها .
والإقرار غير القضائي ليس حجة قاطعه , ولا هو غير قابل للتجزئة ولا غير قابل للرجوع فيه حتى دون إثبات غلط وقع فيه المقر .
بل هو موكل إلى القاضي يقدره وفقا لظروف الدعوى وملابستها قوته في الإثبات فله أن يجعله حجه قاطعة أو أن يجرده من هذه الحجية , وله أن يرفض تجزئته أو أن يجزئه وله ألا يقبل الرجوع فيه أو أن يجيز فيه الرجوع .
فالإقرار غير القضائي إما أن يصدر من المقر شفويا أو في ورقه مكتوبة.
فإن صدر شفويا وأنكره من نسب إليه وجب على من يحتج به أن يثبت صدوره من خصمه في ذلك وفقاً للقواعد العامة في الإثبات . ويصح كذلك أن يعترف المقر بما أقر به شفوياَ خارج مجلس القضاء أمام مجلس القضاء فيصبح بذلك إقراراَ قضائيا بعدما كان إقراراَ غير قضائياَ ويكون هنا إقراراً بما أقربه خارج مجلس القضاء , وبالتالي يقدر القاضي قوة هذا الإقرار في الإثبات .
وإما إن كان هذا الإقرار في ورقة مكتوبة مقدمه من المقر كان هذا الإقرار هو طريق إثبات الدعوى بعد إثبات توقيع المقر على الورقة المقدمة منه .
وبالتالي فإن الإقرار غير القضائي الصادر من المقر في ورقه رسميه له حجية الورقة الرسمية وله حجية على المقر وللمقر إثبات عكس ما جاء في إقراره ويكون إثبات ذلك عن طريق الكتابة لإثبات عكس ما جاء بالكتابة طبقا للقاعدة لا يجوز إثبات ما يخالف الكتابة إلا بالكتابة .
ومن حيث الأثر القانوني للإقرار غير القضائي يخضع للقواعد العامة إذا لم يرد فيه نص خاص فهو حجه على المقر ما لم يثبت عدم صحته. وقد تناولت المادة(87) من قانون الإثبات اليمني ذلك بقولها”الإقرار حجة قاطعة على المقر، ويجب إلزامه بما أقر به”.
وهو كذلك قابل للتجزئة وكذلك قابل للرجوع فيه في الحدود التي تسمح بها القواعد العامة . وللقاضي سلطه واسعة في تقدير قوته في الإثبات .
وإذا كان إقرار المقر في ورقه عرفيه كانت له حجية هذه الورقة .
وذكر الدكتور عبد الرازق السنهوري أن لا فرق بين الورقة العرفية والرسمية في شأن الإقرار ولها نفس الحجية .

(ب‌) الإقرار القضائي
وهو اعتراف الخصم أو من ينوب عنه نيابة خاصة بوكالة تحدد فيها الموافقة والسماح بالإقرار أمام القضاء بواقعة قانونية مدعي بها عليه وذلك أثناء السير في الدعوى المتعلقة بهذه الواقعة.
وهنا يتجلى الفرق بين الإقرار القضائي والإقرار غير القضائي:
فالإقرار القضائي يجب أن يتحقق فيه شرطان لكي يكون قضائياً وهذان

الشرطان هما:
أولاً-أن يقع الإقرار أمام القضاء.
ثانياً-أن يقع أثناء السير في الدعوى المتعلقة بالواقعة المُقرّ بها.

1ً-أن يقع الإقرار أمام القضاء.
فالإقرار غير الواقع أمام القضاء لا يعتبر إقرارً قضائياً, كالإقرار الحاصل بسند عادي أو في تسجيل صوتي أو مرئي أو الإقرار بواقعة ما أمام جهة غير قضائية أو جهة إدارية.
-كأن يتم الإقرار في محضر الحجز.
“إن الإقرار الذي يتم في محضر الحجز هو إقرار غير قضائي يخضع
لتقدير قاضي الموضوع الذي يجوز له أن يثيره دليلاً كاملاً أو مبدأ ثبوت بالكتابة أو مجرد قرينة أو ألا يأخذ به أصلاً”
-أو يقع الإقرار على سند التبليغ أمام المُحضر.

“إن الإقرار القضائي هو الذي يجري في مجلس القضاء أثناء السير في
الدعوى ، وإن مجلس المحضر حين تبليغ مذكرات الدعوة ليس مجلس قضاء لأن المحضر ليس قاضياً، ولا مخولاً سماع الإقرار في موضوع الدعوى”
ويجب أيضاً أن يقع الإقرار أمام محكمة مختصة للنظر في النزاع ومشكلّة تشكيلاً صحيحاً.
فإقرار شخص أمام محكمة جزائية مثلاً بواقعة قانونية لا تختص تلك المحكمة للنظر فيها لا يعتبر إقراراً قضائياً,كأن يقرّ شخص بملكية عقار لشخص آخر أثناء الإدلاء بشهادته أو إفادته أمام محكمة الجنايات حول واقعة ما لأن محكمة الجنايات غير مختصة للنظر ولائياً بإثبات هذه الملكية.
أو يقر رب عمل بانشغال ذمته بأجور العامل الذي أقام دعواه مطالباً بهذه الأجور أمام المحكمة المدنية لأن اللجان العمالية لا المدنية هي المختصة للنظر بالمطالبة بأجور الخدم والصنّاع طبقاً لقواعد الاختصاص النوعي.”مادة 90″ مرافعات” والمسألة محسومة بالنسبة للاختصاص الولائي والقيمي والنوعي كون قواعد الاختصاص في هذه الحالات من النظام العام.

أما بالنسبة للاختصاص المحلي فهو ليس من النظام العام, فإذا أقام شخص دعواه أمام المحكمة المدنية في تعز مطالباً بملكية عقار في صنعاء ودفع المدعى عليه في أول جلسة حضرها بعدم اختصاص المحكمة المكاني لأن العقار المتنازع فيه لا يقع في دائرتها وردت المحكمة دفعه ثم أقر بعد ذلك بملكية العقار للمدعي فإن إقراره هذا ليس إقراراً قضائياً كونه وقع أمام محكمة غير مختصة, ولكن إذا لم يدفع في أول جلسة بعدم اختصاص المحكمة مكانيا وأقر بصحة دعوى المدعي فإقراره صحيح لأن الدفع بعدم اختصاص المحكمة مكانيا الذي يترتب عليه البطلان يجب أن يتم في بدء المحاكمة وقبل أي دفع أو طلب آخر وإلا سقط الحق فيه.كما يسقط حق الطاعن في هذه الدفوع إذا لم يثرها في استدعاء الطعن. “مادة 181 مرافعات يمني”
و كذلك إذا وقع الإقرار أمام محكمة غير مشكلة تشكيلاً صحيحاً فلا يعتبر إقرارً قضائياً. ومثال على ذلك أن يقع الإقرار و لا يوّقع كاتب المحكمة على ضبط الجلسة التي تم فيها الإقرار, مما يرتب بطلان هذا الإجراء لعدم
تشكيل المحكمة تشكيلاً قانونياً ” مادة 158 مرافعات “

2ً-أن يقع الإقرار أثناء السير في الدعوى المتعلقة بالواقعة التي يكون الإقرار بها.
وذلك في أية حالة كانت عليها الدعوى أمام محكمة الموضوع, فيمكن أن يقع الإقرار خطياً بموجب مذكرة أو شفهياً أثناء استجواب الخصوم من قبل القاضي.
إن الإقرار الوارد في دعوى غير دعوى النزاع لا يعد إقراراً قضائياً ويترك تقديره لمحكمة الموضوع، فلها مع تقدير الظروف التي صدر فيها والأغراض التي حصل من أجلها أن تعتبره دليلاً مكتوباً أو مبدأ ثبوت بالكتابة أو مجرد قرينة كما لها ألا تأخذ به أصلاً”

أما بالنسبة للواقعة التي ينصب عليها الإقرار فقد تكون واقعة مادية:كالإقرار بوقوع حادث من قبل المُقر سبب ضرراً للمدعي.أو يكون للواقعة المُقر بها أثر قانوني:كإقرار المشتري بأنه كان على علم بإعسار البائع في دعوى إبطال تصرفات المدين المعسر.أو تكون الواقعة بحد ذاتها تصرفاً قانونياً:كالإبراء الحاصل من الدائن للمدين.
-وثمة نقطة أخرى وردت في تعريف الإقرار القضائي تنبغي الإشارة إليها وهي أن يصدر الإقرار القضائي من الخصم نفسه أو ممن ينوب عنه نيابة خاصة. وهنا نتساءل هل يكفي التوكيل بالخصومة ليعطي الوكيل صلاحية الإقرار أم ينبغي وجود النيابة الخاصة بالنص صراحة على تفويض الوكيل بالإقرار؟
الحقيقة أن قانون الإثبات اليمني لا يعتد بالإقرار الصادر من الوكيل بالخصومة حيث نصت المادة (89) من بقولها« لا يصح الإقرار من الوكيل بالخصومة أو المرافعة فيما يضر موكله ولو مفوضاً » كما ان المادة (120) من قانون المرافعات المدنية قد أوجت توكيلا وتفويضا خاصاً ليعتد بصحة الإقرار الصادر من الوكيل بقولها” لا يصح لغير الوكيل المفوض بتفويض خاص الإقرار بالحق المدَعى به” هو نص واضح وقد أوجب القانون مثل هذا التفويض الخاص واشتراطه النيابة الخاصة للإقرار القضائي وعدم الاكتفاء بمجرد التوكيل بالخصومة “.

-التفريق بين الإقرار القضائي والإقرار غير القضائي من حيث حجية الإثبات.
-فبالنسبة لقوة الإثبات: يعتبر الإقرار القضائي حجة ملزمة ليس للقاضي سلطة في تقديرها. إذا توافرت كل الشروط التي يتطلبها القانون لانعقاده وصحته فذالك يصير حجة قاطعة على المقر بمعنى انه يعتبر حجة عليه يؤاخذ به ولا يجوز له العدول عنه ويتعين على القاضي ان يأخذ به كما ذكرنا ويحكم بمقتضاه الا ان ذلك لايمنع من ان يطعن المقر في إقراره إذا كان ذلك مخالفاً لواقع الحال كأن يطعن بأنه صوري تواطأ عليه مع خصمه. فإذا اثبت ذلك بالطرق المقررة قانوناً بطل الإقرار، اما إذا استوفى شروط صحته فلا يجوز الرجوع فيه وذلك تطبيقاً لنص المادة 96 إثبات والتي نصت على انه « لا يصح الرجوع في الإقرار إلا أن يكون في حق من حقوق الله التي تسقط بالشبهة ».وإذا كان الإقرار حجة قاطعة على المقر فهو في الوقت ذاته حجة قاصرة عليه وعلى خلفائه .
ولقد نصت المادة 95 من القانون المذكور على انه «لا يتجزأ الإقرار على صاحبه إلا اذا انصب على وقائع متعددة وكان وجود واقعة منها لا يستلزم حتماً وجود الوقائع الأخرى».ويقصد بعدم جواز تجزئة الإقرار انه لا يجوز للخصم ان يفصل في الإقرار بينما يكون نافعاً له فيأخذه، وبينما يكون ضاراً به فيتركه، وذلك على أساس ان ارتباط أجزائه في قصد المقر يجعل الإقرار وحدة يجب أخذها بأكملها او تركها بأكملها.

أما الإقرار غير القضائي يخضع فيما يتعلق بحجيته لتقدير القاضي فله مطلق السلطة في تقدير آثاره القانونية وهذا ما استقر عليه الاجتهاد القضائي.

ولعل أهمية التفريق بين الإقرار القضائي والإقرار غير القضائي من حيث قوة الإثبات تتجلى في أن ركن القصد ظاهر في الإقرار القضائي لصدوره عن المقر بحضور القاضي في حالة يكون فيها القاضي على إطلاع تام بالقضية المعروضة أمامه بحيث يكون المُقر قاصداً ما يقر به بشكل تام ويتأكد القاضي من كون أقوال المُقر تتعلق فعلاً بالواقعة المقر بها.
أما في الإقرار غير القضائي فركن القصد غير واضح تماماً لصدوره عن المُقر في غير القضية التي تتعلق به, أو في غير حضور القاضي فلا يمكن الجزم بانصراف قصد المُقر فعلاً إلى هذه الواقعة أم إلى واقعة أخرى.
-من جهة وسيلة الإثبات: فالإقرار القضائي ليس في حاجة عملياً إلى إثبات لأنه يثبت في محضر المحاكمة و ليس للقاضي سلطة في تقديره.
أما الإقرار غير القضائي فيتم إثباته طبقاً للقواعد العامة المقررة للإثبات.
فقد يتم إثباته بسند رسمي كالإقرار الحاصل أمام الكاتب بالعدل أو الحاصل أمام محكمة في غير الدعوى التي أقيمت بالواقعة المُقرّ بها.
وقد يتم إثباته بسند عادي والسند العادي هو “الذي يشتمل على توقيع من صدر عنه أو على خاتمه أو بصمة إصبعه وليست له صفة السند الرسمي” وقد نصت المادة(86)إثبات بان يراعى في الإقرار الكتابي الأحكام الخاص بالأدلة الكتابية.
وقد يتم إثباته بالشهادة إذا كان شفهي “مادة 85 إثبات” وبالتالي بالقرائن القضائية أيضاً.
فإذا صدر الإقرار من الخصم في دعوى متعلقة بالواقعة التي حصل عنها الإقرار فهو حجة على المقر ويتعين على القاضي أن يأخذ به ويحكم بمقتضاه .

المبحث الثاني : أركان الإقرار
المطلب الأول : الصيغة التي يتم بها الإقرار
نصت المادة (83) إثبات “يكون الإقرار صراحة بأي عبارة تؤدي إلى الاعتراف بالحق كما يكون ضمنياً كالإقرار بفرع يترتب على ثبوته ثبوت أصله كمن يقر بالطلاق فذلك يتضمن إقراره بالزواج.” ويتضح من نص المادة انه لا يشترط في الإقرار صيغة خاصة، بل يكفي فيه كل ما يدل على ثبوت الحق عليه أو نفي حقه عن غيره؛ كما أنه لا يشترط أن تكون الألفاظ صريحة في إفادتها معناها،فقد يكون ضمنيا بحيث يكفي ظهورها في معانيها ولو بمساعدة القرائن الحالية بالنحو الذي يرفع الغموض والإبهام؛ ومن ذلك كفاية الاعتراف باللازم في ثبوت الملزوم، فإذا ادّعى رجل على آخر مالاً، فقابله المدّعى عليه بادعاء الوفاء، كان ذلك إقراراً منه بثبوت مالٍ عليه للمدعي رغم أنه لم يقر به صريحاً.كما أن الإقرار بالطلاق يعد إقرار بوقوع الزوج.
وكما يتحقق الإقرار باللفظ فإنه يتحقق – أيضاً – بمثل الإشارة والكتابة من الأمور التي تدل على مضمونها دلالة واضحة غير أن القانون اليمني قد استثني من ذلك خمسة أحوال لا يكون الإقرار فيها إلا بالفظ وهي الزنا، والقذف، واللعان، والظهار، والإيلاء. فقد نصت المادة (88) إثبات “يصح الإقرار من الأخرس والمصمت والمريض الذي لا يستطيع الكلام ويكون بالإشارة المفهمة أو بالكتابة، ويستثنى من ذلك أحوال خمسة لا يصح الإقرار بها إلا نطقاً هي الزنى، والقذف، واللعان، والظهار، والإيلاء.”
يعتبر في الإقرار الجزم بمضمونه، فلو اشتمل على الشك والترديد، بمثل قوله: «أظن أو احتمل أن لك علي كذا» لم يكن ذلك إقراراً.

المطلب الثاني : المقر

المطلب الثاني : المقر به
المطلب الرابع : المقر له

مبحث :أحكام الإقرار
مطلب التجزئة الإقرار
مطلب الإقرار الجنائي
مطلب الإقرار المدني
ســــــــــــــــــــــــــــــــوف يتم اكمال الموضوع في مشاركة اخري ان شاء الله

Share

اترك تعليقاً

Your email address will not be published.