قراءة في اختصاص اللجنة المصرفية
حسان بن إبراهيم السيف
نشأت لجنة تسوية المنازعات المصرفية بموجب الأمر السامي رقم 729/8 في تاريخ 10/7/1407هـ والموجه لمعالي وزير المالية والاقتصاد الوطني والذي تضمن تشكيل لجنة في مؤسسة النقد العربي السعودي من ثلاثة أشخاص من ذوي التخصص لدراسة القضايا بين البنوك وعملائها من أجل تسوية الخلافات وإيجاد الحلول المناسبة بين الطرفين طبقا للاتفاقيات الموقعة بينهما. ونص الأمر السامي (.. على أن يلاحظ أنه عندما تقرر اللجنة عدم توصلها إلى تسوية مرضية للطرفين أن يحال النزاع إلى المحكمة المختصة للبت فيها…).
وبناء على ذلك فإن هذه اللجنة في أصل تشكيلها هي لجنة تسوية وهذه التسوية مقيدة بكونها مرضية للطرفين ويدل على ذلك نص الأمر الذي أكد أنه (…عندما تقرر اللجنة عدم توصلها إلى تسوية مرضية للطرفين أن يحال النزاع إلى المحكمة المختصة للبت فيها…). وهذه الجملة وإن كانت ظاهرة في دلالتها على أن هذه اللجنة هي لجنة توفيق وصلح ولكن هذا الرأي مغايرٌ للرأي الذي تعمل به اللجنة وذلك أن اللجنة ترى أنها صاحبة اختصاص قضائي وأن قراراتها نهائية غير قابلة للطعن أمام جهة أخرى، ولذا فقد وقفت على أحد قرارات اللجنة وعجبت من منطوقه الذي جاء هكذا (…قررت اللجنة تسوية النزاع بين الطرفين برد دعوى المدعي ….. ضد المدعى عليه ….). وهذه الصياغة متنافرة إذ كيف تكون التسوية المرضية برد الدعوى، وأي رضىً يتوقع حصوله من قبل من ردت اللجنة دعواه؟ إن هذه الصياغة تفترض أن الأمر السامي جعل للجنة سلطة تقديرية في تقرير كون التسوية مرضية للطرفين من عدمها بناء على قناعاتها الخاصة ولا شك أن هذا خروج عن الأساس النظامي الذي بنيت عليه اللجنة.
ومما يدل على أن هذه اللجنة ليست قضائية أن الأمر السامي لم يخولها حق نظر الاستئنافات المقدمة ضد قراراتها، ومع ذلك فإن اللجنة تنظر هذه التظلمات استناداً إلى ما قررته في مبادئها من أن ”الحق في الاعتراض أو التظلم من المبادئ العامة السائدة دون الحاجة إلى نص خاص يقرره” وهذا إقرار من اللجنة بعدم وجود نص نظامي يخولها حق النظر في تظلم الخصوم من قراراتها فضلاً عن كونه إقرار ضمني بأن قراراتها ليست تسوية مرضية للطرفين أو أحدهما على الأقل. ولذا فإن نظر اللجنة للتظلمات الصادرة من قراراتها يتم بإجراءات غير منضبطة وغير مقننة إذ جاء في كتاب إجراءات التقاضي أمام اللجنة (… ويتعين أن يقدم التظلم من القرار في وقت ملائم بعد إصدار القرار المتظلم منه!!!)، فلم تضع اللجنة حدا زمنيا لنظر التظلمات كما هو الحال في جميع الجهات القضائية، بل إن هذا يربك تنفيذ قرارات اللجنة ويجعلها معرضة لوقف التنفيذ، وفتح باب المرافعة في أي وقت.
كما جاء في الكتاب (وينظر التظلم على مرحلتين: الأولى في غير حضور الخصوم، فإذا تبين للجنة عدم صحة الأسباب التي بني عليها التظلم قررت رده، والمرحلة الثانية إذا ما تبين للجنة أن الأسباب التي بني عليها التظلم قد تغير وجه الرأي في قرارها فيتعين فتح باب المرافعة في الدعوى ويعلن ذلك للخصوم، والقرار الصادر في التظلم لا يجوز التظلم منه!!!) وكان الأجدر باللجنة أن تجعل نظام المرافعات الشرعية هو المرجع في إجراءات الترافع أمام اللجنة ما دامت ترى أنها لجنة قضائية خاصة وأن اللجنة تأخذ بالقواعد التي قررها نظام المرافعات في تحديد الاختصاص الدولي للجنة. ومع أهمية ما تنظره اللجنة من قضايا وتشعبها، وكونها هي الفاصلة في المنازعات المصرفية إلا أنها منذ نشأتها ظلت لجنة يتيمة في مدينة الرياض لا فروع لها في جميع أنحاء المملكة، ولذا فإن قضايا المنازعات المصرفية على مستوى المملكة تعرض في الرياض وحدث ولا حرج عن التكاليف المادية المرهقة للحضور أمام اللجنة لمن هم خارج مدينة الرياض، وللأمانة يجب أن نقر بأن اللجنة ترى أن ذلك ”استثناء مؤقت من قواعد الاختصاص المحلي، ولحين تشكيل لجان في مناطق المملكة”!!! ويجب هنا أن نراعي قصر عمر اللجنة إذ إنها ما زالت شابة في عامها الخامس والعشرين!!
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً