شركة الشخص الواحد ودورها في نمو الاقتصاد الإماراتي
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
محمد إبراهيم أبوشعبان*
منذ تم تشريع وإقرار القانون الاتحادي الجديد رقم 2 لسنة 2015 بشأن الشركات التجارية، والذي أصدره صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، العام الماضي، تلمسنا في طياته العديد من المواد القانونية الجديدة والمواكبة للتطورات التجارية سواء المحلية أو العالمية.
القانون الجديد والذي دخل حيز التطبيق في نهاية شهر يونيو/حزيران من العام الماضي مع إعطاء فرصة للشركات على اختلاف أشكالها بتوفيق أوضاعها بما يتفق مع أحكامه قبل نهاية يوليو/تموز 2016 سن وطبق بعد دراسات مستفيضة واستشارات عميقة على المستويين المحلي والدولي، من أجل الوصول إلى أفضل الممارسات والأدوات الاستثمارية وإلى أحدث التشريعات القانونية المتعلقة بالشركات. فقد استطاع القانون الجديد أن يلبي متطلبات وتطلعات المستثمرين سواء كانوا اعتباريين أو طبيعيين.
حيث احتوى هذا القانون الجديد على مواد قانونية في غاية الأهمية، ومن تلك المواد القانونية التي ذكرت في هذا القانون هو استحداث شكل جديد من الشركات وهي شركة الشخص الواحد ووضع آلية لتأسيسها. حيث أجاز القانون الجديد للشخص الواحد المواطن بتأسيس شركة مملوكة بالكامل له دون الحاجة إلى أي شريك آخر، بينما لم يجز أو ينظم القانون السابق هذا الشكل من الشركات. وعليه فإن شركة الشخص الواحد تعتبر نمطاً جديداً من الشركات سنذكر أهم أهدافها ومميزاتها لاحقاً.
إن استحداث مثل هذا الشكل من الشركات يعتبر خطوة وعنصراً أساسياً في تسهيل مزاولة الأعمال لمواطني الدولة من رواد الأعمال والمستثمرين، وبمثابة دفعة لرفع عدد الشركات المواطنة لتساهم في الاقتصاد الوطني، ويعد نقلة نوعية في التشريعات على مستوى المنطقة. ومن الجدير بالذكر هنا أن مثل هذا الشكل من الشركات مقصور فقط على المواطن سواء كان شخصاً اعتبارياً أو طبيعياً. والسؤال المطروح، ما هي شركة الشخص الواحد؟ وما هي أهدافها ومميزاتها؟
شركة الشخص الواحد هي شكل من أشكال ملكية المشروعات الاقتصادية التي تضمنها قانون الشركات التجارية الجديد. حيث عرفها القانون على أنها شركة مملوكة لشخص واحد مواطن سواء كان اعتبارياً أو طبيعياً لتأسيس وتملك شركة مساهمة خاصة أو ذات مسؤولية محدودة بالكامل لممارسة نشاط اقتصادي يستهدف تحقيق الربح، ولا يسأل مالك الشركة عن التزاماتها، إلا بمقدار رأس المال الوارد بنظام تأسيسها، وتسري عليه أحكام الشكل القانوني الواردة في هذا القانون، فيما لا يتعارض مع طبيعتها.
وبالرغم من أن شركة الشخص الواحد شركة مملوكة من شخص واحد فقط، إلا أنها تختلف عن المؤسسة الفردية في بعض الأحكام وأهمها أن شركة الشخص الواحد تكون مسؤوليتها محدودة بمقدار حصة الشريك الوحيد، بينما المؤسسة الفردية يكون المالك مسؤولاً مسؤولية غير محدودة وتشمل أمواله الشخصية. وهذا يعتبر من أهم مميزات هذا الشكل من الشركات والتي سنفصلها لاحقاً.
أما من حيث تصفية أو إنهاء هذا الشكل من الشركات، فقد ذكر القانون الجديد عدة حالات، مثل إذا أقدم المالك على تصفيتها أو تم أخذ القرار بوقف نشاطها أو بانتهاء مدتها أو تحقيق الغرض الوارد بنظام تأسيسها. أيضاً تنحل هذه الشركة بوفاة مؤسسها إذا كان المالك شخصاً طبيعياً، إلا إذا رغب الورثة في استمرارها مع توفيق وضعها وفقاً لأحكام هذا القانون، ويجب عليهم اختيار من يتولى إدارة الشركة نيابة عنهم، بينما تنحل الشركة بانقضاء الشخصية الاعتبارية إذا كان المالك شخصاً اعتبارياً، ولكن يجب الإشارة هنا أنه إذا أقدم مالك شركة الشخص الواحد على تصفيتها بسوء نية، أو وقف نشاطها قبل انتهاء مدتها أو قبل تحقيق الغرض الوارد بعقد تأسيسها كان مسؤولاً عن التزاماتها من أمواله الخاصة.
فيما يتعلق بالأهداف المرجوة من هذا الشكل من الشركات، فإنه من الأولى أولاً أن نذكر الهدف الرئيسي من هذا القانون، والذي تعلق منها بتنظيم قواعد الحوكمة وحماية حقوق المساهمين والشركاء، ودعم تدفق الاستثمار الأجنبي وتعزيز المسؤولية المجتمعية للشركات.
أما فيما يتعلق بأهداف شركة الفرد الواحد فهي متنوعة وفي غاية الأهمية للحركة الاقتصادية، حيث تهدف إلى تشجيع المستثمرين الذين يرغبون في تأسيس شركة بأنفسهم دون الدخول في شركات مع الآخرين. فعلى سبيل المثال، قد لا يجد المستثمر شريكاً آخر يستوعب الفكرة التجارية التي لديه، فلماذا نحرم هذا المستثمر من القيام بمشروع تجاري قد يكلل له بنجاح باهر يكون رافداً للاقتصاد الوطني؟
بلا شك فإن هذا الشكل من الشركات يدعم المستثمرين في أخذ الفرصة التجارية في قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة، والذي يعتبر داعماً مهماً وأساسياً للاقتصاد، ويسهم في دعم سياسة التنويع الاقتصادي، وتسريع خطوات الدولة نحو التحول إلى اقتصاد المعرفة المستند إلى الإبداع والابتكار.
أيضاً تهدف إلى تسهيل آلية مزاولة الأعمال أمام المواطنين وإعطائهم فرصة لرفع قدراتهم التجارية وصقل مهاراتهم الاستثمارية وتبني الأفكار وترجمتها إلى فرص تجارية، وهذا سيؤدي تلقائياً إلي زيادة مستوى التطور في القطاعات الحيوية، وتعزز من مستوى ثقة المستثمرين ورجال الأعمال المحليين على مختلف الصعد.
بالإضافة إلى ما ذكر أعلاه، فإن هذا الشكل من الشركات سيهدف إلى إعطاء الشركات والكيانات المواطنة الكبيرة مثل البنوك وشركات الاتصالات فرصة للاستفادة من هذا الشكل من الشركات، حيث أصبحت اليوم قادرة على تأسيس شركة تابعة ومملوكة بالكامل لها لممارسة نشاط تجاري منفصل عن الشركة الأم دون الحاجة إلى شريك آخر ودون تحمل مسؤولية إضافية عن رأسمال شركة الفرد الواحد.
أما فيما يتعلق بخصائص شركة الشخص الواحد، فإن أهم خاصية هي المسؤولية المحدودة للمالك، وتعني المسؤولية المحدودة هي أن المالك مسؤول فقط في حدود مقدار حصته في رأسمال الشركة. بمعنى آخر تكون مسؤولية المالك محددة في مواجهة الغير بمقدار رأس المال المسجل في نظام التأسيس والمسجل لدى الجهات المعنية، وتكون الشركة بكامل موجوداتها مسؤولة عن أي التزامات للغير. فهذا الشكل من الشركات يحمي بقية أموال المالك ويجعلها في مأمن في حالة لحقت الشركة أي خسائر.
أيضاً فإن من مميزات هذا الشكل من الشركات سهولة اتخاذ القرارات داخل الشركة، حيث إن المالك في شركة الشخص الواحد تكون لديه جميع الصلاحيات والسلطات كونه الشريك الوحيد، ولا يكون مقيداً بأخذ موافقة أحد. فعلى سبيل المثال فإن المالك لديه السهولة الكافية لتحويل صفتها أو اندماجها مع غيرها دون أن يبذل الكثير من الوقت والجهد لإقناع الشركاء الآخرين، وهذا بالتالي يسرع وتيرة النمو الاقتصادي. أيضاً يمنح هذا الشكل من الشركات المالك الاستقلالية الكاملة في الإدارة والرقابة وإصدار القرارات بسهولة وسرعة، وهذا يؤدي إلى تحقيق الأرباح والفائدة لمالك الشركة.
فبعد سرد أهداف ومميزات هذا الشكل من الشركات، فإننا نرى أن شركة الفرد الواحد ستساهم في تطوير بيئة الأعمال وتزيد من المكانة الاقتصادية لدولة الإمارات، وذلك من خلال تقديم عدة خيارات للمستثمرين باختيار شكل الشركة التي تناسب أهدافهم التجارية والاستثمارية، وهذا من شأنه تعزيز دور الشركات التجارية التي تحتل موقعاً حيوياً وأساسياً في استراتيجية التنمية التي تشهدها الإمارات، ومساندة سياسة التنويع الاقتصادي التي تتبعها.
نرى أيضاً أن المشرّع حين حدد هذا الشكل من الشركات أراد أن يضم الفئة الفنية والجيل الجديد من رواد الأعمال والمستثمرين المواطنين ليكونوا أصحاب أعمال تجارية ناجحة وإعطاءهم الفرصة لعمل ذلك من خلال خلق إطار قانوني ومنظومة تشريعية قادرة على تبني هذه الفئة ببساطة ودون أي عوائق. حيث إنها تعتبر من أكثر الوسائل ملاءمة لتشجيع الصناعات الصغيرة والمتوسطة والتي تعتبر الرافد الأساسي للاقتصاد.
في النهاية، فإن هذا الشكل من الشركات فرصة ذهبية جاء بها المشرع لتمكين جميع رواد الأعمال المواطنين من تأسيس وتملك شركة بسهولة ويسر، وذلك من أجل تبني إبداعاتهم الاستثمارية وأفكارهم التجارية. فعليهم أخذ هذه الفرصة التي جاء بها هذا القانون وترجمة أفكارهم إلى فرص استثمارية قد تشكل مستقبلاً كياناً اقتصادياً عملاقاً.
1 فبراير، 2019 at 7:18 م
رائع احلا محامى ربنا يوفقك كمان