التعويض بسبب الضرر في التوقيف الإحتياطي التعسفي
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
نحو فكرة التعويض بسبب الضرر
في التوقيف الاحتياطي التعسفي
قاضي الأدعاء العام
سردار كاواني
البحث عبارة عن بحث قدم الى جامعة بيروت العربية كمتطلب لأكمال الدبلوم في القانون العام
الجزء الأول
مقـدمـــة
تعريف موضوع البحث
يختلف الفقه الجنائي في تعريف التوقيف الاحتياطي خاصة من حيث مداه ونطاقه ،وذلك انطلاقا من السلطة التي يخولها القانون للقاضي المحقق في الأمر به ،من حيث المدة التي يستغرقها أثناء التحقيق بعضه أو كله لحين صدور حكم نهائي في موضوع الدعوى.
لذا يعرف التوقيف بأنه( إيداع المتهم السجن خلال فترة التحقيق كلها أو بعضها أو إلى أن تنتهي محاكمته) ( ) .
أو انه (إجراء استثنائي يسمح لقضاة النيابة والتحقيق والحكم كل فيما يخصه بان يودع السجن لمدة محدودة كل متهم بجناية أو جنحة من جنح القانون العام ولم يقدم ضمانات كافية لمثوله من جديد أمام القضاء) ( ) .
أو ( سلب حرية المتهم بإيداعه في الحبس خلال مرحلة التحقيق التحضيري وهو بذلك أخطر إجراء من الإجراءات المقيدة للحرية قبل المحاكمة) ( ) .
ويعرفه البعض بأنه سلب حرية المتهم لمدة محددة قانونا ،بعد فتح التحقيق معه وإيداعه في المؤسسة العقابية القريبة من دائرة المحكمة التابع لها قاضي التحقيق بموجب مذكرة إيداع .
إن هذه التعريفات تتفق جميعا مع الفكرة الأساسية التي تقوم عليها التوقيف الاحتياطي وهي سلب حرية المتهم مدة من الزمن تحددها مقتضيات التحقيق و مصلحته وفق ضوابط قررها القانون و ليس التوقيف الاحتياطي عقوبة على الرغم من اتحاده في طبيعته مع العقوبات السالبة للحرية ، ذلك انه إذا لم يصدر حكم بالإدانة بعد و الأصل المقرر انه
(( لا عقوبة بغير حكم قضائي بالإدانة )).
لا يمكن الالتفات أو غض الطرف عن كون التوقيف الاحتياطي كإحدى الإجراءات التي تتخذ عادة من قبل سلطة التحقيق في الدعوى الجنائية ، نظراً لنواح عدة أهمها المساس بالقواعد العامة الثابتة في الدساتير وإعلان حقوق الإنسان وحرياته في المجتمع ، ولا شك أن الحالة تستلزم وجود ضمانات كافيه لتحقيق أقصى حدود حرية الفرد داخل المجتمع وعلاقته بالسلطة في الدولة ، ولا يمكن طرح الآراء التي لطالما نادت بوجوب تعامل سلطات التحقيق بحذر مع إجراء التوقيف الاحتياطي دونما إطلاق أو غل يد تلك الجهة لدى تعاملها مع هذا الأجراء.
ولكن التوقيف الاحتياطي إجراء استثنائي تقتضيه المصلحة العامة ، وهو كثير الحدوث في العمل على نحو شبه يومي، ونظراً لأن هذا الإجراء يمس مباشرةً حرية المتهم الشخصية ، و لأنه يتناقض مع قرينة البراءة ، لذلك فقد حظي باهتمام الفقه الجنائي اهتماماً كبيراً ، حيث ذهب بعض( ) فقهاء القانون الجنائي إلى القول بوجوب تعويض المتهم الذي حبس احتياطياً عن الأضرار التي سببت له.
ولا شك أن اهتمام الفقه الجنائي بموضوع التوقيف الاحتياطي يرجع إلى خطورة هذا الإجراء على المتهم في حريته الشخصية التي تعتبر من الحقوق الطبيعية للإنسان التي يحق له بموجبها التنقل في أي مكان دون أن يحد من هذا الأمر إرادة أخرى .
فالتوقيف غير العقوبة، والتوقيف يقع قبل العقوبة أو قبل الحكم، وهو تدبير احتياطي، فهو لذلك تدبير مؤقت، ولا بد من انقضائه عاجلاً أو آجلاً . و يحدث في كل الدول اعتقال الأشخاص وتوقيفهم بشبهة أنهم ارتكبوا جريمة، وغالبا ما يوقف هؤلاء الأشخاص لمدة أسابيع و أشهر ،وحتى سنوات قبل أن تصدر محكمة من المحاكم حكما بشأنهم، فوضعهم القانوني يكون غير محدد، هم متهمون ولكن لم تثبت إدانتهم بعد، وهم يعانون من ضغوطات شخصية هائلة أيضا مثل الخسارة الاقتصادية ،التي تلحق بهم و انفصالهم عن أسرهم وانفصال ما يربطهم بمجتمعهم المحلي من روابط وسلامة الفرد، وعدم تقيده من الحقوق ،والضمانات التي أقرتها وأكدتها كافة المواثيق والمعاهدات الدولية وأيدتها اغلب الدساتير الوطنية، فقد جاء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بما يؤكد هذه الحقوق فنصت المادة(3) على أن ( لكل فرد الحق في الحياة والحرية والسلامة الشخصية ) كما نصت المادة (9) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الفقرة (1) على انه ( لكل فرد الحق في الحرية والسلامة الشخصية ولا يجوز القبض على أحد أو إيقافه بشكل تعسفي كما لا يجوز حرمان أحد من حريته على أساس من القانون وطبقا للإجراءات المقررة فيه.
و تتضمن دساتير اغلب الدول أن لم اقل جميعها هذه المبادئ الدستورية (لكل فرد الحق في الحياة والأمن والحرية، ولايجوز الحرمان من هذه الحقوق أو تقييدها إلا وفقاً للقانون، وبناءً على قرار صادر من جهة قضائية مختصة)( ) (الحرية الشخصية مصونة وفي حمى القانون)( )، و ( المتهم بريء حتى تثبت إدانته ) ( ) و (الحرية الشخصية حق طبيعي وهى مصونة لا تمس، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع)( ) و هكذا الحال في الدساتير الأخرى.
ولقد أخذ التوقيف الاحتياطي منحى آخر بعيدا عن السبب الموجب له بحيث أصبح كل من يتقدم بدعوى استناداً الى شكوكه يٌعرض المدعى عليه للتوقيف الاحتياطي حتى غاب الدليل في معظم الأحيان ، ما دفع الكثير من الناس إلى أن يستخدموا هذا كوسيلة لتقديم ادعاءات كيدية بهدف الضغط أو الإساءة والانتقام فقط ، ومعظم هذه الشكاوى تقوم على ادعاء كاذب بالسرقة أو ادعاء بالتهديد بالقتل مثلاً أو خلاف مدني كدين غير مستحق أو مفتقر إلى الأدلة أو خلاف زوجي يعاقب بجرم أخلاقي كالخيانة الزوجية و… الخ ونتيجة للعدد الهائل من تلك الشكاوى فإن المحاكم تعتمد على أوراق تحقيق الشرطة التي تفتقر في أحيان كثيرة للدقة والموضوعية والمصداقية المعتمدة و ذلك لعدم كفاية الخبرة لدى أعضاء جهاز الشرطة من أفراد الشرطة و الضباط و المحققين العدليين القائمين بالتحقيق و في أغلب الأحيان تعتمد على أقوال المدعي ليتم حبس المدعى عليه بناء على أقوال المدعي دون التقصي من مدى صحة هذه الأقوال .
إن من يقف أمام القاضي و في قفص الاتهام كمشتبه به دون أدلة قانونية ثابتة بل بناءً على ادعاء شخصي،( و نعلم أن هناك قاعدة قانونية عامة يتضمنها أغلب دساتير الدول على إن ،المتهم بريء حتى تثبت إدانته ) ولكن هذا الإنسان البريء يستجوب و يوقف دون وجه حق.
فالمشتبه به قد تضرر ضررا ماديا و جسديا و معنويا وفقط بسبب الاشتباه و خصوصا في مجتمعاتنا حتى بعد الحصول على البراءة سيبقى مشتبها به في نظر المجتمع.
لذا و لأن هذا التصرف غير القانوني بحق الشخص الموقوف لمدة حتى ولو كانت يوما واحدا انتهاك لحق الحرية و إن لم يكن هناك قانون أو قرار ينص على تعويض المتضرر في حالات التوقيف غير القانوني أو كما يسميه البعض الحبس الغير المبرر . وفي نظرنا يستحق هذا الشخص التعويض المادي و المعنوي وسوف نبحث في ذلك من خلال استنادنا على المواد القانونية والدستورية و مبادئ حقوق الإنسان .
وعلى الرغم من صعوبة هذه القضية فليس مستحيلاً البحث عن نظام ما للتعويض المادي والمعنوي ( ). لكن الأمر يتطلب عندئذ اقتناء إطار قانوني خاص للتعويض تحدد فيه الشروط والضمانات اللازمة وكذلك آلية المطالبة بهذا التعويض ، بالإضافة للعديد من الجوانب الأخرى التي يتعين تدقيقها .و يبدو ملائماً النظر في بعض التجارب التشريعية في القانون المقارن في مجال التعويض عن التوقيف الاحتياطي.
إشكاليات البحث و أهميته :
إن إشكالية التوقيف الاحتياطي هو في (الاعتداء على حرية الإنسان و سلب حريته تحت ذريعة حق الدولة في العقاب و حق الأشخاص في الدعوى و التقاضي و ضرورة توقيف المتهم أو المشتبه به كوسيلة تضمن التحفظ على المتهم تحت أيدي سلطات التحقيق حتى يصدر حكم بالإدانة فتنفذ العقوبة أو يقضى بالبراءة فيخلى سبيله مما يضمن ألا يفلت متهم من العقاب حيث يهدف إلى حماية المجتمع من عودة المتهم إلى ارتكاب جرائم أخرى ، ويحمى المتهم من محاولات انتقام أهل المجني عليه) ، أو غيرهم ممن استفزهم واستثار سخطهم اقتراف المتهم لفعله ، و كوسيلة من وسائل التحقيق بقاء المتهم في متناول سلطة التحقيق .و المحافظة على أدلة الجريمة من محاولة المتهم إخفائها أو طمسها ، إذا أطلق صراحه ، منع التواطؤ بالحيلولة بين اتصال المتهم بباقي شركائه في ارتكاب الجريمة ، وبِغَل يده عن تجهيز شهود نفي مزيفين ، أو من تهديد شهود الإثبات . و مع كل هذه المبررات،فالإشكالية هنا في مدى فعالية النصوص و تطبيقها تطبيقا سليما دون خرق المواد المتعلقة بالمدد المحددة لتوقيف المتهم و إصدار أوامر بالتوقيف دون أدلة كافية لتوقيف المتهم و إصدار أمر بالتوقيف في الجنح و المخالفات التي لا يجيز القانون فيها إصدار أمر بالتوقيف .
وإضافةً الى ذلك فأن السلطة التقديرية الممنوحة لقاضي التحقيق في تجديد توقيف المتهم ، و هذا ما يؤدي الى انتهاكات خطيرة في حقوق الإنسان و الحرية الشخصية لذا يستوجب إيجاد بدائل للتوقيف الاحتياطي و تعويض الموقوف ظلماً .
و سوف نبحث في هذا الموضوع وفق التصميم التالي :
مطلب تمهيدي : إضاءات حول فكرة التعويض
الفصل الأول : تأصيل فكرة التعويض
المبحث الأول : الأصول الدستورية لفكرة التعويض
المطلب الأول : الأصل براءة المتهم
المطلب الثاني : البراءة في نصوص قانونية
المبحث الثاني : الأصول القانونية في التوقيف الاحتياطي
المطلب ألأول : ماهية التوقيف الاحتياطي و مبرراته
الفصل الثاني: الأصول المقترحة للمطالبة بالتعويض
المبحث الأول : الدول التي أقرت بالتعويض في حالات التوقيف الاحتياطي التعسفي
المطلب الأول: بعض الدول الأوروبية التي أقرت بالتعويض
المطلب الثاني : بعض الدول العربية التي أقرت بالتعويض
المبحث الثاني: دعوى التعويض و شروط و إجراءات طلب التعويض
المطلب الأول : دعوى و شروط حق التعويض
المطلب الثاني :المتضرر و المسؤول عن التعويض و إجراءات التعويض
مطلب تمهيدي
إضاءات حول فكرة التعويض
لقد أقرت أغلب الدساتير و الاتفاقيات الدولية هاما يشكل مرجعا أساسيا لكل دعاة حقوق الإنسان و المدافعين عن الحريات العامة ألا وهو “المتهم بريء حتى تثبت إدانته” . ويظل هذا المبدأ قائما حتى ولو اعترف المتهم بارتكابه للجريمة لأن اعترافه لا يهدم قرينة براءته ما لم يصدر بذلك حكم قضائي نهائي صادر عن هيئة قضائية مختصة مع كل ما يتطلبه إجراء المحاكمة من ضمانات في القانون.
ولقد كرست هذا المبدأ المادة 11 من الإعـلان العالـمي لحــقوق الإنسـان الصادر في 1 ديسمبر 1948 بنصها على أن كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئا إلى أن يثبت ارتكابه لها قانونا في محاكمة علنية تكون قد و يجدر بنا أن ننوه إلى أن هذا الحق نصت عليه عدة اتفاقيات دولية من بينها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لسنة 1989 التي نصت في مادتها التاسعة أن ” لكل شخص كان ضحية توقيف أو اعتقال بشكل غير قانوني الحق في الحصول على تعويض” كما أكدت نفس المبدأ المادة 03 من مشروع الميثاق العربي لحقوق الإنسان.
وبالرغم من أن معظم التشريعات المقارنة قد أقرت هذا الحق منذ أمد بعيد كالتشريع النرويجي الذي أقره بموجب قانون 01 يوليو 1882 في حين أقره التشريع الدانماركي بموجب قانون 05 ابريل 1889- إلا أن معظم الدول و بصفة خاصة الدول العربية لم تشرع قانونا أو تعدل قوانينها لتصون هذا الحق إلا في الآونة الأخيرة و منها المشرع الجزائري في سنة 2001 وبغير الشروط التي جاء بها القانون الفرنسي بل يجب أن يكون الضرر ثابتا ً و متميزاً ، بالرغم من أنه مستمد من القانون الفرنسي، و المشرع المصري وفق قانون رقم 145 لسنة 2006 أيضا تفرض شروطا و إجراءات مشددة.
الفرع الأول : التعويض في الشرائع و المعاهدات الدولية
أن تطبيقات التعويض وأن كانت في البداية عبارة عن تعويض معنوي كمعاقبة المدعي المفتري أو شاهد الزور أو القاضي المنكر للعدالة و بالتحديد من شريعة حمورابي ، مابين سنة 1792 و 1750 قبل الميلاد أي قبل أكثر من 3800 سنة وأن لم تكن في وقته قانون خاص بالتعويض و أنما كان هناك مواد من مسلة حمورابي تشير الى ذلك ومنها المادة (5) حيث تنص ( إذا نظر قاضٍ في دعوى و اصدر حكماً منفذا ما جاء في لوح مختوم , ثم غير بعد ذلك حكمه , يدان ذلك القاضي لتغير حكمه و عليه أن يدفع اثنا عشر مثلاً للمدعي و يزاح عن منصبه في سدة القضاء في المجلس ولن يجلس للقضاء مع القضاة ( مرةً أخرى )) و من ثم قوانين بلاد آشور الوسطى و الشريعة الإسلامية.
وعلماء أوروبا ثبتت آراؤهم على أن هذا الحبس الوجيز المدة يجب أن يمتنع القضاة عن الحكم به بتاتًا، وقد صرح من كان حاضرًا منهم مؤتمر علم العقوبة في روما سنة 1885 أن هذا الحبس يجب أن يستبدل في تشريع راقٍ بعقوبة الغرامة ما دام أن المقصود منه هو مجرد تحذير نوع خاص من المجرمين من الاعتياد على الإجرام.
ولا يذهبن القارئ إلى الظن أن سنة 1885 هي بدء اهتمام العلماء بذلك البحث فإن بدء ذلك الاهتمام كان قبل هذا التاريخ بأكثر من عشرين سنة، فقد كان في سنة 1864 حين أخرج العلامة المسيو (يونفيل دي مرسانجي) كتابه في أصلاح القانون الجنائي ، انتقد فيه نظام عقوبات الحبس لمدد وجيزة انتقادًا مرًا نلخصه في هذه العبارة (… أن العقوبة المانعة للحرية يجب ألا ينطق بها مطلقًا إذا كانت العقوبة المالية تفي بالعقاب)( ).
وبحثت المؤتمرات العلمية هذه الفكرة نذكر منها مؤتمر لندن سنة 1872 ومؤتمر ستوكهولم في سنة 1878 ومؤتمر علم العقوبة في روما سنة 1885 والمؤتمر الدولي لقانون العقوبات في بروكسل في سنة 1889 وفي برلين في سنة 1890، وفي مؤتمر علم العقوبة في مدينة لندن سنة 1925 ، وآخر مرة بحثت فيها هذه الفكرة كانت في المؤتمر الدولي السادس لقانون العقوبات المنعقد في روما عام 1953.
وبحثتها جمعيات السجون العامة في فرنسا في سنة 1893 ، وبعدها وتناولتها (أدبيات علم العقوبات) وهنا يحسن أن نشير إلى كتاب المسيو (بونفيل دي مرسانجي) السابق الذكر وكتاب المسيو (جوانفيل) في ( الحبس لمدد وجيزة ونتائجه) ، ومقالة المسيو (كوريفون) في مجلة علم العقوبة سنة 1893.
أولاً :الشرائع القديمة
إن الشرائع القديمة و الشرائع السماوية تطرقت إلى موضوع حبس الإنسان و الاعتداء على حرية الشخص و المساس بهذه الحرية و كرامته فمن هذه الشرائع شريعة حمورابي و من الشرائع السماوية ، الشريعة الإسلامية المقدسة ، هنا نتطرق إلى نظرة الشرائع القديمة و السماوية لموضوع حبس الإنسان دون وجه حق أو كحبس غير مبرر و ذلك أما باتهام شخص بارتكاب جريمة ما دون أدلة و فقط بسبب العداء للشخص و أين كان القصد من الإساءة أي كثأر أو لكراهية المدعي من المتهم البريء .
شريعة حمورابي
أن شريعة حمورابي من أوائل الأنظمة المكونة من مجموعة من القوانين في تاريخ البشر، و احدى أفضل الأمثلة المحفوظة لمثل هذا النوع من الوثائق لبلاد ما بين الرافدين. ومن مجموعات القوانين والتشريعات تتضمن مخطوطة أور-نامو، و مخطوطة اشنونا، ومخطوطة لبت-عشتار ملك أيسن.
شريعة حمورابي شريعة كاملة فلم يبقى شيء أو أمر من الأمور المتعلقة بالحياة لم تطرق له و في موضوعنا هنا ينص قانون حمورابي على أن:
1- إذا اتهم رجلٌ رجلاً آخر ثم لم يثبت ذلك ضده يُحكم على المتهم بالموت ( )
2- لو اتهم رجلٌ آخراً بممارسة السحر ثم لم يثبت قوله (ضده) فعلى من اتهم بممارسة السحر أن يذهبَ إلى النهر المقدس ويقفز فيه فأن غلبه النهر المقدس فعلى المتهم أن يستولي على بيته و يحتفظ به و أن اثبت النهر المقدس أن الرجل بريء من التهمة وعاد سالماً يقتل من اتهمه بممارسة السحر و على من قفز في النهر المقدس أن يأخذ بيت متهِمِهِ و يحتفظ به.
3- لو تقدم رجلٌ ليدلي بشهادة في جناية لكنه لم يثبت أقواله التي أدلى بها , يقتل ذلك الرجل أن كانت الدعوى من الدرجة الأولى( )
4- و إن تقدم ليشهد لصالح ادعاء محله المال أو الحبوب يبقى عرضة للعقوبةِ نفسها إن كانت شهادته كاذبة ( )
5- و في التعويض عن أخطاء القضاء ينص شريعة حمورابي في المادة (5) منها على (( إذا نظر قاضٍ في دعوى و اصدر حكماً منفذا ما جاء في لوح مختوم , ثم غير بعد ذلك حكمه , يدان ذلك القاضي لتغير حكمه و عليه أن يدفع اثنا عشر مثلاً للمدعي و يزاح عن منصبه في سدة القضاء في المجلس ولن يجلس للقضاء مع القضاة ( مرةً أخرى )
6- لو تسبب رجل في رفع أصبع ( اتهام ) نحو كاهنة عظمى أو سيدة متزوجة دون أن يثبت اتهامه يُجلد أمام القضاة و يُحلق شعر نصف رأسه ( )
2- قوانين بلاد آشور الوسطى
A 18 – لو تحدث رجلٌ مع جاره سراً أو علانية ( في شجار ) قائلاً ( زوجتك تتصرف كمومس ) (و) إن اتهمها يضرب هذا الرجل أربعين عصا (أن) لم يستطع أن يدينها و بذلك لا تكون متهمة , كما إن عليه أن يعمل لدى الملك شهراً كاملاً و يقاطع ( ) و يدفع تالنتاً واحداً من الفضة .
ثانياً : التوقيف الاحتياطي و تعويض البريء في الشريعة الإسلامية
التوقيف الاحتياطي مشروع في الإسلام ، ولكن بضوابط حددها الفقهاء منها أن تكون الشبهة قوية ، والمتهم غير مشهور بالصلاح ، فإن كان مشهورا بالصلاح فلا يحبس ولا يعزر بل يعزر من اتهمه ، ولا يستمر الحبس أكثر من شهر .
القاعدة في الإسلام هي براءة الذمة ومنها أخذ مبدأ المتهم بريء حتى تثبت إدانته ، ومن هنا ما لم تثبت إدانة الشخص ، فهو معصوم كرامته مصانة ، ولا يجوز بحال إهدار هذه الكرامة ( ).
والتوقيف الاحتياطي له أسباب ترجع للجريمة وللشخص فما يرجع للجريمة يتلخص في وجود شبهة قوية ، يحد معها تعزيزا إن لم تثبت عليه الجريمة ، ولا يكون التوقيف الاحتياطي لمدى بعيد فقد حدده العلماء بشهر ، ولا تمارس فيه أي وسائل ضغط . أما في الشبهة الضعيفة فلا يجوز التوقيف الاحتياطي.
وما يرجع للشخص فيتلخص في حال الشخص نفسه ، فإن كان ظاهر حاله الصلاح فلا يعزر بدون تهمة بل يعزر من اتهمه . وإن كان مجهول الحال ، فيجوز حبسه إلى أن يتبين حاله . والمشهور بالفجور والفسق وارتكاب الجرائم يحبس ويعزر .
وأجمع الصحابة ومن بعدهم على مشروعية الحبس , وقد حبس الخلفاء الراشدون وابن الزبير والخلفاء والقضاة من بعدهم في جميع الإعصار والأمصار من غير إنكار , فكان ذلك إجماعا.
وتدعو الحاجة – عقلا – إلى إقرار الحبس , للكشف عن المتهم . ولكف أهل الجرائم المنتهكين للمحارم , الذين يسعون في الأرض فسادا ويعتادون ذلك , أو يعرف منهم , ولم يرتكبوا ما يوجب الحد والقصاص.
وقال الإمام الماوردي من فقهاء الشافعية في كتابه الأحكام السلطانية:
للأمير أن يجعل حبس المتهم للكشف والاستبراء . واختلف في مدة حبسه لذلك , فذكر عبد الله الزبيري من أصحاب الشافعي أن حبسه للاستبراء والكشف مقدر بشهر واحد لا يتجاوزه . وقال غيره ( بل ليس بمقدر وهو موقوف على رأي الإمام واجتهاده وهذا أشبه وليس للقضاة أن يحبسوا أحدا إلا بحق وجب).
الفرع الثاني : تعويض الموقوف تعسفاً في المعاهدات الدولية والإقليمية
هناك معاهدات و اتفاقيات دولية و إقليمية اغلبها تنص على حق التعويض في حالات التوقيف الاحتياطي التعسفي أو غير القانوني ، فمنها دولية و واسعة النطاق و منها إقليمية تلزم أطرافها بتوفير هذا الحق و حمايته ، سوف نذكر البعض منها ، من المعاهدات الدولية و من ثم المعاهدات أو المواثيق الإقليمية.
أولاً :المعاهدات الدولية
المعاهدات الدولية هي التي تبرم بين مجموعة دول على مستوى دول العالم و تنص هذه المعاهدات على حقوق و حريات المواطنين في دول الأعضاء و حماية هذه الحقوق و الحريات و من هذه الحقوق حق التعويض العادل في حالات التوقيف الاحتياطي التعسفي أو غير القانوني.
1- العهد الدولي للحقوق المدنية و السياسية
نصت المادة التاسعة الفقرة الخامسة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية على أن
( لكل شخص كان ضحية توقيف أو اعتقال غير قانوني حق في الحصول على تعويض.) وحقيقة الأمر فأن ضوابط هذا النص تشير وبدلالة واضحة إلى ما يستلزمه العهد الدولي الخاص بالحقوق والحريات من ثوابت ملزمة واجبة لا مناص عن الالتزام بها لضمان ملائمة القرارات الصادرة بتوقيف الأشخاص للمعايير الدولية وان يكفل القانون ضمان حقوق الإنسان وفي الحقيقة أن مطابقة القوانين للمعايير الدولية تعكس صورة الدولة الحقيقية وموقفها من المدنية ودخولها إلى المجتمعات الدولية وقبول المجتمع الدولي للدولة رهان ملائمة قوانينها للمواثيق الدولية وحجم الحقوق التي تتكفل الدولة بعنايتها وفي مقدمة هذه الحقوق حق الإنسان في حريته وأمنه.
حين يكون قد صدر على شخص ما حكم نهائي يدينه بجريمة، ثم أبطل هذا الحكم أو صدر عفو خاص عنه على أساس واقعة جديدة أو واقعة حديثة الاكتشاف تحمل الدليل القاطع على وقوع خطأ قضائي، يتوجب تعويض الشخص الذي أنزل به العقاب نتيجة تلك الإدانة، وفقا للقانون، ما لم يثبت أنه يتحمل، كليا أو جزئيا، المسئولية عن عدم إفشاء الواقعة المجهولة في الوقت المناسب.
2- اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة
المادة 14
1. تضمن كل دولة طرف، في نظامها القانوني، إنصاف من يتعرض لعمل من أعمال التعذيب وتمتعه بحق قابل للتنفيذ في تعويض عادل ومناسب بما في ذلك وسائل إعادة تأهيله على أكمل وجه ممكن، وفي حالة وفاة المعتدى عليه نتيجة لعمل من أعمال التعذيب، يكون للأشخاص الذين كان يعولهم الحق في التعويض.
3- إعلان حماية جميع الأشخاص من التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة:-
المادة 11
إذا ثبت أن عملا من أعمال التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة قد ارتكب بفعل موظف عمومي أو بتحريض منه، كان من حق المجني عليه الإنصاف والتعويض وفقا للقانون الوطني.( )
البروتوكول السابع لاتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (البروتوكول السابع للاتفاقية الأوروبية)، وقد دخل إلى حيز التنفيذ في عام 1988. وهو يتضمن مواداً لحماية الأجانب، وكذلك الحق في إحالة أحكام الإدانة بارتكاب أفعال جنائية إلى محكمة أعلى لمراجعتها. كما أنها تضمن حق الفرد في ألا يحاكم أو يعاقب على نفس الجرم مرتين في نفس الولاية القضائية. كما أنها تنص على الحق في الحصول على تعويض بسبب الأخطاء في تطبيق العدالة. وحتى سبتمبر/أيلول 1998، كانت 26 دولة قد صدقت عليه.( )
4- المؤتمر الدولي السادس لقانون العقوبات المنعقد في روما عام 1953 قرر مسئولية الدولة عن تعويض المحبوس احتياطيا.
طالب المؤتمر الدولي لقانون العقوبات المنعقد في روما 1953 على أنه “يجب على الدولة تعويض المحبوس احتياطيا في حالة ارتكاب خطأ قضائي ظاهر، إذا كانت الظروف تشير إلى أن هذا الحبس اكتسب صفة التعسف”.
فسر البعض التوقيف الاحتياطي التعسفي بأنه التوقيف غير الضروري لسير إجراءات التحقيق. ويكون إذا أمر به بناء على أسباب أو وفقا لإجراءات غير منصوص عليها في القانون أو تجاوزت مدته المدة المعقولة و هذا هو الخلل الكبير في القوانين و المواد المتعلقة بالتوقيف لأن المدة قصيرة و لكن أعطى القانون الحق للقاضي أن يمدد مدة توقيف المتهم و اغلب الأحيان إن لم اقل دائما تتجاوز توقيف المتهم مدته القانونية.
نجد عموما أن القضاء ليس معصوما عن الخطأ. فقد يخطئ القاضي أثناء قيامه بجمع الأدلة وربطها. وقد تقود مقتضيات التحقيق إلى إصدار مذكرة التوقيف بحبس لشخص احتياطيا ثم تتبين براءته فيما بعد. وهذا الوضع لا مناص منه لأنه يتعين على القاضي أن يكتفي بتقدير الأدلة التي يمكن توافرها ضد المدعى عليه أو المتهم و التي تستدعي استمرار التوقيف.
وإذا تبين في النهاية أن توقيف المتهم كان غير مبرراً، فإنه يغدو إجراء خطير على حرية الأفراد. لذا يتعين تعويض المتهم الذي خضع لمثل هذا الحبس. علاوة على ذلك، يسلب التوقيف المتهم حريته ويبعده عن حياته الاجتماعية ويعطل أعماله ويؤذي سمعته وأسرته وغيرها من الأضرار المحتملة. خاصة وأن البراءة اللاحقة للتوقيف لا تزيل كل الشكوك عن المتهم. لهذا لجأت معظم الدول إلى الإقرار بمبدأ التعويض عن التوقيف الاحتياطي غير المبرر، حيث جاء ذلك في دساتير بعضها أو في قوانين أصول المحاكمات.
ثانياً : المعاهدات الإقليمية
ومنها المعاهدات المبرمة بين الدول الأوروبية أو العربية أو الأمريكية و أن كانت هذه المعاهدات أو المواثيق ملزمة للأقاليم المصدقة عليها و لكن كانت لها أثرا كبيراً في التوجه الدولي و العالمي الى هذه الفكرة و انتشارها ،وسوف نذكر منها المعاهدات أو المواثيق التي نصت بصراحة بحق التعويض في حالات التوقيف الاحتياطي التعسفي أو غير القانوني .
1- الميثاق العربي لحقوق الإنسان
المادة الثامنة: حظر التعذيب بجميع أشكاله
2 / كما تضمن كل دولة طرف في نظامها القانوني إنصاف من يتعرض للتعذيب وتمتعه بحق رد الاعتبار والتعويض. ( )
المادة الرابعة عشرة:حقوق متصلة بالحرية الشخصية ضد التوقيف أو التفتيش
7- لكل شخص كان ضحية توقيف أو اعتقال تعسفي أو غير قانوني الحق في الحصول على التعويض.
المادة التاسعة عشرة: عدم جواز محاكمة شخص مرتين عن الجرم نفسه والحق في تعويض البريء.
1- لكل متهم ثبتت براءته بموجب حكم بات الحق في التعويض عن الأضرار التي لحقت به.
2- البروتوكول رقم (7) لاتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية
المادة 3
إذا صدر حكم نهائي بإدانة شخص في جريمة جنائية، ثم نقضت هذه الإدانة فيما بعد، أو صدر لصالحه قرار بالعفو على أساس اكتشاف جديد لواقعه تؤكد قطعاً وجود خطأ في إقامة العدل، يجب تعويض الشخص الذي تضرر من العقوبة نتيجة الحكم بإدانته، وذلك طبقاً للقانون أو لما جرى عليه العمل في الدولة، ما لم يقم الدليل على أن عدم الإفضاء بالواقعة المجهولة في الوقت المناسب كان راجعاً إليه كلياً أو جزئياً.
3- الاتفاقية الأمريكية لمنع التعذيب والعقاب عليه
المادة 9
تتعهد الدول الأطراف بأن تدخل في قوانينها المحلية اللوائح التي تضمن التعويض المناسب لضحايا التعذيب.
ولا يؤثر أي من أحكام هذه المادة على الحق في تلقي التعويض الذي يكون من حق الضحية أو الأشخاص الآخرين بموجب التشريعات المحلية القائمة.
4- الاتفاقيـة الأوروبية لحمـاية حقـوق الإنســان والحـريات الأســاســية روما في 4 تشـرين الثانـي/نوفمـبر 1950
وقعـت بروما في 4 تشـرين الثاني/نوفمبـر 1950، بالفرنسـية والإنكليـزية وكلا النصـين معتمـد بالتسـاوي، في نسـخة واحدة تودع في سـجلات الموقعـة.مجلـس أوروبا، ويوجه الأمين العام لمجلـس أوروبا نسـخا رسـمية مصـدقة إلى كل الدول.
( الحكـومات الموقعـة أدناه، أعضـاء مجلـس أوروبا، مراعاة منها للإعـلان العالمـي لحقـوق الإنسـان الصـادر عن الجمعيـة العامـة للأمم المتحـدة بتاريخ 10 كانون الأول/ديسـمبر 1948؛
إذ ترى أن هذا الإعلان يهدف إلى ضـمان الاعتـراف العالمـي بالحقـوق التي ينص عليها وممارسـتها بشـكل فعلـي؛وإذ تعّد أن هدف مجلـس أوروبا هو تحقيـق اتحـاد فعلـي بين أعضـائه، وأن إحدى وسـائل الوصـول إلى هذا الهدف هو حمـاية حقـوق الإنسـان والحريات الأسـاسـية وتطويرها؛وإذ تؤكد على ارتباطها الوثيق بهذه الحريات الأسـاسـية التي تّعد أسـاس العدالـة والسـلام في العالم، والتي تعتمـد أصـلا على نظـام سـياسـي ديمقراطـي فعلـي، من جهـة، وعلى مفهـوم واحد واحتـرام مشـترك لحقـوق الإنسـان التي تنادي بها، من جهـة ثانيـة؛ فقد عزمـت لكونها حكـومات دول أوروبيـة، تحثّها روح واحدة، ولها تراث مشـترك من المُثُل والتقاليـد السـياسـية واحترام الحرية وسـيادة القانون، على اتخاذ التدابير الأوليـة الكفيلة بتحقيـق الضـمان الجمـاعي لبعض الحقـوق المنصـوص عليها في الإعلان العالمـي.
وقد اتفقـت على ما يلي:
المـادة 5
5- لكل شـخص ضـحية القبض عليـه أو حبسـه في شـروط مخالفـة لأحكـام هذه المـادة الحـق في تعويض.
الفصل الأول
تأصيل فكرة التعويض
أن التعويض عن الضرر الذي يصيب الشخص الموقوف أو ردع الأشخاص الذين يحاولون تضليل القضاء و ذلك بقصد الثأر من الشخص المتهم و ذلك بدعوى افتراء أو كيدية أو كخطأ قضائي يسببه القاضي أو عضو الإدعاء العام والنيابة العامة أو أعضاء الشرطة و أن التأصيل ألتأريخي لهذا الموضوع قديم قدم القانون و القضاء و بالتحديد من شريعة حمورابي و الذي شرعه حمورابي ملك بابل الذي حكم مابين سنة 1792 و 1750 قبل الميلاد أي قبل أكثر من 3800 سنة وأن لم تكن في وقته قانون خاص بالتعويض و أنما كان هناك مواد من مسلة حمورابي تشير الى ذلك ومنها المادة (5) حيث تنص ( إذا نظر قاضٍ في دعوى و اصدر حكماً منفذا ما جاء في لوح مختوم , ثم غير بعد ذلك حكمه , يدان ذلك القاضي لتغير حكمه و عليه أن يدفع اثنا عشر مثلاً للمدعي و يزاح عن منصبه في سدة القضاء في المجلس ولن يجلس للقضاء مع القضاة ( مرةً أخرى )) و من ثم قوانين بلاد آشور الوسطى و الشريعة الإسلامية و لكن لم يتسنى لنا في بحث كهذا إلا التطرق الى البعض منها و منها الى الدول الأوروبية التي حاولت و شرعت بعض المواد و من ثم تنظيم هذا التعويض ونحن نحاول جاهدا من خلال هذا الفصل الى الرجوع الى نبذة قصيرة عن التأصيل التاريخي للتعويض عن التوقيف.
المبحث الأول
الأصول الدستورية لفكرة التعويض
أن أغلب الدساتير تنص بصراحة على قرينة البراءة و براءة المتهم حتى تثبت إدانته و الكثير منها تنص صراحة بحق التعويض للمضرور من التوقيف الاحتياطي التعسفي أو غير القانوني ، و لكن الإشكالية في تطبيق هذه المواد الدستورية و عدم تنظيم هذا الحق في قانون خاص أو ضمن قوانين الإجراءات الجنائية ، عن طريق تعديل تلك القوانين لتتضمن هذا الحق و تنظيمها .
تعني قرينة البراءة ، الأصل في المتهم براءته مما اسند اليه و بقى هذا الأصل حتى تثبت في صورة قاطعة و جازمة إدانته( ).
و بما أن موضوع بحثنا حول إمكانية تعويض الأشخاص الذين تم توقيفهم دون وجه حق كمن أوقف بسبب دعوى كيدية أو خطأ قضائي أو توقيف تعسفي ، وذلك استناداً لقرينة البراءة و التعدي على حق إنسان بريء و باسم القانون، لذا يستوجب علينا أن نتطرق الى موضوع البراءة كقرينة و كنصوص دستورية و قانونية موجبة الاحترام و الالتزام بها ، لذا سنبحث البراءة و النصوص الدستورية عن قرينة البراءة و القاعدة أن الأصل براءة المتهم.
المطلب الأول : الأصل براءة المتهم
المجتمع و أن كان ظالما في بعض الأحيان و خصوصا كما اشرنا اليه سابقا بحق المشتبه به كما تهمه معاقبة المتهم حال ثبوت الجرم في حقه ، تهمه أيضاً براءة من وجه إليه اتهام ظالم.
الفرع الأول : أصل البراءة
أن الأصل البراءة ، و أن المشتبه فيه ، مهما قيل عن جسامة جرمه يجب أن يعامل معاملة الشخص العادي و القضاء هو الجهة الوحيدة القادرة على إعادة الحق الى نصابه إذا استشف مجرد استشفاف إن المشتبه فيه لم يعامل معاملة الشخص العادي ( ) فالحرية ليست منحة من المجتمع ، بل هي حق طبيعي يتقرر لكل فرد ، و إننا مع مبدأ محاربة الجريمة و إتاحة المجال أمام الشرطة و القضاء في التحقيق و جمع الأدلة و ذلك بالطرق العلمية الجنائية و ليس على حساب حرية الشخص و كرامته، لأن مصلحة الفرد في الدفاع عن حريته في هذه الحالة تعلو على مصلحة الجماعة في مواجهة الجريمة ، وذلك لما يترتب على الجزاء الجنائي من مخاطر يتعذر في كثير من الأحيان تجاوزها.
يضاف إلى ذلك أن مبدأ أصل البراءة لا يتعارض بحال مع الإجراءات الماسة بالحرية التي يمكن اتخاذها قبل المتهم في مرحلة التحقيق الابتدائي أو في مرحلة المحاكمة ، فكما سبق القول أن عنصر الدفاع عن حرية الفرد يتصادم منذ البداية مع مصلحة المجتمع في الدفاع عن نفسه ضد خطر الجريمة ، وللتنسيق بين المصلحتين يتوجب السماح – بموجب غطاء شرعي من نص دستوري أو قانوني – بالمساس بالحرية الفردية بما يمكن من الوصول للحقيقة حول جريمة ما ، مع وجوب افتراض براءة من خضع لتلك الإجراءات ، بحيث لا تتقرر إدانته في النهاية إلا بأدلة قاطعة ، تبرر في النهاية ما عساه يكون اتخذ قبله من إجراءات ماسة بشخصه.
ولم يكن يمكن التوصل إلى قدر من التوازن بين مصلحة المتهم ومصلحة المجتمع إلا بتقرير ضمانات وحقوق للمتهم ، لا بحسبانه متهماً.
الفرع الثاني : البراءة في نصوص دستورية
أصل البراءة قاعدة أولية توجبها الفطرة ، وتقتضيها الشرعية الإجرائية ، ويتطلبها الدستور لصون الحرية الشخصية في مجالاتها الحيوية ، وبوصفها مفترضاً أولياً لإدارة العدالة الجنائية إدارة فعالة ، ليوفر بها لكل فرد الأمن في مواجهة التحكم والتسلط والتحامل ، وكان افتراض البراءة لا يقتصر على الحالة التي يوجد الشخص فيها عند ميلاده ، بل يمتد إلى مراحل حياته حتى نهايتها ، ليقارن الأفعال التي يأتيها ، فلا ينفصل عنها باتهام جنائي أياً كان أو الأدلة التي يؤسس عليها…هذا الأصل كامناً في كل فرد سواء كان مشتبهاً فيه أم متهماً.
من المبادئ المسلم بها دستورياً قاعدة ( لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص ) وقد يرد المبدأ بالصيغة الآتية ( لا جريمة ولا عقوبة إلا بقانون أو بناءاً على قانون ) وانطلق في الفكر القانوني الحديث كمبدأ دستوري بعد أن نص عليه إعلان حقوق الإنسان والمواطن في مقدمة دستور سنة 1789 الفرنسي . وأصبح قاعدة دولية لا يمكن نكرانها أو تجاهلها بعد أن نص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948 بالقول على انه ( كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئاً حتى تثبت إدانته قانوناً بمحاكمة علنية تؤمن له فيها الضمانات للدفاع عنه )( ) . ( م 11/1 ) ونصت المادة الثامنة من الإعلان على انه ( لكل شخص الحق في أن يلجأ إلى المحاكم الوطنية لأنصافه عن أعمال فيها اعتداء على الحقوق الأساسية التي يمنحها له القانون.
نص دستور جمهورية العراق لسنة 2005 على عدد من الضمانات القانونية والإجرائية والقضائية، حيث نصت (المادة 19) منه على انه:
أولاً :ـ القضاء مستقل لا سلطان عليه لغير القانون .
ثانياً :ـ لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، ولا عقوبة إلا على الفعل الذي يعده القانون وقت اقترافه جريمة، ولا يجوز تطبيق عقوبة اشد من العقوبة النافذة وقت ارتكاب الجريمة.
ثالثاً :ـ التقاضي حقٌ مصونٌ ومكفولٌ للجميع.
رابعاً :ـ حق الدفاع مقدسٌ ومكفولٌ في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة.
خامساً :ـ المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمةٍ قانونيةٍ عادلةٍ، ولا يحاكم المتهم عن التهمة ذاتها مرةً أخرى بعد الإفراج عنه، إلا إذا ظهرت أدلةٌ جديدة.
سادساً :ـ لكل فردٍ الحق في أن يعامل معاملةً عادلةً في الإجراءات القضائية والإدارية.
أن هذه النصوص الدستورية تلزم المشرع أن يعيد النظر في قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي.
ولقد سعى المشرع الجزائري على غرار باقي التشريعات –لاسيما التشريع الفرنسي – لحماية الحرية الفردية و تعزيز قرينة البراءة بوصفها مبدأ دستوريا –نصت عليه المادة 45 من دستور 1996 ( )- وهذا تماشيا مع توصيات واقتراحات اللجنة الوطنية لإصلاح العدالة وانسجاما مع الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان المدنية والسياسية.و لا يوجد دستور يخلو من هذا المبدأ و لكن العلة في تطبيق المبادئ القانونية في أطار القوانين السارية و النافذة بحق الأشخاص.
المطلب الثاني: البراءة في نصوص قانونية
وجه بعض الفقهاء المعاصرين سهام النقد لمبدأ أصل البراءة ، حتى أنهم وصفوه بالمبدأ ذو الطبيعة الخيالية أو المثالية، فلدى هؤلاء أنه إذا كان هناك ما يدعم هذا المبدأ في الماضي ، إلا أنه ليس هناك ما يدعمه في الوقت الحاضر ، فميزان العدالة كان يميل في الماضي إلى جانب سلطة الاتهام على حساب مصلحة المتهم ، إلى أن تحسن مركز الأخير ونال الكثير من حقوقه ، حتى غدت مدونات الإجراءات الجنائية تنهض على أساس محاباة المتهم على حساب حقوق المجني عليه والمضرور من الجريمة ، الأمر الذي أخل في النهاية بالتوازن الواجب بين حقوق المتهم وما يتوجب للمجني عليه من حقوق.
وينتهي هؤلاء للقول بضرورة أن يفسر الشك لصالح المجني عليه أو المضرور من الجريمة لا لصالح المتهم ، فمن الخيال ، بل من السخرية ، القول ببراءة هذا الأخير ثم إحالته للمحاكمة ، فأي برئ هذا الذي تجري محاكمته!؟ ((إذاً كيف يجري محاكمة هذا البريء ؟ لذا يستوجب أن يعامل معاملة البريء و أن يكون طليقاً حتى وأن لم يكون حراً أي له مطلق الحرية في التنقل ولا يخشى – في رأي هؤلاء – التعسف نحو المتهم ، طالما أن الاتهام لا يسعى إلى الإدانة بل يسعى إلى الحقيقية سواء جاءت في صالح المتهم أم ضده ، وطالما تقرر حق الطعن في أحكام المحاكم الدنيا لدى رجات قضائية أعلى تسمح بتجنب الإدانة الظالمة.
والواقع أننا نجد لهذا النقد صدى في الفقه المصري( ) ، وذلك حين قال البعض بعدم دقة افتراض البراءة لتعارضه مع واقعة الاتهام ذاتها ومع الإجراءات الماسة بالحرية كالقبض والتفتيش والأمر بالتوقيف الاحتياطي ، وهى إجراءات لا يتسنى اتخاذها إلا قبل من توافرت دلائل قوية في حقه على الاتهام بارتكاب الجريمة ، فإذا قيل بافتراض البراءة لأصبحت تلك الإجراءات بغير أساس قانوني سليم. هذا فضلاً عن أن الضمانات التي تقررت للمتهم في كافة مراحل الدعوى الجنائية لم تتقرر لكونه برئ وإنما لمجرد كونه متهم. كما أن تفسير الشك لمصلحة المتهم لا يعود لكونه بريئاً ، بل لأن القاعدة أن الإدانة الجنائية تبنى على الجزم واليقين. وأن قاعدة أن عبء الإثبات يقع على عاتق الاتهام فهي الأخرى ليست تطبيقاً لقاعدة افتراض البراءة ، وإنما نابعة من طبيعة الخصومة الجنائية ذاتها. وينهى هذا الرأي بضرورة استبدال عبارة افتراض البراءة بالعبارة التي تبناها الدستور الإيطالي القائلة بأن “المتهم لا يعد مذنباً حتى صدور الحكم النهائي بإدانته” (م.27/2) ، أو بالنص على اعتبار المتهم مجرد مشتبه فيه Simplement suspect بدلاً من اعتباره بريئاً( ) Innocent.
والحق أن تلك الحجج ليس من شأنها الإقناع بعدم قبول مبدأ أصل البراءة. فليس صحيحاً أنه لا يوجد في الحاضر ما يبرر هذا المبدأ ، إذ أن افتراض البراءة لا يتوجه بالخطاب فقط لرجال السلطة العامة ، بل يتوجه للقضاء كذلك في مرحلة المحاكمة. فالواقع أن هذا المبدأ يبدو في كثير من الأحيان كمكمل لعدد من المبادئ التي تلزم لوصف المحاكمة الجنائية بالمحاكمة العادلة ، وعى رأسها مبدأ حياد القاضي الجنائي. فلو فرض وقام شاهد بالتعبير عن رأي يضير بالمتهم ، أو أطلق العنان للسانه لسب المتهم ولم تنه المحكمة عن ذلك ، فإن الأخيرة تكون قد فقدت حيادها .
أن النص على هذا المبدأ في صلب الوثائق الدستورية يعني توجهه بالخطاب كذلك للسلطة القائمة على أمر التشريع الجنائي ، بما يضع على عاتقها قيداً يوجب مراعاة قيم هذا المبدأ ونتائجه حال تنظيم الإجراءات الجنائية التي يمكن اتخاذها إذا تم توجيه الاتهام لأحد الأفراد. وذلك يؤكد ضرورة الإبقاء على فحوى هذا المبدأ في الوقت الذي تتوجه فيه الأنظار نحو تعزيز واحترام حقوق الإنسان.
كما أن هذا الرأي يتغافل عن الخصوصية التي تتمتع بها الدعوى العمومية ، وكونها دعوى تهم المجتمع بأسره ، ومن ثم فإن تحديد مواقف الخصوم تمليه المصلحة العامة لا مصلحة المجني عليه. والمجتمع كما تهمه معاقبة المتهم حال ثبوت الجرم في حقه ، تهمه أيضاً براءة من وجه إليه اتهام ظالم. وهكذا فإن المجني عليه لا يظهر بحسبانه خصماً في الدعوى العمومية ، ولا تبدو الأخيرة – على خلاف الدعوى المدنية – أنها تستهدف الوصول إلى تسوية عادلة بين المتهم والمجني عليه ، ولا يمكن والحال كذلك القول بأن المجتمع يرى خيره في أن يسارع بإدانة شخص قد تظهر براءته فيما بعد. فالحرية ليست منحة من المجتمع ، بل هي حق طبيعي يتقرر لكل فرد ، ومصلحة الفرد في الدفاع عن حريته تعلو على مصلحة الجماعة في مواجهة الجريمة ، وذلك لما يترتب على الجزاء الجنائي من مخاطر يتعذر في كثير من الأحيان تجاوزها.
يضاف إلى ذلك أن مبدأ أصل البراءة لا يتعارض بحال مع الإجراءات الماسة بالحرية التي يمكن اتخاذها قبل المتهم في مرحلة التحقيق الابتدائي أو في مرحلة المحاكمة ، فكما سبق القول أن عنصر الدفاع عن حرية الفرد يتصادم منذ البداية مع مصلحة المجتمع في الدفاع عن نفسه ضد خطر الجريمة ، وللتنسيق بين المصلحتين يتوجب السماح – بموجب غطاء شرعي من نص دستوري أو قانوني – بالمساس بالحرية الفردية بما يمكن من الوصول للحقيقة حول جريمة ما ، مع وجوب افتراض براءة من خضع لتلك الإجراءات ، بحيث لا تتقرر إدانته في النهاية إلا بأدلة قاطعة تبرر في النهاية ما عساه يكون اتخذ قبله من إجراءات ماسة بشخصه. ولم يكن يمكن التوصل إلى قدر من التوازن بين مصلحة المتهم ومصلحة المجتمع إلا بتقرير ضمانات وحقوق للمتهم ، لا بحسبانه متهماً ، ولكن بحسبان أن ما يتخذ قبله من إجراءات ماسة بالحرية إنما يزيل البراءة المفترضة فيه.
ولو قيل أن تلك الضمانات تعود فقط لكونه متهماً ، فلنا أن نتساءل ، لماذا لم تتضمن التشريعات القديمة مثل تلك الضمانات حماية لحقوق المتهم الذي كانت تفترض فيه الإدانة وقتئذ ؟ ولا شك أن المبرر في ذلك يعود إلى أن الإنسانية لم تكن إلى ذاك الوقت لم تكن قد تلمست فكرة افتراض البراءة بعد ، فالمبدأ آنذاك أن يسمح بالمساس بحرية الفرد ، قبضاً وتفتيشاً وحبساً احتياطياً دون أن يكون لذلك أي مبرر من ضرورات تحقيقي أو أمن مجتمع( ). أما حين عرف مبدأ أصل البراءة مع تعاظم صيحات الفلاسفة والمفكرين منتصف القرن الثامن عشر ، وحين تم تسجيل هذا المبدأ كأصل دستوري وإنساني ، فقد جاءت التشريعات مقررة لضمانات حال خضوع شخص لاتهام بارتكاب جريمة.
وإلى جانب ضمانة تفسير الشك لمصلحة المتهم ، فإن إلقاء عبء الإثبات على عاتق سلطة الاتهام تظل أهم نتائج مبدأ أصل البراءة. فهذه القاعدة لا يبررها – على حد قول المعارضين – طبيعة الخصومة الجنائية ، إذ لو صح قول هؤلاء أن من طبيعة الخصومة الجنائية أن يقع عبء الإثبات على عاتق الاتهام ، فكذلك يصح القول بأن من طبيعة الخصومة المدنية أن عبء الإثبات يقع على عاتق المدعي. بيد أن عبء الإثبات يختلف كثيراً في كلتا الخصومتين. ففي الخصومة الجنائية يظل عبء الإثبات دائماً على عاتق الاتهام وسلطة الادعاء ، ولا يرتفع عن كاهلها إلا إذا نص القانون على ذلك صراحة ، فإذا فشلت تلك الأخيرة في هدم قرينة البراءة بإقامة الدليل القاطع على ذلك ، ظل المتهم على براءته ، ولا يكفي أن يبنى الاتهام على قول دون دليل ، ولا يكلف المتهم بإثبات براءته. أما في الخصومة المدنية، فإن عبء الإثبات يمكن أن ينتقل إلى عاتق المدعي عليه الذي يصبح مدعياً يقع عليه عبء إثبات ما يدعيه إذا ما أثار دفعاً ، ولم يقتصر موقفه على مجرد الإنكار. هذا كله لا يسري بحال في المجال الجنائي ، فالمدعى عليه لا ينقلب بمرافعته أو بدفعه مدعياً ، وذلك استبقاءً للبراءة التي تهيمن على كافة إجراءات الدعوى الجنائية ، بما فيها توزيع عبء الإثبات الجنائي.
المبحث الثاني
الأصول القانونية في التوقيف الاحتياطي
ينص القوانين و خصوصا قوانين الإجراءات الجنائية و أصول المحاكمات على تدابير احتياطية و أخطرها التوقيف الاحتياطي و المعروف لا عقوبة بغير حكم قضائي بالإدانة و هذا ما تنص عليه اغلب دساتير الدول.
لذا سوف نتطرق الى موضوع مفهوم و مبررات التوقيف الاحتياطي في مطلب أول ، وقرينة البراءة في المبادئ الدستورية في مطلب ثان.
المطلب ألأول : ماهية التوقيف الاحتياطي و مبرراته
التوقيف الاحتياطي يعتبر استثناءَ على قرينة البراءة ،لأن الأصل في الإنسان البراءة ، و أنه بريء حتى يثبت إدانته، وحماية الإنسان تستوجب الحفاظ على أمنه و سلامته لذا وجدت تدابير احتياطية و من اخطر هذه التدابير،التوقيف الاحتياطي على ذمة التحقيق مع الشخص المتهم بجناية أو جنحة ، إذن يسلب هذه الحرية من الإنسان،و لهذا التدبير الخطير أيضا مبرراته.
الفرع الأول : مفهوم التوقيف الاحتياطي
يعرف التوقيف (الحبس) بأنه سلب حرية شخص متهم بارتكاب جريمة فترة من الزمن بإيداعه أحد السجون لحين إتمام تحقيق يجرى معه ، والأصل في الحبس باعتباره سلبا للحرية أنه عقوبة وبالتالي يجب ألا يوقع إلا بحكم قضائي و ذلك بناء على مبدأ (لا جريمة و لا عقوبة إلا بنص) وبعد محاكمة عادلة تتوفر فيها للمتهم ضمانات الدفاع عن نفسه، وذلك إعمالا لأصل عام من أصول المحاكمات الجنائية ـ بل هو حق من حقوق الإنسان ـ ، هو أن الأصل في الإنسان البراءة .
ومع ذلك أجازه المشرع للمحقق في التحقيق الابتدائي بصفة احتياطية بمجرد أن يبدأ التحقيق أو أثناء سيره ، فالتوقيف الاحتياطي إجراء من إجراءات التحقيق ويتعارض مع أصل البراءة المفترض في الإنسان .
فهو إجراء بالغ الخطورة يتعين أن يحيطه المشرع بضمانات كبيرة ويتعين ألا يلجأ إليه المحقق إلا لضرورة ملحة و لا يكون للقاضي سلطة تقديرية بل سلطة مقيدة. وقد عرفت معظم تشريعات العالم نظام التوقيف الاحتياطي مع اختلافات في التسمية أو في تطبيقه .و الأصل في الحبس باعتباره سلبا للحرية أنه عقوبة و بالتالي يجب ألا يوقع إلا بحكم قضائي بعد محاكمة عادلة.( )
أولاً : التوقيف كإجراء وقائي ومبرراته
يكاد يحصر هذه المبررات و بصورة عامة في أداء ثلاث وظائف : –
1- التوقيف الاحتياطي كإجراء ضامن لتنفيذ العقوبة : فهو وسيلة تضمن التحفظ على المتهم تحت أيدي سلطات التحقيق حتى يصدر حكم بالإدانة فتنفذ العقوبة أو يقضى بالبراءة فيخلى سبيله مما يضمن ألا يفلت متهم من العقاب.
2- التوقيف الاحتياطي كإجراء من إجراءات الأمن : حيث يهدف إلى حماية المجتمع من عودة المتهم إلى ارتكاب جرائم أخرى ، ويحمى المتهم من محاولات انتقام أهل المجني عليه ، أو غيرهم ممن استفزهم واستثار سخطهم اقتراف المتهم لفعلة ، خاصة ولو اتسم بوضاعة عالية .
3- التوقيف الاحتياطي بوصفه وسيلة من وسائل التحقيق : وهى الوظيفة الأساسية ، حيث يحقق بعض الأغراض التي يمكن إجمالها في النقاط التالية :
أ- بقاء المتهم في متناول سلطة التحقيق .
ب- المحافظة على أدلة الجريمة من محاولة المتهم إخفائها أو طمسها ، إذا أطلق سراحه .
ج- منع التواطؤ بالحيلولة بين اتصال المتهم بباقي شركائه في ارتكاب الجريمة ، وبغل يده عن تجهيز شهود نفي مزيفين ، أو من تهديد شهود الإثبات .
و انه ضماناً لحرية الفرد فرض المشترع قيودا في حال حجز حرية الشخص من قبل قاضي التحقيق و وضع مهلاً قصيرة لقيام هذا الأخير باستجوابهم ، ولم يجعل المشترع من التوقيف سوى تدبيراً استثنائيا لا يمكن اللجوء اليه حتى في الجناية إلا إذا اقتضى سلامة التحقيق ذلك و من البديهي أن تقدير سلامة التحقيق متروك لشرف القاضي و ضميره و حسن تقديره للأشياء.
ثانياً : التوقيف الاحتياطي التعسفي
المقصود بالتوقيف التعسفي : فقد أثار جدل فقهي حاد حول تفسير معناه. فالمادة (9)من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تنص: (( لا يجوز القبض على أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفيا ” و كذا المادة (9) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية تنص على:” أن لكل إنسان الحق في الحرية و في الأمن على شخصه، و لا يجوز تحكما القبض على أي إنسان….)) فلم يستقر الرأي حول المعاني التي يمكن إعطاؤها ( لكلمتي تعسف و تحكم ( ).
و لقد تعرضت اللجنة الثالثة التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة خلال دورتها الثالثة لدراسة هذه المادة التاسعة، فرأى بعض أعضاؤها أن الحبس المؤقت التعسفي هو الحبس الذي يؤمر به دون أسباب قانونية أو مخالفة للقانون، أو تطبيقا لقانون غير عادل في حد ذاته أو لا يتوافق مع الكرامة الإنسانية أو لا يتوافق مع احترام الحرية و أمن الشخص.( )
و هكذا تم التوسيع في مفهوم التوقيف التعسفي لشمل الحبس التحكمي الناجم عن رغبة أو هوى عابر حيث أنه في الحلقة الدراسية لحماية حقوق الإنسان في نطاق تطبيق الإجراءات الجنائية و العقوبات المنعقدة في الشيلي 1958 قد أورد المؤتمرون ثلاث تعاريف لكلمة تعسف:
1. إذا كان الإجراء أو الفعل مطابق للقانون الوضعي لكنه لا يتضمن الحماية المطلوبة لحقوق الإنسان.
حيث أنه قيل في شرعية القانون الجنائي أنه يستمد هذه الشرعية من ضرورة تقييد سلطة الدولة لحدود معينة دون أن تكون مطلقة حتى لا تستبد على حريات و حقوق المواطنين.
2. التعسف في تطبيق القانون.
3. التحكم بالمعنى اللاقانوني : أي الناجم عن الرغبة أو هوى عابر و بغض النظر عن النقاش الذي دار حول هذا المصطلح فالمقصود بالتوقيف الاحتياطي التعسفي هو الحبس غير الضروري لسير إجراءات التحقيق و يكون كذلك إذا أمر به بناء على أسباب أو وفقا لإجراءات غير منصوص عليها في القانون أو تجاوزت مدته ( المدة المعقولة) .( )
4. أما المشرع الجزائري فقد وضع قرينة للاستدلال بها على الحبس المؤقت الغير مبرر فاعتبر كل حبس أمر به خلال متابعة جزائية انتهى لصالح المتهم بصدور قرار نهائي بألا وجه للمتابعة أو البراءة يعد حبسا غير مبرر. على أنه إذا تم حبس أي متهم حبسا مؤقتا دون مراعاة توفر الشروط القانونية و ظل محبوسا فإن هذا الحبس يعتبر حبسا تعسفيا يعاقب عليه وفقا لأحكام المواد 113 ،112 قانون الإجراءات الجنائية المصري و المادة 109 من قانون العقوبات الجزائري و يدرج تحت الخطأ القضائي إذ يستوجب التعويض. ( )
الفرع الثاني: إساءة استعمال حق التقاضي و الخطأ القضائي كسبب من أسباب نشوء حق التعويض
إن ما ينتج من إساءة حق التقاضي و رفع شكوى ضد أي شخص دون وجه حق ، وخصوصاً عندما تكون الدعوى كيدية فأن ذلك يؤدي الى الأضرار بالشخص المتهم و بالتالي ينشأ حقاً للمضرور أن يطالب الشخص المفتري بالتعويض (بموجب حق التعويض عن التوقيف الاحتياطي التعسفي ) و كذلك الحال بالنسبة للخطأ القضائي حيث كثيراً ما يلحق الأذى بالمتقاضين نتيجة القرارات القضائية التي تنطوي على أخطاء قضاة التحقيق والقائمين بالتحقيق.
أولاً : إساءة استعمال حق التقاضي
الحق هو كل مصلحة مادية أو أدبية يحميها القانون – ومهمة القانون هي تنظيم حقوق الأفراد وواجباتهم وكفالة احترام المجموع لهذه الحقوق بحيث تصبح قائمة غير معتدى عليها – وطبيعة الحياة الاجتماعية تقتضي اشتباك المصالح وتعارض حقوق الأفراد والتنازع عليها ، فيجب أن يظل إشراف القانون قائمًا في هذا الخصوص ليحسم ما يجد من خلافات ويفض ما يثور من منازعات ، وهذا الإشراف المباشر على اشتباك الحقوق يعهد به القانون إلى سلطة تسهر عليه وتتوفر له – وهي سلطة القضاء. أما التعسف في الحق هو انحراف في مباشرة السلطة من السلطات الداخلة في حدود الحق أي أن صاحب الحق يعمل ضمن نطاق حقه ولكن يتعسف في استعمال هذا الحق.
وطبيعي وقد وجدت هذه السلطة أن يخول القانون الفرد حق اللجوء إليها لحماية حقوقه وصونها من العدوان،وإذا كان الأفراد بحسب الأصل مطالبين بأنفسهم باحترام هذه الحقوق فإن عدم مراعاتهم لذلك يترتب عليه أن يكون لصاحب الحق المعتدى عليه إلزام المعتدي باحترام حقه – وهذا الإلزام لا بد من وسيلة قانونية لتحقيقه – وهذه الوسيلة هي الدعوى.
و الدعوى هي الوسيلة القانونية التي يتوجه بها الشخص للقضاء للحصول على تقرير حق له أو حمايته. أن الدعوى حق تابع للحق الأصلي الذاتي – فالقضاء وهو السلطة القائمة على حماية الحقوق الذاتية لا يمكن أن يتدخل من تلقاء نفسه لحماية حق اعتدى عليه أو أنكر وجوده بل خول الفرد صاحب الحق المعتدى عليه حق دعوة هذه السلطة إلى التدخل لحماية حقه – وهذا الحق المخول له هو الدعوى.
أما أن توجه إجراءات التقاضي لغرض غير مشروع وأن يسيء الفرد حقه في اللجوء للقضاء فيستخدم هذا الحق بقصد التشهير بخصمه والكيد له أو بقصد تكبيده تكاليف مادية و أضرار معنوية أو بقصد تحقيق مصلحة غير مشروعة فهو الأمر الذي لا يقره القانون ولا تبيحه النصوص الواجب إعمالها واحترامها.
أصبحت نظرية سوء استعمال الحقوق نظرية عامة تنبسط على جميع الحقوق وأخذ بها الفقه والقضاء الحديثان وإنتظمتها تشريعات الدول الحديثة، فقد نصت المادة الخامسة من القانون المدني المصري على ما يلي:
يكون استعمال الحق غير مشروع في الأحوال الآتية:
( أ ) إذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير.
(ب) إذا كانت المصالح التي ترمي إلى تحقيقات قليلة الأهمية بحيث لا تتناسب البتة مع ما يصيب الغير من ضرر بسببها.
(ج) إذا كانت المصالح التي ترمي إلى تحقيقها غير مشروعة.
والمعيار الأول الذي وضعته المادة مستمد من توافر نية الأضرار، وقد جرى القضاء على استخلاص هذه النية من انتفاء كل مصلحة من استعمال الحق استعمالاً يلحق الضرر بالغير أو من تفاهة المصلحة التي تعود على صاحب الحق في هذه الحالة – وبذا يتداخل المعيار الثاني وهو استعمال الحق ابتغاء تحقيق مصلحة قليلة الأهمية بالنسبة لما يصيب الغير من ضرر في المعيار الأول ويصبح غير منفصل عنه، والمعيار الثالث هو استعمال الحق استعمالاً يرمي إلى تحقيق مصلحة غير مشروعة كما إذا كان تحقيقها يخالف أحكام القانون أو يتعارض مع النظام العام أو حسن الآداب. وبذا ترجع كل المعايير الثلاثة لتوافر المصلحة في استعمال.
ثانيا : الخطأ القضائي
فيما جاء في حديث شريف (( كل ابن آدم خطاء و خير الخطاءين التوابون)) فالخطأ القضائي محتمل الوجود دائما في عدالة البشر, ولذلك نصت التشريعات المختلفة على طرق الطعن في الأحكام من خلال طرق الطعن من الاعتراض و الاستئناف و التمييز ( النقض ) وحتى بعد صيرورة الحكم بالإدانة باتا.
أجاز المشرع المصري للمحكوم بإدانته في جناية أو جنحة الطعن في الحكم في أي وقت بطريق إعادة النظر لإصلاح ما شابه من خطأ موضوعي, وذلك طبقا للمواد( 441) وما بعدها من قانون ( الإجراءات الجزائية) وعندما قضت محكمة التمييز ببراءة بعض المتهمين بعد أن أمضوا عدة أشهر في محبسهم عاد إلى الأذهان الجدل القديم المتجدد بشأن أحقية المتهم المحكوم ببراءته في الحصول من الدولة على تعويض عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به من جراء حبسه احتياطيا أو التنفيذ الفوري للحكم السالب لحريته نظرا لأن التشريع المصري مشوب بقصور معيب في هذا الصدد.
لذلك من حق المحبوس احتياطيا والذي حكم ببراءته في إقامة دعوى تعويض عن مدة حبسه ونؤكد على أحقية من حبس احتياطيا ثم ثبتت براءته من التهمة المنسوبة إليه أن يرفع دعوى بالتعويض عن فترة حبسه احتياطيا ,وذلك وفقا للإجراءات والقواعد المقررة لرفع الدعاوى مع مراعاة ما ورد في قانون المرافعات المدنية والتجارية ويقدر مبلغ التعويض على أساس الفترة التي قضاها في الحبس ولا يستحق التعويض إلا من ثبتت براءته تماما من التهمة المنسوبة إليه وكان حبسه احتياطيا مقررا لمصلحة التحقيق ولا يستحق التعويض من حصل على حكم بالبراءة بسبب عيب في الإجراءات أو نقص في الأدلة رغم وجود دلائل قوية على نسبة الاتهام إليه.
وأن ينشأ بوزارة العدل صندوق يتولي صرف التعويضات التي يحكم بها لمن حبس احتياطيا ثم ثبتت براءته وتحدد موارد هذا الصندوق بالاتفاق بين وزير العدل ووزير المالية وأن تلتزم وزارة العدل بنشر أحكام البراءة لكل من ثبتت براءتهم وكانوا محبوسين احتياطيا وذلك في جريدتين يوميتين واسعتي الانتشار, على أن يصدر وزير العدل اللائحة التنفيذية لهذا القانون خلال ثلاثة أشهر من تاريخ العمل.
الفرع الثالث : العلاقة السببية بين الخطأ والضرر و وجوب التعويض
الأصل في مسؤولية الفرد المدنية عن أفعاله أو تصرفاته تقوم على أساس تحقق ثلاثة أركان هي الخطأ والضرر والعلاقة السببية بينهما فان تخلف احدها او تخلف احد شروط أي ركن من هذه الأركان فلا تقوم المسؤولية ، وهنا نبحث في مدى توافر هذه الشروط لكي يستوجب هذا التصرف ، تعويض المضرور بسبب هذا الخطأ من قبل المسؤول عن الضرر حيث أن المسؤولية يستوجب ركن .
أولاً : العلاقة السببية بين الخطأ والضرر
العلاقة السببية بين الخطأ و الضرر هو أن توجد علاقة مباشرة ما بين الخطأ و الضرر الذي ارتكبه المسئول و الضرر الذي أصاب المضرور. والسببية هي الركن الثالث من أركان المسئولية . وهي ركن مستقل عن ركن الخطأ. وآية ذلك أنها قد توجد ولا يوجد الخطأ( ) . ما إذا أحدث شخص ضرراً بفعل صدر منه لا يعتبر خطأ وتحقق مسئوليته على أساس تحمل التبعة، فالسببية هنا موجودة والخطأ غير موجود. وقد يوجد الخطأ ولا توجد السببية.
1- الضرر المادي والضرر المعنوي
أ- الضرر المادي
الضرر المادي إخلال يحق للمضرور له قيمة مالية أو بمصلحة له ذات قيمة مالية ويؤكد الفقه على أن الضرر الجسدي أي المساس بسلامة الجسم هو ضرر مادي يترتب عليه خسارة مالية للمضرور يتمثل في نفقات العلاج وكسب فائت يتمثل في العجز في القدرة على العمل واظهر صور الضرر المادي يتمثل في الاعتداء على حق مالي أيا كان نوعه أي سواء كان حقا عينيا تبعيا أو على حق شخصي وقد يتمثل الضرر المادي في المساس بمجرد مصلحة أي ميزة لم ترق بعد إلى مرتبة الحق بما في ذلك مثلا الحرمان من العائل.
ب- الضرر المعنوي
الضرر المعنوي لا يمس أموال المضرور وإنما يصيب مصلحة غير مالية ومن ذلك إن إصابة الجسم يمكن أن تعد ضررا ماديا كونها اعتداء على حق الإنسان في الحياة وسلامة الجسم وضررا أدبيا يصيب المضرور في عاطفته وشعوره وتدخل إلى قلبه الغم والحزن ويمكن إرجاعه الى حالات معينة منها الضرر الأدبي الناجم عن إصابة الشخص والألم الذي تخلفه الإصابة يكون ضررا ماديا وأدبيا كذلك وقد يتمثل الضرر الأدبي فيما يصيب الشخص في شرفة واعتباره نتيجة لقذف والسب وقد يحدث الضرر الأدبي عن مجرد المساس بالعاطفة والشعور.
وقد تردد الفقه طويلا في خصوص التعويض عن الضرر الأدبي ورأى البعض عدم ملائمة ذلك باعتبار إن الغاية من التعويض هو جبر الضرر وهو أمر ينطبق على الضرر المادي الذي يمكن حساب الخسارة أو الكسب الفائت عنه مبلغ محدد يدفع للمتضرر . ومع ذلك فقد انتصر الرأي القائل بإمكانية التعويض عن الضرر الأدبي باعتبار انه إذا تعذر حساب الضرر الأدبي فلا اقل من أن يمنح المتضرر عنه بعض المال كتعويض عما اصابه.وهكذا نصت بعض القوانين المدنية المقارنة على إن التعويض يشمل الضرر الأدبي أيضا .
2- آثار التوقيف الاحتياطي
يعتبر التوقيف الاحتياطي في كل البلدان تدبيرا استثنائياً لا يجوز اللجوء اليه إلا إذا كان له ما يبرره إذ إن له آثاراً نفسية و أدبية على الموقوف كما له آثاراً سلبية على عائلته و مهنته و مورد رزقه و فيما يلي نتطرق الى آثار التوقيف الاحتياطي النفسي و الأدبي و المالي و المهني.
أ- ألآثار النفسية و الأدبية
تشكل الحرية المبدأ السامي الذي يرعى حياة الإنسان في المجتمع و تعتبر قرينة البراءة الدرع الواقي تجاه السلطة القضائية و أن اتحاد المبدآن يؤكدان أنه طالما أن المتهم بريء فله حق التمتع بحريته وفقاً لأحكام الدستور و القانون( ) .و أن مثل هذا الانتهاك لحقوق الإنسان الموقوف يترك آثاراً سيئة في نفس المدعي عليه و محيطه و يعني التوقيف الاحتياطي نزع المدعي عليه من أهله و جيرانه و وضعه في السجن فينظر اليه أقرانه و محيطه كمجرم رغم تمتعه بالبراءة و رغم أن المحكمة قد تبرئه من التهمة المنسوبة اليه و هكذا يصبح المدعي عليه مجرماً في نظر المجتمع مما يصعب تبيض صفحته أمام الرأي العام.
ولعل هذه الأمور دفعت المشرع الفرنسي الى إقرار تعويض تدفعه الدولة مقابل الضرر المعنوي اللاحق بالموقوف.
ودعماً لمبدأ أصل البراءة فقد حرص المشرع الفرنسي – بموجب المادة 137 من قانون الإجراءات الجنائية في صياغتها الجديدة – على تأكيد مبدأ استثنائية التوقيف الاحتياطي كأجراء احتياطي Subsidiaire . فقرر أن الشخص محل الاتهام ، المفترض براءته ، يظل حراً. ويجوز لضرورات التحقيق أو كتدبير احترازي إلزام المتهم بواحد أو أكثر من التزامات الرقابة القضائية. وحينما لا تكفي تلك الأخيرة في تحقيق أهدافها ، يكمن بصفة استثنائية إخضاعه للحبس المؤقت. وعلاوة على ذلك فقد حرص المشرع على الحد من حالات التوقيف الاحتياطي،وقصره على الجرائم ذات الجسامة (م.143-145).
وتطبيقاً للمادة التمهيدية لقانون الإجراءات الجنائية الفرنسي ، التي توجب التعويض عن الاعتداءات على قرينة البراءة ، خطى المشرع خطوات واضحة نحو تفعيل مبدأ التعويض عن التوقيف الاحتياطي ، بأن رفع مبدأ التعويض من مصاف المكنة للجهة القضائية التي تفصل في الطلب ، إلى مصاف الوجوب إذا توافرت شروط التعويض (م.149). وقد أوجب قانون 15 يونيو 2000 إخطار الشخص ، فور صدور أمر بألا وجه في مواجهته أو حكم بالبراءة ، بحقه في طلب التعويض (م.149 ، 149-1). كما سمح القانون سالف الذكر بفحص طلب التعويض على درجتين.
ب- الآثار المالية و المهنية
من الطبيعي أن يؤدي التوقيف الاحتياطي الى حرمان المدعي عليه من مورد رزقه و بالتالي حرمان عائلته من هذا المورد و تدهور أوضاعها المالية إذا ما أطال أمد التوقيف الاحتياطي، و ترتد آثاره السلبية على من لاذنب له و أن كان الموقوف مذنباً ، إذ تصيب الأبناء القصر و الزوجة و ربما الوالدين و تضطرهم لطلب المعونة من الغير يؤدي التوقيف الى حرمان الموقوف أو المدعى عليه من وظيفته إذ يعمد رب العمل الى طرده لمجرد العلم أنه أوقففي قضية معينة دون انتظار الحكم الذي سيصدر عن المحكمة .
ثانياً: بعض حالات التوقيف كخرق للدستور و مبادئ حقوق الإنسان
هناك حالات كثيرة ومآسي كثيرة تحدث نتيجة توقيف أشخاص و خصوصا النساء فهناك حالات كثيرة أدت الى إيقاف نساء ظلما دون وجه حق و لكن بعد أن حصلت على البراءة حدث الى ماكان ليحدث من تشريد أطفال و الحصول على الطلاق من زوجها و هذا ما نشر في تقرير :
((في حين أن السيدة (ع,ز) في الثلاثين من عمرها تبقى حالتها أخف وطأة من (أ,ن ) متزوجة من رجل له خمسة أولاد, اتهمت كخالة بأنها تهمل رعاية أبناء زوجها ولا تقوم بالعناية بهم العناية الكافية إلى أن انتهى الأمر بالإهمال والسقوط لأحد الأولاد عن سلم المنزل فوضع القدر حداً لحياته التي لم يعرف فيها طعم الطفولة ولم يشعر بحنان الأم أو الأب.
وسيقت السيدة (ع,ز) إلى السجن بتهمة القتل القصد وبعد التحريات وسماع أقوال الشهود والأطفال الآخرين أخوات المغدور وتقرير الطبيب الشرعي الذي أكد أن المغدور كان يعاني من مرض أدى إلى وفاته وفقدان توازنه وعدم تماسكه فهوى من أعلى السلم ما أدى إلى وفاته.
وبعد نحو ثلاثة أشهر أخلي سبيل السيدة (ع,ز) لعدم قيام الدليل على القتل القصد إذ إن إهمالها لرعاية الأطفال وإن كان مؤكداً ولكن من المؤكد أيضا أنها لا يمكن أن تكون قاتلة.
ولكن بعد ماذا, بعد أن خسرت ابنتها الطفلة التي شردت طيلة فترة سجنها وخسرت زوجها الذي طلقها أثناء فترة السجن وخسرت سمعتها ولكن أين التعويض ومن يتحمل المسؤولية ويعيد لتلك السيدة ما فقدته من سمعتها وتشرد ابنتها وطلاقها من زوجها))( ).
والجدير بالذكر أنه إذا كان حق القبض المخول لمأمور الضبط مقيدا بتوافر حالاته التي نص عليها القانون والدستور ويترتب على هذا أنه إذا كان ملقى القبض متمتعا بالفعل بالوضعية القانونية في كونه من مأموري الضبط ولكن لم تتوافر حالة من الحالات التي يبيح فيها القانون القبض أصبح مرتكبا لجريمة القبض على الأشخاص دون وجه حق. ومن أهم حالات التوقيف كخرق للقانون هو الخروج عن الشروط المبينة في القانون لتوقيف المتهم و منها :
وضع المشرع في قانون أُصول المحاكمات الجزائية العراقي مقياسا ًللتوقيف جاءت على بيانه المادتين (109و110) منه والتي بموجبها يمكن أن يصدر الأمر بتوقيف المتهم ضمن المعايير محددة،كما جاء قرار مجلس قيادة الثورة (الملغي)رقم لسنة 1999 ليمنع التوقيف في بعض الجرائم ، وعليه فإن معايير التوقيف في التشريع العراقي هي على النحو الآتي :
أ. جرائم الأصل فيها توقيف المتهم ، وهي المعاقب عليها بالحبس مدة تزيد على ثلاث سنوات أو السجن المؤقت أو المؤبد.وتنص الفقرة (أ) من المادة (109) على ذلك بالقول ((إذا كان الشخص المقبوض عله متهماً بجريمة معاقب عليها بالحبس مدة تزيد على ثلاث سنوات أو بالسجن المؤقت أو المؤبد فللقاضي أن يأمر بتوقيفه مدة لا تزيد على خمسة عشر يوماً في كل مرة أو يقرر إطلاق سراحه بتعهد مقرون بكفالة شخص ضامن أو بدونها بأن يحضر متى طلب منه ذلك إذا وجد القاضي إن إطلاق سراح المتهم لا يؤدي إلى هروبه ولا يضر بسير التحقيق)).
والغاية من توقيف المتهم في مثل هذه الجرائم هي المحافظة على الأدلة والقرائن المادية المتحصلة في القضية ضد الجاني لأن إطلاق سراح المتهم أثناء التحقيق يمكنه من العبث بالأدلة أو تأثيره على الشهود أو تعريض الأدلة للخطر .وقد أكدت محاكم الجنايات بصفتها التمييزية على هذه الغاية في العديد من القرارات. ( ).
ب. جرائم الأصل فيها عدم توقيف المتهم ، وهي المعاقب عليها بالحبس مدة ثلاث سنوات أو أقل أو بالغرامة، وتنص الفقرة (أ) من المادة (110) على ذلك بالقول : (( إذا كان المقبوض عليه متهماً بجريمة معاقب عليها بالحبس مدة ثلاث سنوات أو أقل أو بالغرامة فعلى القاضي أن يطلق سراحه بتعهد مقرون بكفالة شخص ضامن أو بدونها ما لم يرَ إن إطلاق سراحه يضر بسير التحقيق أو يؤدي إلى هروبه )) و هنا تظهر العلة الأكثر مسبباً لخلق هذه الحالات من التوقيف التعسفي حيث لا يرى القضاة غير الضر بسير التحقيق .
وبهذا الصدد نرى أن المشرع ساوى في إمكانية التوقيف بين الجرائم المعاقب عليها بالحبس مدة ثلاث سنوات فأقل وبين الجرائم المعاقب عليها بالحبس بالغرامة وأجاز في الحالتين توقيف المتهم ، ونرى أن الجريمة المعاقب عليها بالغرامة فقط والتي استبعد منها المشرع إمكانية الحكم بالحبس لا تستوجب إمكانية التوقيف ( ولو أن القضاة يقومون بالحيلة على القانون و إصدار أمر بالتوقيف بموجب مادة اشد) ، فهي عقوبة مالية والإجراء التحفظي بصددها ينبغي أن يكون ذا طابع مالي أيضاً ولا يمس الحرية الشخصية بأي شكل من الأشكال ، لذلك نرى وجوب إطلاق سراح المتهم في الجرائم المعاقب عليها بالغرامة فقط بتعهد شخصي ومقرون بكفالة أو بدونها إلا إذا تعذر وجود الكفيل ، ومن الجدير بالذكر إن العديد من التشريعات العربية لا تجيز التوقيف في مثل هذه الجرائم( ).
كما يدخل ضمن هذه الطائفة جرائم المخالفات ، حيث أن الأصل فيها عدم توقيف المتهم باستثناء حالة ما إذا كان المتهم فيها ليس له محل إقامة معين . وهو ما تنص عليه الفقرة (ب) من المادة (110) بالقول ((إذا كان المقبوض عليه متهماً بمخالفة فلا يجوز توقيفه إلا إذا لم يكن له محل إقامة معين )) .
وبما أن المخالفات هي جرائم قليلة الأهمية ،فإن جواز توقيف المتهم عنها يتعارض مع الضمانات الأساسية التي تقتضيها المحافظة على الحرية الشخصية فلا خوف من هروب المتهم ، إذ ليس من المنطقي أن يُضحّي بمكانته الاجتماعية ومصالحه المادية لمجرد احتمال صدور حكم بسيط –غالباً ما يكون الغرامة- ، كما لا خشية على مصلحة التحقيق إذا علمنا أن التحقيق في المخالفات غالباً ما يعتمد على المحضر الذي ينظمه أو يحرره المسؤول في مركز الشرطة( ) .
كما أن مثل هذا الجواز من شأنه أن يؤدي إلى ازدحام (المواقف) مع ما يرافق هذا الازدحام من مساوئ وسلبيات ونتائج ضارة بالمصلحة العامة و بالموقوف ، لذلك نرى ضرورة حسم المخالفة بنفس يوم ارتكابها أو في يوم إجراء التحقيق فيها من قبل قاضي التحقيق المختص مع إلغاء الاستثناء الوارد في المادة (110/ب) أنفة الذكر ، تحقيقاً للمصلحة العامة ولمصلحة المتهم في آن واحد .
الهوامش
– / أحمد فتحي سرور – الوسيط في قانون إجراءات الجنائية – طبعة 1985 . ص 623
– عبد العزيز سعد – إجراءات الحبس الاحتياطي والإفراج المؤقت – المؤسسة الوطنية للكتاب 1985 . ص 13
– د / أحسن بوسقيعة – التحقيق القضائي – طبعة الثانية – الديوان الوطني للأشغال التربوية – 2002 .
– د. احمد فتحي سرور: المصدر السابق ، ص625.
– الدستور العراقي الدائم لسنة 2005 – المادة 15 .
الدستور اللبناني – المادة 8.
– الدستور العراقي الدائم لسنة 2005 – المادة 19 / خامساً.
– الدستور المصري المادة 41 .
– تطوير الإجراءات الجنائية : الحبس الاحتياطي نموذجًا ورقة مقدمة من سليمان عبد المنعم أستاذ القانون الجزائي بجامعة بيروت العربية
– تادرس ميخائيل المحامي النتائج الضارة التي تترتب على عقوبات الحبس لمدد وجيزة والعقوبات التي يصح أن تحل محلها (مجلة المحاماة – مصر سنة 1926 مجلة المحاماة – العدد التاسع – السنة السادسة – عدد يونيه
– شريعة حمورابي و أصل التشريع في الشرق القديم مجموعة من المؤلفين – ترجمة أسمة سراس – دار علاء الدين – الطبعة الثانية – دمشق 1993 المادة الأولى من شريعة حمورابي ص 95
– – شريعة حمورابي و أصل التشريع في الشرق القديم – نفس المصدر
– شريعة حمورابي و أصل التشريع في الشرق القديم – نفس المصدر
– شريعة حمورابي و أصل التشريع في الشرق القديم – نفس المصدر
– أي تنزع منه كل الحقوق كالتملك و الانتساب الى الدين
– موقع اسلام اونلاين – استشارات – مجموعة من المفتين – http://www.islamonline.net
– إعلان حماية جميع الأشخاص من التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
– البروتوكول السابع لاتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية
– إعلان حماية جميع الأشخاص من التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة
– الدكتور. محمود نجيب حسني – شرح قانون الإجراءات الجنائية الطبعة الثانية لسنة 1988 – دار النهضة العربية.
– الدكتور . احمد فتحي سرور . الشرعية و الإجراءات الجنائية 1977 ص 117
– الإعلان العالمي لحقوق الإنسان – المادة 11- 1
– الدستور الجزائري – المادة 45 كل شخص يعتبر بريئا حتى تثبت جهة قضائية نظامية إدانته، مع كل الضمانات التي يتطلبها القانون.
– د. آمال عثمان ، الإثبات الجنائي ووسائل التحقيق العلمية ، مطبعة دار إلهنا ، 1975 ، ص76 .
– – د. علاء الصاوي ، حق المتهم في محاكمة عادلة ، دراسة مقارنة بين القانون المصري والفرنسي ، رسالة دكتوراه ، القاهرة ، 2001 ، ص505
– د. محمود مصطفى ، الإثبات في المواد الجنائية ، ص57
– الدكتور. عبدالرؤف مهدي – الحبس الاحتياطي في ضوء أحكام القانون 145 لسنة 2006والقانون رقم 153 لسنة 2007- ص4
– حمزة عبد الوهاب – النظام القانوني للحبس المؤقت في قانون الإجراءات الجزائية الجزائرية –دار هومه – الطبعة الثانية- 2006
– د. بوكحيل الأخضر –الحبس الاحتياطي –و المراقبة القضائية في التشريع الجزائري و المقارن – ديوان المطبوعات الجامعية – الجزائر 1992
– د. بوكحيل الأخضر- نفس المصدر
– د. بوكحيل الأخضر –الحبس الاحتياطي – -المصدر السابق
– – لقد تم إقرار هذه المسئولية في الحالات أعلاه في فرنسا بموجب قانون 8/6/1895 وطبقها القضاء الفرنسي نزولا عند ضغط الرأي العام في بعض القضايا وأورد الفقيه فالين في مطوله في القانون الإداري لسنة 1963 ص910
– (1) د. بلحاج العربي، النظرية العامة للالتزام في القانون المدني الجزائري، ج 2 طبعة 1999 ،
– الدكتور. مصطفى ألعوجي – حقوق الإنسان في الدعوى الجزائية – مؤسسة نوفل ص 109
– ملك خدام – براء الأحمد تقرير عن مجلة الثورة الالكترونية 17/3/2008 http://thawra.alwehda.gov.sy/
( ) قرار محكمة جنايات التأميم بصفتها التمييزية رقم 72/ت/1988 في 25/8/1988.
والغاية من توقيف المتهم في مثل هذه الجرائم هي المحافظة على الأدلة والقرائن المادية المتحصلة في القضية ضد الجاني لأن إطلاق سراح المتهم أثناء التحقيق يمكنه من العبث بالأدلة أو تأثيره على الشهود أو تعريض الأدلة للخطر .
وقد أكدت محاكم الجنايات بصفتها التمييزية على هذه الغاية في العديد من القرارات ومنها قرار لمحكمة جنايات التأميم جاء فيه : (( لدى التدقيق والمداولة تبين أن قاضي محكمة تحقيق كركوك الأولى قرار بتأريخ 7/8/1988 رفض طلب وكيل المميز المتهم (ش) بخصوص إخلاء سبيل موكله من التوقيف بكفالة وحيث أن جريمة المميز تنطبق في حالة ثبوتها وأحكام المادة (308) عقوبات وبدلالة قرار مجلس قيادة الثورة (الملغي) المرقم 160 في 5/2/1983 المعدل وبالنظر لتعدد قضايا الرشوة المسجلة ضد المتهم المذكور وأهميتها وخشية هروبه وتأثيره على سير التحقيق ، فإن قرار قاضي محكمة تحقيق كركوك الأولى برفض طلب وكيل المميز جاء صحيحاً وموافقاً للقانون قرر تصديقه وإعادة القضية إليه لإكمال التحقيق فيها وإحالتها على المحكمة المختصة ، وصدر القرار بالاتفاق … ))
( )كالمادة (115) من قانون الإجراءات الجنائية الليبي ، والمادة (124) من قانون الإجراءات الجنائية المصري .ينظر في تفصيل ذلك : فؤاد علي سليمان –توقيف المتهم في التشريع العراقي (دراسة مقارنة ) – رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية القانون بجامعة بغداد –1981 –ص126.
( ) تنص الفقرة (ب) من المادة ( 49) من قانون أُصول المحاكمات الجزائية على أنه : (( إذا كان الإخبار عن مخالفة فعليه تقديم تقرير موجز عنها إلى المحقق أو قاضي التحقيق يتضمن أسم المخبر وأسماء الشهود والمادة القانونية المنطبقة على الواقعة )).
– د. منيف حمدان . حقوق المدعي عليه في الدعوى الجزائية – مجلة العدل 1999 – العدد 3-4 ص312
– تادرس ميخائيل المحامي النتائج الضارة التي تترتب على عقوبات الحبس لمدد وجيزة والعقوبات التي يصح أن تحل محلها (مجلة المحاماة – مصر سنة 1926 مجلة المحاماة – العدد التاسع السنة السادسة – عدد يونيه
– Subsection 1- Judicial supervision Articles 138
(Act no. 70-643 of 17 July 1970 art. 1; Official Journal 19 July 1970)
(Act no. 75-701 of 6 August 1975 art 23; Official Journal 7 August 1975)
– قانون المسطرة الجنائية المغربية – المادة 152
– انظر (The liberty and custody judge gives his ruling by a reasoned judgment. Where he orders or prolongs a remand in custody, or rejects a request for release, the ruling must enunciate the legal and factual matters that render judicial supervision inadequate, as well as the grounds for detention, with reference only to the provisions of articles 143-1 and 144.) Article 137-3 – CODE OF CRIMINAL PROCEDURE
– Article 91 – CODE OF CRIMINAL PROCEDURE (Act no. 93-2 of 4 January 1993 Articles 123 and 224 Official Journal of 5 January 1993 in force on 1 March 1993)
(Act no. 2000-516 of 15 June 2000 Article 87 Official Journal of 16 June 2000) When, after an investigation has been opened by a person constituting himself a civil party a discharge decision has been made, the person under judicial examination, or any other person targeted by the complaint may, without prejudice to a prosecution for malicious denunciation, and if they do not initiate civil proceedings, seek damages from the complainant, as set out below.
– The Constitution of the Kingdom of Norway -ICL Document Status: 29 Feb 1996- Article 99 [Arrest, Military Force]- (1)
– Article 226 – Act of 22 May 1902 No. 10 as subsequently amended, most recently by Act of 1 July 1994 No. 50
– Malta – Constitution – Section 34 [Personal Liberty] – ((4) Any person who is unlawfully arrested or detained by any other person shall be entitled to compensation therefore from that person.)
– Article 27 Right to Freedom and Security – Portugal – Constitution -Adopted on: 2 April 1976 – ICL Document Status: 10 Aug 1989
– Poland – Constitution -Adopted by National Assembly on: 2 April 1997- Confirmed by Referendum in: Oct 1997- ICL Document Status: Oct 1997
– المدخل لدراسة حقوق الإنسان الدكتور مازن ليلو راضي و الدكتور حيدر ادهم عبد الهادي
– قانون رقم 145 لسنة 2006 بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم 150 لسنة 1950
– قانون الإجراءات الجزائية- الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وزارة العدل الأمر رقم 66-155 المؤرخ في 18 صفر عام 1386 هـ الموافق 8 يونيو سنة 1966 يتضمن قانون الإجراءات الجزائية المعدل والمتمم .
– كتاب دوري رقم ( 10 ) لسنة 2006 بشأن ضمانات الحبس الاحتياطي
– المسطرة الجنائية المغربية
– دكتور حسن صادق المرصفاوي – الحبس الاحتياطي وضمان حرية الفرد في التشريع المصري – رسالة دكتوراه – جامعة القاهرة، 1954م، ص3.
– المواد من 137 مكرر إلى 137 مكرر 14 من قانون الإجراءات الجزائية الجزائرية الأمر رقم66-155 في 18 يونيو 1966 المتمم الى سنة 2006
– د / الأخضر بوكحيل – مرجع سابق – ص 352 وما بعدها
– المادة 72 من قانون 516 / 2000 أنشأت لجنة لمتابعة التوقيف المؤقت .
– د. بوكحيل الأخضر –المصدر السابق
– Article 149-3 (Act no. 2000-516 of 15 June 2000 art. 71 Official Journal of 16 June 2000 in force 16 December 2000) (Act no. 2000-1354 of 30 December 2000 art. 7 Official Journal of 31 December 2000) The decisions taken by the first president of the court of appeal may be appealed to the National Commission for the Compensation of Detention within ten days of being communicated. This Commission, situated in the Court of Cassation, has full power to decide the case, and its decisions are not subject to any form of appeal.
اترك تعليقاً