التغلب على معوقات مكافحة جرائم غسل الأموال
د. محمد عرفة
تناولت في مقال سابق أسباب جرائم غسل الأموال؛ والمعوقات التي تحد من فاعلية مكافحتها، وبقيت الإجابة عن سؤال يتعلق بكيفية التغلب على تلك المعوقات، وهو ما نوضحه فيما يلي: نرى أنه يلزم للتغلب على تلك المعوقات التي تحد من إجراءات مكافحة جرائم غسل الأموال الأخذ بما يلي:
1. ضرورة الاهتمام بتدريب القائمين على مكافحة جرائم غسل الأموال لرفع كفاءتهم، وتطوير التقنيات التي يستخدمونها في مجال مكافحة جرائم غسل الأموال.
2. أهمية إنشاء إدارة مركزية تتولى دراسة جرائم غسل الأموال ومتابعة تطورها من الناحيتين القانونية والإحصائية، وتفعيل آليات التعاون الدولي بتبادل المعلومات مع الأجهزة المماثلة فـي الدول الأخرى، وذلك لإحباط محاولات ارتكاب جرائم جديدة وضبط أعضائها، لأن أية سياسة وطنية لن تؤتي أكلها أو تحقق بمفردها المستهدف منها ما لم تساندها وتدعمها سياسة إقليمية ودولية تعمل على توحيد الجهود والتقاء السياسات.
3. أهمية تفعيل التعاون بين مؤسسة النقد العربي السعودي والبنوك للتعرف على المعاملات المالية المشبوهة، والتأكد من مصدر الأموال والحوالات الواردة للبنوك، والرقابة عليها، وتدعيم التعاون مع المؤسسات المالية المحلية والعربية والدولية.
4. ضرورة نشر الوعي فـي المجتمع السعودي بأهمية جرائم غسل الأموال وأضرارها، وذلك من خلال الحملات الإعلامية، وتصميم برامج للتعرف على شخصية العميل، والمراقبة المستمرة للحسابات عالية القيمة، مع توفير البيانات والإرشادات والأدلة عن الإجراءات المطلوب اتباعها لمتابعة العمليات المالية التي تحوم حولها الشبهات.
5. ضرورة تفعيل الاتفاقيات الدولية المتعلقة بمكافحة الجريمة بشكل عام، وكذا الشفافـية المصرفـية الكاملة للأرصدة والحسابات البنكية، وإيجاد أنظمة آلية بين البنوك والمصارف من أجل سرعة التبليغ وفرص رقابة على تحويل الأرصدة من بنك إلى آخر، وذلك من أجل الحد من جرائم غسل الأموال.
6. ضرورة اتخاذ إجراءات لمكافحة جميع أشكال الفساد ومنها الرشوة وغيرها من صور شراء الذمم والضمائر، وذلك عن طريق كشف الضالعين فـي عمليات غسل الأموال، ومصادرة أموالهم التي فـي طريقها إلى الغسل، والتي تمخضت عن الأشكال المختلفة للرشوة والتربح من الوظائف العامة.
7. يلزم تفعيل آليات التعاون الدولي بين مختلف دول العالم بصورة حقيقية، وليس بشعارات براقة، ويتجلى ذلك بصورة واضحة فـي تسليم المجرمين والتسليم المراقب والمساعدة القانونية المتبادلة، وكذلك التأكيد على ضرورة التعاون القضائي والتعاون الأمني، والأخذ فـي الحسبان حجية الأحكام الأجنبية وتبادل الدول للسوابق القضائية، وتوثيق التعاون سواء فـي مرحلة التحري أو جمع الأدلة.
8. أهمية عقد دورات تدريبية للارتقاء بمستوى القضاة والمحققين ورجال الضبط الجنائي، وذلك بهدف الارتفاع بأسلوب أدائهم لعملهم لملاحقة التطور الذي تشهده جرائم غسل الأموال من حين إلى آخر.
9. أهمية استغلال شبكة الإنترنت لخدمة السياسة الوقائية والمنعية التي تسهم بنصيب وافر فـي مكافحة جرائم غسل الأموال، نظراً لما تحققه هذه الشبكة من مزايا تتعلق بسرعة نقل المعلومات بأيسر الطرق وبتكلفة زهيدة.
10. ضرورة عمل إحصاءات دقيقة لعمليات غسل الأموال فـي المملكة بصفة دورية سنوياً، وذلك للوقوف على الظاهرة للتعرف على الطريقة المثلى للتعامل معها والتصرف حيالها.
11. أهمية التعاون والتنسيق بين الأجهزة الأمنية و المصرفـية المختلفة، إذ إن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى سرعة كشف عمليات غسل الأموال والقبض على مرتكبيها، هذا فضلا عن وجوب عقد لقاءات مستمرة بين المسؤولين فـي الأجهزة الأمنية والمالية والمصرفـية لمكافحة جرائم غسل الأموال.
12. ضرورة تحديث قواعد البيانات الخاصة بالمشبوهين فـي جرائم غسل الأموال بصفة مستمرة.
13. أهمية إنشاء محاكم متخصصة لمعاقبة مرتكبي الجرائم المالية والمصرفية مثل جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ولا سيما أن المنظم السعودي قد اتجه أخيراً إلى إنشاء محاكم متخصصة للمخالفات المرورية والمنازعات التجارية وغيرها.
14. ضرورة التوسع في تحديد مفهوم الجريمة الأصلية مصدر الأموال غير المشروعة التي يتم غسلها؛ بحيث لا تقتصر على الجرائم المنظمة الأكثر شيوعاً مثل جرائم الاتجار بالمخدرات والمؤثرات العقلية وجرائم الاتجار بالأشخاص والأعضاء البشرية، بل تشمل فضلاً عن ذلك الأنشطة والمجالات الحديثة مثل أنشطة التأمين.
15. أهمية منع التعامل مع البنوك والمؤسسات المالية والمصرفية التي توجد في دول ومناطق ذات تشريعات مالية ومصرفية تتسم بالتساهل وتغرق في تطبيق مبدأ حماية السرية المصرفية، حيث يتم وضعها ضمن قائمة سوداء للدول والبنوك والمؤسسات التي يحظر التعامل معها.
16. ضرورة مكافحة أنشطة الاقتصاد الخفي نظرا لأن أصحاب هذه الأنشطة يلجأون إلى عمليات غسل الأموال لتغطية المكاسب التي يحققونها من تلك الأنشطة الخفية ثم يحاولون إضفاء الصفة الشرعية عليها.
17. وضع وتنفيذ برامج تدريبية متواصلة لموظفي البنوك والمؤسسات المالية والمصرفية بما يمكنهم من معرفة واكتشاف عمليات غسل الأموال، واتخاذ إجراءات مكافحتها ومتابعة التغيرات في الأنظمة واللوائح؛ حيث لا يقتصر التدريب على الموظفين الذين لهم علاقة مباشرة بالعملاء، بل أيضاً سائر الموظفين الذين يستطيعون من خلال عملهم أن يساهموا في كشف عمليات غسل الأموال.
18. ضرورة تفعيل الرقابة الداخلية والذاتية في البنوك والمؤسسات المالية والمصرفية وإجراء تدقيق دوري لكل قسم خلال فترة زمنية محددة كل ستة أشهر مثلاً للتأكد من تقيدها بتنفيذ السياسات والإجراءات النظامية لمكافحة عمليات غسل الأموال؛ حيث يوضع بند ضمن البنود التي تؤخذ في الاعتبار عن تعيين وترقية موظفي تلك الجهات.
19. وضع آلية للرقابة على عمليات غسل الأموال التي يمكن أن تتم من خلال شبكة الإنترنت أو باستخدام الهاتف النقال.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً