قانون الأحوال الشخصية يعتبر من أفضل القوانين في العالم الإسلامي وأوسعها وأشملها، وفي ساحة القضاء الكويتي أيضا، فهو قانون ينصف الزوجين، إذا وقع تعسف من طرف تجاه طرف آخر.. ولكن ما يحدث اليوم، وفي زمننا بالتحديد، أن هناك من يعتقدون أن قانون الأحوال الشخصية هو مكسب مادي لهم، ولا يعلمون أنه مستمد من الشريعة الإسلامية، ويجب ألا نلقي اللوم عليهم في ذلك، بل على من يستغل هذا القانون بما يتناسب مع مصلحته ولا يخشى الله تعالى، ويأخذ حقوق أخيه المسلم بغير حق، بدافع الانتقام الشخصي، وانتزاع حق من الحقوق التي قد تكون قطعة من النار، فليأخذها أو ليتركها،
وهذا ما اتفق عليه ضيوف «لوبي الكويتية» في الرأي الشرعي، إذ يرون أن طريقة استخدام قانون الأحوال الشخصية من البعض ساعدت بشكل غير مباشر في تفكك الأسر، حيث إن الرجل يفقد قوامته إزاء لي الذراع الذي يلقاه من قبل زوجته، فنجده يتنازل عن قوامته، وهذا أمر مرفوض بالجملة، مشيرين إلى أن على المرأة التي خسرت زوجها كزوج ألا تخسره كأب لأبنائها، فحتما الأبناء سوف يكبرون في يوم ما، ويصعب على الأم تربيتهم، فلذلك هي بحاجة ماسة إلى أب لكي يساعدها في السيطرة على هؤلاء الأبناء.
وأكدوا أن محكمة الأسرة لديها عيب واحد، هو المشرِّع الذي غفل عن الإصلاح، وجعل التقاضي قبل التصالح، ولو كان هناك سد لثغرة التقاضي المباشر في قضايا الأحوال الشخصية، لما رأينا هذا الكم الهائل من التشفي بين الزوجين في قضاياهما، ما فتح الشهية لدى بعض المحامين بالاتجار بتلك القضايا التي تؤثر على الأبناء في الدرجة الأولى.
قالت الاستشارية الأسرية، منى الصقر، إن موضوع قانون الأحوال الشخصية لا جدال عليه، فهو مأخوذ 100 بالمئة من الشريعة الإسلامية، فلذلك لا توجد فيه زيادة أو نقصان، حتى ولو كان قانونا وضعيا، والشريعة الإسلامية هي التي ضمنت حقوق المرأة كاملة، والنزاع في هذا القانون يتوقف في سوء التطبيق من الناس، وكيف يفهم الناس هذا القانون، وأغلب النساء في وقتنا الحالي يعتقدن أن الطريقة الوحيدة لكي تلوي المرأة يد الرجل، هي استخدام هذا القانون أو أخذ أكبر قدر ممكن من المكتسبات عن طريق دخولها قاعات المحاكم وما إلى ذلك، وأنا شخصياً على يقين بأن هذا الطريق خطأ ولا يوجد فيه أي مجال للصحة، ولنضع أنفسنا في الصورة المتعارف عليها، وهي أن القاضي يعادل دائما في موضوع النفقة، بحيث لا يتم إعطاء الراتب بأكمله للمرأة، وأن يكون كلا الطرفين له جزئية معينة من دون أي يتحدى الطرفان بعضهما البعض، وهذه قاعدة يسير عليها كل القضاة، بحيث يكون للزوجة ثلث أو ربع الراتب، وهنا نجد أن بعض النساء يتخوفن من هذا الأمر، بأن الزوج قد يكون مقصرا في حق الأبناء، فتقوم المرأة برفع تلك القضايا لكسب مصاريف الأبناء، وهذا