الذكاء الحرفي اللغوي
مما يدخل في الذكاء الحرفي اللغوي أن يراعي المحامي والمحامية كذلك في مرافعته بساطة التعبير، بأن يترافع ببساطة وبلغة لا تختلف عن لغة التخاطب العادية، فتكون واضحة جلية مرتبة مع حركات نادرة تتناسق مع العبارة ، فمن الاستخفاف بالعقول أن يحاول المترافع المبالغة في السجع في دفاعه لأن المرافعة ليست رسالة إنشائية أو أنموذجاً أدبياً إنما هي حديث القلب للقلب ورسالة العقل للعقل لا يجب أن تتقيد بنثر مسجوع أو شعر موزون ، فعلى المترافع أن يبتعد عن التكلف وألا يلجأ إلى التعبير العامي إلا حيث يكون لذلك التعبير طلاوة خاصة ووقع جميل.
حيوية التعبير
كذلك على المحامي مراعاة حيوية التعبير، إذ لا يكفيه أن تكون مرافعته موجزة بسيطة غنية بالحجج والأسانيد بل يجب عليه أن يحيى مرافعته كما يحيى الممثل دوره. على أن حيوية المرافعة ليس معناها رفع الصوت والإكثار من حركات الجسم واليدين والضرب على منصة القضاء والبكاء المفتعل، فحيوية المرافعة إنما يكون في الصوت الذي يرتفع عند الاقتضاء وينخفض عند اللزوم فينقلب همساً بين المحامي والقاضي، ويكون في أن الألفاظ تتسابق أحياناً من شدة التأثر وتتباطأ أحياناً أخرى لتزيد تأثيرها قوة، تكون في طرق التعبير المختلفة باختلاف المواقف، فمن سؤال استنكاري لسؤال يترك الجواب عليه لفطنة القاضي، وتكون في السكوت حيث السكوت أقوى بياناً وأبلغ من الكلام أو في الرد السريع المفحم.
حياة المرافعة
فحياة المرافعة تكون في الحركة المعتدلة تساير اللفظ علواً أو هبوطاً وسرعة أو بطء، وفي طريقة ذكر الوقائع وشرحها والتدليل عليها وفي ترتيب الأدلة وفي تنسيقها، وفي قول ما يجب أن يقال وفي إغفال ما لا فائدة في ذكره.
قوة التدليل
كذلك ينبغي على المترافع مراعاة قوة التدليل في مرافعته، وذلك بالابتعاد عن كل ما لا علاقة له بموضوع القضية، والاقتصار على ذكر الأدلة التي تؤيد وجهة النظر التي يدافع عنها المحامي، وسردها بطريقة تظهر قوتها وتحتم الأخذ بها، إذ تلك هي مهمة المحامي الأولى، فبراعة المحامي لا تعدو إتقانه لطريقة سرد وقائع الموضوع وأسانيده بذكاء ، مع العناية التامة بلغة المحاكم الخاصة .
بقلم الدكتور عبد الكريم بن ابراهيم العريني
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً