أولاً: التضامن:
جاء المشروع بالمادتين (341 و342) مقابلاً للمواد (253 و254 و258) من قانون التجارة الحالي وهي تتفق مع الأحكام المقابلة في التشريعات العربية، المصري (279 و280) والسوري (279 و280) والليبي (266 و267)، والعراقي (315 و316). وتعين المادة (341) مصدر التضامن سواء بين الدائنين أو بين المدينين إذ تنص على أن التضامن في الحالين لا يفترض فلا يكون التضامن بنوعيه إلا بناءً على نص في القانون أو بناءً على اتفاق الطرفين وليس المقصود باتفاق الطرفين أن يكون التضامن مشروطًا بصريح العبارة إذ يكفي أن تنصرف إليه الإرادة ضمنًا بدلالة بينة لا خفاء فيها، فإذا لابس الشك هذه الأدلة وجب تأويلها لنفي التضامن لا لإثباته وذلك كله مع مراعاة قواعد التجارة.
1 – التضامن بين الدائنين:
وقد زيد على المادة (342) من المشروع المقابلة للمادة (254) من القانون الحالي حكم جديد يواجه الحالة التي تتسم بها رابطة بعض الدائنين بوصف يختلف عن رابطة الآخر كأن يكون دين أحدهم معلقًا على شرط أو مضافًا إلى أجل خلافًا للباقين ويقضي هذا الحكم بالاعتداد بالوصف إذا جاءت المطالبة من الدائن ذي الرابطة الموصوفة. وعدم الاحتجاج بذلك الوصف عندما تكون المطالبة من الدائنين الآخرين.
وقد استمد المشروع المواد (343 و344 و345) من المواد (255 و256 و257) على التوالي من قانون التجارة الحالي وبما يوافق أحكامها، ويتيح نص أولاها للمدين أن يوفي الدين بتمامه لمن يختاره من الدائنين المتضامنين ولا يكون لهذا الدائن أن يرفض استيفاء ما يزيد على نصيبه من الدين بل عليه أن يقبضه كله فإن امتنع جاز للمدين أن يعرضه عليه عرضًا حقيقيًا ويترتب عليه براءة ذمته قِبل ذلك الدائن وسائر الدائنين، ولكن لا يستطيع المدين أن يفرض على أحد الدائنين وفاءً بقدر حصته من الدين إذ يعتبر ذلك وفاءً جزئيًا يحق للدائن أن يرفضه، ولكل من الدائنين المتضامنين أن يعترض على وفاء المدين لأحدهم بكل الدين فقد يحدوه إلى ذلك الاعتراض التوقي من خطر إعسار الدائن الذي اختاره المدين للوفاء إليه ويتعين على المدين في هذه الصورة أن يوفي إلى المعترض قدر نصيبه في الدين وقد اشترط المشروع أن يكون الاعتراض بإنذار رسمي يُعلن إلى المدين لينحسم الإثبات على حصول الاعتراض وهو النهج الذي يتبعه قانون التجارة الحالي والقانون العراقي في المادة (317) خلافًا لما تجري به القوانين العربية الأخرى من الاكتفاء بالنص على أن المدين يمتنع عن الوفاء لمن اختاره من الدائنين إذا اعترض أحد هؤلاء على الوفاء (280 مصري، 280 سوري، 267 ليبي). وإذا مات أحد الدائنين المتضامنين انقسم الدين على ورثته فيما يختص بالعلاقة بينهم وبين المدين فلا يستطيع المدين أن يفي لأحد الورثة إلا بقدر حصته في الميراث ولا يجوز للوارث أن يطالبه إلا بنسبة هذه الحصة في الدين.
وتضع المادة (344) القاعدة العامة في حالة براءة ذمة المدين قِبل أحد الدائنين المتضامنين بسبب غير الوفاء وتقضي بأن المدين لا تبرأ ذمته بالنسبة إلى باقي الدائنين إلا بقدر حصة الدائن الأول في الدين اعتبارًا بأن أسباب انقضاء الالتزام بغير الوفاء هي أسباب خاصة بمن انقضى التزامه بسبب منها، فلا يُضار بها بقية الدائنين إذ تستمر ذمة المدين مشغولة بباقي الدين بالنسبة لهؤلاء الدائنين. كما لا يجوز أن ينفذ قبلهم أي عمل يقع من أحدهم إذا كان من شأنه الإضرار بهم.
وتُرسي المادة (345) القاعدة في العلاقة بين الدائنين المتضامنين وإذ كانت صلة الدائنين بالمدين تؤسس على اعتبار الدين وحدة لا تتجزأ فإن الصلة بين الدائنين المتضامنين بعضهم وبعض تؤسس على تقسيم الدين ومن ثم فإن ما يستوفيه أحدهم يُعتبر من حق جميعهم ويوزع بينهم بنسبة حصة كل منهم ما لم يوجد اتفاق أو نص في القانون يقضي بغير ذلك.
2 – التضامن بين المدينين:
وعالج المشروع بعد ذلك التضامن بين المدينين وجاء أولاً بالمادة (346) مقابلاً للمادة (259) من قانون التجارة وتنص بالفقرة الأولى على حق الدائن في مطالبة مدينيه المتضامنين معًا أو مطالبة أحدهم على سبيل الإفراد أو مطالبة بعضهم دون البعض اعتبارًا بأن هذا التضامن شأنه كالتضامن الإيجابي منوط بفكرتين الأولى وحدة المحل والأخرى تعدد الروابط والمقصود بوحدة المحل في مقام التضامن السلبي أن كلاً من المدينين المتضامنين ملزم في مواجهة الدائن بالدين كاملاً غير منقسم، والمقصود بتعدد الروابط أن كل مدين تربطه بالدائن رابطة مستقلة ومتميزة عن الروابط التي تربط المدينين الآخرين بهذا الدائن فإذا تعيبت الرابطة الخاصة بواحد من المدينين المتضامنين بقيت روابط سائر المدينين سليمة. وقد أُضيف إلى الفقرة الأولى حكم جديد يقضي بأن رجوع الدائن على مدينيه المتضامنين أو بعضهم يكون في حدود ما قد يُلابس روابطهم المتعددة من أوصاف يخالف بعضها بعضًا، فقد يكون أحدهم مدينًا تحت شرط ويكون دين غيره منجزًا أو مضافًا إلى أجل، فلا يكون للدائن أن يطالب المدين تحت شرط إلا عند تحقق الشرط أو أن يطالب المدين المؤجل دينه إلا عند حلول الأجل.
على أن المشروع لم ينقل إلى الفقرة الثانية ما تنص عليه المادة 259/ 2 من قانون التجارة من أنه (ولا يجوز للمدين الذي يطالبه الدائن بالوفاء أن يحتج بأوجه الدفع الخاصة بمدين آخر إلا بقدر نصيب هذا المدين إذا كان قد انقضى بوجه من الوجوه ولكن يجوز له أن يحتج بأوجه الدفع الخاصة به وبأوجه الدفع المشتركة بين المدينين جميعًا) وإنما آثر فيما أورده بالفقرة الجديدة نصًا أكثر سدادًا فيضع أولاً القاعدة العامة فيما يتعلق بالدفوع التي يتمسك بها كل من المدينين المتضامنين في مواجهة الدائن. ومؤدى هذه القاعدة أنه إذا كانت رابطة أحد المدينين المتضامنين خاضعة لدفع خاص به كأن يكون رضاه مشوبًا بغلط أو تدليس أو إكراه أو نقص في الأهلية فإنه يتمسك بهذا الدفع في مواجهة دائنه ولا يقبل من غيره من المدينين أن يحتج به، وأما أوجه الدفع المشتركة بين المدينين المتضامنين كما إذا كان العقد المنشئ للالتزام التضامني باطلاً في الأصل لعدم توافر شروط المحل أو السبب أو كان العقد قابلاً للفسخ لتخلف الدائن عن الوفاء بالتزامه المقابل للمدينين المتضامنين فإنه يكون لكل من هؤلاء أن يتمسك بالفسخ في وجه الدائن.
أما في أحوال انقضاء الالتزام فإنه إذا كان الانقضاء بسبب الوفاء عينًا أو بمقابل من جانب أحد المدينين المتضامنين فإن هذا السبب يُعتبر مشتركًا بين جميع المدينين ويكون لكل منهم أن يحاج الدائن به، وإذا كان انقضاء الالتزام قد وقع بالنسبة لأحد المدينين المتضامنين ولسبب غير الوفاء فإن المدينين الآخرين لا يكون لهم الاحتجاج به إلا في حدود نصيب المدين الذي انقضى الالتزام لصالحه وبما يتفق مع طبيعة كل سبب من تلك الأسباب وذلك على التفصيل المبين فيما يلي.
فقد جاء المشروع بالمادة (347) لتقرر حكم الوفاء من أحد المدينين وهو يتفق مع ما تنص عليه المادة (260) من قانون التجارة الحالي وإنما أُعيدت صياغتها لجلاء حكمها المقصود، واقتضى ذلك وضعها في فقرتين تنص الأولى على أنه إذا قضى أحد المدينين المتضامنين الدين بوفائه عينًا أو بمقابل فانه يبرأ من ذلك الدين ويبرأ معه بقية المدينين، فإذا رفض الدائن أن يستوفي الدين كله من أي مدين متضامن كان لهذا المدين أن يجبره على قبول الوفاء بأن يعرض الدين عليه عرضًا حقيقيًا وفقًا للإجراءات المقررة وبذلك تبرأ ذمته كما يبرأ باقي المدينين المتضامنين، وتقضي الفقرة الثانية بأنه إذا تمت حوالة الدين من أحد المدينين المتضامنين إلى شخص آخر برئ هذا المدين وبرئ أيضًا المدينون الآخرون ما لم يرضوا بالحوالة وذلك على اعتبار أن أولئك المدينين أجانب عن الحوالة فلا يجوز أن تسري في حقهم بغير رضاء من جانبهم، وبذلك يتحقق التنسيق واضحًا بين حكم هذه الفقرة وبين ما تنص عليه المادة (381) من المشروع والمقابلة للمادة (298) من قانون التجارة الحالي من أنه إذا تمت حوالة الدين فإن الكفيل عينيًا كان أو شخصيًا لا يبقى ملتزما قِبل الدائن إلا إذا رضي بالحوالة. وتقابل هذه المادة في القوانين العربية المواد (322) عراقي و(284) مصري و(284) سوري، (371) ليبي.
وفي شأن تجديد الدين بين الدائن وأحد مدينيه المتضامنين أخذ المشروع في المدة (348) بما يقرره قانون التجارة القائم في المادة (261) وهي مطابقة في الحكم والصياغة مع نصوص القوانين العربية بالمادة (286) مصري و(286) سوري و(273) ليبي، (323) عراقي كما تتفق مع حكم المادة (31) لبناني، وتقوم في أساسها على خصيصة يتميز بها التجديد إذ ينقضي به الالتزام الأصلي بتوابعه وتأميناته وينشأ في مكانه التزام جديد يختلف عن الالتزام القديم الذي انقضى بما كان له من صفات وتوابع وتأمينات، ويُعتبر من تأمينات الدين القديم التضامن بين المدينين فيقضي بانقضاء هذا الدين، وعلى ذلك إذا اتفق الدائن مع أحد المدينين المتضامنين على تجديد الدين استتبع ذلك قضاء الدين القديم وبراءة ذمة جميع المدينين دون أن يفقد التزام المدينين المتضامنين الآخرين بالدين القديم فيكون لزامًا عليه وقت إجراء التجديد أن يُفصح عن نيته بأنه لا يقصد من التجديد إبراء ذمة باقي المدينين المتضامنين كما أنه يمكنه من باب أولى أن يتفق مع هؤلاء المدينين على بقاء التزامهم التضامني القديم.
وتنص المادة (349) على الحكم في حالة وقوع المقاصة بين الدائن وأحد المدينين المتضامنين، وإذ كان من شأن المقاصة قضاء الدين الذي انصب عليه القصاص، ومن ثم يمتنع على الدائن أن يرجع على المدين الذي انقضى دينه بالمقاصة ولا يبقى له إلا الرجوع على بقية المدينين المتضامنين فيحق له مطالبة كل منهم بجملة الدين بعد استنزال حصة المدين الذي وقع القصاص معه. وقد نقل المشروع هذا الحكم عن المادة (262) من قانون التجارة القائم وهي مطابقة للمواد المقابلة في التشريعات العربية (287 مصري و287 سوري، 274 ليبي و324 عراقي).
ويواجه نص المادة (350) من المشروع حكم اتحاد الذمة بين الدائن وأحد مدينيه المتضامنين، ويتحقق ذلك إما عن طريق خلافة الثاني للأول، وإما عن طريق خلافة الأول للثاني، وفي كلتا الحالتين لا ينقضي الدين إلا بقدر حصة هذا المدين فيه وحكم هذه المادة مأخوذة عن المادة (263) من قانون التجارة الحالي وهو مطابق لما تنص عليه المادة (288) من القانون المصري وما يقابلها من القوانين العربية الأخرى.
وتعرض المادة (351) للحكم في حالة إبراء أحد المدينين المتضامنين على وجه يوافق نص المادة (264) من قانون التجارة الحالي مع تعديل في صياغتها أقرب إلى الدقة والوضوح، ومع إضافة حكم جديد إليها رئُي أن من الملائم النص عليه صراحةً وإن كان مما يتفق مع القواعد العامة وذلك حسمًا لأي خلاف محتمل في الرأي بشأنه، ذلك أن القانون القائم يقضي بأن الدائن إذا أبرأ أحد المدينين المتضامنين مع المدين كان له أن يرجع على المدينين المتضامنين الآخرين بالدين منقوصًا منه حصة من أبرئ، وقد أخذ المشروع بذلك الحكم وزاد عليه أن الدائن إذا كان عند إبرائه لمن أبرأه من المدينين قد احتفظ بحقه في الرجوع على بقية المدينين بكل الدين فإنه يحل له في هذه الصورة مطالبة هؤلاء المدينين أو من يشاء مطالبته منهم بالدين بتمامه، ويكون لمن يوفي الدين أن يرجع بدوره على المدين الذي أبرأه الدائن وبقدر حصته في ذلك الدين، واستمد المشروع هذا الحكم الذي أضافه من القانون المصري بالمادة (289) والقوانين العربية التي نقلت عنه (289 سوري و276 ليبي).
وفي المادتين (352 و353) استكمل المشروع بقية أحكام إبراء أحد المدينين المتضامنين سواء من الدين أو من التضامن فيه فقط بما يتفق مع أحكام المادتين (265 و266) من قانون التجارة القائم مع إعادة صياغة بعض عباراتهما صياغة أكثر دقة وضبطًا استمدها المشروع من بعض التشريعات العربية في المواد المقابلة (290 إلى 292 مصري، 290 إلى 292 سوري، 277 إلى 297 ليبي). وقد استبدل المشروع بما تجري به المادة (267) من نص على تقادم الدعوى العبارة التي أوردها بالمادة (354) وهي امتناع سماع الدعوى بمرور الزمان أخذًا بالمصطلح عليه في الفقه الإسلامي وعلى نحو ما يأخذ به نص المادة (329) من القانون العراقي.
وجاء المشروع في المادة (355) بحكم يطابق ما تنص عليه المادة (268) من قانون التجارة الحالي ويُشكل هذا الحكم تطبيقًا دقيقًا لقاعدة مستقرة بأن النيابة التبادلية بين المدينين المتضامنين تكون فيما ينفعهم وليس فيما يضرهم، فكل خطأ يقع في تنفيذ الالتزام لا يكون مسؤولاً عن التعويض عنه غير فاعله أو فاعليه من المدينين ومقدرًا بقدر خطئه جسيمًا كان أو يسيرًا ولا تتعدى المسؤولية عنه إلى المدينين الآخرين بل إن مسؤولية هؤلاء تبقى في حدود تنفيذ الالتزام تنفيذًا عينيًا وكذلك فإن إعذار أحد المدينين المتضامنين أو رفع الدعوى عليه لا ينتج أثره إلا بالنسبة إليه فلا يغير بحال من المراكز القانونية لباقي المدينين، أما إذا وجه أحد المدينين المتضامنين إعذارًا إلى الدائن فإن المدينين الآخرين يفيدون منه ويكون شأنهم في ذلك شأن المدين الذي صدر الإعذار عنه، ويتفق حكم هذه المادة مع ما تنص عليه المادة (293) من القانون المصري والقوانين العربية التي أخذته عن ذلك القانون (293 سوري، 280 ليبي، 330 عراقي).
وأخذ المشروع المادة (356) نقلاً عما تنص عليه المادة (269) من قانون التجارة القائم ومؤداها أن الصلح بين الدائن وأحد المدينين إذا انطوى على إبراء من الدين أو من جزء منه كان لباقي المدينين أن يفيدوا منه وكذلك يكون الحكم إذا تضمن الصلح بأية صورة من الصور تخفيفًا من أعباء الدين اعتبارًا بما بين المدينين من نيابة تبادلية فيما ينفع، وغني عن البيان أنه بالنظر إلى أن الصلح لا يقبل التجزئة فلا يجوز للمدينين المتضامنين الآخرين أن يتمسكوا بالجزء الذي يفيدهم في الصلح وأن يطرحوا ما يضرهم بل أنهم إذا ما احتجوا بالصلح لأنه في مجموعه يفيدهم فيجب أن يتحملوا به كله.
وعرض المشروع في المادتين (357 و358) لتطبيقات أخرى للقاعدة العامة في إعمال فكرة النيابة التبادلية بصدد الإقرار واليمين وحجية الشيء المقضي به آخذًا في ذلك مأخذ قانون التجارة في المادتين (270 و271) ولكن أدخل المشروع بعض التعديلات في الصياغة التي جاء بها كما آثر النص في الفقرة الثالثة من المادة (357) على أن حلف أحد المدينين المتضامنين لليمين يفيد منه الباقون واستبعد منه ما يضيفه الحكم المقابل في المادة (270) من القانون الحالي من أن هؤلاء المدينين الآخرين يستفيدون إذا انصبت اليمين على المديونية لا على التضامن، اعتبارًا بأن هذه الإضافة فضلة زائدة إذ لا يتصور استفادة المدينين من يمين يحلفها أحدهم ينكر بها وجود التضامن. ومما يجدر التنويه به أن المجال الذي يتناوله الحكم هو توجيه اليمين إلى واحد فقط من المدينين المتضامنين، أما إذا وجه الدائن اليمين إلى جميع المدينين فحلفها بعضهم ونكل بعض آخر فإن تطبيق القواعد العامة يؤدي إلى أن من نكل يُضار بنكوله ولا يستفيد من حلف الآخرين. وتقابل هذه الأحكام في التشريعات العربية أحكام المواد (295 و296) مصري و(295 و296) سوري و(282 و283) ليبي و(332 و333) عراقي.
وتناول المشروع في المادة (359) بفقراتها الثلاث علاقة المدينين فيما بينهم وتقابل الفقرة الأولى المادتين 272/ 1 و273/ 1 من قانون التجارة القائم مع تعديل في عباراتهما يقتضيه الإيضاح وتنسيق أحكامها مع القواعد العامة وتقضي تلك الفقرة بأنه إذا وفى أحد المدينين المتضامنين الدين كله أو ما يزيد على حصته فيه أو قام بهذا أو ذاك بطريق من الطرق الأخرى المعادلة للوفاء، فإنه يرجع على بقية المدينين كل بقدر حصته في الدين أو في تلك الزيادة، أي أن حقه في الرجوع يكون حيث يقضي الدين بوفائه عينًا أو بما يعادله سواء كان وفاء بمقابل أو تجديدًا أو مقاصة أو اتحاد ذمة، أما إذا انقضى الدين بالنسبة إلى أحد المدينين المتضامنين بسبب لا يُعتبر معادلاً للوفاء كالإبراء والتقادم فلا رجوع له على غيره من المدينين لأنه لم ينفع الدين أو مقابلاً له.
وأتى المشروع في الفقرة الثانية بحكم جديد يرسي القاعدة الأصلية في تقسيم الدين في العلاقة بين المدينين المتضامنين وهو يقضي بأن الدين ينقسم بين المدينين حصصًا متساوية فإذا وُجد اتفاق بينهم على خلاف ذلك انقسم الدين بالنسب المتفق عليها وإن كان هناك نص خاص في القانون بطريقة التقسيم حددت الحصص طبقًا لذلك النص. واستمد المشروع هذا الحكم من القانون المصري بالمادة 297/ 2 والقوانين العربية التي نقلته 297/ 2 سوري و284/ 2 ليبي. ويتفق مع أحكامها المادة (39) لبناني.