الأمر قد يولد لدى الرجل إحساسا بأن الزوجة بهذا الفعل تريد الانتقام من الرجل، ومن هنا تبدأ شرارة العداء بين الطرفين، وينبغي أن يعي الطرفان أن المعاملة الودية بين الزوجين هي أفضل وسيلة لاستمرار الحياة السعيدة في ظل ظرف الطلاق الناتج بينهما، لأنه بمجرد دخول طرف واحد إلى قاعات المحكمة، فحتما سوف يتبع هذا سيل من القضايا، وأعتقد أنه توجد أمور مهمة أكثر من أن تكسر المرأة الرجل بعد الطلاق، وخصوصا إن كان بينهما أولاد، وأنا دائما أقول لأي امرأة تقدم على هذا العمل أن تفكر في أبنائها وأن تكسب طليقها كأب لأولاها إلى أبعد مدى، بدلا من الوقوف ضده في المحاكم وخسارته كأب حنون لأبنائه، فيجب أن تكون المرأة على يقين بأن الأبناء سوف يكبرون يوما ما، وسوف تتغير معاملتها لهم، بل إن المعاملة سوف تصعب إن وصلوا إلى سن المراهقة، وأغلب الشباب والبنات في سن المراهقة يحتاجون إلى شيء من الحزم في المعاملة لكي لا تقوى شوكتهم على الأم، لذلك نجد من هذا الباب أن الأم تحتاج إلى الأب نفسيا وماديا ومعنويا، فبالنهاية هؤلاء الأبناء سوف يكبرون ويتعلمون ويتزوجون، فالحاجة المادية التي تريد أن تحصل عليها المرأة من طليقها لا تعني شيئا بالنسبة لوجود أب في حياة الأبناء، فالأب هو الضابط والرابط، وهو القادر على السيطرة على أي انحراف ممكن أن يتعرض له الولد أو البنت، فهذا أفضل بمئة مرة من كنوز الدنيا كلها، وبالتالي على المرأة المطلقة ألا تنفرد بمسؤولية الأولاد، وأن تكسب طليقها كأب لأبنائها.
وأضافت الصقر: إن قضايا الأحوال الشخصية هي غاية ولادة، وإذا دخلت فيها المرأة المحكمة فمن الممكن ألا تنتهي، ولا حتى بعد عشرين سنة مادام هناك نزاع وخلاف بين الطرفين، فكل تلك الأمور سوف تتعقد ويتولد الكره والانتقام، وحتما ستعرقل مسيرة حياة الأبناء إن انفردت المرأة في تربية أبنائها، فكلما كانت الأمور هادئة بين الطرفين، فحتما هذا الهدوء والتعاون سوف يخدم الأبناء.
والأمر الأهم من هذا كله أن الأم قد تجهل أنها كسبت الحضانة من الأب وحصلت منه على مبالغ هائلة، ولكن إن كانت الحضانة للبنات، فالبنت حينما ستكبر وتريد الزواج، والدولة لا تزوج البنت أبداً إلا بحضور وليها، وولي البنت هو الأب، فهل سوف تعتقدن يا نساء أن في هذه الحالة الأب سوف يكون متعاونا معكن بعد الانتقام منه طوال حياته في دفع المصاريف وحرمانه من ممارسة حياته؟ حتما ستكون للأب نظرة أخرى، فلذلك من الواجب أن يكون هناك تعاون بين الأب والأم وهذا الأفضل بدلا من اللجوء إلى المحاكم، وبهذه الطريقة حتما سوف يسعى الأب والأم إلى تربية صالحة للأبناء، ويستطيع الزوجان بعد هذا التعاون أن ينعم كل منهما بحياته الشخصية في الزواج أو في ممارسة الحياة الطبيعية من دون اللجوء إلى المحاكم.
قوامة الرجل
من جانبه، قال المحامي دوخي الحصبان: إنني قد بحثت في قانون الأحوال الشخصية قبل فترة من الزمن، ووجدت أن الوضع قد همش بشكل غير مباشر تفكك الأسر، لأن قوامة الرجل تضيع إزاء ما تعلم الزوجة ما لها من حقوق تقوم من خلالها بليّ ذراع الزوج، فنجده هنا يتنازل عن قوامته، إضافة إلى أثر ذلك على الأبناء، وهذا التوجه نحو القانون قد نوقش من قبل متخصصين ومسؤولين ونصحنا وقلنا، ولكن للأسف الوضع بات يغلب عليه الطابع الاجتماعي والنفسي أكثر من القانوني، وباتت اليوم أسرع كلمة تقولها المرأة «إن لم تعجبك حياتي فطلقني»، وبعد الطلاق هناك مغريات، حيث تأخذ هذه المرأة راتبا من وزارة الشؤون، وهذا مع الأسف يعتبر حافزا كبيرا وأمرا مغريا للزوجة بأن تطلب الطلاق من زوجها لو رأت زلة بسيطة منه، وهذا الأمر -إن كان صحيحا- فقد يستغله البعض استغلالا سيئا، فلذلك أنا مع تحصين قوامة الرجل حتى تتماسك الأسر ولا يتشتت الأبناء، وهذا التوجه يعاني منه الجميع، فالقانون لا خلاف عليه وهو صحيح، ولكن المشكلة تقع في النساء اللاتي يستخدمن القانون استخداما سيئا، وهذا ما سبب ارتفاعا ملحوظا في نسبة الطلاق لدينا في الكويت، وأصبح المطلب الأساسي من وراء الطلاق لدى البعض لا يتماشى مع الأصول الفقهية والعلمية، بل أصبح مكسبا ماديا وفرض هيبة، وللأسف لا يعلم كثير أن هذه المسألة تمس تماسك المجتمع الكويتي، فلذلك نحن بحاجة إلى بعض التعديلات لكي توائم بين المراكز القانونية بما لا ينعكس على الأبناء، لأن المنازعة القضائية عبر قانون الأحوال الشخصية قد تطول في المحاكم، وهذه تعتبر إحدى العلل، وللأسف الذي يعانيه الأبناء هو نظر الدعاوى التي تطول أكثر من سنتين، وتنازع الأب والأم أمام أعينهم، وجعلهم أمام معسكرين، وهذا أثره على الأبناء كبير جدا، وارتفاع نسبة القضايا يعتبر مؤشرا، فالذي لا يعرفه البعض أن من حق المرأة في قانون الأحوال الشخصية أن تحصل على نفقة للأبناء، وأن تطلب زيادة كل سنة للأبناء مع نفقة أجرة حضانة الأبناء وطلب خادمة وسائق وسكن، بالإضافة إلى حق المرأة في طلب نفقة العدة والمتعة.
وأضاف: هناك نقطة أحب التنويه عنها، وهي أن هناك من الرجال حينما يرى أن الزوجة خرجت من بيته ولجأت إلى المحاكم طالبة للطلاق، يقوم برفع دعوى طاعة للمرأة، ظناً منه أن بعد دعوة الطاعة سوف يلزم المرأة بالعودة إلى عصمته، وهذا اعتقاد خاطئ ولا صحة له، فدعوى الطاعة الناس تفهمها بشكل خطأ، ولنقس المسألة بصورة من الشرح العام، فإذا الزوج كسب دعوى الطاعة، فعليه أن يذهب إلى التنفيذ، ومأمور التنفيذ يخير الزوجة إن كانت تريد أن تدخل في طاعة الزوج أم لا؟ فإذا رفضت، فلا حق أن ترجع بالإكراه إلى الزوج مع صرف كامل نفقات الزوجة من قبل الزوج طوال فترة الثلاث سنوات التي تطول فيها دعوة الطاعة.
أما بالنسبة للخلع، فنجد أن المرأة تطلب إسقاط بعض حقوقها الشرعية أو تفتدي نفسها برد جزء من المهر مقابل الخلع، ولكن هذا لا يعني أن تتنازل المرأة عن الأبناء، فالتنازل هنا يعتبر بدعة، وكثير من الناس لا يفهمه، وحتى لو تنازلت المرأة عن الأبناء، فهي تستطيع من ثاني يوم أن تبطل هذا الأمر، لأن الحضانة حق للحاضن والمحضون وحق المحضون أرجح وحسب ما يقرر القاضي، وهناك بعض الحالات من النساء تتنازل عن الأبناء في ظل طلب الطلاق فقط، ولا يتم هذا الأمر، وبعد الطلاق تقوم المرأة برفع دعوى حضانة، ونجد أنه يصح الطلاق ويبطل الشرط، لأن التنازل عن الأبناء باطل، وهو ليس على هوى الأب أو الأم، بل هو حسب مصلحة المحضون، وكل تلك القضايا يكون لها تأثير سلبي كبير على الأبناء إن دخل الزوجان أروقة المحاكم.
ثغرة التقاضي
أما د.حمود القشعان، فيرى أن محكمة الأسرة لديها عيب واحد، وهو المشرِّع الذي غفل عن الإصلاح وجعل التقاضي قبل التصالح، ولو كان هناك سد لثغرة التقاضي المباشر في قضايا الأحوال الشخصية، لما رأينا هذا الكم الهائل من التشفي بين الزوجين في قضاياهما، وهناك مع الأسف بعض وليس كل المحامين ممن يستغل الحالة الانفعالية لدى أحد الزوجين لاستثارته نحو الطرف الآخر، ولابد أن يكون التقاضي عن طريق محامين تحددهم وزارة العدل، وليس عن طريق القطاع التجاري، وهو مكاتب المحاماة، وأتمنى أن تكون الأسرة بعيدة كل البعد عن الثغرات القانونية، والهدف التشريعي المباشر لمحكمة الأسرة أن نصلح الحالة وليس أن نتشكى من بعضنا البعض، فالحياة الأسرية هي حياة مودة ورحمة وليست حياة جدال وخصام، فتجد كلا الطرفين يدفع الآلاف للمحامين لرفع النفقة خمسين أو عشرين دينارا، ولو لجأ الطرفان للصلح لوفرا كل تلك الأمور بالمحكمة وانتهى الأمر ،«فالقانون كما يقول الخبراء مثل الدابة يعرفها من يستطيع الركوب عليها».
وأوضح القشعان: لدي دراسة علمية نشرتها في جامعة فلوريدا، تقول إن صراع الآباء قبل وبعد الطلاق أعظم أثرا من الطلاق بحد ذاته، والتخاصم والتقاضي بين الزوجين مثل السرطان المميت بالبطء، فأولا يعطي نظرة سلبية عن الزواج، وثانيا يعطي نظرة سلبية عن الجنس الآخر، وثالثاً يعطي نظرة سلبية عن أحد الوالدين، حيث يلوم الأبناء الأم لعدم صبرها، ويلومون الأب قائلين: إن كنت فعلا تحبنا، فلماذا طلقت أمنا؟ ولماذا قمت برفع دعوى؟ وهذه كلها عناصر لها آثار سلبية على الأبناء، والأهم من هذا أن لدينا عزوفا عن الزواج لدى أبناء المطلقين بدرجة أكبر، وخصوصا لدى الذكور، وبالمقابل لدينا رغبة بالطلاق بعد زواج أبناء المطلقين، بحجة أن الوالدين مرا بهذه التجربة، فإذا كانا عاشا فحتما نحن نستطيع أن نعيش مثلهما، وهذه المشكلة لها تأثير على الدولة وترهقها أكثر من القضايا الجنائية، لأنها تستهلك طاقات أعضاء الهيئة المحكمة بدرجة كبيرة، لأن قضايا الأحوال الشخصية لا تُحل ولا تنجز بجلسة أو جلستين، وقد تمتد لسنتين أو ثلاث أو أكثر، وقضايا الاستئناف والاستشكال في الحكم بالدرجة الأولى أكثر حتى من القضايا التجارية والجنائية.
جوانب القصور
من ناحيته، قال د.محمد الشطي: إن قانون الأحوال الشخصية من أفضل القوانين في العالمين العربي والإسلامي، لأنه مستمد من الكتاب والسنة، ولا يعني أن ما تأخذه المرأة عبر المحاكم عن طريق القانون يعتبر ظلما للرجل، بل قد تكون المرأة مهضومة الحق وتستحق تلك النفقات، علما بأن الحكم الصادر بالمحاكم يشارك فيه ثلاثة قضاة معتبرين، لهم الكفاءة والدراية والعلم، ولكن القصور قد يرجع إلى عدم مراجعة جوانب القصور بالقانون بين فترة وأخرى، ونحن لسنا ضد حق المرأة في نفقتها وحقوقها التي أوجبها الله لها، ولكن ألا تكون هناك مبالغة في النفقات الزائدة، حتى لا تتجرأ المرأة وتشعر باستغنائها عن الزوج، وتطلب الطلاق لتظفر بالنفقات المقررة لها بقانون الأحوال الشخصية الكويتي، كما يمكن أن تأخذ المرأة أكثر من نفقتها المقررة نظرا لما يتم إملاؤه على القضاة، فتظن بالمبالغة في العرض أن لها الحق في النفقة المقررة بالشريعة الإسلامية، فيقضي لها القاضي بما ليس لها، وتبقى كيفية الحكم واجتهادات القضاة في قضايا المرأة وأحقيتها من النفقات ومن عدمها، ولا أعتقد أن المرأة تستغل قانون الأحوال الشخصية لابتزاز الرجل، فقضاؤنا يُشهد له بالعدل والإنصاف، ولن تنال المرأة إلا حقها، وما فرضه الإسلام من حقوق يضمن لها العيش الكريم، ولا يمنع الإسلام النظر في قانون الأحوال الشخصية بما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية، وبما يحقق العدالة والإنصاف لكلا الطرفين.
ونأخذ مثالا في حضانة المرأة في المذاهب الأربعة، وقد أخذ القانون الكويتي بمذهب المالكية: «فحضانة الطفل تكون للأبوين إذا كان النكاح قائماً بينهما، فإن افترقا بموت الأب أو الطلاق، فالحضانة لأم الطفل اتفاقاً، لما رواه أحمد وأبوداود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن امرأة قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله إن ابني هذا كان بطني له وعاء، وثديي له سقاء، وحجري له حواء، وإن أباه طلقني وأراد أن ينتزعه مني، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: أنت أحق به ما لم تنكحي».
فإن امتنعت الأم من الحضانة، أو تزوجت، أو ماتت، انتقل الحق إلى غيرها. وقد اختلف الفقهاء في ترتيب مستحقي الحضانة بعد الأم، إلا أنه في الجملة تقدم النساء على الرجال، لأنهن أشفق وأرفق، وأهدى إلى تربية الصغار.
وأجمع جمهور العلماء على أن المقدم في الحضانة بعد الأم: أم الأم. أما بالنسبة للنساء اللاتي يتعسفن في استعمال هذا القانون، فنصائحنا لهن أن يأخذن حقوقهن التي كفلها الإسلام للمرأة في حال طلاقها، ولا يطمعن في أخذ ما ليس لهن، وأن يبتعدن عن أساليب التحايل أو المخادعة عن طريق مكاتب المحاماة لأخذ حق لم يقرره الإسلام، وأن يأخذن من الزوج بحسب مقتضى حاله وراتبه، كما ورد في صحيح مسلم: «فلعل بعضهم أن يكون أبلغ من بعض فأحسب أنه صادق فأقضي له، فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار فليحملها أو يذرها».
الإضرار بالزوجة
بدورها، قالت د.إقبال المطوع: هناك نقطة مهمة هي أن قانون الأحوال الشخصية الكويتي مواده مأخوذة فعلا من الشريعة الإسلامية، وبالتالي يستحيل أن يكون هناك ظلم للزوج وبخس لحقه أمام زوجته أو مطلقته، فالكل أمام المواد سواسية، ونحن لا نشكك بنزاهة أي قاض في الحكم للزوجة، فهو يحكم وفق ما يراه من أوراق ومستندات قدمتها إذا كان الضرر وقع عليها لعدم الإنفاق أو لغيره من الأضرار التي قد تظلم فيها من قبل زوجها. وأحياناً تكون المرأة فريسة تعسف وظلم زوج إلى حد لا يمكن تصوره، فمن القضايا التي مرّت علي ولا يمكن أن أنساها، أنه لما طلب الزوج من زوجته تسجيل البيت باسمه وبالمقابل البنك يخصم من مرتبيهما شهرياً معاً، قام الزوج بعدها بإجبارها على الخلع وأن تتنازل عن أبنائها وبيتها وتخرج بحقيبتها فقط، والقضايا كثيرة في الإضرار بالزوجة من قبل ذلك الرجل الذي يريد أن ينهي علاقته الزوجية بما لا يرضي الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، خلافا للخلع المفترض تطبيقه حقيقة وحكماً، إذ إن المرأة تتنازل عن مهرها فقط، ولا حق للزوج بغير ذلك، ولكن المعمول به الآن يخالف هذا الحكم.. أليس في ذلك ظلم للمرأة؟
وبالنسبة لفكرة تغيير قانون الأحوال الشخصية، فيفترض تغيير بعض المواد التي فيها تعسف من قبل الرجل، كموضوع الخلع الذي ذكرته، وبعض المواد تحتاج إلى إعادة نظر وصياغة فقط، أما القانون الكويتي فلا يحتاج إلى تغيير.
وتابعت المطوع: أما بالنسبة للوضع الاجتماعي العام لكلا الزوجين، فإن الله سبحانه وتعالى قال «فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان»، فإن الزوجين أقبلا على مشاكل وهذه المشاكل ضربت الترابط الأسري في الحياة الزوجية، فلا يوجد مانع أن يفترقا بإحسان، وخصوصا إن كان بينهما أولاد، ويجب ألا ينسى الزوجان الفضل بينهما، فعلى الزوجة أن تتذكر أن هذا الرجل كان في يوم من الأيام زوجها والآن هو أبو أبنائها، فحتما عليها احترامه وصون سمعته وعدم إيذائه أو إنقاص حقه المادي، لأنه حتما يريد أن يفتح هو أيضا بيتا آخر ويؤسس أسرة أخرى، وهذا من حق أي زوج إذا تعسرت عليه الحياة وضاقت، كما للزوجة حق في العيش مع زوج آخر قد تهنأ معه وتنسى ماضيا كان بالنسبة لها سيئا، وبالإضافة إلى أن يحافظا على أبنائهما حتى يسعدوا في حياتهم ولا تكون عندهم ذكريات يصعب نسيانها مع الزمان، فالمحافظة على مشاعر الأبناء واجبة في زمن أصبحوا فيه بحاجة الآباء أكثر مما يتوقعونه.
أما بالنسبة لمن يعترض على القانون، فهو لم يغفل عن هذا الأمر، بل وضع حداً للمصاريف التي تدفع للحضانة، وهذه مسألة يقدرها القاضي على حسب راتب الأب في ما له وما عليه، وحتما أن القاضي يقدر ظروف كل زوج، وبالمقابل لا مانع من مشاركة الأم في شيء بسيط من راتبها للنفقة على الأبناء، فهم بالنهاية فلذات كبدها.
من جهته، أشار المواطن جراح إلى أن قانون الأحوال الشخصية لا اختلاف عليه، وهو صحيح ومأخوذ من الشريعة الإسلامية، ولكن كيف نتعامل مع النساء اللاتي لديهن ضعف في الوازع الديني ويسئن في استخدام هذا القانون؟ فوالله هناك رجال فكروا في الهجرة الأبدية والسفر إلى الخارج لكي يبحثوا عن منفذ للهروب من تنفيذ القانون، فالرجل بالنهاية إنسان وله حقوق، ومن حقه الزواج من امرأة ثانية، وهناك مع الأسف كثير من النساء يهددن الرجال إن فكروا في الزواج من امرأة أخرى حتى ولو طلقها، فهل هذا عدل من النساء؟ ولماذا لا يكون هناك بعض التدخلات من قبل الاستشاريين النفسيين والاجتماعيين في حل هذه المسألة لعودة الطرفين إلى رشدهما وترك النزاعات القائمة بحدة وعنف بينهما؟، والأهم أن هناك نساء يستغللن حضانة الأبناء في تحريضهم على آبائهم، ويزرعن الكره في قلوب الأبناء تجاه الأب، وهذا أمر حرام شرعاً ولا يجوز، فمهما بلغ الخلاف بينكما، فيجب ألا تزرع الأم الكره في قلوب الأبناء لأبيهم، فأنت أم والأم مدرسة.
وعلقت المواطنة وفاء، قائلة: بصراحة، قانون الأحوال الشخصية يعتبر تهذيبا وتأديبا لطغيان بعض الرجال، فاليوم في مجتمعنا كثير من الرجال يبحثون عن المرأة التي تملك راتبا عاليا للاستفادة منه بالصرف على أبنائها، ولا يعتبر أن المرأة كيان وتشكل دورا مهما في حياة الأبناء وهو الأمومة، ومع الأسف حينما يختار الزوجة صاحبة الراتب العالي ويهمش الأخلاق أو السلوك، وحينما يقع الفأس في الرأس ويقع الخلاف، نجدهما يختلفان وتقوم تلك المرأة بمقاضاة هذا الرجل، ويرى هذا الرجل أن تلك المرأة ظالمة، لديها راتب وتريد منه أن يدفع نفقة لأبنائه، فإن كانت هذه وجهة نظر الرجل، فحتما هذا أمر مردود عليه، وتستطيع المرأة أن تقول إن هذا شرع الله، ولا نستطيع تبديله مثل ما يقول الرجل الزواج بالزوجة الثانية هو شرع الله ولا نستطيع تبديله، فلذلك أنا أقول يا رجال إن أنفقت على أبنائك تحت طائلة القانون، فأنت وقفت مع القانون، ولم تخالف شرع الله، وتكون بهذه الصورة رجلا مع القانون وليس ضده، ولكن يؤسفني أن أجد رجلا يبحث عن منفذ لكي يهرب من القانون.
الكاتب: عبدالله الصوله
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً