دور تطبيق حوكمة الشركات في منع حدوث التعثر المالي
د. عبدالعزيز المزيد
ساهمت تداعيات الازمة المالية العالمية في الآونة الأخيرة على طرح موضوع هاما على جميع المنصات الاقتصادية بحيث لا يكاد يخلو اي حدث او ملتقى من الحديث عن تطبيق حوكمة الشركات وكيفية مساهمة تطبيق قواعدها على منع حدوث التعثر المالي، وكذلك تحديد العلاقات وتعزيز الشفافية وتحديد اليات التعامل مع مجلس الادارة والادارة التنفيذية والمساهمين وأصحاب المصالح ذات العلاقة بالشركة.
كما أن حوكمة الشركات هي القواعد التي يتم من خلالها قيادة الشركة وتوجيهها وتشمل على اليات لتنظيم العلاقات المختلفة بين مجلس الإدارة والمديرين التنفيذين والمساهمين وأصحاب المصالح ، وذلك بوضع إجراءات خاصة لتسهيل عملية اتخاذ القرارات واضفاء طابع الشفافية والمصداقية عليها بغرض حماية حقوق المساهمين واصحاب المصالح وتحقيق العدالة والتنافسية والشفافية في السوق وبيئة الاعمال(هئية السوق المالية، ص 4)، وان حوكمة الشركات مفهوم يرتبط بخدمة المؤسسات الخاصة والعامة للمجتمع والدولة والتزامهما بأنظمة الحوكمة المرتبطة بقطاعاتها حيث ان حوكمة الشركات اداء لضبط الشركة والمحافظة عليها ، فإن الهدف الاساسي من حوكمة الشركات هو الحفاظ على بقاء الشركات والنهوض بها وبالدولة بشكل عام.
والتعثر المالي هو اختلال مالي يواجه الشركة نتيجة قصور مواردها وامكانيتها عن الوفاء بالتزاماتها في الاجل القصير وان هذا الاختلال ناتج عن عدم التوازن ببين الموارد الذاتية والالتزامات الخارجية وهو يتراوح بين الاختلال المؤقت والعارض وبين الاختلال الحقيقي الدائم ، وكلما كان الاختلال هيكلياً كلما كان من الصعب على الشركة تجاوز الازمة الناتجة عن هذا الاختلال(الخضيري، 1999م، ص 33) حصدت حوكمة الشركات اهتمام كبير لتطبيقاتها في الفترة الاخيرة وذلك لقدرتها على المحافظة على الشركات وقدرتها ومنعها من التعثر المالي وفشلها ، وكذلك اسهامها القوي في المحافظة على الشركات من السلوكيات الخاطئة حسب النظم والقوانين المدرجة لها، عادة ما تمر الشركات التي تعاني من الافلاس بخمس مراحل هي مرحلة النشوء، ومرحلة عجز النقدية ، مرحلة التدهور المالي، ومرحلة الفشل الكلي، ومرحلة اعلان او تأكيد الافلاس، وتكون هذه المراحل نتيجة نقص راس المال وخلل في نظام التكلفة وضعف الرقابة والإندماج والتغيرات التكنولوجية السريعة، وذلك نتيجة لنقص في تطبيق قواعد الحوكمة ، وحدوث عمليات الغش والخداع في الشركات وغيرها من الاسباب، حيث يوجد عدد من النماذج التي تعمل على التنبؤ بالتعثر المالي وتتنوع ما بين اسلوب التحليل المالي ، والتحليل الائتماني والتركيز على نسب النشاط والسيولة والربحية ، وكذلك اسلوب تحليل المخاطر والمؤشرات النوعية.
ان مقياس الحوكمة يعتمد على ثمانية عناصر وهي انظمة التدقيق ، مجلس الادارة ، اللوائح والقوانيين الداخلية ، المستوي التعليمي لمجلس الادارة، مكافات مجلس الادارة والمدراء التنفيذين، حقوق الملكية، السياسات المستقبلية، قانون التأسيس، وقد ساعد تنظيم الاعمال المالية من خلال وضع انظمة محكمة وضابطة للامور المالية والادارية للشركات وتوضيح العلاقة بين اصحاب الاموال ومجالس ادارة الشركات ووضع سياسات الضبط الداخلي للعمل المالي ووسائل الافصاح والشفافية وتحديد معايير التدقيق الداخلى وتقيد الشركات بالعمل المالي وفق معايير المحاسبية الدولية (الغزالي، 2015م، ص 47).
إن تبني بعض اليات حوكمة الشركات هو امر مفيد للشركات والذي يتمثل في تقليل تعرضها للتعثر المالي، كذلك أيضا حماية الشركات من الفشل المالي حيث ان وجود مستوي اعلى من المديرين التنفيذين ووجود اعضاء لجنة التدقيق والمراجعة يقلل من امكانيات حدوث التعثر المالي.
ان حوكمة الشركات تعد وسيلة رقابية فعالة ، من شأنها الكشف بل تجنب الاختلالات الهيكلية في الشركات والتي منها عدم الافصاح الكامل والشفافية فيما يتعلق بالمعلومات المحاسبية فضلا عن عدم اظهارها المعلومات المحاسبية لحقيقة الاوضاع المالية للشركات في الاسواق المالية والتي تؤدي الي افتقاد الثقة في المعلومات المحاسبية التي تتضمنها التقارير المالية للشركات في الاسواق المالية وحماية اصحاب الحقوق في المؤسسة اذ ان مبادئها تعمل على تجنب الازمات المختلفة قبل وقوعها فهي علاج حقيقي ووقائي للمؤسسات (يوسف، 2013م، ص 390) وتساعد حوكمة الشركات على تجنب الانهيارات المالية وتساعد على استقرار الاسواق المالية فقصور نظم ادارة الشركات وضعف الرقابة على اداء الادارات بالشركات يؤدي الى تفاقم مشكلات الإدارة ويؤدي الى تفاقم مشكلات الإدارة وتجاوزات محاسبية ومالية مما يساهم بشكل كبير في حدوث تلك الانهيارات مروراً بالاسواق الاسيوية والامريكية او العالمية ، وهو مايمكن ان تعالجه حوكمة الشركات لمساعدة تلك الشركات على تجنب الانهيارات المالية، اما عقب حدوث الانهيار تساعد حوكمة الشركات على استقرار الاسواق المادية والحد من التقلبات الشديدة بها واستعادة ثقة المتعاملين بالاسواق وكسب وتوفير مناخ لجذب الاستثمار(خضر، 2006، ص 187).
واخيراً ان ممارسة حوكمة الشركات يحد من الفجوة المعلوماتية المترتبة على كل من مشكلتي الوكالة وتضارب المصالح بين الادارة والمالكين ، وبالتالي يزيد من ثقة المستثمرين في المعلومات المطروحة من قبل تلك الشركات ، وكذلك ان الحرص من قبل الشركات بتطبيق مبادئ الحوكمة يساعدها على التقليل من التعثر المالي والاهتمام باضافة قواعد جديدة للحوكمة لحماية الشركات من التعثر المالي، وان العمل على استخدام احد مقاييس التنبؤ بالتعثر المالي وتطبيقه في الشركات يساهم في الكشف المبكر عن التعثر المالي لها والمساعدة على ايجاد حلول له قبل الافلاس التام للشركات.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً