الحقوق العينية التبعية، التأمينات العينية
تقوم التأمينات العينية على تخصيص مال أو أموال لضمان الوفاء بالالتزام، وهي تؤمن الدائن أولاً من خطر مزاحمة الدائنين الآخرين بما تخوله من تقدم أو أولوية على سائر الدائنين العاديين وعلى بعض الدائنين أصحاب التأمينات، كما تؤمنه من خطر تصرف مالك المال الذي يرد عليه التأمين بما تخوله – فيما عدا أحوال خاصة – من تتبع بحيث يبقى للدائن صاحب التأمين العيني حق التنفيذ على المال المحمل بالتأمين العيني في أي يد يكون.
والتأمينات العينية وفقًا للقانون رقم (34) لسنة 1961، وهو المعمول به حاليًا هي: الرهن الرسمي ورهن الحيازة، وحقوق الامتياز، وقد آثر المشروع أن يسلك مسلك القانون الحالي في قصر التأمينات العينية على هذه الأنواع الثلاثة واستبعاد حق الاختصاص الذي تنظمه قوانين بعض الدول العربية، وهو تأمين عيني يتقرر للدائن على عقار مملوك لمدينه، بمقتضى أمر من القاضي، بناءً على حكم بالدين، ذلك أن عيوب حق الاختصاص أكثر من مزاياه فهو يهدف إلى تزويد الدائن الذي صدر الحكم له بالدين بتأمين يقيه من خطر تصرفات مدينه، وقد يفضل الدائن هذا فلا يبادر إلى التنفيذ وبذلك تتحقق مصلحة المدين في الاحتفاظ بأمواله حتى يتمكن من الوفاء، ولكن يعاب على حق الاختصاص أنه يؤدي إلى تفضيل الدائن على غيره من الدائنين لا لشيء إلا لأنه سبق في الحصول على حكم بدينه وكثيرًا ما يكون التأخر في الحصول على الحكم لأسباب لا دخل لإرادة الدائن فيها كما أنه يؤدي إلى تسابق الدائنين في رفع الدعاوى على المدين مما يترتب عليه زيادة المصروفات.
وتنظيم المشروع لصورتين من الرهن، الرسمي والحيازي، قد يدعو إلى التساؤل عن موقف الفقه الإسلامي من الرهن الرسمي بالذات، فقد قيل إن الفقه الإسلامي لا يقر أو لا يعرف هذا النوع من الرهن، خاصة وأن المادة (706) من مجلة الأحكام العدلية تجعل القبض ضروريًا لتمام الرهن ونفاذه، في حين أن الرهن الرسمي يتم ويلزم بغير قبض.
ولكن يرى بعض المحدثين من فقهاء الشريعة أن الفقه الإسلامي لا يأبى الأخذ بنظام الرهن الرسمي، ففي بحث خاص أعده فضيلة الشيخ زكي الدين شعبان قال: “ والناظر في الفقه الإسلامي وأصوله يجد فيه ما يشهد للرهن الرسمي ويصح الأخذ به، والمنطلق لمعرفة وجود هذا الرهن في الفقه الإسلامي وعدم وجوده هو قبض العين المرهونة وهل هو شرط أساسي في صحة الرهن أو ليس بشرط، فإذا كان القبض ليس شرطًا لصحة الرهن فإن المجال يكون فسيحًا لقبول الرهن الرسمي في الفقه الإسلامي، وكذلك لو كان القبض شرطًا لانعقاد الرهن وصحته … “.
وبعد عرضه لآراء الفقهاء في مذاهبهم المختلفة قال: هذه هي آراء الفقهاء في قبض المرهون ومنها يتبين أن جمهور الفقهاء يرون أن الرهن ينعقد بمجرد الإيجاب والقبول، فهما ركنه الرئيسي، ولكنهم يختلفون بعد ذلك في اشتراط القبض للزوم الرهن وعدم اشتراطه فالحنفية ومن وافقهم يقولون: أن القبض شرط للزوم الرهن والمالكية ومن وافقهم يقولون: إن القبض ليس شرطًا للزوم الرهن وعلى هذا فالإيجاب والقبول هما الأصل في تحقق الرهن، فمتى وُجدا تحقق ما يسمى بالرهن وأن لم يوجد القبض وإذا تحقق مسمى الرهن بتوافر أركانه فباستطاعة المتراهنين عندئذٍ أن يتفقا مثلاً على تأجيل قبض العين المرهونة أو تركها عند الراهن أو عند غيره اعتمادًا على الثقة المتبادلة بين الجانبين أو اعتمادًا على تسجيل الرهن في دائرة التسجيل الرسمية، وليس الرهن بعد ذلك مثل هذا الرهن المجرد من القبض، مع توفر شروطه الأخرى، رسميًا أو تأمينيًا أو غيرهما من المصطلحات، فالتسميات والعناوين لا تهم في المجالات العلمية بقدر ما تهم الحقائق والمفاهيم … “.
بل ذهب أكثر من ذلك إلى القول إنه ” على فرض أن القبض أمر لا بد منه في تحقق الرهن شرعًا فإن هذا القبض يتحقق بإثبات الرهن وتسجيله في دائرة من دوائر التسجيل الرسمية، لأن الرهن إذا أُثبت في دائرة من هذه الدوائر قامت الدائرة المسجل فيها الرهن مقام الدائن في حبس العين المرهونة وحمايتها من التصرفات الضارة بمصلحة الدائن، وبهذا يحصل الضمان للدائن في الحصول على حقه من المدين، وحصول الضمان وتحقق الثقة للدائن في الحصول على حقه هو المقصود من القبض أو حبس العين عند المرتهن إلى سداد الدين الذي جُعلت العين وثيقة به فضلاً عما يمتاز به من إعفاء الدائن من مؤونة قبض العين والحفاظ عليها وبقائها في حيازة المالك والانتفاع بها واستغلالها والتصرف فيها تصرفًا مطلقًا عدا بعض التحفظات التي يستدعيها عقد الرهن من إلزام الراهن بضمان الهلاك وضمان التعرض وتقرير بعض الحقوق للمرتهن كحقي التتبع والتقدم وما أشبه ذلك
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً