الجبايات المحلية عنصر فاعل في الحكامة المحلية
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
د. الموصدق شاكر
دكتور في القانون العام
بالنسبة للجبايات المحلية، وبالرغم من أنها عرفت عدة إصلاحات، خاصة منذ إدماج الجماعات المحلية في مسلسل التنمية الوطنية، بموجب الميثاق الجماعي لسنة 1976، ثم ظهور الإصلاح الجبائي لسنة 1984 (قانون الإطار)، الذي اتخذ شكل مدونة للجبايات المحلية، وصل فيها عدد الضرائب والرسوم إلى أربعين، إلا أن هذا القانون عرف كذلك إصلاحا آخر متتاليا، بموجب القانون الصادر سنة 1989. فبقدر ما اتجه المشرع إلى تكريس الوحدة والشمولية بتجميع الضرائب النوعية في جباية واحدة بالنسبة لضرائب الدولة، بقدر ما جاء نظام الضرائب المستحقة للجماعات المحلية، محدثا ضرائب نوعية جديدة، تكرس مبدأ التعدد والتجزيئ.
فالإصلاح الجبائي الذي نشره القانون رقم 89-30 المتعلق بالجبايات المحلية، هو في النهاية ترجمة لأهداف وغايات التضريب المحلي، كما أن مضامينه تعكس بجلاء دور الجباية المحلية في تحقيق التنمية الشاملة ماليا واقتصاديا واجتماعيا ومعماريا وإداريا وجبائيا[[1]. ومع ذلك، وبالنظر إلى الصعوبات والإكراهات التي عرفها تطبيق القانون رقم 89-30[[2]] نتيجة ما عرفه المغرب من إصلاحات جبائية خلال ثمانينات القرن الماضي، وكذا الاختصاصات الواسعة التي أصبحت تضطلع بها الجماعات الترابية، بعد التعديل الدستوري لسنتي 1996 في مجال التنمية الشاملة، أصبح معه القانون المذكور أعلاه متجاوزا، مما برر صدور قانون الجبايات المحلية تحت رقم 47-06، والذي دخل حيز التنفيذ في يناير 2008[[3]] . ويشكل هذا القانون دعامة للأهداف الاقتصادية والمالية والقانونية العامة التي أطرت الإصلاح الجبائي المحلي. ويتضح ذلك عند الوقوف على المبادئ الكبرى الموجهة التي أتى بها، والمرجعية العامة المؤسسة للإصلاح الجبائي، وهي أساسا مبادئ التبسيط والمطابقة والملاءمة. الكل يصب في اتجاه محاولة تجاوز إخفاقات القانونين السابقة، وبالتالي تحقيق الغاية المرجوة في التنمية الشاملة في مجموعة من المجالات.
إن التدبير المالي للجماعات هو نتيجة للتطور للنظام اللامركزي، ذلك أنه يحتل أهمية في السياسة الاقتصادية والاجتماعية مكانة كبيرة تجعل منها عجلة كل سياسة تنموية ترابية، باعتبار الأداة التمويلية الأساسية لكل المرافق التسيرية داخل الجماعات، لذلك يبدو أن الاهتمام بمالية هذه الوحدات بتنمية مواردها ترشيد نفقاتها للنهوض بدعائم اللامركزية استقلالها المالي على اعتبار أن لا سياسة بدون تمويل مالي كما أن تزايد مداخيل الجماعات تظل أهميتها رهين بمستوى نفقات في تحقيق الحاجات العامة الترابية. وهو معطى يسمح لنا البحث عن آليات لعقلنة التدبير المالي المحلي من خلال ترسيخ حكامة مالية في (المطلب الثاني)، على التطرق إلى الاليات لتجاوز اكراهات وسلبيات النظام الجبائي المحلي (المطلب الأول).
المطلب الأول: إكراهات النظام الجبائي الترابي وسلبياته
يعد القانون الجبائي المحلي رقم 47-06 ضرورة أملتها ظروف الواقع التي مرت بها الجبايات المحلية وما افرزته من مشاكل و إكراهات واكبت تطبيق القانون رقم 89-30، الذي ظهرت محدوديته بسبب قصوره النصي على مستوى العديد من القطاعات الغير مضربة، وعدم تجنيح التهرب وغيرها، وعند دراستنا لمستجدات القانون رقم 47-06 نجد بعض الثغرات و الإكراهات التي أغفلها هذا الأخير، ما يجعل المالية الترابية تتأثر بهذا النقص، وهذه الدراسة سرعان ما لامست ملامسة محدودية توسيع الوعاء الجبائي الترابي (الفقرة الأولى)، والى تكريس الفوارق الجبائية بين الجماعات الترابية (الفقرة الثانية)، ثم وجود مجموعة من الثغرات التي تحد من قدرات القانون المشار إليه أعلاه في تحقيق اكتفاء جبائي محلي (الفقرة الثالثة).
الفقرة الأولى: محدودية توسيع الوعاء الجبائي الترابي
رغم أهمية المستجدات التي جاء بها القانون رقم 47-06 وما حمله من تقنيات إجرائية إيجابية، فإنه لم يتجاوز تلك الحدود، حيث تميز بقصور تضريبه لبعض القطاعات خاصة مجال العقار، ويلاحظ غياب سياسة جباية في هذا المجال، وبالتالي وجود مضاربة عقارية للعقار المبني وغير المبني، وكذلك تفشي ظاهرة تجميد الأراضي في المدن، فالضريبة العقارية هي الأداة التداخلية للحد من هذه الظاهرة، بحيث أن سن جباية تداخلية سيدفع بالمضاربين إلى محاولة استغلال ممتلكاتهم عوض تجميدها[[4]] .
فالإعفاءات الكبيرة التي جاء بها والغير المبررة محاباة لبعض الملزمين من منعشين عقاريين في مادة السكن الاجتماعي من كل الرسوم المحلية، وكذلك الأراضي والمساكن التي تملكها الدولة والجماعات الترابية، على الرغم من استغلالها من طرف أشخاص آخرين، إضافة إلى إعفاءات أخرى استثمارية سبق بيانها.
كل هذه الاعفاءات لا تخدم مصالح الجماعات الترابية، وفي المقابل يلاحظ التخلي على الرسوم المفروضة على الباعة المتجولين، والرسم المفروض على الدراجات النارية التي يفوق محركها أو يعادل 125 سنتمترا مكعبا، والرسم المفروض عل دخول المهرجانات الرياضية والمسابح الخاصة المفتوحة للعموم، والرسم على المشاهد، الرسم المفروض على تقسيم الاراضي، والرسم الإضافي إلى الرسوم المفروضة على طبع الزرابي بالرغم من أهمية عائدها بالنسبة لبعض الجماعات الترابية، وبالتالي كان على المشرع في إصلاحه الجديد أن يبقي على الرسوم المحذوفة في صيغة رسوم اختيارية، ويترك للجماعات الحرية في تطبيقها[[5]] .
هذا، ويلاحظ غياب الجدول المنظم لرسم السكن على غرار ما هو معمول به في الرسم المهني، علاوة على غياب تصنيف المقاهي بخصوص الرسم على مجال بيع المشروبات، كما لم يتم التنصيص على إمكانية الأداء الإلكتروني ملاءمة لما هو معمول به في ضرائب الدولة. وكذلك صعوبة الاطلاع على المعطيات الإحصائية التي تتوفر عليها المحافظة العقارية والوكالات المستقلة للماء والكهرباء مما يساعد الجماعة على تحديد جيد للملزمين بالضرائب.
وعلى مستوى التحصيل، فبالرغم من كون أن الإصلاح الجبائي الجديد هدف إلى ملاءمة عملية التحصيل مع ما هو معمول به على مستوى الوطني، فإنه لازال يتخبط في عدة مشاكل أهمها مشكل الباقي استخلاصه كما تمت الإشارة إليه سابقا، فتراكمه سنة بعد سنة يبين فشل المقاربة المعتمدة لتحصيل الجباية المحلية، فهذه المعضلة المزمنة[[6]]مرتبطة أساسا بالضرائب المحولة والمفروض على القابض الجماعي استخلاصها، إذ يفوق الباقي استخلاصه معدل سنتين من ميزانية الجماعة، فمعدله على الصعيد الوطني يفوق ستة مليار درهم[[7]]، مما يطرح السؤال حول دور القباضة في عملية التحصيل، سيما أن الحملات التي يتجند لها موظفو القباضة تكون مردوديتها ضعيفة لعدم وجود تحفيزات[[8]] .
وتعتبر ضريبة النظافة (سابقا) من أهم الضرائب التي تطرح مشكل الاستخلاص، إذ أن هذا المشكل مرتبط بالأساس بمكانة وكيل المداخيل في العملية ومدى حداثة وفعالية التقنيات المستعملة في عملية التحصيل.
فهامشية دور وكيل المداخيل في عملية التحصيل أمام احتكار القابض المحلي لتحصيل الجبايات المحلية دليل على وجود سلطة جباية جماعية، ولو أن الواقع يدل أن عملية التحصيل يعهد بها إلى وكيل المداخيل لتحصيل بعض الرسوم (الرسوم الطلبية) التي يوجب أن تدفع نقدا[[9]] ، أي خضوع وكيل المداخيل في نفس الوقت للآمر بالصرف الذي هو الرئيس التسلسلي وسلطة القابض الجماعي الذي يعمل لحسابه وتحت رقابته، مما يجعله في وضعية صعبة، وبالتالي يؤثر على عملية التحصيل.
وفي السياق ذاته، لا يمكن إغفال ظاهرة التهرب الضريبي التي تنعكس سلبا على التحصيل، فالإصلاح الجبائي لا بد أن يعطي الأهمية الكبرى للحلول التي من شانها الرفع من المردودية المالية للجماعات الترابية، وعلى ضرورة اشراك جميع المتدخلين في المجال من خلال فتح باب الاقتراح للجماعات الترابية المعنية بأي اصلاح جديد.
ولقد كان ضروريا الاستفادة من الصعوبات التقنية والقانونية عند أي عملية إصلاح ودخول أي قانون جديد حيز التنفيذ كما هو الشأن بالنسبة للقانون رقم 47-06، ولعل ذلك راجع عدم ملائمة ميزانيات الجماعات الترابية التي تم تأشير عليها قبل دخول القانون الجبائي حيز التنفيذ هذا من جهة.
ومن جهة أخرى، يلاحظ استخلاص القابض لبعض الرسوم وإدراجها بحسابات مؤقتة بفعل غياب وكلاء المداخيل في بعض الجماعات الترابية[[10]]، ما نتج عنه تداخل الاختصاص في عملية تحصيل الجبايات المحلية، ومنه فسلطات الوصاية مدعوة إلى ملائمة وثيقة ميزانية الجماعات المحلية مع مقتضيات أي قانون جديد يتعلق بإصلاح المنظومة الجبائية المحلية، وهذه الملائمة تكتسي طابعا استعجاليا كونها تحرم بعض الجماعات من استخلاص المبالغ المستخلصة من بعض مداخيلها الجبائية[[11]] ، مما يكون له وقعا سلبيا في أداء النفقات.
وكذلك يعرف هذا القانون قصورا من حيث عدم تنصيصه على الجباية البيئية التي تتجه إلى تضريب المركبات القديمة ومحطات تزويد الوقود ومحطات التركيز، وبعض الصناعات الملوثة كما هو الحال في الأنظمة الجبائية المقارنة، باعتبار أن الجباية تعد أداة تدخلية للحد من بعض الظواهر، فتسجيل غياب جباية بيئية تدخلية للحد من الصناعات الملوثة يعتبر نقصا، وذلك تأسيسا على الاختصاصات البيئية المسندة للجماعات الترابية، علما ان الدولة ملتزمة دوليا في إطار التقارب التشريعي والاتفاقيات الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغيرات المناخية بالحد من انبعاث غازات والرهان معقود على الجماعات الترابية للوفاء وتجسيد بهذا الحفظ.
أما بخصوص الصعوبات القانونية التي بدت بدخول القانون رقم 47-06 حيز التنفيذ فتتجلى في كون المشرع لم يستطع لحد الآن تجميع النصوص الجبايات المحلية في نص واحد، بحيث نجد قانون أخر يتعلق بالأحكام الانتقالية فيما يتعلق ببعض الرسوم والحقوق والمساهمات و الإتاوات المستحقة للجماعات الترابية، علاوة على مشكل تحيين القرارات الجبائية، حيث تكون جل المجالس الجماعية عقدت دوراتها الاستثنائية من أجل تحين قراراتها الجبائية خلال شهر يناير، لكن المصادقة النهائية على تلك المحاضر من طرف سلطات الوصاية لا تتم إلا بعد شهر يونيو بالنسبة للقانون المشار إليه أعلاه.
والتساؤل المطروح هل الجماعات الترابية في هذه الحالة تتوقف عن استخلاص الرسوم في انتظارها تحيين قراراتها الجبائية؟ أم تباشر هذه العملية دون انتظار عملية تحيين المذكورة؟ وأين سيدرج القابض المبالغ المستخلصة؟ فإذا كانت الجماعات تستخلص فقط الرسوم التي تضمنها القانون رقم 47-06 فقط، وفقا للقرار الجبائي للسنة السابقة خلال المرحلة الممتدة بين فاتح يناير واصدار القرار الجبائي الجديد، فإن ذلك يعد خللا لا بد من تجاوزه عند كل عملية إصلاح جبائية بحيث يعد مما سبق ذكره ضربا لمبدأ العدالة الجبائية.
ومن أجل تطبيق أي إصلاح جديد بإجراءات قانونية جديدة لابد من إعادة النظر في منظومة الإدارة الجبائية المحلية، وذلك من خلال إعادة هيكلة للإدارة تقوم على أساس توزيع المهام بين مختلف المصالح التابعة لها (مصالح الوعاء، مصلحة الاستخلاص، المراقبة، مصلحة المنازعات)، وبالإضافة إلى ذلك لابد من دعم الإدارة الجبائية المحلية بالوسائل المادية والمعلوماتية وبالموارد البشرية المؤهلة، لمسايرة هذه التغييرات التي تعرفها المنظومة الجبائية المحلية[[12]]، وكذلك توطيد التعاون بين الإدارة الجبائية المحلية والإدارة الجبائية للدولة.
الفقرة الثانية: تكريس الفوارق الجبائية والمالية بين الجماعات الترابية
إذا كانت هيكلة القانون الجبائي المحلي الحالي تعتمد على 17 رسما مستحقا لفائدة الجماعات الترابية موزعة بين الجماعات والعمالات والأقاليم و الجهات لجمع الشتات الذي كانت تعاني منه الجباية الترابية، فإن هذا التنوع في الالتزام الجبائي الترابي قد يخلق نوعا من الشك لدى الملزم، حيث يجد نفسه محاصرا بمجموعة من الرسوم الترابية خاصة وأن بعض الرسوم الجماعية التي عمل القانون الجبائي الترابي على التقليص من عددها لمردوديتها الضعيفة، وبالتالي هذا ما جعل يمعن الملزم الرغبة في التهرب الضريبي لكونه يشعر بثقل الجباية، وعدم عدالتها، إلى جانب انعدام الوعي لديه بأهمية المشاركة في تحمل الأعباء العامة لأجل الصالح العام الترابي.
وتتجسد الفوارق الجبائية بين الجماعات الترابية من خلال استفادة الجماعات الترابية من 11 رسما ترابيا، ولم تستفيد العمالات والأقاليم من هذا الإصلاح حيث مكنها القانون الجبائي المحلي الحالي من ثلاث رسوم كانت تحصلها بموجب القانون الجبائي المحلي السابق.
وتستفيد الجهات من الرسم على رخص الصيد والمناجم والخدمات المقدمة بالموانئ، وبالتالي فالإشكال المثار في هذا السياق هو أن بعض الجهات لا تستفيد من الرسم الأخير لعدم توفرها على وجهة بحرية، بالإضافة إلى النسب الضعيفة لهذه الرسوم، خاصة وأن المغرب دخل غمار الجهوية المتقدمة ويراهن عليها، لذلك لابد من توسيع القاعدة الجبائية للجهات لأنها تشكل الأساس لكل تنمية على هذا المستوى.
وتتجلى الفوارق الجبائية المحلية أيضا ما بين مستوى واحد من الجماعات الترابية، كون القانون الحالي يعطي الأولوية للجماعات “الحضرية” فقط دون “القروية”، ذلك أن أهم الأوعية الجبائية التي استهدفها هذا القانون تتواجد داخل المجال الحضري، إذ أن 85% من الموارد تسيطر عليها الجماعات “الحضرية”، ولعل في هذا تكريسا للوضعية التي كانت توجد عليها الجماعات القروية من حيث اعتمادها على دعم الدولة.
وتشكل هذه الفوارق الجبائية بين الجماعات “الحضرية” و “القروية” بوصفها أحد المشاكل الرئيسية التي تواجه التمويل الترابي، لأن القانون الجبائي الحالي جاء عاما وشاملا لا يراعي خصوصيات الجماعات الترابية بحكم موقعها الجغرافي ومستوى نموها الاقتصادي والحضاري.
ذلك أن الجماعات القروية وإن كانت تستفيد قانونيا من الرسوم المحلية، فإنها عمليا لا تستفيد إلا بالجزء اليسير منها، لأن ضعف الموارد الذاتية في المجال القروي يرجع أساسا إلى افتقارها إلى التجهيزات الأساسية، والقطاعات الاقتصادية التي تمدها بموارد ضريبية، والتي تشكل الوعاء الجبائي الترابي لمختلف الرسوم المنصوص عليها في هذا القانون، وأحد الأسباب التي خلقت اللامساواة الجبائية بين الجماعات.
الفقرة الثالثة: محدودية الواردة على المبادئ التي يقوم عليها القانون رقم 47-06
على الرغم من الشروط القانونية والتقنية المعتمدة في التوجه الإصلاحي، والتي لا يمكن التقليل من فائدتها الإيجابية في تحسين قدرات الجماعات الترابية، إلا أن ذلك لم يمنع من وجود ثغرات ذات طبيعة قانونية وتقنية، وإذا كان التبسيط يشكل أهم أهداف الإصلاح الجبائي المحلي، فإن واقع الحال يعبر عن محدودية هذا الطرح، على اعتبار أن المشرع حصر عدد الرسوم المحلية في 17 رسما حسب القانون رقم 47-06 بمبرر الازدواج الضريبي مع جبايات الدولة أو بمبرر ضعف المردودية.
ففي الجانب الخاص بمبرر ضعف المردودية للجبايات التي طالها الحذف، يمكن استحضار جانب من الرسوم التي كان بالإمكان الإبقاء عليها بل وإدخالها في خانة ما كان يعرف “بالجبايات الاختيارية”[[13] .
وفي الجانب المتعلق بالمبررات المرتبطة بوقف العمل بالرسم المفروض على مؤسسات التعليم الخاص، فإن الخطاب الرسمي ربط ذلك بتبني ميثاق التربية والتكوين والذي راهن على مساهمة للقطاع الخاص في المجال ب 20%، الأمر الذي دفع حسب ذات الخطاب إلى البحث عن الطرق الملائمة لتشجيع التعليم الخاص، إلا أن الصيغة المعتمدة والتي أفضت إلى الإعفاء، أدت الى حرمان الجماعات من موارد مهمة خاصة بالنظر للدور المتزايد لهذا القطاع في مجال التربية والتعليم[[14]] .
أما ما يرتبط بمبدأ التبسيط، فهناك مبدأي الملاءمة والمطابقة اللذان يفيدان في معناهما العام إيجاد نوع من التوازي والمواكبة في مكونات المنظومة الجبائية المحلية وعلاقتها بالنظام الجبائي الوطني وحجم الصلاحيات المخولة للجماعات الترابية، إلا أن هذين المبدأين يطرحان من جهتهما جملة من المعيقات يمكن تناولها على الشكل التالي:
اختلال التوزيع الجبائي على المستوى العمودي: فالدولة تستحوذ على الضرائب الأكثر مردودية (الضريبة على الدخل97%، الضريبة على الشركات97%، الضريبة على القيمة المضافة70%) وتستعملها كأدوات لسياستها الاقتصادية[[15]] ، مقابل مجموعة من الرسوم المحلية تصعب مقارنتها مع ضرائب الدولة، أما على المستوى الأفقي فالمادة الجبائية محتكرة من طرف الجماعات بتوفرها على 11 رسما، بالإضافة إلى 13 رسما محددة بالقانون رقم 39-07[[16]] وهذه الأرقام تكرس استفادة صنف الجماعات من الرسوم الجماعات الترابية وبالتالي فالقانون الجبائي يكرس ظاهرة “التفاوت الجبائي المرجعي” بين أصناف الجماعات الترابية[[17]].
المطابقة وإشكالية سلطة التأسيس والتسعير الجبائي المحلي، نلاحظ أن المجالس التداولية المحلية لا تتمتع بالسلطة الفعلية فيما يتعلق بتأسيس الرسوم المحلية أو تعديلها أو إلغائها فالمقتضيات القانونية تقضي باختصاص القانون في تحديد النظام الضريبي ووعاء الضرائب ومقدارها وطرق تحصيلها، وبالتالي تكرس واقع تطابق السلطة السياسية مع السلطة الجبائية وتجعل البرلمان هو صاحب الاختصاص المرجعي في تحديد الضرائب ومقدارها وطرق تحصيلها بما فيها الضرائب والرسوم المحلية، ثم إن درجة حرية الهيئات المحلية المنتخبة في مجال الجبائي المحلي تتراوح بين المركزية “المقررة” عندما تنفرد السلطة المركزية بسلطة تأسيس الجبايات المحلية، وبين اللامركزية “المؤطرة” وغير الكاملة فيما يتعلق بمنح الهيئات المحلية حق تسعير بعض الجبايات المحلية.
الملائمة والاشكالات المرتبطة بالمساطر الجبائية المحلية: ويمكن هنا إثارة إشكالية سلطة الإبراء أو التخفيف من الزيادات والغرامات و الذعائر، بحيث منح القانون رقم 47-06 للآمر بالصرف للجماعة المحلية المعنية أن يقرر داخل أجل التقادم إمكانية إسقاط الرسوم جميعها أو بعضها إذا تبث أنها زائدة على المبلغ المستحق أو أن الأمر يتعلق برسم فرض مرتين أو فرض بغير موجب صحيح، إلا ان ذات القانون حرم الآمرين بالصرف من سلطة الإبراء أو التخفيف من الزيادات والغرامات و الذعائر وباقي الجزاءات المنصوص عليها في القانون، حيث جعل الاختصاص فيها مقصورا على سلطات الوصاية[[18]].
وهناك كذلك إشكالية تحرير محاضر التفتيش من طرف مفتشي الضرائب عند قيامهم بالزيارات المفاجئة لأماكن العمل والمحلات المخصصة لنشاط تجاري أو صناعي أو المهني، فليس في القانون ما يلزم هؤلاء المفتشين بتحرير محضر إثر كل زيارة، وهذا ما يحد من الشفافية المطلوبة.
وأخيرا تنصب إشكالية الطعن أمام اللجنة الوطنية للنظر في الطعون الضريبية بالنسبة للملزم المحلي، بحيث لم يتح المشرع للملزم إمكانية الطعن أمام اللجنة الوطنية للنظر في الطعون الضريبية، ويعتبر ذلك مسا بمبدأ الملاءمة التي التزمت به الحكومة في إطار الإصلاح العام للنظام الجبائي المحلي، حيث إنه إذا كان للملزم بأداء الضرائب الوطنية أو بالرسوم المحلية إمكانية الطعن أمام اللجنة المحلية، فإنه لا يجوز للملزم المحلي اللجوء إلى اللجنة الوطنية بل يطعن في قرار اللجنة المحلية مباشرة أمام القضاء.
المطلب الثاني: ترسيخ الحكامة المالية الترابية
يعتبر العنصر المالي الأداة التي تمول بها كل المرافق وتنجز بها المشاريع التنموية، وتترجم بها المجالس المنتخبة برامجها السياسية إلى واقع ملموس، فإذا كان التدبير المالي يقوم على مبادئ الحكامة الجيدة، فإن ذلك ينعكس لا محالة، على باقي الميادين، وبالتالي أصبح من الضروري حماية المال العام في اتجاه تحقيق التنمية وخلق الاستثمارات، لذا تعتبر التنمية الترابية من الانشغالات الرئيسية التي أصبح التركيز عليها[[19]] ، والتي احتكرت مجالا كبيرا من السياسات العمومية والمخططات التنموية.
ومن هذا المنطلق نتساءل: إلى أي حد ستساهم الحكامة المالية في تفعيل التنمية المحلية؟
يتطلب الجواب عن هذا السؤال ضرورة التطرق إلى مظاهر تدبير النفقات المحلية، ورصد أهم الاختلالات نتيجة لانفتاح الميزانية الجماعة الترابية على متطلبات الحكامة المالية (الفقرة الأولى)، ثم التطرق إلى التدبير بحسب الأهداف الذي سيغير الأهداف التنموية للجماعات الترابية إلى برامج ومشاريع قابلة للتنفيذ (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: مظاهر تدبير النفقات المحلية
إن تدبير النفقات المحلية يكتسي راهنية وأهمية نظرا لتزايد حجم النفقات المحلية، فقد شكل مبلغ نفقات جماعة الرباط مثلا سنة 2014 حوالي 869 مليون درهم أي بنسبة 10,3% مقارنتا بالنفقات التي بلغت حوالي 962 مليون درهم سنة 2015[[20]] .
كما تظهر راهنية موضوع النفقات المحلية من خلال تنامي الحديث عن ظاهرة تبذير المال المحلي (المشاريع غير المبنية على دراسة واقعية وصادرة من مكتب دراسات مختص) وتزايد الاهتمام بمجال المراقبة المالية للجماعات خصوصا في جانبه القضائي، حيث أكد المجلس الأعلى للحسابات أنه:” يستهدف تقييم الخدمات التي تقدمها المرافق الجماعية بالنظر إلى مبادئ الحكامة وقواعد الكفائة والاقتصاد في تدبير النفقات”[[21]] . فضلا عن ارتباط النفقات المحلية بقواعد المحاسبة المطبقة على الجماعات الترابية، خصوصا وان أغلب قواعدها تقادمت مما أدى إلى تعديلها بموجب المرسوم المتعلق بسن نظام للمحاسبة العمومية للجماعات[[22]] .
من هذا المنطلق يمكن التساؤل حول مظاهر اختلال تدبير نفقات الجماعات الترابية ومدى انعكاسها على جودة تدبير الإنفاق على مستوى المحلي؟
إن تشخيص طبيعة النفقات المحلية ومعرفة واقع تدابيرها يقتضي بداية الأمر تحليل مجالات النفقات المحلية ومدى انعكاس تلك المجالات على مردودية النفقات المحلية، لأن هذه الأخيرة تعد ثان مؤشر لقياس وتقييم النفقات المحلية بعد المؤشر الرئيسي وهو مقارنة نسبة النفقات المحلية مع نسبة نفقات الدولة ومع الناتج الداخلي الإجمالي[[23]] .
فعدم تكافؤ النفقات المحلية والمردودية المحلية يقصد به ذلك اللاتوازن بين حجم النفقات المحلية من جهة ومردودية هذه النفقات من جهة أخرى، فالإنفاق تتبعه المردودية، هذه الأخيرة تمكن من القياس الكمي للنفقات، على المستوى الاقتصادي والاجتماعي أو على مستوى التجهيزات المحلية، أي أن المردودية النفقات تظهر من خلال الإنجازات المحلية على أرض الواقع، وهذا يوافق مؤشر النجاعة والتحليل بالنتائج من خلال محاولة معرفة تأثير النفقات المحلية على الفرد[[24]]، لكن الواقع الفعلي يظهر عدم الكشف عن معطيات رقمية وإحصائيات كمية في هذا الاتجاه.
فهيمنة نفقات التسيير على نفقات التجهيز المحلي يفسرها عدة أسباب أفرزت مجتمعة تزايد ملحوظ لنفقات التسيير وهو ما يؤثر بالضرورة على نفقات التجهيز ويؤدي إلى تراجعها نتيجة لروابط التأثير والتأثر[[25]] وسنعمل على توضيح ذلك عندما نخوض في التحليل المالي لجماعة الرباط، وفي المقابل هناك تواضع نفقات التجهيز على المستوى المحلي المرتبط بالفائض السنوات السابقة على مستوى التسيير، فكلما تمت عقلنة النفقات المحلية وترشيدها إلى المستوى المطلوب إلا وتمكنت الجماعة من تحقيق فائض في نهاية السنة المالية.
هذا الفائض المشار إليه، هو الذي يبرمج ضمن استثمارات تؤدي إلى نفقات التجهيز، اما في حالة تضخم نفقات التسيير فإن ذلك يؤدي إلى ضعف الفائض أو انعدامه وبالتالي انعدام وضعف نفقات التجهيز، كما ان الجماعات الترابية ليست على نفس القدر من الإمكانيات. إن نفقات التجهيز تنصرف إلى تلك النفقات الواردة بالجزء الثاني من الميزانية المتعلق بالتجهيز.
أما تواضع مردودية النفقات المحلية على مستوى التنمية المحلية، خاصة ان نفقات لها ارتباط وثيق بحجم المداخيل المحلية، هذه الأخيرة هي التي تعكس حجم الاستقلال المالي المحلي[[26]] خصوصا المداخيل الذاتية للجماعة، فالمداخيل المحلية تحكم النفقات المحلية التي تعد أساس التنمية المحلية.
لقد عرف دور الجماعة تطورا كبيرا جعلها تنتقل من دور المسير الإداري للمرافق العامة المحلية، إلى وظيفة تشاركية كما سنرى ذلك في القسم الثاني من هذه الاطروحة، كتعبير عن الرغبة في إعادة النظر في الاستراتيجية الاقتصادية المهتمة أساسا بالتوازنات، فالتنمية المحلية هي وسيلة لتعويض الاختيارات الوطنية الكبرى بسياسات محلية أكثر دقة وملائمة[[27]] .
إن عدم تحويل الموارد مالية من الدولة إلى الجماعات الترابية، رغم تحويل عدة اختصاصات كانت في السابق اختصاصا أصيلا للدولة، وهو ما أفرز ازدياد وتنامي حجم الاختصاصات المحلية مقابل استقرار الموارد الذاتية، وهذا ما يزكي الرقابة الإدارية على مالية الممارسة على الجماعة من خلال اللجوء المتزايد للإمدادات والاقتراض[[28]] . فتفعيل الفصل 141 من دستور 2011 الذي كرس تحويل الموارد نتيجة تحويل الاختصاصات، سيؤدي إلى تقليص معاناة العجز المالي وما يترتب عليه من عجز سوسيو-اقتصادي.
أما تواضع مردودية النفقات على مستوى التجهيزات يؤثر على التنمية، فالتدخلات الاقتصادية للجماعة وتشجيع الاستثمارات الخاصة يقتضيان وجود تجهيزات محلية (ولو ان المشرع المغربي لم يفرد تعريفا للتجهيزات المحلية)[[29]] عبر توفير البنية التحتية تسهل عملية التدخل الاقتصادي للجماعات الترابية. ولو ان هذه التجهيزات المحلية تتطلب أغلفة مالية مهمة ودراسات دقيقة وموارد بشرية مؤهلة يستدي توفر أموال قارة تخصص للتجهيز لسد العجز الذي يعرفه مجال التجهيز المحلي ومواكبة لامركزية.
الفقرة الثانية: التدبير بحسب الأهداف في تفعيل الدور الجماعة الترابية
أمام فشل المقاربات التقليدية في تدبير مالية الجماعات الترابية التي نهجها المغرب وما نتج عن ذلك من تراجع دور الجماعات في الاستثمار العمومي، حيث لا تمثل استثمارات الجماعات الترابية في الشؤون الاقتصادية سوى 2,2% و5% في الشؤون الاجتماعية من مجموع نفقات التجهيز[[30]] ، امام هذا الوضع أصبح من الضروري تبني مقاربات جديدة في التدبير المالي لتحسين أداء الجماعات الترابية والرفع من الجودة التي تقدمها[[31]] .
ومن أهم هذه المقاربات التدبير بحسب الأهداف أو النتائج الذي تهدف إلى تحديد مجموعة من الأهداف تلتزم الجماعات بتحقيقها خلال فترة زمنية محددة بعد تقسيمها إلى مجموعة من البرامج والمشاريع الواجب تحقيقها، مع تحديد الكلفة المالية لتنفيذ هذه البرامج والمشاريع[[32]]
إن التدبير بحسب الأهداف سيحول الأدوار التنموية للجماعات الترابية إلى برامج ومشاريع حقيقية قابلة للتنفيذ وذلك من خلال هيكلة الميزانية المحلية حول البرامج والمشاريع عبر البرمجة المتعددة السنوات، والأخذ بعين الاعتبار معيار النوع الاجتماعي في تحديد الأهداف والمؤشرات، واعتماد مبدأ صدقية الميزانية المحلية وأخيرا ترك حرية أكبر للمدبر المحلي لتنمية موارده الذاتية، دون إغفال أسلوب التعاقد في إدارة الشأن المحلي بإشراك الفاعلين الخواص وتعبئة القطاعات العمومية والمجتمع المدني.
فبالنسبة لهيكلة الميزانية حول المشاريع، فالأدوار الجديدة للجماعات الترابية يجب أن تحول إلى مجموعة من المشاريع والعمليات المتناسقة ذات المنفعة العامة، ويهدف ذلك إلى تحقيق فعالية الأداء وترشيد النفقات مع ضمان نجاعة أكبر في نوعية التدخل وفي الأثر الناتج عنه، فالتفعيل الحقيقي لهذه الأدوار لا يكون إلا عبر قنوات مالية تمكنها من رصد اعتمادات مالية كافية لها أو ابتكار بدائل جديدة للتمويل وبالتالي تحسين قدرات الجماعات الترابية في جميع المجالات.
أما ما يتعلق للبرمجة المتعددة السنوات فهي تضمن مبدأين في حكامة التدبير المالي المحلي عبر تحسين الخدمات المقدمة وفعالية التدخل السوسيو اقتصادي، كون هذه البرمجة تفرض علاقة بين توزيع الموارد ومردودية النتائج، فالبرمجة المتعددة السنوات تهدف بالأساس إلى عقلنة تدبير مالية الجماعات الترابية وتحسين تدخلاتها التنموية وفق الاختصاصات الممنوحة لها[[33]] ، كما تمكن من أجراة مشاريع كبرى دون صعوبات كتلك التي كانت تطرح باعتماد مبدأ سنوية الميزانية.
وإذا كان الهدف الأساسي في التدبير بحسب النتائج هو قياس الأثر وتقييم مردودية التدخل، فإن ذلك يستوجب الأخذ بعين الاعتبار معيار النوع الاجتماعي في تحديد الأهداف أثناء إعداد الميزانية المحلية وأثناء وضع المشاريع، فهذا المعيار يساعد على تحقيق تدخلات عمومية فعالة بالنسبة لمختلف المواطنات والمواطنين، وسيمكن من قياس أثر الاعتمادات المرصودة بمدى تحسن أوضاع عيش الساكنة المستهدفة.
على سبيل الختم:
أمام تعدد هذه الإكراهات، حاولنا الوقوف على أهم الإصلاحات التي باشرها المشرع المغربي لتجاوزها، والتي تجلت في مراجعة النظام الجبائي المحلي بموجب القانون رقم 06-47 وذلك من أجل تأهيل مالية الجماعات وتفعيل دورها في التنمية بصفة عامة.
كما أن شدة المراقبة وطول المدة التي تستغرقها شكلت عاملا يعيق الجماعات المحلية، وجعلت المشرع يتدخل من جديد لمراجعة نظام الوصاية وتكريس مراقبة المجالس الجهوية للحسابات بشكل مستقل عن المراقبة الإدارية.
وبالإضافة إلى هذه الإصلاحات، فقد تم إصلاح تبويب الميزانية من خلال إعادة هيكلتها عبر اعتماد تصنيف (اقتصادي- وظيفي) منهجي يتماشى وحجم مسؤوليات الجماعات ويستوعب في نفس الوقت التطورات المستقبلية.
ومن هنا نستخلص، أن هذه الإصلاحات وإن كانت تروم في مظهرها إصلاح التدبير المالي المحلي، إلا أن مضمونها يبقى غير قادر على بلورة إصلاح حقيقي.
ولذلك فإن نجاعة الإصلاحات تبقى رهينة بمستوى تحقيق حكامة مالية جيدة كآلية حديثة تهدف إلى تكريس ثقافة جديدة قوامها الشفافية، وذلك بالتدفق الحر للمعلومات والبيانات وانتشار ثقافة المسؤولية على نطاق واسع، مع إشراك جميع الفاعلين في صيرورة اتخاذ القرار ووضع مخططات استراتيجية واضحة المعالم تتيح تشكيل رؤية واضحة وبرامج مدروسة لكل المجالات.
وعلى العموم، فإن إصلاح التدبير المالي المحلي، يجب أن يتم من خلال تجاوز الإطار الكلاسيكي لهذا التدبير عن طريق اتخاذ بعض مناهج التدبير المتبع في القطاع الخاص.
وفي هذا الإطار يجب تحديث آليات التدبير المالي المحلي من خلال إدخال مقاربات متجددة تكرس منطق النتائج على حساب منطق الوسائل، والتخفيف من مراقبة سلطة الوصاية واعتماد رقابة مرنة متقدمة من خلال دعم رقابة المجالس الجهوية للحسابات، وتأهيل الوسائل المالية للجماعات المحلية بتمكين هذه الأخيرة من بعض الضرائب ذات المردودية الهامة والرفع من حصتها من الضريبة على القيمة المضافة.
[[1]] – عبد الفتاح بلخال، “المشروعية الجبائية والحماية القضائية لها في ظل الدستور المغربي”، أطروحة لنيل الدكتوراه، جامعة الحسن الثاني عين الشق الدار البيضاء، السنة الجامعية 2000-2001، ص: 8.
[[2]] – عرف القانون رقم 89-30 عدة إشكاليات من حيث التطبيق، منها تنازع الاختصاص في ميدان تحصيل الرسوم المستحق للجماعات الترابية وغموض المقتضيات المنظمة لبعض الرسوم الجماعية، خاصة منها الضريبة على الملاهي والضريبة على البناء والضريبة على عمليات تقسيم الأراضي، دون إغفال جهل المنتخبين بإجراءات وتقنيات تطبيق القانون، مما يسهل على الملزمين التهرب الضريبي يراجع المهدي بنمير: “الجماعات المحلية والممارسة المالية بالمغرب”، المطبعة الوراقة، مراكش، 1994، ص: 09.
[[3]] – القانون رقم 47-06 المتعلقة بالجبايات المحلية الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم 1-07-195 صادر في 30 نونبر 2007، الجريدة الرسمية عدد 5583، بتاريخ 3 دجنبر 2007، ص: 3734.
[[4]] – وعلى المستوى القروي، يلاحظ أن القانون حصر تطبيق الرسم على الأراضي الحضرية غير المبنية بالنسبة للمراكز المحددة بالنطاق الترابي للجماعات القروية على تلك التي تتوفر على وثائق التعمير، إضافة إلى عدم تضربيه للمنشاة السياحية والاستثمارات بالجماعات القروية، وكذا الأنشطة الفلاحية المتطورة.
[[5]]- من محاضرة أحمد الحضراني، “الاصلاح الجبائي المحلي الجديد” محاضرة ألقيت على طلبت الماستر بكلية الحقوق بسلا، الموسم الجامعي 2007-2008.
[[6]] – عبد القادر التعلاتي، “الباقي استخلاصه: معضلة مزمنة” محاضرة ألقيت بمناسبة اليوم الدراسي الذي نظمته كلية الحقوق باسطات بتعاون مع الكلية متعددة التخصصات والمدرسة الوطنية للمهندسين وغرفة التجارة والصناعة والخدمات بخريبكة، بتاريخ 10 يونيو 2008.
[[7]]- المناقشة العامة لمشروع القانون رقم 47-06، “مذكرة تقديم عامة لمشروع القانون رقم 47-06″، مجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة نصوص قانونية، العدد 184، 2008، ص: 42.
[[8]] – المناقشة العامة لمشروع القانون رقن 47-06، نفس المرجع اعلاه، ص: 38.
[[9]] – رشيد البودي، “الاستقلال المالي للجماعات المحلية على ضوء الفصل ما بين الامرين بالصرف والمحاسبين العموميين”، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام، جامعة الحسن الثاني، كلية الحقوق الدار البيضاء، السنة الجامعية 2002-2003، ص: 29.
[[10]] – محمد الحوفي، “صعوبات تطبيق القانون الجبائي المحلي الجديد رقم 47-06” بمناسبة اليوم الدراسي الذي نظمته كلية الحقوق باسطات بتعاون مع الكلية المتعددة التخصصات والمدرسة الوطنية للمهندسين وغرفة التجارة والصناعة والخدمات بخريبكة، بتاريخ 10 يونيو 2008.
[[11]] – جميلة الدليمي، “الحكومة تساهم في هدر المال العمومي المحلي”، جريدة العدالة والتنمية، العدد 72، بتاريخ 21 و22 يناير 2008. اورده المحجوب الدربالي، “النظام الجبائي الجديد على ضوء القانون 47-06” مرجع سابق، ص: 30.
[[12]] – نجيب جيري، “اشكالية منظومة الرقابة المالية بالمغرب بين التقنين والتفعيل”، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد مزدوج 105-106، يوليوز-أكتوبر، 2012، ص: 143.
[[13]] – الضرائب التي كانت معنية بالفرض الاختياري في ظل تشريع 23 مارس 1962 الخاص بالأداءات والرسوم البلدية، الاغلاق المتأخر والفتح المبكر لبعض المحلات وأماكن بيع المشروبات الكحولية، والأداء عن استهلاك الماء الصالح للشرب والإنارة العمومية.
[[14] – Maroc en chiffre, Publications du haut-commissariat au plan, 2009, p : 26.
[[15]] – Mohammed SBIHI, « Décentralisation fiscal, l’expérience marocaine » ,In Revue marocaine de l’administration local et développement, n° : 06, 1996, p : 214.
[[16]] – القانون رقم 39-07 الذي يقضي بمواصلة تطبيق احكام القانون رقم 30-89 المتعلق بجبايات الجماعات المحلية، مرجع سابق.
[[17]] – هذا التفاوت الجبائي المرجعي يظهر كذلك على مستوى اخر كون الجماعات القروية لا تستفيد من مجموعة من الرسوم، (رسم السكن، الرسم على الخدمات الجماعية، والرسم على الأراضي الحضرية غير المبنية، إلا ما استثني بنص المادة 2 من القانون رقم 47-06)، أنظر المرجاني عبد الحق، “حدود التمويل الجبائي المحلي للتنمية”، مرجع سابق، ص: 72.
[[18]] – المادة 162 من القانون 47-06 المتعلق بالجبايات المحلية.
[[19]] – Tarik TAZI, « Le nouveau statut constitutionnel des collectivités territoriales », Revue Marocaine d’Administration local et développement, collection thème Actuels, N° : 82. 2013, p : 185.
[[20]] – معطيات مأخوذة من الحساب الإداري لجماعة الرباط سنة 2014 و2015.
[[21] – المجلس الأعلى للحسابات، التقرير السنوي 2007، ص: 318.
[[22]] – مرسوم رقم 2.09.441 صادر في 17 محرم 1431 (3 يناير 2010) بسن نظام للمحاسبة العمومية للجماعات المحلية ومجموعاتها، الجريدة الرسمية عدد 5811، بتاريخ 8 فبراير 2010.
[[23]] – Jacques Blanc, « finances locales comparées, L.G.D.J, systèmes, 2002, p : 17.
أورده مكاوي نصير، “قراءة تحليلية لمظاهر اختلال النفقات المحلية”، مجلة المنارة للدراسات القانونية والإدارية، عدد 02، 2012، ص: 112-113.
[[24]] – Larbi Jaidi, « les indicateurs de performance, un défaut de capacité », in réforme de la fiscalité locale, juin 2007, n° : 31, vol 1, p : 58.
[[25]] – المادة 39 من قانون 45-08 المتعلقة بالتنظيم المالي للجماعات المحلية ومجموعاتها: “نفقات الجماعة تشمل نفقات التسيير ونفقات التجهيز، أما نفقات الدين المحلي فهي تدخل من جهة في نفقات التسيير ضمن المصاريف المالية المتعلقة بإرجاع الدين ومن جهة أخرى في نفقات التجهيز ضمن استهلاك رأسمال الدين المقترض”.
[[26]] – Larbi Jaidi, « les ressources des collectivités locales : une faible autonomie », in réforme de la fiscalité locale, Bulletin de centre marocain de conjoncture, p :17.
[[27]] – مكاوي نصير، “قراءة تحليلية لمظاهر اختلالات تدبير النفقات المحلية”، مرجع سابق، ص: 124.
[[28]] – منير مغيث ونزهة العياشي، “المالية المحلية وإشكالية التنمية المستدامة”، مجلة الخزينة، سنة 2006، عدد 6، ص: 12.
[[29] -Mohamed Bakkali, «les finances communales à l’épreuve des contrôle» , mémoire pour l(obtention du diplôme de formation en gestion administrative, Ecole nationale de l’administration, Rabat, 2011, p : 52.
[[30]] – محمد الغالي والرشدي الحسن، ” الحكامة المالية في ضوء الأدوار الجديدة للجماعات الترابية”، مرجع سابق، ص: 255.
[[31]] – بناء على مبدا التفريع الذي جاء به دستور 2011، حدد اختصاصات ذاتية واختصاصات مشتركة مع الدولة واختصاصات منقولة إليها من طرفها، كما تتوفر الجهات والجماعات الترابية الأخرى، في مجالات اختصاصاتها، وداخل دائرتها الترابية، على سلطة تنظيمية لممارسة صلاحياتها، وقد أصدر القانون التنظيمي رقم 14-113 المتعلق بالجماعات الترابية على التفعيل الواضح للأدوار التي ستقوم بها هذه الوحدات الترابية من مهمة النهوض بالتنمية المستدامة والمندمجة.
[[32]] – محمد خالد المهايني، “الموازنة العامة للدولة في سوريا: الواقع والآفاق”، مجلة جامعة دمشق، المجلد الأول، العدد: 1، 2000، ص: 27.
[[33]] – Fatima ZIDOURI, « la programmation financière pluriannuelle et rationalisation de la gestion financière locale », les finances des collectivités locales dans les Etats du Maghreb, Actes des VIème journées Maghrébines de droit, Marrakech, avril 2011, imprimerie El Maârif Al Jadida, Rabat, p : 133.
اترك تعليقاً