بقلم ذ هشام بركة
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
حاصل على شهادة الماستر في تخصص القانون العقاري ملحق قضائي
إذا كانت الملكية الشائعة تعرف انتشارا واسعا فهي ليست الصورة المثلى للملكية العقارية، نظرا لانعكاساتها السلبية على الشركاء والمال الشائع على حد سواء، بحيث تتسبب في تفكيك الروابط الأسرية خاصة الناتجة عن الإرث،
لأنه غالبا ما يثار نزاعات عائلية مالية لا حصر لها، وهو ما يؤدي إلى كثرة دعاوى القسمة العقارية الرائجة أمام القضاء، إضافة إلى ذلك فنظام الشيوع يؤدي إلى غياب المبادرة الفردية التي تعد أساس كل تقدم اقتصادي والسبب في ذلك هو أن المصلحة التي يحققها الشريك على الشياع لكل المال الشائع لا بد أن يستفيد منها الشركاء الآخرون، وهذه النتيجة ينفر منها منطق الأنانية الإنسانية، ويتسبب أيضا في عرقلة تداول الأموال العقارية حيث يلاحظ في غالبية الأحيان بقاء هذه الأموال جامدة وبالتالي بعيدة عن أي تداول، والذي يعتبر إحدى المقومات الأساسية لكل نشاط اقتصادي فإن كان من حق كل شريك مشتاع أن يتصرف في حصته للغير ببيعها أو رهنها له ، فإن المتصرف إليهم قلما يتعاملون مع شريك مشتاع
كل هذه المساوئ جعلت من حالة الشياع حالة استثنائية يمكن لكل شريك أن يطلب إنهاءها والخروج منها متى شاء على اعتبار أنه لا يجبر أحد على البقاء في الشياع
وإذا كان المبدأ هو أنه لا يجبر أحد على البقاء في الشياع، ويسوغ دائما لأي واحد من المالكين أن يطلب القسمة رغم كل شرط مخالف طبقا للفصل 978 من قانون الالتزامات والعقود
فإن هذا المبدأ ترد عليه بعض الاستثناءات يجبر فيها الشريك على البقاء في الشياع، وهذه الاستثناءات ترجع أما لإرادة الأطراف أو وجود نص قانوني أو إلى حكم الواقع
الفقرة الأولى : الموانع الإرادية التي تحول دون إجراء القسمة
من القيود المؤقتة الواردة على طلب القسمة القضائية للعقار، وجود اتفاق الأطراف على البقاء في الشياع مدة معينة، ويجد هذا القيد أساسه في الفصل 27 من مدونة الحقوق العينية والفصل 979 من قانون الالتزامات والعقود ،حيت بقراءة هذه النصوص يتضح أنا الشركاء يجبرون على البقاء في الشياع طيلة المدة التي اتفقوا عليها طبقا لقاعدة “العقد شريعة المتعاقدين”
وإذا وقع الاتفاق بين الشركاء فهم ملزمون به جميعا، ولا يحق لأحد منهم ولا لأحد من خلفائهم طلب القسمة خلال مدة الاتفاق، حيت يخضع الاتفاق في هذه الحالة من حيث انعقاده وصحته للقواعد العامة.على أنه إن كان بين أحد الشركاء ناقص أو عديم الأهلية ، فإن نائبه القانوني هو الذي يعقد الاتفاق باعتبار هذا من أعمال الإدارة المعتادة
وليس من الضروري لأن يكون ما يلزم الشركاء بالبقاء في الشيوع اتفاقا فيما بينهم وحدهم فيصح أن يكون اتفاق بينهم وبين السلف الذي تلقوا منه المال الشائع، كما لو أوصى شخص لشخصين عقارا واشترط عليهم البقاء في الشيوع لمدة معينة فهذا الشرط صحيح ما دام غير مخالف للنظام العام والآداب
الفقرة الثانية :الموانع القانونية
قد يمنع الشركاء من الخروج من الشياع بمقتضى نصوص قانونية، وفي هذه الحالة نكون في حالة الشيوع الإجباري القانوني.
وتتعدد الأسباب التي تدفع بالمشرع إلى التدخل من أجل فرض هذا النوع من الشيوع الإجباري، فقد يكون تدخله هذا استجابة لمتطلبات لها أبعاد اجتماعية أو حتى تاريخية، كما هو الأمر بالنسبة لأراضي الجموع التي تجسد المثال البارز للشيوع الإجباري القانوني الوارد على حق الانتفاع
وتتجسد إجبارية الشيوع في أراضي الجموع من خلال مبدأ عدم القابلية للتفويت أو القسمة النهائية أو غيرها من أشكال التفويت، إذ أن هذا النظام العقاري له خاصية الدوام والاستمرارية، لأن هذه الأراضي وان كانت مملوكة للجماعات السلالية، إلا أن هذه الأخيرة غير محقة في التصرف فيها، وهذا ما يتضح من خلال الفقرة الأولى والثانية من الفصل الرابع من ظهير 1919،وقد جاء في قرار لمحكمة النقض الأراضي الجماعية لا تقبل القسمة البثية والمحكمة التي أثير أمامها وبصفة نظامية أن العقار موضوع القسمة يخص أراضي الجماعات وقضت بقسمتها دون أن تتأكد من هذا الدفع. ومن الوضع القانوني للعقار المطلوبة قسمته رغم إدلاء الطاعن بشهادة إدارية تكون قد خرقت الفصل 334 من ق.م.م. وعرضت قرارها للنقض
ويمكن تفسير الشيوع الإجباري لأراضي الجموع بالرغبة في الحد من الهجرة القروية والحفاظ على الروابط المتينة بين أفراد القبائل المالكة لها
كما نجد المشرع وفي إطار برنامج الإصلاح الزراعي وإعداد الأرض لتصبح أكثر إنتاجية منع كل تصرف في الأراضي المتواجدة بمنطقة الضم الخاضعة لظهير 25يوليوز 1969
كما منع قسمة هذه الأراضي تفاديا لتغيير وضعية العقارات، وهو ما يؤكده قرار صادر عن محكمة النقض “إن منع التفويت المنصوص عليه في ظهير 30/4/1962 المشار إليه ليس منعا مطلقا خلافا لما جاء في الوسيلة الأولى ، وإنما هو مؤقت ينتهي إليه مشروع الضم من تغيير في وضعية العقارات المضمومة…”
وفي إطار المنع القانوني للقسمة، كذلك نجد القانون رقم 25/90 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات يمنع في مادته 39 قسمة العقار إذا كان هذا العقار المراد قسمته خاضعا لرخصة التقسيم المنصوص عليها في المادة 58 من القانون السالف الذكر، وقسمته مرهونة بالحصول على إذن سابق بالتقسيم وهذا الإذن يسلمه رئيس المجلس الجماعي بعد استطلاع رأي الإدارة.
وهكذا يكون مصير طلب القسمة المتعلق بعقار خاضع للتجزئات السكنية عدم القبول، حيت جاء في قرار لمحكمة الاستئناف بالرباط”إذا كان العقار الذي يخضع لقانون التجزئات العقارية، فلا يمكن إجراء قسمة عينية عليه قبل القيام بالإجراءات التي ينص عليها القانون رقم 90/25
الفقرة الثالثة : الموانع الطبيعية والواقعية
بالإضافة إلى الموانع السابقة يمكن لطبيعة العقار الشائع، أو وجود عوامل واقعية تحول دون إجراء القسمة، فقد يحدث في الواقع العملي أن تكون دعوى القسمة المقدمة من طرف أحد المالكين على الشياع محل دفع من طرف أحد الخصوم الذي يمارس دعوى الشفعة بخصوص بعض الحقوق المشاعة والتي تم تفويتها من طرف مالك أخر،وتحت ذريعة أن نصيبه النهائي على الأجزاء الشائعة لم يتحدد إلا بعد انتهاء دعوى الشفعة
ففي هذه الحالة هل يتم إيقاف النظر في دعوى القسمة إلى حين البت في دعوى الشفعة ؟ أم يتعين عدم قبول دعوى الشفعة لكونها سابقة لأوانها؟
وهذا الدفع الذي يجد أساسه في الفصول 49و109و110 كم قانون المسطرة المدنية ظل الاجتهاد القضائي بشأنه موزع بين اتجاهين:
: الاتجاه الأول لقد ذهب المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا)في أحد قراراته بخصوص إشكالية ارتباط دعوى القسمة بدعوى الشفعة إلى وجوب إيقاف البت في دعوى القسمة إلى حين انتهاء دعوى الشفعة حيث ورد في حيثيات هذا القرار
“…إذا كانت حصة طالب القسمة في العقار، موضوع طلب الشفعة من طرف شركائه وطلب هؤلاء من المحكمة أن توقف البت في دعوى القسمة إلى أن يبت في دعوى الشفعة وجب عليها أن تستجيب لهذا الطلب لما بين الدعويين من ارتباط قانوني “
وفي نفس الاتجاه صدر عن قضاء الموضوع قرار جاء فيه ما يلي”…وحيت يتعين إيقاف البث في دعوى القسمة إلى حين البث في دعوى الشفعة لأنه لا يقضى بالقسمة ما دامت ملكية الشيء المشاع موضوع نزاع بسبب الشفعة …”
ب- الاتجاه الثاني: الاتجاه القاضي بعدم قبول دعوى القسمة إلى حين البت في دعوى الشفعة يقصد بالدفوع بعدم القبول تلك الدفوع التي تنصب على حق الدعوى وتهدف إلى إنكار حق الخصم في ممارسة الدعوى، دون التعرض إلى جوهر الحق الذي تستند إليه الدعوى أو إلى إجراءاتها
وفيما يخص الدفع بعدم قبول دعوى القسمة لاقترانها بدعوى الشفعة يلاحظ على مستوى قضاء الموضوع انه أوجد مخرجا لارتباط هذين الدعويين، يتمثل في التصريح بعد قبول دعوى القسمة لكونها سابقة لأوانها، وأنه يجب البث في دعوى الشفعة لأنها تتعلق بالملكية، وأن دعوى القسمة يجب أن تكون خالية من أية منازعة تتعلق بملكية العقار محل القسمة.وهكذا جاء في حيثيات حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بالرباط “وحيت أن طلب القسمة يعتبر سابقا لأوانه نظرا لكون ملكية أحد الشركاء للمال المشاع محل طلب شفعة مما يتعين التصريح بعدم قبوله…”وجاء في حكم أخر “وحيت إن طلب القسمة يعتبر سابقا لأوانه ما دامت هناك منازعة في العقار المطلوبة قسمته لكون ملكية أحد الشركاء موضوع طلب الشفعة مما يتعين التصريح بعد قبوله”
ونرى أن هذا الحل الأخير- وان كانت أغلب محاكم الموضوع تحكم بعدم القبول، نظرا لإمكانية رفع الدعوى من جديد بعد انتهاء النزاع فيما يخص الشفعة- حل غير مبرر قانونا مادام لا يوجد أي نص يقضي بعدم قبول دعوى لارتباطها بدعوى أخرى
لدى من الأفضل ضم الملف المتعلق بدعوى الشفعة بالملف المتعلق بدعوى القسمة لكي يتم البث فيهما معا في إطار ما يسمى بالضم الواقعي أو الفعلي
كما نجد الإشكال المتعلق بقسمة عقار مثقل برهن أو بشرط عدم التفويت والحجز التحفظي
من خلال إطلاعنا على مجموعة من الأحكام والقرارات سواء الصادرة عن محكمة النقض وعن بعض محاكم الموضوع، يلاحظ أنه غالبا ما يحكم بعدم القبول في الحالة التي يكون فيها العقار موضوع القسمة عليه حجز تحفظي أو شرط عدم التفويت
جاء في قرار لمحكمة النقض ما يالي “حيث صح ما نعته الوسيلة ذلك أنه بمقتضى الفصل 87 من ظهير 12 غشت 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري لا يمكن أن يباشر على الرسم العقاري أي تقييد جديد لحق جديد بعد إجراء الحجز على العقار وتقييده بالرسم العقاري خلال مدة وجود الحجز، وإذ يكون بينا من أوراق الملف أن العقار موضوع النزاع محل حجز عقاري تحفظي مقيد بتاريخ 27/06/2000 ملف مدني وحجز تنفيذي مسجل بتاريخ 29/04/2003، لذلك فالمحكمة لما قضت بالإذن للمحافظ بتسجيل الحكم في الصك العقاري عدد …. بالرغم من وجود حجز مضروب عليه تكون قد خرقت الفصل المذكور وعرضت قرارها للنقض”
حالة قسمة العقار المثقل برهن أو حجز
يحول الرهن وكذا الحجز الذي تكون العقارات موضوع القسمة مثقلة به دون إمكانية إجراء قسمته مم يجعل القضاء يصرح بعدم قبول الدعوى في هذه الحالة ما لم تأذن الجهة المستفيدة من الرهن بذلك حيث جاء في حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بالمحمدية “حيث إن مؤدى دعوى المدعية هم الحكم بقسمة الشقة المدعى فيها ذات الرسم العقاري عدد 51/04/26 لرفع حالة الشياع.
وحيث أدلت المدعية بشهادة عقارية مستخرجة من الرسم العقاري المذكور مؤرخة في 13/11/2015 والتي تبين منها أن الشقة المذكورة مثقلة برهن لفائدة بنك القرض العقاري والسياحي مقرون بشروط والتزامات منها عدم التفويت والرهن.
وحيث لم تدخل المدعية المؤسسة البنكية باعتبارها تملك حق الامتياز على العقار موضوع الطلب وهو الرهن الرسمي باعتباره حقا عينيا ويحتفظ برتبته وصلاحياته إلى أن يتم الإدلاء بما يفيد الإبراء من الدين المقيد عملا بمقتضيات المادة 169 من مدونة الحقوق العينية.
وحيث إنه لما كانت القسمة بيعا بالمفهوم الفقهي فإن طلبها مع وجود الرهن وعدم إعراب الجهة المستفيدة من الرهن عن الإذن بالقسمة من عدمه يبقى الطلب غير ذي أساس مما يتعين معه التصريح بعدم قبوله
وحيث إن خاسر الدعوى يتحمل مصاريفه
: خاتمة
من خلال ما سبق يلاحظ أن هناك مجموعة من الحالات يقيد فيها حق الشركاء فى إنهاء الشياع وإن كانت القاعدة العامة هي أنه لا يجبر أحد على البقاء في الشياع، وذلك لأهداف تعود إما لإرادة الأطراف تطبيقا لقاعدة العقد شريعة المتعاقدين، أو تعود لرغبة المشرع في الإبقاء على الشياع الإجباري الذي يمكن تفسيره مثلا بالنسبة للأراضي الجموع بالرغبة في الحد من الهجرة القروية والحفاظ على الروابط المتينة بين أفراد القبائل المالكة لها
كما نجد المشرع وفي إطار برنامج الإصلاح الزراعي وإعداد الأرض لتصبح أكثر إنتاجية منع قسمة هذه الأراضي وتفاديا لتغيير وضعية هذه العقارات منع كل تصرف في الأراضي المتواجدة بمنطقة الضم الخاضعة لظهير 25يوليوز 1969.
لكن وتسهيلا لتعامل القضاء مع هذه الحالات التي تخرج عن القاعدة العامة، نقترح التنصيص صراحة عليها سواء في مدونة الحقوق العينية أو في باقي النصوص الخاصة.
بقلم ذ هشام بركة
حاصل على شهادة الماستر في تخصص القانون العقاري ملحق قضائي
30 أكتوبر، 2019 at 6:48 م
مادا عن قسمة عقار مثقل بحق الرقبة………………؟
22 نوفمبر، 2019 at 12:10 ص
ادا حكمت المحكمة الابتدائية بالمزاد العلني والارض التي حكمتها فيها مدار حضاري فما رايكم فيها