وأخذ المشروع الفقرة الثالثة من المادة (359) نقلاً عن المادة 272/ 2 من قانون التجارة الحالي الذي استمدها بدوره من نصوص القوانين العربية السابقة، ويؤدي حكمها إلى أن العبرة في قيام الإعسار بمن أعسر من المتضامنين والذي يتيح لمن أوفى الدين منهم الرجوع على سائرهم بنصيب المعسر، تكون بالوقت الذي يحصل فيه الرجوع إلا أن يثبت أن المدين الموفي قد تراخى في الرجوع حتى أعسر المعسر فيكون قد أخطأ من جانبه ولا يحق له أن يحمل المدينين الآخرين تبعة خطئه، على أنه إذا كان أحد المدينين المتضامنين هو وحده صاحب المصلحة في الدين، فإنه وإن كانت علاقة الدائن بالمدينين المتضامنين في هذه الصورة تظل محكومة بقواعد التضامن، إلا أنه في علاقة أولئك المدينين بعضهم ببعض فإن قواعد الكفالة هي التي تسري عليها، ومن ثم فإن المدين الذي تفرد بالمصلحة في الدين يتحمل به كله في صلته بالمدينين المتضامنين الآخرين، فإن قام هو بالوفاء لم يكن له الرجوع على غيره بشيء مما وفاه، وإن قام مدين متضامن آخر دونه بالوفاء رجع عليه وحده بالدين بتمامه، وقد أورد المشروع القاعدة التي تحكم هذا الموضوع بالمادة (360) نقلاً عما ينص عليه قانون التجارة بالمادة 273/ 2 مع تعديل في الصياغة اقتضته الملاءمة.
ثانيًا: عدم القابلية للانقسام:
ويعرض المشرع لعدم قابليه الالتزام للانقسام في المواد (361 و362 و363) وهي تتفق مع نصوص المواد (274 و275 و276) من قانون التجارة الحالي وما يقابلها في التشريعات العربية (المواد 300 – 302 مصري، 300 – 302 سوري، 287 – 289 ليبي، 336 – 338 عراقي، 70 وما بعدها لبناني) وتتناول المادة (361) الأحوال التي يكون فيها الالتزام غير قابل للانقسام فتنص على أن الالتزام يتسم بذلك الوصف إذا ورد على محل تمتنع فيه التجزئة بأصل طبعه كالالتزام بتسليم جواد مثلاً، أو إذا اتجهت النية المشتركة للمتعاقدين إلى عدم إجازة تجزئة الوفاء بالالتزام وبالأخص إذا تبين ذلك من الغرض الذي قصدا إليه ومثاله أن ينعقد البيع على قطعه أرض لإقامة مدرسة أو مستشفى عليها أو أي بناء آخر تقتضي إقامته في مفهوم الطرفين مساحة الأرض المبيعة كلها فيكون التزام البائع غير قابل للانقسام بسبب الغرض المقصود من البيع.
وتتناول المادة (362) حكم الالتزام غير القابل للانقسام في حالة تعدد المدينين فتقضي بالتزام كل منهم بوفاء الدين بتمامه إلى الدائن ولمن أوفى الرجوع على بقية المدينين كل بقدر حصته في الدين، وباعتبار أن الالتزام غير القابل للانقسام فإنه لا ينقسم بين ورثة المدين ويكون كل من الورثة مسؤولاً عن الالتزام كاملاً ولذلك يجري كثير من المتعاملين على اشتراط التزام المدين (ولو كان متضامنًا مع آخرين) التزامًا غير قابل للانقسام كيلا يتجزأ الدين بين الورثة.
وتعالج المادة (363) حالة تعدد الدائنين في الالتزام غير القابل للانقسام وهي تتيح لكل دائن أو لأي وارث من ورثته أن يقتضي الدين بتمامه من المدين، وإذا هو استوفاه فإنه يحق لسائر الدائنين الرجوع عليه كل بقدر حصته.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً