تعد دولة الكويت من أولى الدول العربية التى تنبهت إلى خطورة الجرائم التى ترتكب على مواقع التواصل الاجتماعى ، فصدر (القانون رقم 63 لسنة 2015 فى شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات) ونشر بالعدد رقم 1244 من الجريدة الرسمية (الكويت اليوم) ونظرا لأهمية هذا القانون، الذى ربما لم يطلع عليه الكثيرون، وتأكيدا لدور الأهرام التنويرى والثقافى على مستوى الوطن العربى، رأينا تخصيص هذا المقال لإلقاء الضوء على واحد من أهم وأخطر التشريعات العربية التى يمكن أن يحتذى بها فى اي دولة عربية اخرى.
يقع القانون فى 21 مادة يضمها فصلان : أولاهما خصصه المشروع الكويتى للتعريفات المتعلقة بجرائم الانترنت مثل نظام المعالجة الالكترونية للبيانات، والمستندات أو السجل الالكترونى، ووسيلة تقنية المعلومات، والدخول غير المشروع، والموقع الالكترونى، وغيرها من المصطلحات المتعلقة بموضوع القانون ثم تضمن الفصل الثانى الجرائم والعقوبات، فنصت المادة الثانية على أن يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن خمسمائة دينار ولا تجاوز الفى دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من ارتكب دخولا غير مشروع الى جهاز حاسب آلى أو الى نظامه أو الى نظام معالجة الكترونية للبيانات.. الخ. وأكد المشروع فى هذه المادة انه اذا ترتب على هذا الدخول إلغاء أو حذف أو اتلاف أو تدمير أو إفشاء أو تغيير أو إعادة نشر بيانات أو معلومات فتكون العقوبة الحبس مدة لا تجاوز سنتين والغرامة التى لا تقل عن ألفى دينار ولا تجاوز خمسة آلاف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين.
ثم تحدث المشرع الكويتى عن خمس حالات تضمنتها المادة الثالثة، ونص على معاقبة كل من يرتكبها بالحبس مدة لا تجاوز ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف دينار ولا تجاوز عشرة آلاف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين. وهذه الحالات الخمس هى:
الدخول غير المشروع الى موقع أو نظام معلوماتى مباشرة أو عن طريق الشبكة المعلوماتية أو بإحدى وسائل تقنية المعلومات بقصد الحصول على بيانات أو معلومات حكومية سرية بحكم القانون. أما الحالة الثانية فهى تزوير أو إتلاف مستند أو سجل أو توقيع الكترونى أو نظام معالجة الكترونية للبيانات. وتضمنت الحالة الثالثة تغيير أو إتلاف – عمدا – مستند الكترونى يتعلق بالفحوصات الطبية أو التشخيص الطبى أو الرعاية الطبية باستخدام الشبكة المعلوماتية.
أما الحالة الرابعة فيدخل فى إطارها ـ وفقا لنص المادة الثالثة ـ كل من استعمل الشبكة المعلوماتية أو استخدام وسيلة من وسائل تقنية المعلومات فى تهديد أو ابتزاز شخص طبيعى أو اعتبارى لحمله على القيام بفعل أو الامتناع عنه وشملت الحالة الخامسة كل من توصل عن طريق الشبكة المعلوماتية الى الاستيلاء لنفسه أو لغيره على مال أو منفعة أو مستندات أو توقيع على مستند وذلك باستعمال طريقة احتيالية أو باتخاذ اسم كاذب أو انتحال صفة غير صحيحة متى كان ذلك من شأنه خداع المجنى عليه.
ولا يتسع المجال هنا لشرح وتحليل مواد هذا القانون المهم والذى يواجه بشكل صارم ودقيق تلك الجرائم التى قد يرتكبها بعض ذوى النفوس المريضة على مواقع التواصل الاجتماعى بصفة خاصة وعلى شبكة المعلومات الدولية بصفة عامة. لكنه من المهم الإشارة الى مادة تضمنها هذا القانون وتتعلق بمكافحة الإرهاب والتنظيمات الإرهابية، اذ نصت المادة العاشرة على أن يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز عشر سنوات وبغرامة لا تقل عن عشرين ألف دينار ولا تجاوز خمسين الف دينار (أى ما يزيد على مليون ونصف مليون جنيه مصرى) أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من أنشأ موقعا لمنظمة ارهابية أو لشخص إرهابى أو نشر عن أيهما معلومات على الشبكة المعلوماتية أو بإحدى وسائل تقنية المعلومات ولو تحت مسميات تمويهية، لتسهيل الاتصالات بأحد قياداتها أو أعضائها أو ترويج أفكارها أو تمويلها أو نشر كيفية تصنيع الأجهزة الحارقة أو المتفجرة أو أي أدوات تستخدم فى العمليات الإرهابية.
نحن إذن أمام قانون مهم يعالج قضية استخدام شبكة المعلومات الدولية للإضرار بأمن الوطن والمواطنين، أو كما قالت المذكرة الإيضاحية للقانون، فإن الاستخدام المتزايد للشبكات والأنظمة المعلوماتية أبرز أنواعا جديدة من الجرائم لا تسعف النصوص الجزائية التقليدية لمواجهتها ، مما دعا المشرع الكويتى لإعداد هذا القانون بهدف حماية حريات الأشخاص وشرفهم وسمعتهم ودرءا للعدوان على الأموال والممتلكات العامة والخاصة
د. عبدالله زلطة
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً