من الفقه إلى القانون.. ما هى شروط طاعة المرأة لزوجها ومتى تقضى المحكمة بنشوزها؟
مسألة الطاعة الزوجية من المسائل التى تشغل حيزاَ كبيراَ فى قانون الأحوال الشخصية، الذى بدوره وضع شروط لتحديد هذه الطاعة والخروج عنها بمثابة «النشوز» حيث أعطى للزوج الحق فى رفع ما يُطلق عليه «دعوى النشوز» حيث أن «الطاعة» من الناحية الإصطلاحية هي حق للزوج رتبه الشرع على الزوجة ومدلوله أن تلتزم الزوجة بطاعة زوجها وتنقاد لأمره وتلين له ولا تمانع فيما ليس فيه مخالفةٌ للشرع ومغضبه للشارع، ويقال للزوجةِ مطيعه وطائعه ومطواعه لزوجها متى كانت مدركةً لواجباتها الزوجية.
فى التقرير التالى، رصدت «صوت الأمة» مسألة طاعة الزوجة لزوجها من الناحية القانونية والشرعية ما بين الآثار الإيجابية والسلبية عند إستخدام ذلك الحق استخداماَ خاطئاَ، وكذا عند خروج الزوجة عن تلك الطاعة ما يُعد معه «نشوزاَ» وشروط هذه الطاعة، وفى فى الوقت الذى يرى فيه عدد كبير من نساء مصر أن القوانين المصرية يغلب عليها الطابع الذكورى منها على سبيل المثال لا الحصر مسألة «قانون بيت الطاعة».
المعروف من الناحية القانونية أن قانون الأحوال الشخصية المصرية أعطى للمرأة الحق الكامل لكلا الطرفين الرجل والمرأة فإذا كان هناك «بيت طاعة» يرى السيدات أنه لصالح الرجل، فإن القانون أجاز للمرأة أيضاَ «الخلع»، إلا أن الطرفين يرون أن هناك ثغرات وسلبيات يجب أن يتم تفاديها خاصة فى مسألة «الطاعة الزوجية» حيث أن الإنذار بالطاعة، يمثل سيفا مسلطا على رقاب بعض النساء خاصة في أوساط محدودي الدخل، الذين يصعب عليهن اللجوء إلى الخلع لأنه يمثل تنازل عن حقوقهن التي من الممكن أن تساعدهن على العيش في ظل الظروف الحالية للبلاد.
تنقيح كتب الفقهاء
ومسألة الطاعة الزوجية فى الشريعة الإسلامية تضمنت أموراَ يرى فيها المتخصصين فى العصر الحديث أن قد عفى عليها الزمان حيث ناقشت «الطاعة» كونها تكون في الإستمتاع والخروج من المنزل فلا تعصيه إن طلبها إلى الفراش ولو كانت فعلى ظهر دابه ما لم يشغلها ذلك عن الفرائض إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ومن الطاعة القرار في البيت متى قبضت معجل مهرها، ونعني بالقرار في البيت تفرغها لشؤون الزوجية والبيت ورعاية الأولاد.
كُتب الفقهاء التى يرى -بعض المراقبون- أنها تحتاج إلى تنقيح تؤكد أنه ليس للزوجة الخروج من المنزل ولو إلى الحج إلاّ بإذن زوجها، ولكن يكره منعها من عيادة أبيها إذا ثقل فيه المرض وحضور مواراته إذا مات، ومن الطاعة كذلك التزام الستر الشرعي حال الخروج من البيت فلا تظهر شيئاً من جسدها غير الوجه والكفين، ومن الطاعة كذلك عدم جواز صومها تطوعاً وزوجها شاهد إلاّ باذنه، ومن الطاعة كذلك ألا تأذن لأحد في بيته إلاّ باذنه كما ورد في كتب الفقهاء .
تأتي هذه الخطوة إذا لم تجد المراحل السابقة، وفيها يرفع الأمر للقاضي لتوجيه حكمين إلى الزوجين حكماً من اهله وحكماً من اهلها للإصلاح ، قال تعالى : «وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من اهله وحكماً من اهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما»، سورة النساء (35)، ويشترط في الحكمين أن يكونا :- أ) حرين ب) مسلمين ج) عدلين د) ذكرين هـ) مكلفين شرعاً و) فقيهين بالجمع والتفريق ز) غير قريبين عصباً للخصمين .
ومن هناك وبعد هذه الخطوة تأتى ظاهرة النشوز التى عادة ينظر إليها على أنها مرض يصيب الزوجة وحدها وبسبب النشوز وعدم الطاعة تنشا الخلافات الزوجية التي تنتهي في كثير من حالاتها إلى إحتكام للقضاء حيث يلجأ الزوج إلى المحكمة طالباً زوجته إلى بيت الطاعة بقرار صادر عن المحكمة.
العلاقة الزوجية
فى هذا الشأن، تقول الخبير القانونى والمحامى محمد محمود، إن دوام العلاقة الزوجية مرهون بمدى قدرة الزوجين على تقليص نقاط الخلاف وتضييق أسبابه وهذا كله أمر يتوقف على مدى إدراك وفهم كل من الزوجين للحقوق والواجبات والحدود الضامنة لسلامة الحياة الزوجية ولكن إذا ما عجز الزوجان معاً أو لم يتفهم هذه الحقوق أي منهما تكون بذور الشقاق والخلاف قد غزت عشهما الزوجي.
وتعتبر الزوجة-بحسب «محمود» فى تصريح لـ«صوت الأمة» الخارجة عن طاعة زوجها ناشزاً بمعنى انها أصبحت متمرده على واجباتها كزوجة ومخالفه للنصوص الشرعية الداعية إلى طاعة الزوج باعتبارها حقاً أكبر من حق طاعة الوالدين حيث أن لنشوز الزوجة وجوهاً كثيرة حسب أراء عدد من الفقهاء نذكر منها :-
1- خروج الزوجة من بيت زوجها بغير إذنه من غير حاجه ماسه، إلاّ أن خروج الزوجة من بيت زوجها في غيبته لزيارة أقارب او جيران لعيادتهم أو لتعزيتهم لا يعتبر نشوزاً عرفاً ما لم ينهها عن ذلك .
2- عدم تمكينها الزوج من وطئها.
3- عمل الزوجه من غير إذن زوجها.
4- تقصير الزوجة في واجباتها نحو اولادها وزوجها.
5- عدم طاعة الزوج في مطالبه الزوجية بالقيام بالواجبات الدينية كالصلاة.
6- رفض الزوجة تنفيذ قرار المحكمة بطاعة الزوج.
بيت الطاعة من الناحية القانونية
وبيت الطاعة من الناحية القانونية، هو بمثابة إجراء قانوني يعطي للزوج الحق في إجبار زوجته أن تعود إلى بيت الزوجية واذا امتنعت فإنها تعتبر ناشزا، أي تفتقد حقوقها من مؤخر ونفقة بل يذهب بعض القضاة إلى أبعد من ذلك كحرمانها من الزواج مرة أخرى باعتبارها ناشز المسكن الذي أعده الزوج لزوجته لتقيم فيه، وهذا المسكن إما أن يكون ملائما لسكن الزوجة، من حيث المستوى الاجتماعي والاقتصادي للزوجة ويتوافر فيه الأمان لها، وإما لا يكون ملائما لها من هذه النواحي، فان كان ملائما لها وطلبها بالتواجد فيه باعتبارها زوجة له وجب عليها أن تطيعه-وفقا لـ«محمود».
بينما إذا رفضت الزوجة الذهاب إلى المنزل الذي هيأه الزوج لها وكان ملائما، فإنها تعتبر ناشزا وتسقط عنها النفقة، وفي ذات الوقت ليس من حق الزوج إجبار زوجته علي أن تعيش في مستوي أدنى من مستواها أو أن تقاسم والدته في السكن، ففي هذه الحالة تعد الزوجة متضررة ومن حقها أن ترفض العودة وتطلب الطلاق أو الخلع، وقد يعتقد البعض أن بيت الطاعة يكون مكون من غرفة واحدة وليس به سوي «حصيرة» وهو غير صحيح على الإطلاق، فمن شروط دعوى النشوز أن يكون بيت الطاعة ملائما لمنزل الزوجية إذا لم يكن هو منزل الزوجية نفسة-بحسب «محمود».
