يمثل مدخل النظم أسلوبا جديداً للتفكير في العمل الإداري ، ومدخل النظم معروف في مجال العلوم الطبيعية حيث يوجد نظام الكون _ وهو النظام الأكبر الذي تتفرع عنه مجموعة من الأنظمة _ كنظام المجموعة الشمسية ونظام الأرض وغيرها من النظم التي يعتبر كل منها نظاماً فرعياً من النظام الأكبر نظام الكون (1) . قد طبق مفهوم النظم وفكرته في مجال العمل الإداري خاصة فيما يتعلق بالوظائف الإدارية المتعلقة بالتخطيط والتنظيم والرقابة إذ بمقتضى هذا النظام يتم التنسيق بين مختلف العوامل المؤثرة في العملية الإدارية وممارسة السلطة ويمثل تحليل النظم تحليلاً للكليات وليس للأجزاء وعلى ذلك يركز مدخل النظم على كشف وتفسير طبيعة العلاقات المتعددة بين محتويات نظام ما وهو يشير إلى المجموع أو الكل حيث الكل مختلف عن الأجزاء المكونة له واكبر منها وذلك إذا ما نظرنا إلى هـذه الأجزاء بصورة منفردة ، وفي مجال الإدارة بوجه مدخل النظم الانتباه إلى المشروع ككل متكامل أي باعتباره نظاما أساسياً يتكون من مجموعة من النظم الفرعية المترابطة التي في ضوء دراستها والوقوف على العلاقات بينها نفهم حقيقة أعمال النظام الأساسي وتحديد أهداف المشروع وتحديد الوظائف والأنشطة الضرورية لتحقيق هذه الأهداف وعلاقة النظام الأساس ( المشروع ) بالنظام الأكبر الذي يعمل في إطاره وهو البيئة الاقتصادية والاجتماعية وهكذا نلاحظ تدرج النظم فكل نظام يعتبر فرعاً من نظام اكبر. فنظام الإنتاج يتكون من أنظمة فرعية مثل نظام التخطيط ونظام تحميل الآلات ونظام مراقبة الإنتاج وغيرها .. ونظام الإنتاج بدوره نظام فرعي لنظام اكبر هو نظام الشركة الذي يتكون من عدة أنظمة فرعية أخرى . ونظام الشركة هو نظام فرعي لنظام اكبر هو نظام القطاع الصناعي الذي يعمل فيه ونظام القطاع الصناعي هو نظام فرعي للنظام الاقتصادي السائد .
وبناءً على ذلك فأن المدير الذي يرغب بتطبيق هذا المنهج في الإدارة عليه أن يهتم بالكليات أي أن ينظر إلى المشروع كوحدة واحدة متكاملة لا تحجب رؤية الجزئيات عن رؤية الكليات وطبقاً لذلك فان التركيز يكون على التفاعل الحركي والاتصال المتبادل بين الأجزاء المكونات الخاصة بالنظام وإخضاع الوحدات والإدارات المنفصلة بالمشروع لمعلومات اتخاذ القرار ولشبكة الاتصالات وهو أمر يتحقق بتصور تنظيم المشروع على أساس تدفق المعلومات بدلاً من أساس السلطة والمسؤولية أي أن تنظيم المشروع يتم على أساس هيكل تنظيم نظم System organization structure بدلاً من هيكل تنظيم سلطة Authority organization structure .والتنظيم التقليدي للإدارة ينظر إلى المشروع كسلسلة من الإدارات والأقسام المرتبطة عمودياً ولكل منها رئيس أداري يمارس وظائفه ضمن التسلسل الرئاسي فكل رئيس يرتبط برئيسه الأعلى ضمن نظام السلطة الرئاسية ، في حين أنه حسب نظرية النظم يكون المشروع كل متكامل ومترابط الأجزاء وان القرار الإداري الذي يصدر لابد ان يكون متأثراً بالقرارات الأخرى وهو نتيجة سلسلة مترابطة من العمليات الذهنية في مختلف أجزاء المشروع ونتيجة لعديد من الظروف والعوامل والقوى الداخلية والخارجية المحيطة بالمشروع وليس نتيجة لقرار السلطة الرئاسية .وعلى ذلك أصبح لمدخل النظم تأثير جوهري في عملية اتخاذ القرار الإداري حيث أن الرئيس الإداري ملزم بالنظر إلى تنظيم المشروع كشبكة معلومات متدفقة (Information network) تمد متخذي القرار في مختلف المستويات الإدارية بالمعلومات التي تمكنهم من اتخاذ القرار بكفاءة وفاعلية وان النظم الخاصة بالمعلومات والاتصالات تربط بالضرورة الأجزاء والمكونات الرئيسية لإدارة المشروع وهي الأفراد – والمواد والآلات والتي يتم الجمع بينها بغرض تحقيق الأهداف المشتركة للمشروع (2) .
وبذلك تكون السلطة الرئاسية للرئيس الإداري محكومة بهذه الشبكة من المعلومات والاتصالات بين عناصر أو أجزاء العملية الإدارية والتي تؤثر في عملية اتخاذ القرار الإداري وعليه لم يعد في ظل هذه النظرية للرئيس الإداري السلطة المطلقة التي يتمتع بها في ظل المفهوم التقليدي للسلطة الرئاسية . إلى جانب ما تقدم فأن استخدام الوسائل والتقنيات الحديثة في العمل الإداري كان هو الأخر له الأثر الكبير في عملية اتخاذ القرار فاستخدام الحاسبات الإلكترونية على نطاق واسع في مجال العمل الإداري كان له الأثر الكبير في مجريات العملية الإدارية ومنها اتخاذ القرار الإداري ذلك ان استخدام الحاسب الآلي في مجالات عديدة كخزن المعلومات والبيانات واسترجاعها وتنسيق العمليات المعقدة وغيرها من الاستخدامات وفر الكثير من الوقت والجهد وسهل السبل الكفيلة بمساعدتها لاتخاذ القرارات الإدارية المناسبة ولعل تطور استخدامات الحاسب الآلي وتكنولوجيا المعلومات بحيث أصبحت الأجهزة الإلكترونية قادرة على أداء عدد كبير من المهام الذهنية التي تستخدم في مجالات التوجيه والسيطرة والمراجعة والتحكم ونقل الرسائل إلى مراكز اتخاذ القرار وتبادل وتفسير المعلومات وتحليل البيانات وغيرها أدى كل ذلك إلى إدخال تحسينات بالغة الأهمية على مجمل العملية الإدارية(3) حيث أدى ذلك إلى تمكين السلطة الرئاسية من الوصول إلى القرار بالسرعة والدقة المطلوبة وعلى ذلك يكون تأثير استخدام الحاسب الآلي ذا اثر كبير في ممارسة السلطة الرئاسية من حيث التنظيم وتوفير المعلومات وبالتالي فان حدود ممارسة السلطة الرئاسية قد تأثرت بشكل واضح بهذه الاستخدامات للأجهزة الإلكترونية وتكون هذه الأجهزة بمثابة عوامل مؤثرة في اتخاذ القرار الإداري ولم يعد الرئيس الإداري يملك القدرات الخاصة به في استخدام صلاحياته الإدارية وممارسة السلطة الرئاسية دون الاعتماد على ما توفره هذه الأجهزة من معلومات وبيانات ضرورية . ان ذلك لا يعني بالضرورة انعدام الدور القيادي للرئيس الاداري الذي يبقى عاملا مهماً في ممارسة السلطة الرئاسية .
_____________________________
1- يعرف النظام بأنه الكيان المتكامل الذي يتكون من أجزاء وعناصر متداخلة تقوم بينها علاقات تبادلية من اجل أداء وظائف وأنشطة تكون محصلتها النهائية بمثابة الناتج الذي يحققه النظام كله انظر : على الساعي بحثه بعنوان ” اتجاهات جديدة في الفكر التنظيمي” المنشور بمجلة عالم الفكر العدد 4 لسنة 1978 تصدر عن وزارة الإعلام الكويت .
2- د. زكي محمود هاشم / الإدارة العلمية ص 32 وما بعدها .
3- د. زكي محمود هاشم / الإدارة العلمية ص 32 وما بعدها .
المؤلف : عبد الحميد عبد المهدي
الكتاب أو المصدر : اثر تطور نشاط الادارة في ممارسة السلطة الرئاسية
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً