المقال يعالج بصفة عرضية موضوع الفصل بين السلطات
لعل من أهم المشاكل السياسية التى تواجه المفكرين السياسيين فى أى مجتمع هى مشكلة السلطة ومكانتها فى المجتمع. بمعنى هل يجب تركيز السلطة فى مؤسسة أوشخص واحد كما كان سائدا فى الانظمة الملكية والدكتاتورية التى سادت لقرون طويله فى كثيرا من الدول ولا زالت سائدة فى بعض الدول اليوم؟ أم لابد من توزيع السلطات؟ وأذا كان لابد من توزيعها (أوالفصل) بين السلطات فكيف يجب أن يكون ذلك؟
فى هذا العرض المختصر جدا لن نناقش فكرة تركيز السلطة فى يد مؤسسة أو شخص واحد وذلك لأنها أصبحت فكرة قديمة وفى تصوري تجاوزها التاريخ. فعهد الملوك والمماليك والدكتاتوريات قد انتهى في كل المجتمعات المتحضرة. أن ما أريد التركيز عليه في هذا المقال الذي يتكون من ثلاث أجزاء هو: إلى أي مدى يمكن توزيع السلطات وكيف؟ ففى الجزء الاول من هذا المقال سوف يرتكز حديتي على البعد الأول من توزيع السلطات والذي سأطلق عليه “التوزيع الوظيفي للسلطات.” وفى الجزء الثاني سوف أناقش البعد الثاني والذي سأطلق عليه “التوزيع الهيكلي (أو المكاني) للسلطات.” أما في الجزء الثالث وألا خير فسوف أناقش البعد الثالث والذي سأطلق عليه “التوزيع الزمني للسلطات.”
كلنا يعلم بان كل الأنظمة السياسية تتأسس في العادة لتحقيق وظائف (وأهداف) معينه. والحقيقة إن هذه الوظائف قد يكون لها تسميات عديدة قد تختلف من نظام حكم إلى آخر إلا إن التصنيف الأكثر شيوعا هو الذي يحصرها في الثلاث وظائف الآتية: التشريعية, والتنفيذية, والقضائية. وعليه فالذي أعنيه بالتوزيع الوظيفي للسلطات والعلاقة بين هذه السلطات الثلاث في الحكومة الواحدة. بمعنى هل هي علاقة فصل شبه كامل كما هو الحال في الولايات المتحدة. أم هي علاقة انصهار واندماج كما هو الحال في بريطانيا. أم هي علاقة ما بين الاثنين كما هو الحال في فرنسا وروسيا. ولتوضيح هذه العلاقة الوظيفية لتوزيع السلطات دعونا ننظر إلى ثلاث أنواع من أنظمة الحكم السياسية السائدة والأكثر شيوعا اليوم.
1. النظام البرلمانى.
2. النظام شبة الرئاسى.
3. النظام الرئاسى.
أولا : النظام البرلماني
الغرض الاساسى من النظام البرلماني هو إمكانية عزل رئيس السلطة التنفيذية بواسطة البرلمان من منصبة اذا لم يستطيع القيام بواجبة المكلف به دستوريا. ولهذا قام النظام البرلمانى على مبدئين أساسيين:
(1) مبدأ انصهار أو اندماج السلطات وليس الفصل بينها.
(2) مبدأ صنع القرارات وتنفيذها هو من واجب البرلمان فقط . وعليه ففى هذا النظام يعتبر البرلمان هو أعلى سلطة في الدولة. فللبرلمان حق اقتراح مشاريع القوانين أو رفضها وله حق تعديل أو إلغاء القوانين الموجودة فى البلاد. بمعنى أن أي قانون يصدر من البرلمان لا تستطيع أي سلطة في الدولة إيقاف أو إلغاء ذلك القرار. وأغلبية البرلمانات في العادي تتكون من مجلسين يسميها البعض: مجلس أعلى ومجلس أسفل, ويسميه فريق ثاني مجلس الشعب ومجلس الولايا ت, ويسميه فريق ثالتا بمجلس النواب ومجلس الشيوخ … وغيرها من الأسماء. وفى العادة يكون أحدهم مجلس منتخب والآخر مجلس معين. والرسم التوضيحي التالي يشرح كيفية العلاقة بين السلطات الثلاث (التشريعية والتنفيدية والقضائية)
فى هذا النظام يقوم الشعب يختار أعضاء البرلمان فقط . وأعضاء البرلمان يقوموا بأختيار الحكومة ورئيس الوزراء من بين اعضاء البرلمان. بمعنى يجب أن يتم اختيار الوزراء من البرلمان نفسه وليس من خارجه. وفى حالة عدم حصول أى حزب (أوكتلة سياسية) فى البرلمان على الاغلبية تتكون الحكومة من ائتلاف مجموعة من الاحزاب فى البرلمان. وفى هذا النظام يحق لحزب (أوأحزاب) المعارضة أن تطلب سحب الثقة من الحكومة متى أعتقدت ان أغلبية أعضاء البرلمان لا يتفقون مع سياساتها.
مزايا النظام البرلماني
لعل من أهم مزايا هذا النظام الاتى
: (1) بالرغم من ان رئيس الوزراء هو الذى يختار مجلس الوزراء والا أنه فى الحقيقة متساوى مع كل وزير. ولهذا نجد أن رئيس الوزراء فى بعض الدول يطلق عليه أسم: الوزير الاول. بمعنى ان رئيس الوزراء هو مجرد الناطق الرسمى ولا يمكن املاء وفرض سياساته على الوزراء.
(2) أن رئيس الوزراء والوزراء يمارسون مبدأ “المسؤولية الجماعية.” بمعنى ان اى مشروع يتم اقتراحه من رئيس الوزراء لابد ان يوافق عليه مجلس الوزراء أولا قبل ان يتم اعتمادة وعندما يتم الاتفاق عليه لايحق لاى وزير الاعتراض عليه. وعلى كل وزير يختلف مع هذا المشروع ان يقدم أستقالته من الحكومة أذا أراد ان يعارضه علنا.
(3) رئيس الوزراء والوزراء مسؤلين امام البرلمان ويكون للبرلمان وقت مخصص أسبوعى لمناقشة رئيس الوزراء أو أى وزير أخر وتوجية الاسئلة له.
(4) الملك أوالرئيس فى النظام البرلمانى يقوم بوظيفة رياسة الدولة فقط بمعنى أنه يملك ولا يحكم كما هو الحال فى بريطانيا وأسبانيا أورئيس يراس ولا يحكم كما هو الحال فى الهند وألمانيا. وعليه فالرئيس أوالملك يجب أن يكون محايدا.
(5) مجلس الشعب يستطيع عزل رئيس الوزراء عن طريق سحب الثقة منه وتشكيل حكومة جديدة. وفى بعض الدول كما هو الحال فى ألمانيا يشترط قبل القيام بسحب الثقة أن يكون المجلس قد اختار البديل له.
(6) المحكمه العليا فى هذا النظام هى عبارة عن اللجنة القضائية فى مجلس الشيوخ. بمعنى لاتوجد مرجعية قضائية فى هذا النظام وانما توجد مرجعية تنفيدية. وبمعنى أخر البرلمان فى هذا النظام هو أعلى سلطة فى البلد.
(7) النظام البرلمانى يمكن أعتباره أكثر استجابة ومرونة فى أتخاد القرارات من النظام الرئاسى.
(8) النظام البرلمانى يشجع على وجود حوار ونقاش جاد بين كل القوى السياسية حول القضايا الرئيسية التى تواجه البلاد
عيوب النظام البرلماني
(1) لعل من أهم العيوب هو غياب الفصل بين السلطات الثلات فى هذا النظام. هذا الانصهار بين السلطات الثلات فى هذا النظام قد يقود الى أستغلال السلطة والاستبداد بها خصوصا فى الدول النامة والتى تفتقد لمؤسسات معاصرة وقوية.
(2) موعد الانتخابات غير ثابت فى هذا النظام ومن حق رئيس الوزراء البقاء فى منصبه طالما يملك تقة الاغلبية فى البرلمان. فعلى سبيل المثال ينص القانون الانجليزى على أن تعقد الانتخابات البرلمانية خلال خمس سنوات. هذا يعنى ان من حق رئيس الوزراء أن يدعو الى أنتخابات جديدة متى رغب ذلك خصوصا عندما يشعر بأن الشعب يؤيد سياساته. وبالفعل فقد قامت رئيسة الوزراء البريطانية ماقرت تاتشرعام 1983 باستغلال هذا التفسير للقانون عندما أنتصرت فى الحرب التى قادتها ضد الارجنتين فيما عرف بحرب “جزر الفالكونز.” وكانت نتيجة تلك الانتخابات أن زادت نسبة مقاعد حزب المحافظين فى البرلمان من 53% الى 61%.
(3) ولعل من عيوب هذا النظام هو ان لا رئيس الجمهورية ولا رئيس الوزراء يتم أختيارهما من قبل الشعب وبهذا فسوف يكون من الصعب على الشعب محاسبة هؤلاء الا من خلال ممثليه.
ثانيا: النظام شبه الرئاسي
يعرف هذا النظام بالنظام الرئاسى-البرلمانى. بمعنى هو نظام خليط بين النظام الرئاسى والبرلمانى. ففى هذا النظام رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء شريكان فى تسيير شئون الدولة. وتوزيع هذه السلطات بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء يختلف من بلد الى اّخر. وهذا النظام يختلف عن النظام البرلمانى فى أن رئيس الجمهورية يتم أختياره من قبل الشعب. ويختلف عن النظام الرئاسى فى أن رئيس الوزراء مسئول أمام البرلمان ويستطيع البرلمان محاسبته وعزله اذا أراد.
ولعل أحسن مثال على ذلك هو نظام الحكم الفرنسى مند 1958 عندما قام الرئيس الفرنسى ديغول بتأسيس ما عرف فى التاريخ السياسى الفرنسى بالجمهورية الخامسة. فى هذا النظام أسس ديغول نظام برلمانى على أن يقوم فيه الرئيس بمشاركة البرلمان فى الحكم. وبمعنى اّخرالحكم فى هذا النظام هو مشاركة السلطة التنفيدية بين البرلمان ورئيس الجمهورية. وتوزيع هذه السلطات بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء تقوم على أساس الموافقة بين السلطتين. ففى فرنسا على سبيل المثال لقد أصبح من المتعارف عليه ان يقوم رئيس الجمهورية بأدارة الشئون الخارجية للبلاد بينما يتولى رئيس الوزراء أدارة الشئون الداخلية. والرسم التوضيحى التالى يشرح كيفية العلاقة بين السلطات الثلات (التشريعية والتنفيدية والقضائية) فى هذا النظام
فى هذا النظام يحق لرئيس الجمهورية ان يعين رئيس الوزراء بعد موافقة البرلمان (مجلس النوب) على ذلك. وبعد اختيار رئيس الوزراء يطلب منه اختيار الوزراء بالاستشارة مع رئيس الجمهورية. وفى هذا النظام لا يشترط ان يكون الوزير عضوا فى البرلمان كما هو الحال فى النظام لبرلمانى.
مزايا النظام شبه الرئاسي :
لعل من أهم مزايا هذا النظام الاتى:
(1) من حق الحكومة اصدار قرارات لها فاعلية القوانين بشرط موافقة رئيس الجمهورية على ذلك.
(2) للحكومة الحق فى اقتراح القضايا التى يجب مناقشتها فى مجلس الشعب ويمكن ان تشترط على مجلس الشعب الكيفية التى يجب ان يتم بها مناقشة هذه القضايا كأن تشترط ان يتم مناقشتها بدون تعديل ولا اضافة أوان يتم التصويت عليها بنعم أو لا.
(3) هذا النظام يعطى لرئيس الجمهورية حق حل مجلس الشعب والمطالبة بانتخابات جديدة للمجلس بشرط الا يسىء أستخدام هذا الحق. بمعنى لا يجب على رئيس الجمهورية المطالبة بانتخابات جديدة للمجلس أكثر من مرة واحدة فى كل سنة.
(4) ومن جهة أخرى يمكن للجمعية الوطنية فصل رئيس الوزراء أو أى وزير اّخر عن طريق سحب الثقة منهم.
(5) لرئيس الجمهورية الحق فى فرض قانون الطوارى.
(6) لرئيس الجمهورية الحق فى أستفتاء الشعب فى قضايا يراها هامة ونتائج هذا الاستفتاء لها قوة القانون فى الدولة.
(7) المرجعية الدستورية فى هذا النظام فى يد مجلس دستورى. وكيفية أختيار هذا المجلس يختلف من دولة الى أخرى. فعلى سبيل المثال يتكون المجلس الدستورى فى فرنسا من تسعة (9 ) قضاة يتم أختيارهم لمدة تسعة (9 ) سنوات كالاتى:
يختار رئيس الجمهورية ثلات (3) قضاة, ويختار رئيس مجلس الشعب ثلات (3) قضاة, ويختار رئيس مجلس الشيوخ ثلات (3) قضاة. أما فى ايران فيتم أختيار أعضاء المجلس الدستورى عن طريق الانتخابات العامة من مجموعة من الفقهاء والخبراء الدستوريين..
عيوب النظام شبه الرئاسي :
(1) المشكلة الاساسية التى تواجه هذا النظام هى عندما تتصادم مصالح رئيس الجمهورية مع مصالح رئيس مجلس الوزراء الذى يمثل مصالح البرلمان. وهذه المشكلة عرفت فى السياسة الفرنسية “بمشكلة التعايش المزدوج.” وهى الحالة التى يتم فيها اختيار رئيس الجمهورية من أتجاة فكرى مناقض للاتجاة الذى يمثله رئيس الوزراء. كما حدت للرئيس الفرنسى ميثران “الاشتراكى” عندما فرضت عليه الجمعية العمومية ان يختارالسيد شيراك “اليمينى الراسمالى” ليكون رئيسا للوزراء عام 1986. وعليه فمن الواجب على رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ان يتعاونا وأن يتحدى لكى تنجح الحكومة وتحقق أهدافها.
(2) اساءة استخدام قانون الطوارى من قبل رئيس الجمهورية. ولعل خير مثال على ذلك هو استخدام الرئيس المصرى حسنى مبارك لهذا القانون مند ان تولى السلطة عام 1981 الى الان.
(3) امكانية قيام رئيس الجمهورية باساءة استخدام حقه فى استفتاء الشعب كما هو سائد اليوم فى كثير من الدول ذات النظام شبه الرئاسى.
ثالثا : النظام الرئاسي
فى النظام الرئاسى الشعب يختار رئيس الجمهورية وايضا المجلس التشريعى (الكونقرس) ويتوقعهما ان يراقبا بعضهم البعض. ففى هذا النظام رئيس الجمهورية هوالمسؤول الاول فى السلطة التنفيدية وهو بالتالى مسؤول مسؤلية كامله على ما يدور فى ادارتة. والرسم التوضيحى التالى يشرح كيفية العلاقة بين السلطات الثلات (التشريعية والتنفيدية والقضائية) فى هذا النظام:
ولعل من أهم ما يميز النظام الرئاسى هو مبدا “الفصل بين السلطات.” أى ان هذا النظام يقوم على فكرة الفصل شبة الكامل بين السلطات الثلات (التشريعية والتنفيدية والقضائية). وفقا للدستور الامريكى على سبيل المثال ان مهمة صنع (أتخاد) القوانين هى من أختصاص البرلمان (الكونقرس) فقط, ومهمة تنفيد هذه القوانين هى من أختصاص السلطة التنفيدية (الرئيس) فقط, ومهمة تفسير وتأويل هذه القوانين هى من أختصاص السلطة القضائية وخصوصا المحكمة العليا فقط. والى جانب مبدا الفصل بين السلطات يوفر الدستورالامريكى مبدا ثانى — يكمل المبدأ الاول — هو مبدا “المراقبة والتوازن بين هذه السلطات.” بمعنى اعطاء حق المراقبة لكل سلطة على السلطات الاخرى من اجل تحقيق التوازن بينهم. فعلى سبيل المثال كل قرار يعتمده البرلمان يشترط مصادقة الرئيس عليه لكى يصبح قانونا. وللرئيس حق رفض (أونقد) اى قرار لا يتفق مع سياساتة. وفى حالة رفض الرئيس اى قرار أصدره البرلمان يحق للبرلمان الغاء اعتراض (أو نقد) الرئيس بموافقة ثلثى أعضاء كل مجلس فى البرلمان (الكونقرس). وفى حالة نجاح البرلمان فى ألغاء أعتراض الرئيس وجعل هذا القرار قانونا يحق للرئيس (أوأى مواطن اّخر) الرجوع الى المؤسسات القضائية لتحدى دستورية هذا القانون.
مزايا النظام الرئاسي :
(1) رئيس الجمهورية هو رئيسا للدوله وللحكومة فى نفس الوقت ويتم أنتخابة من قبل الشعب مباشرة. وبالتالى فلا توجد علاقة مباشرة (رسمية) بينه وبين البرلمان وبالتالى لا يعتمد على ارضاء البرلمان فى أتخاد قراراته. (2) يمكن القول بأن النظام الرئاسى هو أكثر الانظمة أستقرارا لأسباب عديدة لعلى من أهمها ان موعد الانتخابات ثابت ويحدده القانون. فرئيس الجمهورية وأعضاء البرلمان يتم أنتخابهم لفترات زمنية تابتة. وفى بعض المناصب قد يحدد القانون مدة محددة للبقاء فى المنصب. فعلى سبيل المثال لقد ثم تعديل الدستور الامريكى عام 1951 (فيما عرف بالتعديل الثانى والعشرون للدستور) وثم بموجب ذلك تحديد فترة الرئاسة الى فترتين (كل فترة أربع سنوات) فقط. (3) لايوجد رئيس للوزراء فى هذا النظام ومجلس الوزراء (أو الامناء كما يطلق عليهم فى النظام الامريكى) يختاره رئيس الجمهورية لمساعدته فى تنفيد سياساته. ولايجوز الجمع بين عضوية البرلمان والمنصب الوزارى أو اى منصب وظيفى اّخر فى الحكومة أو خارجها. (4) فى هذا النظام يمكن تحقييق التوازن والمراقبة بين السلطات الثلات بسهولة.
عيوب النظام الرئاسي :
(1) لعل من أهم عيوب هذا النظام هو انه قد يقود الى تصادم السلطة التنفيدية مع السلطة التشريعية خصوصا اذا تعارضا برامجهما السياسية. ففى أمريكا على سبيل المثال قد حدت هذا عام 1995 عندما تعارضت سياسات الرئيس وليم كلنتون (من الحزب اليمقراطى) مع سياسات الجمهوريين الذين سيطروا على الكونقرس عام 1994. وكانت نتيجة هذا التصادم تعطيل العمل فى المؤسسات الفدرالية لعدة أيام وكلفة الدولة مئات المليارات (ريمر 1997, ص262). (2) ونتيجة لوجود مبدا الفصل بين السلطات فأنه فى حالة حدوت تصادم بين السلطة التنفيدية والسلطة الشريعية يكون من الصعب الوصول الى حل (أو حل وسط) وذلك لغياب الاليات الدستورية التى يمكن الرجوع اليها (ما عدا الانتخابات التى يحددها القانون) لحل هذا الاشكال. ولا يمكن الرجوع الى الشعب الا فى الانتخابات القادمة. و(3) ونتيجة لوجود مبدا الفصل بين السلطات فأنه من الصعب تحميل المسئولية الى أى طرف ويصبح من السهل التهرب من تحمل هذه المسئولية وتصبح السياسة السائدة هى: “سياسة الاتهام (أوأللوم)” لبعضهم البعض.
رابعا : الخاتمة : أي هذه الانظمة أحسن؟
فى الحقيقة لا يوجد نظام سياسى أحسن من كل الانظمة الاخرى. فلكل نظام مزايا وعيوب. والذى يجب البحت عليه هو: ما هو النظام السياسى الأنسب لبلادنا ولشعبنا ولظروفنا ولاتحديات التى تواجهنا اليوم؟ وفى أعتقادى ان الذى يناسبنا اليوم ومن الممكن أن يحقق لنا الاستقرار والسلام والحرية والعدل هوالنظام الرئاسى مع أضافة بعض الضوابط عليه. وذلك لأسباب عديدة لعل من أهمها:
(1) أننا نعيش اليوم ثقافه سياسيه أستبدادية لا يمكن — فى تصورى — التخلص منها الا بالفصل شبه الكامل بين السلطات مع توفير مبدا “المراقبة والتوازن” أيضا.
(2) غياب مبدأ احترام قواعد اللعبة لذا الاغلبية العظمى من سياسيونا. فكل الحكام العرب بل وقد أقول كل الذين يمارسون السياسة فى الوطن العربى (ألا من رحم ربى) لا يؤمنون بقانون “الجادبية السياسية.” بمعنى كلما يصعد السياسى العربى الى أعلى كلما رفض النزول الى أسفل ولن ينزل الا بالموت الطبيعى كما حدت للملك فهد والملك حسين والملك الحسن, أوبالاغتيال كما حدت للرئيس السادات والملك فيصل, أوبالجنون كما حدت للرئيس بورقيبة, أو بالشنق كما حدت لصدام حسين, أو بالانقللاب كما حدت لأغلب الحكام العرب.
(3) غياب الثقة بين الحكام والمحكومين فى منطقتنا. فمن الصعب اعطاء أى حاكم عربى هذه الايام ما أعطى الدستور الفرنسى لرئيس الجمهورية ويتوقع منه أن يحترمه. وعليه فى تصورى المتواضع لابديل لنا من تبنى النظام الرئاسى على الاقل فى المدى القريب برغم من كل عيوبه أذا أردنا بناء دولة متطورة وعصرية …
اترك تعليقاً