من المعلوم أن عقد العمل يفتقر الى التكافؤ بين طرفيه، فالعامل هو الطرف الضعيف في العقد مهما كانت وظيفته، ولذلك حرصت التشريعات العمالية على حمايته قدر المستطاع من بطش بعض ارباب الاعمال، ويمثل قانون العمل الحد الادنى لحقوق العمال في نصوص آمرة يتعين الالتزام بها. واذا تضمنت اللوائح الداخلية لجهة العمل مزايا افضل للعامل، فهي واجبة التطبيق، ومن بين الضمانات التي وضعها المشرع في قانون العمل لحمايته النص في المادة 144 من قانون العمل في القطاع الاهلي بأن تنظر الدعاوى العمالية على وجه الاستعجال، وكذلك ما ورد في المادة 146 من ذات القانون من حث ادارة العمل المختصة بإحالة الشكوى المقدمة من العامل الى المحكمة اذا لم توفق الادارة في تسوية النزاع ودياً خلال شهر من تاريخ تقديم الطلب، كما ان المادة 147 نصت على انه يجب على ادارة كتاب المحكمة ان تقوم في خلال ثلاثة ايام من تاريخ استلام الطلب بتحديد جلسة لنظر الدعوى ويعلن بها طرفا النزاع.
ولا يغيب عن البال بأن اطالة امد التقاضي هو من اشد انواع الضرر الذي يقع على العامل لمحدودية دخله واعتماده على مرتبه، وحقوقه لدى صاحب العمل، وان كان المشرع كما سبق البيان قد نص على وجوب سرعة الفصل في الدعاوى العمالية في العديد من النصوص في قانون العمل في القطاع الاهلي الا ان الواقع العملي يشير الى البطء في اجراءات التقاضي والتأخير لمدد طويلة حتى يحصل العامل على مستحقاته، لذلك نرى انه يجب تعديل بعض نصوص قانون العمل كي تتضمن الزام الجهات المختصة التي تتناوب نظر الدعوى العمالية، واخصها ادارة العمل في الهيئة العامة للقوى العاملة والمحاكم وادارة الخبراء سرعة الفصل في الانزعة العمالية، كما اننا نرى وجوب النظر في الغاء المادة 146 التي تلزم العامل بالتقدم بشكواه الى ادارة العمل المختصة قبل رفع دعواه امام المحكمة او جعل سلوك هذا الطريق اختيارياً، لا سيما ان الواقع العملي يؤكد دائماً عدم الوصول الى حل ودي بين طرفي النزاع، بل ان معظم ارباب الاعمال يحجمون عن الحضور امام مكاتب العمل وفي النهاية يضطر المحقق الى احالة النزاع الى المحكمة المختصة، بعد ان يستغرق نظر الشكوى عدة اشهر دون داع.
ونظراً إلى التوسع في النشاط التجاري وما ينتج عنه من زيادة في المنازعات العمالية فإنه يجب النظر في زيادة عدد الدوائر العمالية بالمحكمة الكلية والحث على سرعة الفصل في هذه القضايا وعدم إحالة جميع الدعاوى إلى إدارة الخبراء، خصوصاً القضايا التي يمكن للمحكمة الفصل فيها لبساطتها ووضوحها، ولا شك أن من أهم المراحل هي مرحلة التنفيذ وتحصيل قيمة الحكم، حيث إن هذا هو الهدف أو المطلب الرئيسي، فلذلك يجب ألا يغفل أي تعديل تشريعي هذا الجانب، بحيث يكون تنفيذ أحكام الدعاوى العمالية لها الأولوية والعمل بقدر الإمكان على تبسيط إجراءات التنفيذ.
وأخيراً وليس آخراً يجب إبلاغ وزارة التجارة والصناعة والهيئة العامة للقوى العاملة بأسماء الشركات الصادر ضدها أحكام من الدوائر العمالية وتتقاعس أو تماطل في تنفيذها اضراراً بالعامل، حيث يتعين وقف التعامل مؤقتاً أو عدم تجديد تراخيص هذه الشركات لحين تنفيذ الأحكام الصادرة ضدها وسداد الحقوق العمالية لأصحابها.
عبدالرزاق عبدالله
اعادة نشر بواسة محاماة نت .
اترك تعليقاً