إذلال للمرأة
وعن الرأى النسائى عن إشكالية «بيت الطاعة»، تقول هيام محمد، الخبير القانونى وعضو لجنة المرأة السابق بنقابة المحامين، أن بيت الطاعة في الواقع يستخدم غالبا كوسيلة ضغط لإذلال المرأة، ويلجأ لها الزوج حتى يتهرب من التزاماته بحقوق زوجته، فالزوج يرسل لزوجته خطابا مسجلا عن طريق المحكمة يدعوها لبيت الزوجية وإذا لم تستجب خلال 30 يوما فإن من حق القاضي أن يعتبرها ناشزا.
الزوجة-بحسب«هيام» فى تصريح خاص-تُعتبر ناشزا إيضا إذا رفضت ولم تقبل هيئة المحكمة رفضها، وترد الزوجة في هذه الحالة بقضية طلاق للضرر، وفي غضون الـ30 يوما المحددة، ولكن المشكلة ان الكثير من النساء لا يملكن امكانيات الدخول في دوامة المحاكم لرفع قضية طلاق أو خلع تجنبا للمشاكل او لضيق ذات اليد، و من المؤكد أنه لا طاعة لزوج يسيء معاملة زوجته ويلحق الضرر بها قولاً وفعلاً أي بالتعدي عليها بألفاظ تسئ لها أو التعدي عليها بالضرب وإهانة كرامتها .
انتصارا للزوج
فيما يرى عبد الحميد رحيم، المحامى المتخصص فى قضايا الأسرة، إن من واجب الزوج احترام رغبة زوجتة في الانفصال، ولكنه يري في بيت الطاعة حقا مشروعا له كي ينتصر علي زوجته ويجبرها علي طاعتة إذا امتنعت، ويستخدم هذا القانون سلاحا رادعا علي زوجتة ويهددها به ويستطيع أن يجعلها بحالة مترددة بين الطلاق أواستمرار الزواج، وإذا طلبت حريتها بعد أن استحالت الحياة معه فيستعمل هنا الامتيازات التي منحها له قانون بيت الطاعة في أن يجعلها ناشزا تفقد حقوقها كافة، وحتى لا تستطيع الحصول على «تعويضات نهاية الخدمة»
شروط طلب بيت الطاعة
وذكر «رحيم» فى تصريحات خاصة، أبرز شروط الطلب فى بيت الطاعة حال مغادرة الزوجة منزل الزوجية وامتنعت عن الرجوع خلال 30 يوما من إنذارها:
• أن يكون سكنا شرعيا لائقا بالمستوى الاجتماعى لها.
• أن يكون زوجها أمينا عليها نفسا ومالا.
• أن يسلم الإعلان للزوجة للدخول فى طاعة زوجها لشخصها أو من ينوب عنها.
• أن يكون المسكن مناسبا وخاليا من أهل الزوج.
• أن يكون المسكن غير ناء لإيجاد من يغوثها به.
• أن يكون جيرانه طيبين السمعة ومن أهل الأمانة.
ومن أهم شروط بطلانه:
– ألا تأمن الزوجة على نفسها مع زوجها لتعديه عليها بالضرب والسب.
– ألا تأمن الزوجة على مالها.
– تبديد الزوج منقولات الزوجية .
حكم عدم الامتثال للطلب فى بيت الطاعة وفق للقانون رقم 25 لسنة 1929:
– يحق للزوج إقامة دعوى نشوز.
– إسقاط نفقة الزوجة من متعة وعدة ومؤخر.
– يتم أحيانا حرمان الزوجة من الزواج بحكم أنها ناشز.
فيما أكدت الخبير القانونى والمحامية، يارا أحمد سعد، أن الشروط القانونية التى يحكم بناء عليها بنشوز الزوجة داخل محاكم الأسرة ويقضى بحرمانها من الحقوق المترتبة على الزواج من نفقة وهى:
– إذا امتنعت دون سبب مبرر عن طاعة زوجها تكون ناشز وفق للمادة رقم 6 من قانون الأحوال الشخصية .
– إذا لم تعترض على إنذار الطاعة خلال 30 يوما.
– إذا لم تقيم دعوى طلاق أو خلع.
حالات سقوط حكم النشوز عن الزوجة-وفقا لـ«سعد»:
– إذا أثبتت الزوجة أن بيت الطاعة غير ملائم وبعيد كل البعد عن الآدمية.
– أن يكون منزل الطاعة مشتركا مع أم الزوج أو شقيق الزوج.
– أن تتعرض الزوجة للاعتداء بشهادة الشهود.
علاء رضوان
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً