إدارة مخاطر الديون
فواز بن حمد الفواز
مخاطر الديون على المستهلك والشركات والدول ليست جديدة وموثقة منذ آلاف السنين؛ إذ تنطبق عليها المقولة المعروفة: إن التاريخ لا يعيد نفسه بل يتناغم. أزمات الديون تظهر بأشكال وأوقات وظروف مختلفة، ولكنها دائما قريبة مع كل أزمة اقتصادية أو سياسية أو شخصية. أحد معالم العصر الحديث سهولة تنامي الدين على جميع المستويات، وتقريبا كل المجتمعات في مراحل مختلفة. حجم الديون وتعقيدات أدواتها كان أحد معالم الأزمة المالية العالمية في 2008، ولكن هذا لم يقف في تنامي الدين مرة أخرى بعد أن تم احتواء الأزمة.
لا أحد يعرف عن إدارة أدوات الدين والاتجار منها، مثل: Ray Dalio مؤسس Bridgewater Associates أحد أكبر وأنجح صناديق التحوط المتخصصة في إدارة أدوات الدين، فهو ليس منظرا أكاديميا، ولكنه مجرب ناجح، وحديثا بدأ يكتب عن تجاربه، خاصة أن الشركة معروف عنها درجة عالية من الانضباط والمراجعة الدورية لأساليبها في الإدارة. في محاولة منه لنشر الوعي المالي، أصدر كتابا عن إدارة أزمات الديون، وسمح بالحصول عليه مجانا في الشبكة العنكبوتية. أعرض هنا خلاصة الكتاب كما كتبها. يتحدث الكتاب عن دورات ومراحل تطور أزمات الديون في الدول المتقدمة، ولكن في الأخير ظاهرة الدين واحدة، ولذلك علينا التعلم منه.
يعرف أزمة الدين بالكبيرة حين تسبب هبوطا حادا في النمو الاقتصادي يصل إلى 3 في المائة أو أكثر، وأزمة ديون محدودة حين تسبب ركودا اقتصاديا دوريا. يقول: إن لب إدارة أزمات الدين توزيع الألم والمعاناة الناتجة عن الديون السيئة، ولكن هذه تكون دائما أسهل حين تكون الديون بعملة البلد نفسه.
يقول: إن أكبر المخاطر ليست بسبب الديون نفسها، ولكن بسبب فشل صناع السياسة في أخذ الخطوات اللازمة للتعامل مع الأزمة بسبب عدم المعرفة أو عدم السلطة. إذا كان الدين بعملة أخرى تصبح الخيارات أقل، وإدارة الأزمة أكثر صعوبة، وبالتالي تكون النتائج أكثر ألما. يقول من تجربة شخصية إن فهم سلطة صناع القرار يختلف كثيرا بين الدول، ما يقود إلى نتائج مختلفة، والأغلبية منهم يقاومون التدخل حتى تصبح الأزمة خطيرة.
السلطة تختلف طبقا لمدى قوة الهيئات الرقابية والتوازن في النظام المالي، ولكن قوة الأنظمة أحيانا تجعلها غير مرنة في التعامل مع الأزمات، ولكن أيضا يصعب أن تكون الأنظمة والتعليمات جاهزة لكل أزمة أو ظرف، ولكن التعامل مع الأزمات يتطلب أحيانا تعاملا سريعا لا يسمح بمراجعة الأنظمة والقوانين. يقول إن عدم تركيز السلطة الذي هو مطلوب سياسيا قد يكون عائقا أمام أزمة ديون حادة؛ لأن القرارات بطيئة، ويزداد النقد على كل من يحتاج أن يتخذ قرارات سريعة.
أزمات الديون دورية، ولذلك تسبب أضرارا كبيرة للناس والبلدان في المديين القصير والمتوسط “من ثلاث إلى عشر سنوات”، ولكن في المدى البعيد أقل أهمية من الإنتاجية التي هي أقوى تأثيرا؛ “لأنها أقل تذبذبا” من الديون، ولكنها أكثر بطئا. يذكر أيضا أن التأثير السياسي في المدى البعيد كبير، خاصة لما يسببه كما نشهد ظاهرة الشعبوية السياسية. أكبر مطبات النمو تأتي بسبب الحروب، ولكن هناك من يرجع أسباب الحروب إلى أسباب سياسية ناتجة عن سوء إدارة أزمات الديون. الأمل ألا نغفل عن الزيادة في الديون مصحوبة بعدم قياس الإنتاجية – واحد سريع ومرئي والأخير بطيء ومؤثر – تحد واحد خطير، ولكنه مع بعض خطر محدق يجب التعامل معهم.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً