ضمانات عقوبة الاعدام :
المستشار رفعت السيد رئيس محكمة جنايات القاهرة السابق :
إن الحكم الذى يصدر من القضاء المدنى ممثلا فى محاكم الجنايات والمحاكم العسكرية بالاعدام، يعنى قتل شخص ثبتت ادانته بارتكاب جريمة من الجرائم الخطيرة التى يقرر لها القانون هذه العقوبة تحقيقا للزجرالخاص للمتهم المحكوم عليه بهذه العقوبة وردعا عاما لكل من تسول له نفسه اقتراف مثل هذه الجرائم الخطيرة، ولعل اهم الجرائم التى يقرر لها القانون المصرى عقوبة الاعدام، هى الجرائم المضرة بامن الحكومة من جهة الخارج «المواد ٧٧ وما بعدها من قانون العقوبات» وبعض الجنايات المضرة بامن الحكومة من جهة الداخل «المواد ٨٦ ومابعدها» وجنايات تعريض وسائل النقل للخطر عمدا اذا نشأ عنها موت انسان المادة «١٦٨ عقوبات» والقتل العمد المقترن بسبق الاصرار أو الترصد الماده «٢٣٠ عقوبات» والقتل العمد بالسم الماده «٢٣٣ عقوبات» والقتل العمد المقترن بجناية أاو المرتبط بجنحة المادة «٢٣٤ عقوبات» والحريق العمد اذا نشأ عنه موت شخص كان موجودا فى الاماكن المحترقه وقت اشتعال النار المادة «٢٥٧ عقوبات» وشهادة الزور اذا حكم على متهم بناءا عليها بالاعدام وتم تنفيذ الحكم فيه المادة «٢٩٥ عقوبات» وكذلك فى جرائم جلب المواد المخدرة والاتجار فيها والاتجار فى الاسلحة والذخائر وعدد من الجرائم التى أفرد لها الشارع المصرى هذه العقوبة والتى بلغت ما يزيد عن مائة جريمة.
ولقد اختلفت العديد من الدول فى ضرورة الابقاء على عقوبة الاعدام أو الغائها و الاكتفاء بعقوبة السجن مدى الحياة خشية أن يحكم بها على متهم ثم تثبت براءته مما نسب اليه فيما بعد، وبالتالى يستحيل تصحيح الامر بعد تنفيذ الحكم وحتى لا يتمكن الحاكم الدكتاتور من تصفية خصومه السياسيين، ولكن المشرع المصرى الذى آثر الابقاء على هذه العقوبة ووضع العديد من الضمانات التى تكفل عدم الوقوع فى أى خطأ ينشأ عن توقيع العقوبة فاوجب أن يصدر حكم الاعدام باجماع القضاة الثلاثة الذين أصدروا الحكم، كما اوجب على المحكمة قبل ان تنطق بحكم الاعدام أن تستطلع رأى فضيلة المفتى من الناحية الشرعية، فيما تنتوى الحكم به، علما بأن رأى فضيلة المفتى استشارى للمحكمة لا يلزمها القانون أن تأخذ به، كما الزم القانون النيابة العامة باعتبارها تمثل المجتمع أن تطعن على حكم الاعدام أمام محكمة النقض خلال ستين يوما من صدور الحكم، حتى ولو لم يطعن المحكوم عليه على الحكم وارتضاه، حتى تتمكن محكمة النقض من التيقن من صحة وسلامة الحكم وخلوه من العوار أو الخطأ، فاذا أستبان لها أن الحكم شابه خطأ فى تطبيق القانون أوفساد فى الاستدلال أو قصور فى الاستدلال أو اخلال بحق الدفاع أو أى خطأ اجرائى نقضت الحكم وأعادت القضية الى المحكمة التى أصدرت الحكم لنظره أمام هيئة أخرى تتولى إعادة المحاكمة، فاذا جاء حكمها متفقا مع الحكم السابق الزم القانون النيابة العامة أن تطعن عليه للمرة الثانية لصالح المتهم، فاذا أستبان لمحكمة النقض أن الحكم أصابه عوار أو خطأ أو اخلال بحق الدفاع، نقضت الحكم وتصدت لنظر الدعوى موضوعا وقضت فيها بحكم بات حائز لقوة الامر المقضى فيه، ومن ثم يعتبر عنوانا للحقيقة وقبل تنفيذ الحكم يتعين على وزير العدل أن يحرر مذكرة تعرض على رئيس الجمهورية، للتصديق على الحكم قبل تنفيذه ويجوز لرئيس الجمهورية طبقا لاحكام المادة «١٥٢» من الدستور والمادة «٧٤» من قانون العقوبات إصدار قرار بالعفو عن العقوبة كليا أو تخفيفها بعد أخذ رأى مجلس الوزراء، وهذه هى الحالة الوحيدة التى يكون فيها للسلطة التنفيذية ممثلة فى رئيس الجمهورية دور فى الاحكام القضائية.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً