الاقراض الجماعي للشركات
محمد الخميس
على مر العصور الماضية استطاع النظام المالي العالمي والمحلي تجاوز الكثير من التحديات والازمات وتجنب الكثير منها من خلال ابتكار منتجات مالية تتناسب مع روح العصر ومتطلباته.
بعد حدوث ازمة الرهن العقاري عام ٢٠٠٨ وانهيار بنك ليمان براذرز في الولايات المتحدة الامريكية انخفضت اعداد ونشاطات المنشآت الصغيرة والمتوسطة مما دفع الكونغرس الامريكي للخروج بعدد من الحلول وحزمة من التشريعات والقرارات التي قد تساهم بمساعدة المنشآت الصغيرة والمتوسطة للنمو والخروج من الازمة. احد تلك التشريعات عرفت بـ The crowdfunding exemption movement والتي خرجت تحت عباءة ما يعرف بقانون الـ JOBS Act الذي وقع عليه الرئيس الامريكي باراك اوباما في ابريل ٢٠١٢.
هذا الاجراء الذي قام به الكونغرس وامضى عليه الرئيس اوباما ساهم بتمويل آلاف المشاريع الصغيرة والمتوسطة وساهم بخلق عشرات الالاف من الوظائف.
تمر المملكة اليوم بمعدلات نمو منخفضة نسبياً مقارنة بالاعوام التي كان سعر النفط فيها يتجاوز الـ١٠٠ دولار للبرميل. هذا الانخفاض في معدلات النمو القى بظلاله على الشركات الصغيرة والمتوسطة وادى الى تخوف بعض الجهات التمويلية من اقراضها خوفاً من تعثرها عن السداد.
يأتي هذا في ظل انخفاض نسبة تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة من الاساس حيث يستهدف برنامج تطوير القطاع المالي رفعها من ٢٪ الى ٥٪ من اجمالي القروض التجارية بحلول العام ٢٠٢٠.
هذا يعني ان ٩٨ هللة من كل ريال تقرضه البنوك في السعودية يذهب للشركات الكبيرة واقل من ٢ هلله تذهب للشركات الصغيرة والمتوسطة.
قد لا يكون من السهل مضاعفة هذه النسبة بحلول العام ٢٠٢٠ بدون اضافة منتجات مالية جديدة تستلزم حضور البيئة التشريعية والقانونية المناسبة لتساهم بالشراكة مع المؤسسات الحكومية وشركات القطاع الخاص ذات العلاقة للوصول للنسبة المستهدفة.
احد هذه المنتجات المالية هو الاقراض الجماعي CrowdLending والذي يقوم على منصة تتيح للافراد تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي هي بحاجة للتمويل. ومن الامثلة على ذلك منصة Beehive المرخصة للعمل في الامارات العربية المتحدة. كما ان هذه القناة التمويلية باتت سريعة الانتشار عالمياً حيث تشير الارقام الى نمو سوق الاقراض الجماعي في الصين بأكثر ٥٠٠٠٪ حيث ارتفع من ٤ مليار دولار في ٢٠١٣ الى ١٥٦ مليار دولار في ٢٠١٦.
هذا المنتج المالي الحديث لا يقتصر دوره في معالجة نقص السيولة لدى المنشآت الصغيرة والمتوسطة فقط بل يسهم ايضاً في مشاركة الافراد في عملية التمويل والحصول على عوائد جيدة تشجعهم على الادخار للاستثمار.
كما يسهم في توزيع المخاطر عن طريق توزيعها على شريحة اكبر من المؤسسات والافراد بدلاً من تركزها على عدد محدود من الممولين وذلك يقلل من الاثار السلبية على الاقتصاد في حال تعثر المقترضين عن السداد. بالاضافة الى ان السماح بإضافة هذه القناة التمويلية الجديدة سيحد من عمليات الاقراض التي تقع خارج القنوات التمويلية القانونية او المرخصة والتي عادةً تنطوي على مخاطر ونسب تعثر عالية نظراً لارتفاع متوسط معدلات الفائدة بها. وايضاً سيساهم ذلك في تدقرط النظام المالي اي جعل المشاركة فيه لا تكون مقتصرة على المؤسسات الكبرى فقط بل يكون شاملاً ومتاحاً لافراد المجتمع للمساهمة في تنميته وذلك مقترن بمعدلات نمو وشفافية اعلى.
فهل نرى قريباً شركة سعودية مرخصة لتقديم خدمة الاقراض الجماعي للشركات ؟
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً