قانون الأسرة الموحد.. بعد الانتظار الطويل
د. منال السيد
أجمع مجلس النواب في انجاز تاريخي على اقرار مشروع قانون الأسرة الموحد رقم (19) لسنة 2017، والذي كان يعتبر حاجة ملحة على الصعيدين القانوني والاجتماعي، وخطوة متممة لمسيرة المشروع الإصلاحي لجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة.
ولطالما طمحت مملكة البحرين لوجود قانون أسرة يكفل حقوق الطائفتين مجتمعتين، فمن غير الملائم قانون سن نصوصا واضحة صريحة تحدد الحقوق والالتزامات الخاصة بالروابط الأسرية لطائفة دون الأخرى. فالمادة 5 من الدستور البحريني تنص على أن الاسرة اساس المجتمع، وفرضت المادة ذاتها على القانون الحفاظ على الكيان الشرعي للاسرة وحماية الطفولة والأمومة، كما أكدت المادة 18 من الدستور على المساواة بين المواطنين في الحقوق والالتزامات. غير أن الفراغ التشريعي الخاص بعدم وجود قانون يحسم المسائل العالقة في أروقة الدوائر الجعفرية كانت تمس كيان أسر وتعطل حقوقا مختلفة. بالإضافة لذلك، فإن التزامات الدولة في هذا الشأن تمتد للاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها البحرين كالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
إن المعاناة التي كانت تعاني منها الأسر المنتمية للطائفة الجعفرية قبل صدور القانون لم تكمن في قصور الكفاءة اللازمة لدى القضاة، بل تمثلت بعدم وجود نصوص صريحة يستند لها القاضي لتنظيم الحقوق والالتزامات والبت فيها كما هو الحال مع قانون الأسرة في شقه السني، لذا نرى مباركة ساحقة لقرار إصدار هذا القانون من قبل الطائفة الجعفرية قبل السنية وذلك يعود لما عانته تلك الأسر على المدى الطويل بسبب عدم وجود تشريع ينظم ويقر حقوقها.
وقد سعى القانون بشكل حثيث لمراعاة الخصوصية الشرعية له ويظهر ذلك عند النظر للجهات التي ساهمت في دراسته وصياغته، بل ويبدو جليا من نصوصه السياسة الحكيمة في ارساء الاطمئنان في صدور المواطنين نظرا للطبيعية الدينية له، حيث لم يجز القانون إجراء أي تعديل عليه بعد صدوره إلا بعد موافقة لجنة من ذوي الاختصاص الشرعي من القضاة وفقهاء الشريعة الإسلامية المتخصصين في الفقه السني والجعفري.
لذا، يتوجب على كل مواطن أن يدعم وجود مثل هذا القانون، لأن تشريعه لن يخدم سوى المواطن البحريني نفسه وعدم وجوده أيضا لن يضر إلا المواطن. فالغرض من قانون الأسرة الموحد هو تحقيق مصلحة صرفة لكل مواطن سعيا للوصول إلى غايته النهائية المتمثلة بتحقيق الاستقرار للمجتمع ككل.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً